كثير هي الأفلام السينمائية التي تمر كواليس تصويرها بالعديد من المشاكل و لكن من الصعب أن تكون بحجم العقبات التي عاشها فريق عمل الفيلم الحربي الشهير القيامة الأن Apocalypse Now الذي أنتج عام 1979 و قام ببطولته النجمين مارلون براندو و مارتن شين و وصلت صعوباته لدرجة تصريح مخرج العمل فرانسيس فورد كوبولا للصحفيين قبل العرض الأول قائلا إن فيلمه لا يتحدث عن فيتنام بل كان هو أيضا مثل جحيم فيتنام و قال عنه الممثل دينيس هوبر لاحقا بأنه خلال تصوير مشاهده شعر كما و لو أنه كان يحارب في فيتنام بالفعل نظرا لأنه كان حافلًا بالأحداث المرهقة لكافة طواقمه و سُجل في التاريخ بإعتباره الكابوس السينمائي الأكثر فوضوية لأي فريق إنتاج على الإطلاق .
كانت بداية مشاكل فيلم القيامة الأن Apocalypse Now عند إختيار الممثل الذي سيقوم بدور البطل ” ويلارد ” حيث أراد المخرج ” فرانسيس فورد كوبولا ” أن يكون ” ستيف ماكوين ” لكنه رفض الدور ثم حاول المخرج التواصل مع “جاك نيكلسون” و “روبرت ريدفورد” و “آل باتشينو” لكنهم رفضوا أيضا و لشدة ضيق المخرج من عدم إستجابة أي ممثل و في لحظة غضب قام بإلقاء جوائز الأوسكار الخمس من نافذته و بعد ذلك تم التعاقد مع ” هارفي كايتل ” للبطولة و لكن تم فصله بعد فترة قصيرة إلي أن تولى ” مارتن شين ” الدور الرئيسي لكنه و لسوء الحظ كان فى مرحلة يعاني فيها من إدمان الكحول و حين أنضم إلي فريق العمل لم تساعده أجواء التصوير علي التعافي بل علي العكس إزداد الأمر سوء ففي أحد الأيام كان “شين” مخمورا جدا و قرر تصوير مشاهده و هو بتلك الحالة التي كان فيها عدوانيا جدا و قام بضرب المرايا و حاول مهاجمة المخرج “كوبولا” الذي أستمر في تصويره بتلك الحالة حتى أنه قام بإعتمادها لتكون جزء من الفيلم و هو المشهد الذي يجلس فيه ” مارتن شين ” علي حافة سريره و قال ” شين ” لاحقا أن صناعة فيلم القيامة الأن Apocalypse Now كانت فوضوية جدا حتي أنه قال لأصدقائه فى الوطن أنه من المحتمل أن يموت خلال تصويره .
و من بين المشاكل الأخري التي مر بها طاقم تصوير فيلم القيامة الأن Apocalypse Now هو أن التصوير كان في المناطق الإستوائية في ” الفلبين ” حيث كانت النمور المارقة تجوب موقع التصوير ليلا إضافة إلي أن حاكم الدولة الديكتاتور ” ماركوس ” كان يقوم بسرقة المروحيات الخاصة بهم كما واجه الفيلم مشكلة أثناء تصوير طقوس قتل جاموس البحر حيث كان الإتفاق علي أن تكون تلك الحيوانات من الدمي لكن المخرج ” كوبولا ” إندهش حين علم أنه يقوم بتصوير جثث حيوانات حقيقية و لم يكن ليعرف ذلك إلا حين أصبحت الرائحة نفاذة و قوية جدا لدرجة أنه من الصعب علي الأنف تجاهلها كما لم تسلم مواقع التصوير من أحوال الطقس السيئة حيث تسبب إعصار بتدميرها تماما و كان لزاما إعادة بنائها مجددا و هو ما أستهلك المزيد من الوقت و الأموال .
