كذبة أبريل أو يوم الحمقي هو تقليد متبع منذ قرون طويلة من قبل عدد من الثقافات المختلفة و يتم الإحتفال به دائما في الأول من أبريل من كل عام و على الرغم من أن أصول تلك العادة غامضة الا أنه و حتى اللحظة يتم الإلتزام بها و إحيائها في العديد من الدول من خلال إبتكار الخدع و إلقاء النكات على الآخرين أو سرد قصص و أخبار غير حقيقية و بعد ذلك غالبا ما يتم الصياح بصوت مرتفع قائلين كذبة أبريل لتوضيح أن الأمر برمته ما هو إلا مجرد مقلب تم إيقاع الضحية فيه و من الملاحظ أن ممارسة كذبة أبريل لا تقتصر علي الأفراد فقط بل تحتضنها الصحف و العديد من وسائل الإعلام الإذاعية و التفلزيونية بالإضافة لشركات تتبع علامات تجارية كبري بهدف وضع بعض من اللمسات الترفيهية علي أنشطتها و إحياء حس الدعابة لذلك ننصح دائما خلال ذلك اليوم بتوخي الحذر نحو أى أخبار قد تبدو غير منطقية لأنها فى الغالب سوف تكون بشكل أو بأخر مرتبطة بتلك العادة .

ما هى أصول كذبة أبريل ؟

حتى اللحظة تعتبر أصول كذبة أبريل غير معروفة و لكن يرجح بعض المؤرخين بأنه يعود إلى عام 1582 ميلادية عندما تحولت “فرنسا” من التقويم اليولياني القريب الشبه من التقويم الهندوسي بأن يبدأ العام الجديد من الإعتدال الربيعي في 1 أبريل تقريبا إلى التقويم الجريجوري المتبع حاليا وفقًا لما دعا إليه مجلس “ترينت” عام 1563 و هو ما دعا الأشخاص الذين تباطأوا في الحصول على أخبار ذلك الإنتقال أو فشلوا في إدراك أن بداية العام الجديد قد أنتقلت إلى 1 يناير إلي إستمرارهم بالإحتفال بالعام الجديد خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس و حتى 1 أبريل و هو ما جعلهم موضع للسخرية و النكات و الخدع و أطلق عليهم اسم “حمقي أبريل ” و تضمنت هذه المقالب وضع سمكة ورقية على ظهورهم يشار إليها باسم “بويسون دافريل” أو سمكة أبريل و التي يقال إنها ترمز إلى سمكة ساذجة يسهل إصطيادها من قبل أي شخص .

كما ربط مؤرخين أخرين يوم كذبة أبريل بمهرجانات مثل “هيلاريا ” و التي أحتفل بها أتباع عبادة سايبيل في “روما” القديمة نهاية شهر مارس و أشتملت على أشخاص يرتدون ملابس تنكرية و يسخرون من رفاقهم المواطنين و حتى القضاة و قيل إنه مهرجان مستوحى من الأسطورة المصرية إيزيس و أوزوريس و ست بجانب ذلك يوجد رأي يشير إلي أن يوم كذبة أبريل كان مرتبطًا بالإعتدال الربيعي أو اليوم الأول من الربيع في نصف الكرة الشمالي عندما خدعت الطبيعة الأم الناس بطقس متغير و غير متوقع .

و علي أي حال أى كانت أصول كذبة أبريل الا أن الموثق أنها أنتشرت في جميع أنحاء “المملكة المتحدة” خلال القرن الثامن عشر و في “أسكتلندا” أصبح ذلك التقليد حدثًا لمدة يومين بدءًا من يوم “إصطياد الوقواق” و هو نوع من أنواع الطيور يتم نعت الحمقي به حيث يتم إرسالهم في مهمات زائفة و في اليوم التالي يكون ” يوم تايلي ” الذي يتضمن المقالب التي يتم لعبها مع الأشخاص مثل تثبيت ذيول مزيفة أو لصق عبارات خلف الملابس مكتوب عليها “أركلني” أما بالنسبة إلي عصرنا الحديث فيبذل الناس جهودًا كبيرة لإنشاء خدع متقنة في يوم كذبة أبريل حيث تشارك الصحف و المحطات الإذاعية و التلفزيونية و المواقع الإلكترونية في تقليد 1 أبريل حيث يتم فيهم الحديث عن مزاعم خيالية لخداع جماهيرهم و متابعيهم .

