بصمات الأصابع هي طبعات تحدثها الحواف الحليمية الموجودة على أطراف أنامل اليد حيث تتخلل كل حافة من الجلد الخارجي أو البشرة مسام عرقية مثبتة في الجلد الداخلي أو الأدمة بواسطة صف مزدوج من النتوءات الشبيهة بالأوتار و ترجع أهميتها إلي توفيرها وسيلة لتحديد الهوية الشخصية نظرا لأن حواف إصبع كل إنسان تختلف عن الأخر كما أنها لا تتغير مع النمو أو العمر و لا تتأثر بالإصابات مثل الحروق السطحية أو السحجات أو الجروح حيث يتم تكرار الطبعة الأصلية في أي جلد جديد ينمو لذلك فهي يعتمد عليها بشكل فعال داخل أجهزة الأمن للإستدلال علي الأشخاص مهما حاولوا التنكر أو تزييف هويتهم و ذلك من خلال إستخدام أي منطقة متعرجة من اليد أو القدم و لكن تُفضل بصمات الأصابع تحديدا لأنه يمكن أخذها بأقل قدر من الوقت و الجهد إضافة إلي تشكيل نتوءاتها لأنماطًا يمكن تصنيفها بسهولة إلى مجموعات يتم الرجوع إليها عند الحاجة .
و رغم وصف علماء التشريح الأوائل لبصمات الأصابع إلا أن الاهتمام بالتعرف عليها بشكل أعمق يعود إلى عام 1880 عندما نشرت المجلة العلمية البريطانية “نيتشر” رسائل كتبها الإنجليزيان ” هنري فولدز” و “ويليام جيمس هيرشل” تصف تفردها في جسم الإنسان و تم التحقق من ملاحظاتهم تجريبيًا من قبل العالم الإنجليزي السير “فرانسيس جالتون” الذي أقترح أول نظام أولي لتصنيف بصمات الأصابع يعتمد على تجميع أنماطها في أقواس و حلقات و كان نظام جالتون بمثابة اللبنة الاولي لأنظمة تصنيف بصمات الأصابع ثم قام بتطويرها السير ” إدوارد ر. هنري ” الذي أصبح فيما بعد المفوض الرئيسي لشرطة مدينة لندن و بعدها تم تقديم نظام جالتون-هنري لتصنيف بصمات الأصابع عام 1900 و بعد عام تم تطبيقه رسميا في سكوتلانديارد و أصبح الأساس لسجلات تحديد الهوية الجنائية ثم أعتمد ذلك النظام على الفور من قبل وكالات إنفاذ القانون في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية أما بالنسبة للدول الناطقة بالإسبانية فقد قام “خوان فوسيتيك” الموظف بشرطة مقاطعة بوينس آيرس في “الأرجنتين” عام 1888 بإبتكار نظامًا أصليًا لتصنيف بصمات الأصابع نُشر في كتاب عام 1904 تحت عنوان “بصمات الأصابع المقارنة” و هو النظام المستخدم حاليا في تلك البلدان .
و يتم تصنيف بصمات الأصابع في عملية ثلاثية الاتجاهات من خلال أشكال و ملامح الأنماط الفردية و مواضع الأصابع لأنواع الأنماط و الحجم النسبي الذي يتم تحديده عن طريق حساب النتوءات في الحلقات و تتبعها في الزهرات و يتم دمج المعلومات التي يتم الحصول عليها بهذه الطريقة في صيغة موجزة تعرف باسم تصنيف بصمات الأصابع للفرد و في ” الولايات المتحدة ” يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بالتعرف على ثمانية أنواع مختلفة من الأنماط و هي الحلقة الشعاعية و الحلقة الزندية و الحلقة المزدوجة و حلقة الجيب المركزية و القوس العادي و القوس المظلي و الدوامة عادية و العرضية و عادة ما تكون الزهرات دائرية أو حلزونية الشكل أما الأقواس فيكون لها محيط يشبه التل و في حين أن الأقواس المظلية لها شكل شائك أو برج في المركز تحتوي الحلقات على دبوس شعر متحد المركز أو نتوءات على شكل دبوس وتوصف بأنها “شعاعية” أو “زندية” للإشارة إلى منحدراتها حيث تنحدر الحلقات الزندية نحو جانب الإصبع الصغير من اليد و الحلقات الشعاعية نحو الإبهام و تشكل الحلقات حوالي 65% من إجمالي أنماط بصمات الأصابع بينما تشكل الزهرات حوالي 30% أما الأقواس و الأقواس المظلية معًا فيشكلان نسبة 5% و يعد النمط الأكثر شيوعًا هو الحلقة الزندية.
و تؤخذ بصمات الأصابع عن طريق تقنية تسمي تنظير الداكتيل و تتضمن تنظيف الأصابع بالبنزين أو الأثير و تجفيفها ثم وضع كل أصبع على سطح زجاجي مطلي بالحبر ثم وضع كل إصبع بعناية على بطاقات معدة وفقًا لتقنية دقيقة مصممة للحصول على طبعة رمادية فاتحة مع ظهور مسافات واضحة بين كل نتوء و أخر بحيث يمكن عد النتوءات و تتبعها عند الحاجة إليها حال إرتكاب الجرائم حيث يترك الجاني ما يعرف بإسم البصمات الكامنة داخل مسرح الجريمة و هي مثل تنظير الداكتيل و لكن يكون العرق أو الإفرازات الدهنية أو غيرها من المواد الموجودة بشكل طبيعي على أصابع الجاني هي البديل للحبر و تكون معظم البصمات الكامنة عديمة اللون لذلك يجب تطويرها أو جعلها مرئية قبل أن يتم الحفاظ عليها و مقارنتها و ذلك من خلال تنظيفها بمساحيق رمادية أو سوداء تحتوي على الطباشير أو السناج مع عوامل أخرى ثم يتم الحفاظ على البصمات الكامنة كدليل إما عن طريق التصوير الفوتوغرافي أو رفعها علي أشرطة لاصقة .
و علي الرغم من أن تلك التقنيات و إستخدامها المنهجي نشأ في “بريطانيا” إلا أن أخذ البصمات قد تم تطويره ليكون ذا فائدة كبيرة في ” الولايات المتحدة ” حيث تم في عام 1924 دمج مجموعتين كبيرتين من بصمات الأصابع لتشكيل نواة قسم تحديد الهوية في مكتب التحقيقات الفيدرالي حيث تضمنت تلك الشعبة بصمات أكثر من 250 مليون شخص بحلول أوائل القرن الحادي و العشرين حيث حاليا تتم حوسبة ملفات بصمات الأصابع و تقنيات البحث لتمكين المقارنة و التعرف على بصمات معينة بشكل أسرع كما تم تطوير تلك التقنيات لتشمل أمور أخري كإستخدام مطياف الصوت و هو جهاز يصور بيانيًا المتغيرات الصوتية مثل التردد و المدة و الشدة لإنتاج مخططات صوتية أو بصمات صوتية و أيضا إستخدام تقنية تعرف بإسم البصمة الجينية و فيها يتم تحليل الحمض النووي الذي يتركه الجاني و الموجود في الدم أو السائل المنوي أو الشعر و ما إلى ذلك لتحديد هويته نظرا لأنها متفردة مثل بصمات الأصابع .