الخليج العربي و يطلق عليه أحيانا إسم الخليج الفارسي هو مسطح مائي يقع جنوب غرب قارة أسيا و يعتبر جغرافيا إمتداد للمحيط الهندي و ينحصر بين جنوب غرب إيران من جهة و دول شبه الجزيرة العربية من الجهة الأخري و يعد بمناطقه الساحلية أكبر مصدر منفرد للنفط الخام في العالم لذلك فتهيمن عليه الأنشطة ذات الصلة المتعلقة بالإستخراج و التعديم و التكرير و النقل و نتيجة وفرة ذلك المورد الطبيعي الهائل أصبحت تلك المنطقة محور للتوترات الدولية و شهدت العديد من الحروب مثل الحرب العراقية الإيرانية التى بدأت مطلع الثمانينيات و أستمرت لثمانية أعوام و فيها هاجم كل طرف المنشئات النفطية التابعة للطرف الأخر ثم تبعتها حرب الخليج الثانية التى أندلعت أوائل التسعينيات في أعقاب الغزو العراقي للكويت و أخيرا الغزو الأمريكي للعراق في مطلع الألفية الجديدة و بجانب الأنشطة النفطية يعتبر الخليج العربي غني بمناطق الصيد الوفيرة و الشعاب المرجانية الواسعة و محار اللؤلؤ الوفير الا أن بيئته في الوقت الراهن تواجه عدد من الضغوط الناجمة عن أعمال التعدين و التصنيع و البناء .
و تاريخيا كان يطلق علي الخليج العربي إسم الخليج الفارسي و ذلك لأنه في عام 330 قبل الميلاد أنشأت الإمبراطورية الأخمينية أول إمبراطورية فارسية في المنطقة الجنوبية الغربية من الهضبة الإيرانية و بذلك أصبح ذلك المسطح المائي يعرف بذلك الإسم و مع صعود مفهوم القومية العربية في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي بدأت بعض الدول العربية في المنطقة بتبني مصطلح “الخليج العربي” و ذلك للإشارة إلى ذلك الممر المائي الا أنه و للأسف لم يعتد به خارج العالم العربي و لم يعترف به من قبل الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية أخرى و حتى اللحظة لا يزال النزاع مستمرا حول تسمية ذلك المكان .
و يعد الخليج العربي بحر داخلي تبلغ مساحته 251000 كيلومتر مربع و يمتد علي طول 990 كيلومتر و يتصل بخليج عمان في الشرق عن طريق مضيق هرمز و يتميز نهايته الغربية بالدلتا النهرية الرئيسية لشط العرب و التي تحمل مياه نهري دجلة و الفرات و تحتل “إيران” معظم الساحل الشمالي بينما “المملكة العربية السعودية” معظم الساحل الجنوبي و يبلغ عرض الخليج في أضيق نقطة له 56 كيلومترًا عند مضيق هرمز و مياهه بشكل عام تعتبر ضحلة للغاية و يبلغ عمقها الأقصى 90 مترًا و بمتوسط عمق 50 مترًا و تعد البلدان التى تطل علي ساحله هي إيران و سلطنة عمان و الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية و قطر الموجودة على هيئة شبه جزيرة قبالة الساحل السعودي و البحرين الموجودة على هيئة جزيرة بالإضافة إلي الكويت و العراق في الشمال الغربي مع وجود عدد من الجزر الصغيرة داخله يخضع بعضها لنزاعات إقليمية من قبل دول المنطقة .
و يبلغ متوسط عمق الخليج العربي اليوم ما بين 35-50 مترًا فقط بسبب أنه أثناء التجلد الأخير الذي أنتهى قبل 12000 عام أنخفض مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم من 120 إلى 130 مترًا تاركًا قاع الخليج العربي فوق مستوى سطح البحر خلال ذروة العصر الجليدي كما أكدت تقارير سفينة الإستكشاف “ميتيور” أن الخليج العربي كان حوضًا جافًا بالكامل منذ حوالي 15000 قبل الميلاد كما أن المنطقة الواقعة بالقرب من الجانب الإيراني التى تعتبر الأكثر انحدارًا يوجد قناة عميقة تشير على ما يبدو إلى مسار شط العرب الممتد القديم و الذي يُطلق عليه اسم “أور الشط” كما يشير الجرف الضحل المستمر عبر الجزء العلوي (الشمالي) من الخليج و أسفل الجانب الغربي إلى أن هذا القسم كان آخر جزء غمرته المياه أما في مضيق هرمز فيشير المظهر الجانبي لقياسات الأعماق إلى حدوث إنقسام في قناتين رئيسيتين تستمران عبر جرف بيبان قبل أن تهبط إلى عمق حوالي 400 متر في خليج عمان و قد تكون الأجزاء العميقة من هذه القنوات ناتجة عن رواسب دلتا على حافة أعماق المحيطات المنهارة التى نتجت من سلسلة إنهيارات أرضية كبيرة حدثت تحت الماء .
