من المعروف أن جميع جيوش العالم يقومون بإجراء العديد من التجارب السرية بغرض إختبار عدد من الأسلحة الجديدة أو الوصول إلي تقنيات قد تفيد فى المجالات العسكرية المختلفة و بطبيعة الحال بعد مرور فترة من الزمن قد يتم الإعلان عن تلك التجارب بعد أن تصبح سريتها ليس لها أى قيمة الا أنه توجد إحدى التجارب السرية الغامضة التى يزعم أن الجيش الأمريكي قد قام بإجرائها فى منتصف أربعينيات القرن الماضي أثناء ذروة الحرب العالمية الثانية تحت إشراف العالم الفذ ألبرت أينشتاين و تحتوي على تفاصيل غريبة لا تصلح سوي فى الأفلام الخيالية حول إستخدام تقنية تسمي الحقل الموحد لمحاولة إخفاء إحدي القطع العسكرية الأمريكية عن أعين الأعداء الا أنها أنتهت بنتائج كارثية دفعت الجيش إلي التكتم حولها لكن بعض من تفاصيلها قد سربت و عرفت لاحقا بإسم التجربة فيلادلفيا أو مؤامرة يو إس إس ألدريدج و التى أحدثت إنقساما داخل الولايات المتحدة ما بين مؤكد لحدوثها و معارضا بإعتبار الأمر كله مجرد درب من الخيال .
و يزعم ان التجربة فيلادلفيا كانت مشروعًا حكوميًا سريًا للغاية يُدعى عملية “قوس قزح” و تم تنفيذها عام 1943 فى فترة كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها و كانت الولايات المتحدة فى حاجة ماسة للوصول الى ميزة تساعدها فى حسم معركة الأطلسي و لذلك فى يوم 28 من أكتوبر عام 1943 و تحت إشراف العالم ” أينشتاين ” تم البدء فى خطوات التجربة بتركيب عدد من الأجهزة على المدمرة الأمريكية “يو أس أس ألدريدج” التي كانت ترسو في حوض بناء للسفن في مدينة “فيلادلفيا” و حين بدأت الأجهزة فى العمل يقال بحسب أولئك الذين كانوا على متن السفن القريبة منها أنهم قد شاهدوا هالة تتجمع حول المدمرة باللونين الأخضر و الأزرق و توهج ينبعث من بدن المدمرة و تراكم للضباب و في لحظة معينة أختفت السفينة تماما أمام أعين الناظرين .
و بمجرد إختفاء المدمرة أس أس ألدريدج زعم أنها عادت للظهور مرة أخرى بشكل مفاجئ و لكن فى مكان أخر حيث تم رصدها و هى تتجسد من فراغ على بعد أكثر من 320 كيلومتر في حوض “نورفولك” البحري لبناء السفن في “فيرجينيا” قبل أن تختفي مرة أخرى من مكان ظهورها و تعود الى مكانها الأساسي و من هذه الشواهد نستطيع أن نتستنتج بأن التجربة فيلادلفيا قد حققت نجاحًا باهرًا حيث لم يقتصر الأمر على جعل المدمرة غير مرئية بالكامل فحسب بل نقلتها آنيًا لمسافة أمتدت لمئات الكيلومترات و رغم تلك الشواهد الإيجابية الا أنه رافقتها ظواهر قد نستطيع القول بأنها مرعبة حيث ذكرت الوثائق العسكرية أنه عندما ظهرت المدمرة “يو إس إس إلدريدج” في “فيلادلفيا” مجددا عانى أفراد طاقمها من إصابات تتراوح ما بين الطفيفة و الكارثية و التى بدأت بالغثيان و الإرتباك و تدرجت لتصل الي الجنون و حروق من الدرجة الثالثة لكن الآثار التى كانت الأكثر إثارة للقلق تتعلق بالعثور على بعض من أفراد الطاقم مندمجين في أجزاء من السفينة كما و لو أنهم قطعة واحدة منها و بعضهم لا يزال على قيد الحياة .
و قد يتسأل البعض أنه إذا كانت التجربة فيلادلفيا قد تمت بشكل سري فكيف وصلت تفاصيلها الى الناس ؟ و الإجابة تأتي فى أنه رغم وجود العديد من الشهود الذين حضروا إختفاء السفينة و ظهورها من جديد الا أن التفاصيل لم تبدأ في الظهور بشكل مكثف سوي فى خمسينيات القرن الماضي حيث كانت جميع المعلومات المتعلقة بالتجربة فيلادلفيا مستمدة من مصدر واحد فقط و هو رجلاً أسمه “كارل ميريديث ألين” ففى عام 1956 بدأ في كتابة مئات الرسائل إلى أحد الكتاب المؤمنين بنظريات المؤامرة و الأطباق الطائرة يدعي “موريس جيسوب” و أخبره تفاصيل حول التجربة فيلادلفيا و ما حدث للمدمرة ” يو أس أس ألدريدج ” من خلال إستخدام تقنية الحقل الموحد التي لم يتم إثباتها مطلقًا و التى تتعلق بدمج نظرية النسبية العامة مع الكهرومغناطيسية مدعيا أنه شهد التجربة بنفسه أثناء عمله على سفينة تسمى “إس إس أندرو فوروسث” و عندما حاول “جيسوب” الحصول على مزيد من المعلومات منه حول ذلك الأمر لم يتمكن من تقديم أي دليل على إدعاءاته و لكن رغم ذلك بدء الكاتب فى التحري بنفسه و أصدر كتابا يحكي قصة تلك التجربة الغامضة .