و شهد فيلم القيامة الأن Apocalypse Now مشاكل تعلقت بقريق العمل نفسه فمع قيام المخرج ” فرانسيس كوبولا ” بإعداد السيناريو و تعديل بعض من أجزاءه كان هناك الكثير من أوقات الفراغ حيث قال الفريق أنه نتيجة ذلك الفراغ مع وجود الكثير من المال صارت الحفلات في فندق الإقامة مستمرة و أصبح أغلب الوقت منصبا علي شرب الكحوليات و تعاطي المخدرات و شيئا فشيئا أصبح فريق العمل من السكاري و المدمنين حيث أمضى الممثل ” سام بوتومز ” الذي لعب دور راكب الأمواج ” لانس جونسون ” فترة التصوير بأكملها و هو يستهلك الكحوليات و عقار إل إس دي و الماريجوانا كما أصبحت الأمور أسوأ بكثير عندما وصل الأسطورة “مارلون براندو” إلى موقع التصوير حيث ظهر مخمورًا و كان وزنه يعادل وزن فيل أفريقي و لم ينظر مطلقًا إلى السيناريو أو يقرأ الكتاب الذي يستند إليه و بعد قراءة النص الذي سلمه له “كوبولا” رفض “براندو” القيام بالدور و بعد الكثير من الجدل وافق شريطه أن تكون مشاهده بالكامل في الظل و يمكنه أن يقول ما يريد و في اليوم التالي ظهر في موقع التصوير بعد أن قام بحلاقة رأسه تماما .
و أستمرت المشاكل داخل كواليس فيلم القيامة الأن Apocalypse Now و التي ساهمت في أن ينتهي تصويره بعد 68 أسبوعا بعد أن كان مقدرا له 6 أسابيع فقط و هي صعوبات كافية ليخسر فيها المخرج ” فرانسيس كوبولا ” 45 كيلوجراما من وزنه و نتيجة كثرة الضغوط من حوله هدد بالإنتحار عدة مرات أثناء التصوير و عندما تم العثور علي الممثل ” مارتن شين ” و هو يزحف على الطريق بعد إصابته بنوبة قلبية أصيب بالإنهيار و بنوبة صرع كما كان عليهم وسط كل هذه الفوضى السيطرة علي الممثل “دينيس هوبر” الذي كان له طقوس غريبه تتمثل في شربه 2 لتر من الروم و 28 كوبا من البيرة و 85 جرام من الكوكايين و عندما سأله “كوبولا” يوما عن كيف يمكنه مساعدته في دوره أجابه هوبر: “28 جرام من الكوكايين” و هو ما كان يقوم به فريق الإنتاج طوال فترة التصوير و الذي خلاله أيضا ظهرت مشكلة أخري تتعلق بأن الفنان ” مارلون براندو ” كان يكره “هوبر” لذلك طلب عدم الظهور معه حتى و لو كانوا فى مشهد واحد لذلك كان لابد من تصويرهم بشكل منفصل و بعد وقت ضجر ” براندو ” من التصوير و أخبر مديره بأنهم استخدموه لفترة كافية بحيث يمكنهم تعيين ممثل آخر إذا احتاجوا إلى المزيد و بهذا ترك العمل و لم يعد أبدًا .
أقرأ أيضا : فيلم الفك المفترس الذى كاد أن ينهي مسيرة ستيفن سبيلبيرج الفنية
و أنتهي تصوير الفيلم بمعجزة رغم كل تلك المشكلات التي لاحقت المخرج و فريق عمله لذلك نستطيع القول أن تصريح ” كوبولا ” الذي قال فيه : “فيلمي لا يدور حول فيتنام بل هو أيضا مثل جحيم فيتنام” هي مقولة واقعية للغاية و لم يبالغ حين قالها و لكن يظل عزاءه أن الفيلم حصل علي إشادات نقدية و جماهيرية كثيرة و يحتل مراكز متقدمة في قوائم أفضل الأفلام التى قدمت في التاريخ .