من المعروف أن الإتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) هي المؤسسة الحاكمة لرياضة كرة القدم علي مستوي العالم و المنوطة بوضع لوائحها و الإشراف علي بطولاتها الدولية المختلفة إلا أنه في إحدي المراحل قرر الفيفا دخول عالم الفن من خلال خوض تجربة الإنتاج و تمويل فيلم سينمائي صدر عام 2014 و حمل عنوان ( العاطفة المتحدة : ميلاد كأس العالم ) و هو عمل فرنسي ناطق باللغة الإنجليزية و شارك فيه كوكبة من النجوم أبرزهم تيم روث و جيرارد ديبارديو و سام نيل و تم عرضه لأول مرة في مهرجان كان السينمائي الدولي و رغم الأمال التي عقدت عليه إلا أنه حقق فشلا ذريعا و تم إعتباره كواحد من أسوء الأفلام علي الإطلاق بعد تزامن طرحه مع قضايا الفساد التي لاحقت مسئوليه لدرجة أنه لم يحقق سوي 918 دولار أمريكي داخل الولايات المتحدة إضافة إلي تعرضه لإنتقادات حادة من قبل النقاد بإعتباره فيلم دعائي يحاول تجميل تلك المؤسسة التي تلاحقها الفضائح من كل حدب و صوب .
و يروي فيلم “العاطفة المتحدة” قصة نشأة الإتحاد الدولي لكرة القدم و الصعوبات التي واجهها في بداياته من رفض الإتحاد الإنجليزي الإنضمام لذلك الكيان الوليد و كفاح مسئوليه من أجل تأسيسه و إكسابه الشرعية الدولية و محاولة إنشاء مسابقة عالمية في كرة القدم تكون بنفس مستوي بطولة الألعاب الأولمبية و رغم المشاكل المالية التي واجهت المسئولين و الذي كان علي رأسهم الفرنسي ” جول ريميه ” إلا أنه تم تنظيم بطولة كأس العالم عام 1930 بعد الحصول علي دعم من دول أمريكا الجنوبية كما يرصد الفيلم الأحداث البارزة التي شهدها العالم فى تلك الحقبة مثل الكساد العظيم و الحرب العالمية الثانية و مدي تأثيرهم علي تلك المؤسسة ثم يرصد مراحل صعود الإتحاد الدولي و نموه بعد إنضمام دول جديدة في عضويته و بعد ذلك ينتقل إلي صعود البرازيلي “جواو هافيلانج” علي رأس المؤسسة و سياسته في إيجاد رعاة لمسابقاته ثم تولي نائبه ” سيب بلاتر ” المسئولية بعده و الذي يواجه الفساد المتراكم داخل المؤسسة و هو ما يجعل المسئولين بداخلها يتكالبون عليه من أجل الإطاحة به إلا أنه يتمكن من مواجهتهم بعد تهديدهم بنشر فسادهم علنا ثم ينتهي الفيلم بالإعلان عن فوز “جنوب أفريقيا” بتنظيم بطولة كأس العالم عام 2010 .
و بدأت قصة ذلك الفيلم بعرض فكرته علي المسئولين في الإتحاد الدولي لكرة القدم و الذين تحمسوا لها كثيرا و قرروا تمويله بمبلغ 27 مليون دولار ثم قررت الحكومة الأذربيجانية المشاركة في التمويل و قامت برصد 5 ملايين دولار أخري و تم الإنتهاء من السيناريو في أربعة أشهر و كان يأمل ” الفيفا ” أن يحمل الفيلم عنوان ” أسطورة الرجال ” أو ” صانعي الحلم ” إلا أنه سرعان ما تغير إسمه إلي “العاطفة المتحدة ” و من أجل إعطاءه زخم كبير تم تصويره في أربعة دول و هم “سويسرا” و “أذربيجان” و “فرنسا” و “البرازيل” حيث كان المشهد الإفتتاحي في ملعب في قرية الساحل الأذربيجانية و أراد الإتحاد الدولي أن يتم الإنتهاء منه و طرحه في قاعات العرض السينمائي في صيف عام 2014 قبل بطولة كأس العالم التي يتم تنظيمها في “البرازيل” .