ما أشهر كذبة أبريل تم تداولها علي نطاق واسع ؟

فى يوم كذبة أبريل تكثر المقالب و التى تنحصر بشكل شائع في حل شئ فى الطعام محل شئ أخر يشبهه و لكن مذاقه مختلف مثل إستبدال السكر بالملح و مع ذلك يوجد العديد من المقالب الشهيرة التى لا تزال عالقة في الذاكرة و أبرزهم الأتي :

• عام 1749 نشرت صحف لندن أن رجل إستعراضي سيضغط على جسده بالكامل في زجاجة نبيذ في مسرح رويال هايماركت و مع ذلك كانت القصة مجرد رهانًا بين دوق بورتلاند و إيرل تشيسترفيلد حيث أراد الأول خداع الجمهور الذي ملأ المسرح و لكن لم يظهر أي ممثل مما أدى في النهاية إلى حدوث أعمال شغب .
• عام 1905 ذكرت صحيفة “برلينر تاجبلات” الألمانية أن اللصوص قد حفروا نفقًا تحت الخزانة الفيدرالية في ” الولايات المتحدة ” و سرقوا كل ما تحتويه من الفضة و الذهب.
• عام 1906 طبعت صحيفة “شيكاغو تريبيون” و العديد من الصحف الأخرى في الغرب الأوسط مقالًا تفصيليًا من صفحتين يشرح بالتفصيل الغزو الأخير لشيكاغو من قبل جحافل من وحوش ما قبل التاريخ موضحة بسلسلة من 8 صور مزيفة لهجوم من الديناصورات و هى تعيث فسادا في جميع أنحاء المدينة.
• عام 1956 فاز حيوان وحيد القرن و يُدعى “كاكاريكو” بمقعد في مجلس مدينة ساو باولو فى “البرازيل” بعد حصوله على 100000 صوت و ذلك بسبب الحملة التي قادها الطلاب الذين سئموا من سوء إدارة المدينة.
• عام 1957 ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن المزارعين السويسريين كانوا يعانون من محصول قياسي من السباجيتي و عرضوا لقطات لأشخاص يحصدون المكرونة من الأشجار و أتصل عدد كبير من الناس ببي بي سي راغبين في معرفة كيفية زراعة أشجار السباجيتي الخاصة بهم.
• عام 1962 بث التلفزيون الوطني السويدي عرضًا خاصًا مدته 5 دقائق حول كيفية الحصول على تلفزيون ملون من خلال وضع جورب من النايلون أمام التلفزيون و تم تضمين وصف متعمق إلى حد ما للفيزياء وراء هذه الظاهرة و حاول الآلاف من الناس فعل ذلك.
• عام 1965 زعمت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أنها تجري تجربة لتقنية جديدة تسمح بنقل الرائحة عبر موجات الأثير إلى جميع المشاهدين و بحسب ما ورد أتصل العديد من المشاهدين ببي بي سي للإبلاغ عن نجاح ذلك الأمر .
• عام 1976 أخبر عالم الفلك البريطاني السير “باتريك مور” مستمعي راديو بي بي سي 2 أن المحاذاة الفريدة لكوكبين ستؤدي إلى التأثير علي قوة الجاذبية مما يجعل الناس أخف وزنا في تمام الساعة 9:47 و دعا جمهوره للقفز في الهواء و تجربة الإحساس بالطفو و أتصل العشرات من المستمعين ليقولوا إن التجربة قد نجحت من بينهم امرأة أفادت بأنها و أصدقاؤها الـ 11 كانوا يتنقلون من مقاعدهم و يدورون بلطف حول الغرفة”.
• عام 1980 أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن ساعة بيج بن أصبحت رقمية و أي شخص يتواصل معهم أولاً يمكنه الفوز بعقارب الساعة.
• عام 1980 بثت محطة تلفزيون بوسطن نشرة إخبارية مزيفة في نهاية أخبار الساعة 6 صباحًا و ذكرت أن أحد البراكين فى ولاية “ماساتشوستس” قد بدء فى الثوران و تسببت تلك المزحة في حالة من الذعر و بدأ بعض السكان في الفرار من منازلهم و أدت تلك الخدعة إلي طرد المنتج التنفيذي لأخبار الساعة السادسة من قبل المحطة لانتهاكه قواعد لجنة الاتصالات الفيدرالية .
• عام 1985 خدع ” جورج بليمنبتون ” و هو كاتب فى مجلة الكاتب في مجلة Sports Illustrated العديد من القراء عندما نشر مقالًا مختلقًا عن لاعب مبتدئ في لعبة البيسبول يُدعى “سيد فينش” يمكنه رمي كرة بسرعة تتجاوز 270 كيلومتر فى الساعة .
• عام 1989 و في أحد البرامج الرياضية فى تلفزيون بي بي سي أندلع قتال بين أعضاء فريق العمل مباشرة و في نهاية العرض تم الكشف عن أنها نكتة كذبة أبريل.
• عام 1992 نشرت الإذاعة الوطنية الأمريكية خبرا أن الرئيس السابق “ريتشارد نيكسون” ينوي الترشح للرئاسة مرة أخرى بعد إستقالته في أعقاب فضيحة ووترجيت و بعد ذلك أكتشف المستمعين أن الأمر هو كذبة أبريل .
• عام 2008 ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن مستعمرة تم إكتشافها حديثًا لطيور البطريق الطائرة و تم إنتاج مقطع فيديو مفصل بالفعل و طيور البطريق تطير فى رحلة إلى غابات الأمازون المطيرة .
• عام 2016 أعلنت ناشونال جيوجرافيك أنها لن تنشر صور حيوانات عارية بعد الآن .
• عام 2021 ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن مسؤولي الأمم المتحدة سوف يراجعون خطط بناء قناة جديدة تسمى “قناة السويس 2″ على طول الحدود المصرية الإسرائيلية بسبب العوائق التي تسبب بها جنح إيفر جيفن.

