جبال الأطلس هي سلسلة جبلية تمتد على طول الجزء الشمالي الغربي من قارة أفريقيا لمسافة 2400 كيلومتر عبر دول المغرب و الجزائر و تونس و تتميز بقممها العالية التي يصل أعلي نقطة لها و هو جبل توبقال إلي 4167 متر لذلك فهي سلسلة ذات تضاريس طبيعية يصعب المرور خلالها و لهذا السبب كان ينظر إليها في الماضي بإعتبارها فاصل جغرافي للساحل الشمالي الأفريقي عن الصحراء الكبرى و هو ما نتج عنه الإختلافات الثقافية و المجتمعية على الجانبين المتقابلين منها وهي سلسلة غنية بالموارد الطبيعية حيث تتميز بوفرة خام الحديد و الرصاص و النحاس و الفضة و الزئبق و الملح الصخري و الفوسفات و الرخام و الغاز الطبيعي و من أجل تمييز مناطقها و سهولة دراستها تم تقسيمها لستة نطاقات و هي الأطلس الأوسط و الأطلس الكبير و الأطلس الصغير و الأطلس التلي و الأطلس الصحراوي و جبال الأوراس .
تشكل الجبال جيولوجيا
جيولوجيا و في حين أن الكثير من الأساس الصخري للقارة الأفريقية قد تشكل في أوائل عصر ما قبل الكمبري إلا أن أساس سلسلة جبال الأطلس تم تشكيلها في وقت لاحق بكثير و يمكن إرجاع بداياتها إلى ثلاث مراحل متميزة و هي :
المرحلة الاولي و بدأت منذ أكثر من 80 مليون سنة و تألفت من سلسلة إصطدامات قارية بين الصفائح الأفريقية و الأوراسية أدت إلي إرتفاع طبقات من الحجر الجيري و الرملي عن الأرض لتشكل فعليًا المستوى الأول من تلك الجبال و في القسم المسمى بالأطلس الكبير أدت تلك الإصطدامات القارية إلى ظهور نتوءات حجرية مرتفعة للغاية و في مناطق أخرى مثل الأطلس الصغير لم تنتج سوى نتوءات صغيرة .
المرحلة الثانية و فيها توسعت القشرة الأرضية بشكل كبير بشكل أدى إلي إنفصال العديد من التكوينات القارية السابقة و عندما إنفصلت القارات تشكلت العديد من الأحواض الرسوبية بما في ذلك سلسلة جبال الأطلس .
المرحلة الثالثة و الأخيرة تميزت بحدوث تطور جيولوجي بإصطدام قاري هائل بين الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة الأيبيرية و الصفيحة الأوروبية و مع ذلك كان هذا الاصطدام القاري مختلفًا بشكل ملحوظ عن المرحلة الأولي من التطور عندما تشكلت الجبال لأول مرة لأنه خلالها تم دفع المواد الزائدة إلى الأعلى لتشكل سلسلة من التلال الجبلية على طول خط الإصطدام و لكن في الإصطدامات القارية التي حدثت في المرحلة الثالثة إنقسمت أراء الجيولوجيين حيث يقول فريق أنه حدث إنزلاق الصفائح القارية فوق بعضها البعض إلا أن هناك القليل جدًا من الأدلة التي تدعم هذه الفرضية بينما يقول الفريق الأخر أنه حدث إصطدام عنيف قام بقذف الصخور و لكن علي أي حال تشير الدراسات الحديثة إلى أن العمليات العميقة المتجذرة في وشاح الأرض ربما ساهمت في رفع مستوى نطاقي الأطلس الكبير و الأطلس الأوسط .
و في حين أن سلسلة جبال الأطلس يرجع سبب تكوينها إلي حدوث تغيرات في طبقات الأرض إلا أن تداعيات العيش على خط الصدع كان لها تأثير ملحوظ على الحضارات التي إتخذت ذلك المكان موطن لها حيث تعرضت مدينة البليدة الواقعة وسط سلسلة جبال الأطلس لكارثة ضخمة تمثل في نشاط زلزالي قوي ضرب المكان في القرن التاسع عشر و دمرت المدينة التي يبلغ عدد سكانها 265 ألف نسمة بالكامل كما حدث مثال مماثل في عام 1980 عندما ضرب زلزال بقوة 7.3 درجة بمقياس ريختر مدينة إيتش شليف الصغيرة تسبب في وفاة أكثر من 5000 شخص .
تقسيمات جبال الأطلس
يتم تقسيم جبال الأطلس إلي ستة مناطق عامة و هي الأطلس الأوسط و الأطلس الكبير و الأطلس الصغير و الأطلس التلي و الأطلس الصحراوي و جبال الأوراس .