و كما يقولون تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فمع طرح فيلم ” العاطفة المتحدة ” في ” الولايات المتحدة ” كان ذلك بالتزامن مع قضية فساد الفيفا و التي تم تناولها بكثافة في وسائل الإعلام عام 2015 و علي إثرها تم إعتقال العديد من الأعضاء الحاليين و السابقين في اللجنة التنفيذية بتهم تتعلق برشاوي و إستغلال نفوذ و أدت التحقيقات النهائية إلى إستقالة رئيس الفيفا “سيب بلاتر” بعد عقود من التكهنات و الإتهامات المتعلقة بالفساد تحت قيادته و هو ما جعل الفيلم تحت مرمي الهجوم من النقاد و الجماهير بل و حتي من أبطاله أنفسهم حيث قال الممثل ” تيم روث ” أنه سأل صانعي الفيلم عن أين يوجد فساد الفيفا و صفقاته المشبوهة في السيناريو و أضاف أنه حاول نقل هذه العناصر من خلال أدائه قدر الأمكان كما سخر منه الممثل الكوميدي “جون أوليفر” قائلاً أن الفيلم من الواضح أنه مثل الفيفا يبدو فظيعًا إضافة إلي مواجهته إنتقادات من وسائل الإعلام بشأن تكلفة الإنتاج التي تعدت حجم الإيرادات السنوي لمعظم الإتحادات الوطنية .
و أشارت التقارير أنه مع عرض فيلم ” العاطفة المتحدة ” في ” الولايات المتحدة ” حقق 319 دولارًا فقط في يوم إفتتاحه ثم في اليوم التالي 288 دولارًا و بلغ المجموع النهائي لإيرادات الفيلم في ثلاثة أيام من الجمعة إلي الأحد 918 دولارًا فقط و بذلك يكون هو أسوأ إفتتاح على الإطلاق لفيلم في تاريخ شباك التذاكر الأمريكي و هو ما دفع موزعه إلي سحبه من دور العرض و أثناء تواجد الفيلم في مهرجان زيورخ السينمائي في أكتوبر عام 2014 دفع حوالي 120 شخصًا 22.70 دولارًا لكل تذكرة لمشاهدة الفيلم في سينما تتسع لـ500 مقعد كما حصل علي تقييمات سيئة في موقع الطماطم الفاسدة و كان أكثر الأمور التي سخر منها المراجعين هو إظهار “بلاتر” و كأنه محارب للفساد علي عكس الواقع لذلك لم يكن أمام منتجيه حل سوي إصداره علي إسطوانات ديفيدي مباشرة .
أقرأ أيضا : قصة سيناريو فيلم أتوك الملعون الذي تسبب فى وفاة كل ممثل أبدي إهتماما ببطولته
و نظرا للخسائر الضخمة التي مني بها فيلم ” العاطفة المتحدة ” فقد تبرء منه ممثليه حيث قال ” تيم روث ” الذي لعب دور ” بلاتر ” أنه لم يشاهد الفيلم و كان يرفض مرارا و تكرارا الحديث عنه و أعترف أنه قبل دوره من أجل المال فقط للخروج من أزمة مادية كان يمر بها أما “جيسون باري” الذي لعب دور مراسل استقصائي فقد قال أنه أيضا لم يشاهد الفيلم و هاجم صناعه و أشار أن المخرج قام بقطع بعض من جمله الحواريه لأن ” بلاتر ” الحقيقي لم تعجبه نبرة الأسلوب الذي كان يطرح به الأسئلة كما لو كان يعتقد نفسه أنه منارة كرة القدم العالمية الساطعة و أنهي حديثه قائلا أن فيلم ” العاطفة المتحدة ” كان مشروعًا غرورًا للفيفا .