مما لا شك فيه فأن المملكة المتحدة تعتبر واحدة من الدول العريقة التى شهدت الكثير من الأحداث التاريخية و كانت يوما مؤثرة عالميا لإمتلاكها الكثير من المستعمرات المنتشرة فى شتى بقاع الأرض لفترات أستمرت لعدة قرون كما أن أراضيها تعد مهدا للعديد من الرياضات المعروفة مثل كرة القدم الحديثة و الغير معروفة مثل مطاردة قرص الجبنة المتدحرجة التي تعتبر من أغرب المسابقات السنوية التي يتم تنظيمها عالميا حيث يأتي الناس من جميع أنحاء العالم إلي مدينة جلوستر الإنجليزية أواخر فصل الربيع من أجل مشاهدة ذلك الحدث الفريد الذى يقام في أخر يوم إثنين من شهر مايو أو للتنافس فيما بينهم بالإنزلاق عبر تلة مرتفعة لمطاردة قرصا من الجبن .
و بالبحث عن تاريخ مسابقة مطاردة قرص الجبنة المتدحرجة فيرجح البعض أنها ترجع إلي عصور ما قبل الميلاد بينما يشير البعض الأخر إلي أنها بدأت خلال القرون الوسطي أما أسباب ظهورها فلا يعرف تحديدا و لا يوجد سوى بعض النظريات المتداولة حولها حيث تتحدث الأولي أنه تم إستخدامها من أجل الحفاظ على حقوق الرعي عند العامة أما النظرية الثانية فترجعها إلي تقاليد وثنية حيث كان الناس قديما معتادين على دحرجة مجموعات من الحطب المشتعل من أعلى تل للإحتفال بإستقبال العام الجديد بعد إنتهاء فصل الشتاء و هى عادة شجعت الأجيال اللاحقة بعد ذلك علي تكرارها و لكن بإلقاء البسكويت و الحلوي من قمة التل كأحد طقوس الخصوبة و لتشجيع عملية الحصاد و من رحم تلك العادات ظهرت تلك الرياضة الغريبة .
و تنظم لعبة مطاردة قرص الجبنة المتدحرجة و التى يحضرها الألاف من المشاهدين سنويا على تلة كوبر الموجودة بمدينة “جلوستر ” جنوب غرب “إنجلترا” و هو مكان شديد الإنحدار و يمتد لمسافة تتجاوز أكثر من 180 متر و لا يفسح المجال سوي للقليل من المتسابقين الذين يتمكنون من الثبات على أقدامهم أثناء وجودهم عليه كما لا توجد أى معايير محددة للمشاركة فيها سوى القدوم فى موعد المسابقة و إدراج اسم المتسابق وسط المشاركين و ضرورة أن يتحمل صعوباتها لأنها قد تؤدى فى بعض من الأحيان إلي العديد من الإصابات و كان من الملاحظ أن الإشتراك في السابق كان مقصورا علي السكان المحليين و لكن مؤخرا تم السماح لمشاركة السائحين و الوافدين من جميع أنحاء العالم و هو الأمر الذى حقق رواجا سياحيا كبيرا فى تلك المنطقة لدرجة إقامة حانة فى قرية مجاورة لمكان الحدث تحمل إسم ” مطاردة قرص الجبن المتدحرجة ” و فيها يتجمع المتسابقين قبل المنافسة للتعرف على بعضهم البعض و أيضا بعد المسابقة من أجل الإحتفال بها .
و تعتمد فكرة لعبة مطاردة قرص الجبنة المتدحرجة على دحرجة قرصا من الجبن يزن أربعة كيلوجرامات من أعلى التل ثم يبدء المتسابقين في ملاحقته نزولا إلي أسفل عبر طريق منحدر و يعتبر أول شخص يصل إلي خط النهاية هو الفائز بالسباق حيث كانت المسابقة في السابق تتطلب من اللاعب محاولة الإمساك بالقرص أثناء دحرجته و لكن مع صعوبة الأمر عمليا لإكتسابه سرعات كبيرة أثناء دحرجته فقد تم الإكتفاء بملاحقته فقط و إنهاء المسابقة عند الوصول إلي خط النهاية فقط .
و تنقسم لعبة مطاردة الجبنة المتدحرجة الى أربعة سباقات ثلاثة منها للرجال و واحدة مخصصة للنساء و يشترط ألا يتعدي مجموع المتسابقين 14 فردا إلا أنه فى بعض الأحيان قد يتم التغاضي عن ذلك و يسمح بزيادة العدد و الذى وصل في أحد المرات إلي 40 فردا و يبدء ذلك السباق بدعوة الحكام المتسابقين للإستعداد ثم يبدأون العد من واحد لأربعه حيث كل رقم له مدلوله فيكون نداء رقم واحد بمعني الإستعداد و إثنان للثبات أما ثلاثه فيتم إلقاء قرص الجبنه من أعلى التل و أربعه فهو لإنطلاق المتسابقين ليبدأوا بالتسابق و التنافس حتى يصل أحدهم الى خط النهاية و يمسك القرص و يكون هو الفائز .
أقرأ أيضا : مصارعة الزيت .. لعبة قتالية تركية تمارس منذ سبع قرون
و رغم أن مسابقة مطاردة الجبنة المتدحرجة قد تبدو ممتعه إلا أنها فى بعض الأوقات قد تكون خطيرة و ذلك لتسببها فى الكثير من الحوادث و الإصابات ففي عام 1997 أصيب 33 متسابقا بإصابات تفاوتت ما بين الكسور و الجروح و فى عام 2005 تم تأخير إنطلاق عددا من السباقات إنتظارا لعودة و تمركز سيارات الإسعاف التى كانت تقوم بمهمتها فى نقل مصابي السباق السابق الى المستشفي و مؤخرا و فى عام 2013 تم إستبدال قرص الجبن الذى يتم دحرجته بقرص شبيه له و لكن مصنع من الفلين لأمور تتعلق بالسلامة لأن قرص الجبنة الحقيقي يزن أربعة كيلوجرامات و أثناء تدحرجه و نتيجة سرعة إنزلاقه فمن الممكن أن يحدث إصابات خطيرة حال إصطدامه بالمشاهدين و مع ذلك ففور إنتهاء المسابقة يتم تسليم الفائز في النهاية قرص جبن حقيقي .