المد و الجزر هي ظاهرة مكونة من تشوهات دورية لجسم فلكي تنجم عن قوى الجاذبية التي تمارسها الأجسام الأخرى نحوه و تعتبر أبرز تلك التغيرات شيوعًا علي كوكب الأرض هي ما تحدث عند مستوى سطح البحر و هي ظاهرة تتفاوت أوقاتها لتكون على فترات زمنية متباينة تتراوح ما بين الساعات إلي السنوات و ذلك إعتمادا علي عدد من العوامل المختلفة أبرزها محاذاة الشمس و القمر و مرحلة المد و سعته و الأنظمة البرمائية للمحيطات و شكل الخط الساحلي و لا تقتصر ظاهرة المد والجزر على المحيطات فقط بل يمكن أن تحدث في أنظمة أخرى تحتوي علي مجالات للجاذبية تختلف في الزمان والمكان فعلى سبيل المثال يتأثر شكل الجزء الصلب من الأرض قليلاً بالمد والجزر على الرغم من أن هذا لا يمكن رؤيته بسهولة مثل حركات المد و الجزر المائية .
و بالنظر إلي ظاهرة المد و الجزر في المحيطات فعلى سطح كوكبنا تعتبر قوة جاذبية القمر عليه أقوي بمقدار 2.2 من جاذبية الشمس لذلك فيعتبر القمر هو العامل الرئيسي و المؤثر في تلك الظاهرة و التي تتباين مقاديرها بحسب الإختلافات في مجال جاذبيته على سطح الأرض مقارنة بقوته عند مركزها و يكون نتيجة ذلك هو ميل المياه إلي التراكم على أجزاء من سطح الأرض بإتجاه القمر مباشرة و إنحساره في أماكن أخري كما تتحرك مناطق التراكم على السطح مع إختلاف موقع القمر بالنسبة للأرض و يرجع ذلك إلى دوران الأرض و أيضًا بسبب حركة القمر المدارية حولها و لذلك هناك ما يقرب من مدين مرتفعين و مدين منخفضين يوميًا في أي مكان و لكن تتغير مقاديرهم من يوم لآخر و يكون متوسط الفاصل الزمني بين المد المرتفع المتتالي هو 12 ساعة و 25 دقيقة أما بالنسبة إلي الشمس فهي لها تأثير مشابه و يضاف إلى تأثير القمر و بالتالي فإن المد والجزر ذات النطاق الأكبر أو السعة و الذي يطلق عليه المد الربيعي يحدث حين يكون القمر مكتمل و عندما يكون هو و الشمس في نفس الإتجاه أما حين يكون الإثنان في إتجاهين متعاكسين فيحدث المد و الجزر ذات المدى الأصغر أو الخفيف و يكون في المراحل المتوسطة من إكتمال القمر .
و يعد ما سبق هو تفسير ظاهرة المد و الجزر في المحيطات بشكل قياسي و لكنها تختلف في بعض من الأماكن نتيجة عدد من العوامل حيث يعتبر ذلك النمط قد لا يتوافق في عدد من المناطق بسبب القصور الذاتي للمياه و التأثيرات المرتبطة بعمقها و وجود القارات مما يؤدي إلى سلوكيات أكثر تعقيدًا لتلك الظاهرة أما بالنسبة للمحيطات الرئيسية فمن خلال الملاحظة تم الإستدلال إلي وجود نقاط متناقضة يكون فيها إرتفاع المياه صفرًا و في نفس الوقت تدور أنماط المد و الجزر المرتفعة والمنخفضة حول هذه النقاط و تكون إما في اتجاه عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة و بإرتفاعات لا تتجاوز المتر أما في بعض البحار شبه المغلقة مثل البحر الأبيض المتوسط و البحر الأسود و بحر البلطيق فتتولد تلك الظاهرة بواسطة قوى رفع المد المحلية و يكون نطاقها لمستوى سطح البحر في حدود السنتيمترات فقط .
و يمكن ملاحظة ظاهرة المد والجزر بسهولة أكبر على طول السواحل البحرية بسبب أن إتساعها قد يكون كبيرا فعندما تتدفق حركات المياه و الأمواج في المياه الضحلة للجرف القاري يقل معدل تقدمها و تتراكم الطاقة في حجم أصغر و يتضخم الصعود و الهبوط. و تعتمد تفاصيل حركات المد والجزر في المياه الساحلية و خاصة في القنوات و الخلجان و مصبات الأنهار على تفاصيل الهندسة الساحلية و تغير عمق المياه و تختلف سعات المد و الجزر و أوقاته المرتفعة و المنخفضة بشكل كبير من مكان إلى آخر و يعتبر أكبر مد و جزر معروف هو ما يحدث في خليج فندي على ساحل المحيط الأطلسي في أمريكا الشمالية و الذي يصل فيه المد الربيعي إلي 15 مترًا .
و نظرا للأسباب السابقة فيعتبر الحساب النظري لأوقات و إرتفاعات المد والجزر في محطة معينة أمر مستحيل تمامًا و مع ذلك يمكن التنبؤ بها بنجاح على أساس الملاحظات المتراكمة في المكان المعني حيث يعتمد تحليل الملاحظات على حقيقة أن أي نمط مد و جزر هو تراكب للتغيرات المرتبطة بالدوريات في حركات القمر و الشمس بالنسبة للأرض و الفترات المعنية هي نفسها التي تحدث في كل مكان و تتراوح ما بين 12 ساعة إلى سنة أو أكثر كما تتيح الملاحظات على مدار فترات زمنية كافية معلومات يمكن من خلالها المساعدة في التنبؤ بأوقاتها و الإرتفاعات في مستوي سطح البحر و من الشائع أن يكون هناك 40 مكونًا مهمًا لإجراء العمليات الحسابية في مكان واحد .
و بالإضافة إلى المد والجزر في المحيطات و في البحيرات الكبيرة حيث تحدث بها عمليات مماثلة بسعة أصغر تقوم الجاذبية بإحداث تغييرات مماثلة أيضا علي الغلاف الجوي و في باطن الأرض ففي الغلاف الجوي تحدث تلك الظاهرة و يمكن إكتشافها و لكنها تكون عنصر ثانوي نسبيا في حركات الغلاف الجوي أما بالنسبة إلي المد و الجزر الأرضي فيختلف عن المحيطي و الغلاف الجوي من حيث أن الإستجابة له تعتبر تشوه مرن و ليس تدفق حيث تساهم ملاحظات تلك الظاهرة في معرفة البنية الداخلية لذلك الكوكب و بطبيعة الحال يمكن أن تحدث أيضًا في أجرام أخري داخل المجموعة الشمسية حيث يعتقد أن النشاط البركاني الواقع في قمر أيو التابع لكوكب المشتري هو نتيجة تدفئة داخلية تحدث عن طريق مقاومة الإحتكاك الناتجة عن ظاهرة المد و الجزر .