الإنتقادات

رغم المواظبة علي ممارسة كذبة أبريل بشكل سنوي إلا أنها عادة مثيرة للجدل و الإنقسام حيث يري فريق أنها يمكن أن تكون مفيدة لصحة المرء لأنها تشجع علي إلقاء النكات و الحصول علي أوقات مرحة و الضحك الذي له فوائد جمة من تخفيف التوتر و تقليل الضغط على القلب بينما يراها الفريق الأخر بأنها عادة سيئة و وقحة بالإضافة إلى أنها تستند إلى الشماتة و الخداع كما أن لها العديد من العواقب فعندما يتم إصدار أخبار حقيقية أو تحذير حقيقي مهم في يوم كذبة أبريل فهناك خطر في أن تفسر بشكل خاطئ على أنها مزحة و يتم تجاهلها و من ناحية أخرى فأحيانا يتم أخذ القصص التي يقصد بها النكات على محمل الجد و هو ما يعتبر إهدار للموارد و أمر قد يكون له عواقب قانونية .

و مع إنتشار وباء كورونا عام 2020 كان من الملاحظ قيام العديد من المنظمات و الأشخاص بإلغاء الإحتفال بذلك التقليد كعلامة إحترام بسبب الكم الهائل من الوفيات بسبب ذلك الفيروس مع وجود رغبة حقيقية في تقديم معلومات صادقة لمواجهة المعلومات الخاطئة حول الفيروس و استباق أي محاولات لدمج الفيروس في أي مقالب محتملة كما أنه في “تايلاند” أصدرت الشرطة تحذير إستباقي قبل يوم كذبة أبريل عام 2021 من أن نشر أو مشاركة أخبار مزيفة على الإنترنت قد يؤدي إلى عقوبة أقصاها السجن لمدة خمس سنوات .

و للتأكيد على مدي الإرتباك الذي يحدث فى ذلك اليوم و عدم التمييز بين الأخبار الحقيقية و المزيفة توجد قائمة من الحوادث التى حدثت و ظن الناس أنها خدعه و هى ما يلي :

• عام 1946 صدرت تحذيرات من حدوث تسونامي ناجم عن زلزال جزيرة ألوشيان الذي أودى بحياة 165 شخصًا في هاواي و ألاسكا.
• عام 1984 نشرت أنباء تفيد بأن المغني “مارفن جاي” قتل بالرصاص في اليوم السابق لعيد ميلاده الخامس و الأربعين على يد والده “مارفن جاي الأب” و رغم ذلك لم يصدق العديد من الأشخاص المقربين من المغني تلك الأخبار في البداية و أعتقدوا أنها كذبة أبريل .
• عام 1995 نشرت أنباء عن مقتل المغنية “سيلينا” و عندما نشرت محطة الإذاعة KEDA الأخبار تم إتهام طاقمها بالكذب لأن اليوم التالي كان كذبة أبريل.
• عام 2004 تم الإعلان عن زيادة مساحة البريد الإليكتروني ” جيميل ” و لم يصدق الجمهور علي إعتبار أن بعض من الميزات المعلنة للخدمة لم تكن ممكنة تقنيًا فى ذلك العام و بالتالي أعتبروها كذبة أبريل .