علي الرغم من أن العلم قد قطع شوطا كبيرا فى محاولة تفسير الكثير من الظواهر الطبيعية التي تحيط بنا إلا أنه لا يزال عاجزا عن فهم العديد منها و حتي اللحظة يوجد في عالمنا عدد من الظواهر الغامضة التي تشكل تحديا للعلماء الذين لا يمتلكون أمامها سوي بعض من الفرضيات الغير حاسمة و من بين تلك الظواهر هي الدوائر الخيالية الغامضة المكونة من مجموعة حلقات خالية من النباتات و التي يمكن العثور عليها في جميع أنحاء العالم إلا أنها تتواجد بكثافة في قارتي أفريقيا و أوقيانوسيا و تتركز غالبيتها في صحراء ناميب التي تمتد من أنجولا و حتي شمال جنوب إفريقيا و لفترة طويلة أمتدت لعقود أثارت تلك الظاهرة حيرة الكثير من الباحثين علي الرغم من أن دراساتهم قد شملت 263 موقعا متنوع لكنهم و إلي الأن لم يستطعيوا الوصول إلي أي تفسيرات مقنعة لها .
و رغم بذل الباحثين محاولات مضنية للوصول إلي تفسير علمي منطقي لظاهرة الدوائر الخيالية الغامضة إلا أن شعب الهيمبا الذي يعيش في منطقة صحراء ناميب كان له تفسير أخر بسيط لها يعتمد علي الفولكلور الشعبي و المعتقدات الخاصة بهم حيث قالوا أن تلك الدوائر ما هي إلا آثار أقدام الآلهة بينما يقول البعض الاخر أنها من صنع تنين يعيش في الشقوق تحت الأرض و أن أنفاسه السامة تقتل تلك النباتات الموجودة على السطح و تشكل هذه الحلقات و لكن رغم أنها تفسيرات مثيرة للإهتمام لكن الإكتشاف الأخير قد غير من حقيقته بعد أن وجد الباحثين في سبتمبر عام 2023 أن تلك الدوائر الخيالية الغامضة أكثر إنتشارًا بكثير مما كان يُعتقد سابقًا و ذلك بعد أن وجدت أدلة تشير أنها تتواجد في ما يصل إلى 263 موقعًا في 15 دولة موزعين عبر ثلاث قارات مما يزيد من تعميق حالة الغموض المحيطة بها .
و على مدى عقود حاول الباحثين إكتشاف سبب الدوائر الخيالية الغامضة التي تتناثر في صحاري ناميبيا و المناطق النائية الأسترالية حيث يمكن لتلك للدوائر و هي مناطق مستديرة من التراب القاحل أن تتجمع في مجموعات تمتد لكيلومترات و بالفعل تم طرح العديد من النظريات و لكن لم يتم التوصل إلى توافق كامل عليها و مع ذلك فإن التفسيرين السائدين اللذان أستمرا لعقود من الزمن هما أن هذه الحلقات الخيالية الغامضة قد تم إنشاؤها بواسطة نوع معين من النمل الأبيض الرملي بهدف هندسة النظام البيئي الطبيعي أما الإحتمال الأخر فيرجع إلي تنافس بعض أنواع من النباتات على المياه المحدودة في المكان خاصة و أن صحراء ناميب واحدة تعد من أكثر المناطق جفافًا في العالم و عادة ما تتلقى بضع سنتيمترات فقط من الأمطار كل عام و على الرغم من قول البعض من أن تلك التفسيرات قد تحل ذلك اللغز إلا أن العديدين لم يبدوا أقتناعهم بتلك الادعاءات .
و أستمر بحث العلماء في محاولة تفسير ظاهرة الدوائر الخيالية الغامضة و مؤخرا كشفت صور الأقمار الصناعية الواردة عن ظهور دوائر جديدة من مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم و هو ما يمثل كشف جديد حيث يقول عالم البيئة ” فرناندو مايستر ” أن ذلك أمر مهم للغاية لأن معظم الأعمال السابقة قد تركزت في دولتين فقط و هم ” ناميبيا ” و ” أستراليا ” و قد تم الوصول إلي تلك الدوائر الجديدة بعد أن تم العثور علي بعض منها في ” النيجر ” و هو ما فتح الباب للتساؤل عما إذا كان يوجد مثلها في أماكن أخري غير معروفة لذلك وضع برنامج تقني للبحث في تلك الصور من خلال تغذيته بمواصفات تلك الدوائر الخيالية الغامضة و البحث عن مواصفات شبيهة في 575 ألف قطعة أرض مساحتها فدانين و نصف من موائل الأراضي الجافة و التي تشكل حوالي 41% من سطح اليابسة على كوكب الأرض .
أقرأ أيضا : ما سر الصخور العائمة برمال وادى الموت فى الولايات المتحدة ؟
و بالبحث وجدوا أن نسبة صغيرة من موائل الأراضي الجافة هذه ربما تحتوي على أنماط من الدوائر الخيالية الغامضة و مع ذلك سمحت تلك النتائج للباحثين بإنشاء ملف تعريف لأنواع الموائل التي من المحتمل أن تحدث فيها تلك الظاهرة أو الأنماط المشابهة لها في البيئات الحارة و القاحلة ذات التربة الرملية منخفضة النيتروجين و التي تتلقى فقط سنتيمترات قليلة من الأمطار سنويًا و أكدت الإختبارات إلي أن الدوائر الخيالية الغامضة التي عثر عليها حديثا تظهر في نفس الظروف المحيطة بالدوائر الموجودة في ” ناميبيا ” و ” أستراليا ” .