و بعد ذلك تلقى مكتب البحوث البحرية ONR طرد مجهول يحمل عنوان “عيد فصح سعيد” و في الداخل كان هناك نسخة من كتاب “جيسوب” تم التعليق عليها بعدد من الملاحظات من بينها عدة إشارات إلى التجربة فيلادلفيا و في تطور غريب لم يؤد إلا إلى تأكيد حدوث تلك التجربة أخذ اثنان من العاملين فى ذلك المكتب على عاتقهما طباعة العديد من النسخ الخاصة من ذلك الكتاب الذي أصبح معروفًا في دوائر معينة باسم إصدار Varo و فى عام 1957 دعا مكتب البحوث البحرية الكاتب ” موريس جيسوب ” لتوضيح الأمور حول النسخة التى تلقوها من كتابه حيث أكد أن التعليقات التوضيحية تطابق الكتابة اليدوية في رسائل “كارل ألين” و تم التأكيد على أنه هو الذي أرسل الطرد إلى المكتب و في عام 1969 أعترف ” ألين ” بالفعل بأنه هو من قام بكتابة جميع التعليقات التوضيحية بهدف ردع “جيسوب ” على مواصلة تحقيقه فى نظريات الحقل الموحد لأن ذلك يعتبر أمر خطيرا و بدء الناس فى التساؤل عن هوية ذلك الشخص الذى يدعى ” كارل ألين ” و لفترة طويلة كانت هويته غامضة حتى عام 1980 حين كتب صحفي يُدعى “روبرت جورمان” تفاصيل عن ذلك الرجل بعد أن أجرى مقابلة مع عائلته و الذين وصفوه بأنه منعزل و خيالي كما أن له تاريخا من المرض العقلي .
و أستحوذت تجربة فيلادلفيا على خيال مجتمع المؤمنين بنظريات المؤامرة لسنوات عديدة و تم توجيه الكثير من الإستفسارات الى مكتب البحوث البحرية ONR لدرجة أنه أصدر عام 1996 بيانًا رسميًا ينفي تمامًا تلك التجربة حيث قال فى بيانه “لم يجر ONR أبدًا أي تحقيقات حول تلك التجربة سواء في عام 1943 أو في أي وقت آخر (تم إنشاء ONR في عام 1946) و في ضوء المعرفة العلمية الحالية لا يعتقد علماء ONR أن مثل هذه التجربة يمكن أن تكون متاحة إلا في مجال الخيال العلمي ” كما قدم فى نفس البيان نظريات حول أصول الأفكار الكامنة وراء مؤامرة يو إس إس إلدريدج و التجربة فيلادلفيا منها أنه ربما نشأت تلك القصة نتيجة الأبحاث التى كانت تجري حول جعل السفن غير قابلة للكشف على الرادار التى كانت تمارس فى ذلك التوقيت كما أن نظرية المجال الموحد للدكتور “ألبرت أينشتاين” لم تكتمل أبدًا و خلال الفترة ما بين 1943-1944 كان مستشارًا بدوام جزئي في مكتب الذخائر البحرية حيث أجرى أبحاثًا نظرية حول المتفجرات و الانفجارات و لا يوجد ما يشير إلى أنه كان متورطًا في بحث ذي صلة بالإخفاء أو النقل الآني .
و حتى الأن لم يتم تقديم أي دليل يدعم التجربة فيلادلفيا علاوة على ذلك فإن أي دليل تم جمعه مثل سجلات تلك المدمرة و السفن الأخرى المعنية تتناقض مع بنيان القصة فعلى سبيل المثال في التاريخ المزعوم للتجربة يوم 28 أكتوبر عام 1943 كان سجل السفينة يشير أنها كانت فى جزر البهاما تقوم بإحدي الدوريات لذلك تم إعتبار الأمر و كأنه خدعه و لفترة طويلة كان من المقبول على نطاق واسع أن التجربة فيلادلفيا كانت مزيفة و مع ذلك فقد تم إحيائها من خلال ظهور تجربة سرية أخرى مزعومة و هو “مشروع مونتوك” الذى كان بدلاً من الاختفاء هو السفر عبر الزمن و بدلاً من العالم “أينشتاين” كان العالم “تيسلا” و أرتبطت بشكل أو بأخر مع التجربة فيلادلفيا كجزء من خطة أوسع و لكن على الرغم من كل ما سبق الا أنه حتى اللحظة لا يزال هناك مؤمنين بحدوثها بل و يتزايد عددهم مع مرور الوقت .