و تتمتع منطقة الخليج العربي بمناخ مضطرب فهي ذات درجات حرارة مرتفعة أغلب الأوقات على الرغم من أن الشتاء قد يكون باردًا جدًا في الأطراف الشمالية الغربية كما أن أمطاره قليلة للغاية طوال العام لكنها تكون غزيرة بين شهري نوفمبر و أبريل كما يتميز الخليج العربي برطوبته المرتفعة و إنتشار الغطاء السحابي الصغير في الشتاء أكثر منه في الصيف و نادرًا ما تحدث فيه العواصف الرعدية و الضباب و لكن تحدث العواصف الترابية بشكل متكرر في فصل الصيف و التى تهب في الغالب من إتجاه الشمال و الشمال الغربي و نادرا ما تكون قوية كما يؤدي التسخين الشديد للأرض المجاورة للسواحل إلى هبوب رياح لطيفة في البحر في الصباح و رياح قوية على الشاطئ في فترة ما بعد الظهر و المساء كما يأتي تدفق المياه العذبة الصغيرة إلى الخليج في الغالب من أنهار دجلة و الفرات و كارون و تتراوح درجات حرارة مياهه السطحية من 24 إلى 32 درجة مئوية أما في مضيق هرمز فتكون ما بين 16 إلى 32 درجة مئوية كما يتميز الخليج العربي بنسبة ملوحة مرتفعة و تتراوح ما بين 37 و 38 جزء في الألف عند المدخل و 38 إلى 41 جزء في الألف في أقصى الشمال الغربي و يتراوح نطاق المد والجزر به ما بين 1.2 إلى 1.5 متر حول “قطر” ثم يزداد إلى 3.0 إلى 3.4 متر في الشمال الغربي بينما يتراوح في أقصي الجنوب الشرقي ما بين 2.7 إلى 3.0 متر .
و بالنسبة لمعظم تاريخ الاستيطان البشري في الخليج العربي كان الجانب الجنوبي يحكمه قبائل بدوية و مع نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد سيطرت حضارة دلمون على الجزء الجنوبي من ذلك المكان و لفترة طويلة كانت المستوطنة الأكثر أهمية على الساحل الجنوبي هي “جيرها ” و في القرن الثاني هاجرت قبيلة “لاخوم” التي كانت تعيش في “اليمن” إلى الشمال و أسست مملكة “اللخميد” على طول الساحل الجنوبي و خلال القرن السابع غزت الإمبراطورية الساسانية منطقة الخليج العربي بأكملها أما بالنسبة إلي الجانب الشمالي فخلال الفترة ما بين 625 قبل الميلاد و 226 م سيطر علي المنطقة إمبراطوريات ميديان و أخمينية و سلوقية و فارثية و بعد سقوطهم حكمت الإمبراطورية الساسانية النصف الشمالي و أحيانًا النصف الجنوبي و كان يعتبر الخليج العربي مع طريق الحرير مهمين للغاية لعملية التجارة في الإمبراطورية الساسانية و كان ” سيراف ” ميناءًا ساسانيًا قديمًا يقع على الشاطئ الشمالي للخليج العربي في ما يعرف الآن بمقاطعة بوشهر الإيرانية.
و بعد ذلك شهد الخليج العربي الفترة الإستعمارية الأوروبية فمع حلول أوائل القرن السادس عشر بدء التوسع البرتغالي في المحيط الهندي و حدثت صدامات بينهم و بين العثمانيين علي ساحل ذلك الخليج و في عام 1521 غزت قوة برتغالية “البحرين” للسيطرة على صناعة و تجارة اللؤلؤ و في عام 1602 تم طردهم منها علي يد “شاه عباس” بدعم من الأسطول البريطاني كما قام بتحويل جزء كبير من التجارة إلى بلدة بندر عباس التي أستحوز عليها أيضا من البرتغاليين عام 1615 و أطلق عليها اسمه و بعد ذلك تمكن من السيطرة عام 1622م على جزيرة هرمز حيث أدي ذلك إلي إنفتاح الخليج العربي أمام تجارة مزدهرة مع التجار البرتغاليين و الهولنديين و الفرنسيين و الإسبان و البريطانيين الذين مُنحوا إمتيازات خاصة بالطبع و خلال الفترة من عام 1763 و حتى عام 1971 حافظت الإمبراطورية البريطانية على درجات متفاوتة من السيطرة السياسية على بعض دول الخليج العربي إلي أن حصلت كل واحدة منهم علي إستقلالها .
و نتيجة درجات الحرارة المرتفعة و الملوحة في الخليج العربي فقد أدي ذلك إلي تناقص تنوع النباتات و الحيوانات فيه و حتى إكتشاف النفط في “إيران” عام 1908 كانت منطقة الخليج العربي مهمة بشكل أساسي لصيد الأسماك و اللؤلؤ و بناء المراكب الشراعية و صناعة قماش الشراع و تربية الإبل و صنع حصائر القصب و لم تنتج الأراضي القاحلة المحيطة بالخليج سوى القليل بإستثناء الأراضي الغنية لسهل بلاد ما بين النهرين و لم تدعم المنطقة سوى عدد قليل من أولئك الذين يعملون في صيد الأسماك لذلك تم إنشاء صناعات صيد كبيرة في “الكويت” و “قطر” و “البحرين” و أصبحت بعض من تلك الدول مصدرة للأسماك و منذ الحرب العالمية الثانية أصبح الخليج العربي و الدول المحيطة به مسؤولة عن نسبة كبيرة من إنتاج النفط في العالم كما تمتلك ما يقرب من ثلثي احتياطيات النفط و ثلث احتياطيات الغاز في العالم و هكذا اكتسبت المنطقة أهمية استراتيجية كبيرة للبلدان الصناعية في العالم و ظل الاستكشاف نشطًا و في كل فترة يتم إكتشاف منطقة جديدة ثرية بتلك الموارد على الأرض و في البحر و أدت محاولة السيطرة على هذه الإحتياطيات إلى العديد من الخلافات القانونية بين الدول حول الحدود الإقليمية الدقيقة مما أدي إلي إندلاع صراعات مثل الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات وحرب الخليج الثانية أوائل التسعينيات و حرب العراق في أوائل القرن الحادي والعشرين .