الأطلس الأوسط و يقع في الجزء الأوسط من المغرب شمال الأطلس الكبير و غرب الأطلس التلي و يمتد لمسافة 700 كيلومتر و بشكل عام يتميز ذلك النطاق بإرتفاعات متوسطة حيث يصل متوسط إرتفاع العديد من الجبال الفردية إلى ما يزيد عن 2440 متر و أعلى قمة في هذا القسم هي جبل بو ناصر الذي يبلغ إرتفاعه 3340 مترا و يعد ذلك النطاق منطقة مثالية لممارسي رياضة المشي لمسافات طويلة و المغامرين الذين يسعون لإستكشاف جمال تلك الجبال ذات عوامل الجذب المتميزة حيث أن جزءًا كبيرًا منها مغطى بالنباتات الخضراء و تتلقى كمية كبيرة من الأمطار سنويًا لذلك فبها منتجعًا للتزلج في مدينة إفران و الذي يستغل تساقط الثلوج السنوي في ذلك المكان لجذب السياح و عشاق الرياضة خاصة أن ذلك يعد أمر نادر في القارة الإفريقية كما يوفر تساقط الثلوج و الأمطار في الأطلس الأوسط مصدرًا قيمًا للمياه في المنطقة و يتم جمع الأمطار بشكل طبيعي في أربعة مواقع رئيسية و هي حوض سبو الذي يصب في المحيط الأطلسي و حوض أم الربيعة و يصب أيضا في المحيط الأطلسي و حوض أبي رقراق و يصب كذلك في المحيط الأطلسي و حوض ملوية و يصرف إلى كل من الأطلس المتوسط و الكبير و كذلك إلى البحر الأبيض المتوسط .
الأطلس الكبير و يقع في المغرب بين جبال الأطلس المتوسط شمالا و الأطلس الصغير جنوبا و كما يوحي إسمها فهي تتميز بأعلى القمم و أعلى متوسط إرتفاع في سلسلة جبال الأطلس بأكملها منها جبل توبقال (4167 مترًا) صاحب أعلي قمة جبلية في السلسلة و يقع في منتزه توبقال الوطني و يتميز ذلك النطاق بالوديان العميقة و الخضراء و النتوءات الصخرية الكبيرة و هو مثل العديد من التقسيمات الفرعية لسلسلة جبال الأطلس يتلقي أمطارًا سنوية ثابتة تساهم في رفاهية الحضارة المحيطة كما تم تعزيز نظام النهر الطبيعي به من خلال سلسلة من السدود الكهرومائية و البحيرات الإصطناعية المولدة للكهرباء و بذلك يستفيد المغرب من ذلك الإمتداد الجبلي المثير للإعجاب و على الرغم من أن الأطلس الكبير مجرد تقسيم تقريبي إلا أنه يقسم البلاد إلى قسمين حيث يحتوي الجزء الشمالي على حوالي ثلثي أراضي البلاد و يعمل بمثابة حدود لمنع الرياح الساخنة القادمة من الصحراء الكبري من دخول الأجزاء الأكثر إعتدالًا في المغرب .
الأطلس الصغير و هي توجد في المغرب و تقع بين هضبة كبيرة و سهل واسع النطاق و يعد هذا الجزء من سلسلة جبال الأطلس هو الحدود الغربية الأكثر تطرفا و في المجمل تمتد سلسلة جبال الأطلس الصغير لحوالي 500 كيلومتر و تحتوي على العديد من القمم التي يتجاوز ارتفاعها 1820 متر و من الناحية الجيولوجية تتميز تلك المنطقة بتركيز كبير من صخور الجرانيت التي تشكل تأثيرًا بصريًا خلابًا إضافة إلي إمتلاكها تربة غنية بالسيليكا التي تم ضغطها لتشكل طرق للمرور عبر ذلك النطاق و يعود تاريخ الهياكل الصخرية في الأطلس الصغير إلى فترة ما قبل العصر الكامبري مما يجعلها أقدم من التكوينات الموجودة في الشمال الغربي في الأطلس الكبير.
الأطلس التلي و هي منطقة تمتد على طول الطرف الشمالي للقارة الأفريقية و يحدها البحر الأبيض المتوسط من الشمال و سلسلة من بحيرات المياه المالحة من الجنوب و تقع شرق الأطلس المتوسط و شمال الأطلس الصحراوي و يبلغ طول تلك السلسلة أكثر من 1600 كيلومتر و هي مسافة تمتد من المغرب غرباً إلى تونس شرقاً و مع ذلك فإن الجزء الأكبر من ذلك النطاق يقع داخل حدود دولة الجزائر و فيه العديد من المدن الجزائرية الكبرى مثل العاصمة الجزائر و مدينة وهران .
الأطلس الصحراوي و هو نطاق يمتد بشكل موازٍ تقريبًا للأطلس التلي في الشمال و الغرب من الجزائر و الشرق من تونس و متوسط إرتفاعه لا يقترب من الإرتفاع المهيب لنطاق جبال الأطلس الكبير لذلك فهو يعد نطاق متناقض مع الباقين حيث تعتبر أعلى نقطة في الأطلس الصحراوي جبل شيليا ( 2328 متر) والتي تعد أيضا أعلى نقطة في شمال الجزائر و من الناحية الزراعية يسمح هطول الأمطار في تلك المنطقة بالزراعة بالقرب من الوديان أو مجاري الأنهار التي تجري فقط خلال المواسم الرطبة .
جبال الأوراس و تعتبر هي الجزء الشرقي من سلسلة جبال الأطلس و تقع على الحدود بين الجزائر و تونس و رغم أنها تتميز بمنحدرات شديدة الوعورة على الجانب الشمالي من السلسلة إلا أنها مكان مضياف للتنمية الزراعية و كما هو الحال في نطاق الأطلس الصحراوي عندما تتوافر الوديان خلال مواسم الأمطار تتم الزراعة في مأوى الجبال و تعد الوديان الزراعية الرئيسية في سلسلة جبال الأوراس هي أبيود و عبدي و كلاهما يواجه الصحراء و تظل سلسلة جبال الأوراس معزولة و غير قابلة للعبور نسبيًا حتى يومنا هذا حيث تعلم شعب الشاوية الذين يسكنون هذه التضاريس الصعبة التكيف مع التحديات المادية للعيش في ذلك المكان .