رغم إنشاء مبني وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) منذ أربعينيات القرن الماضي الا أنه عبر تاريخه شهد حدثين مميزين أولها كان إستهدافه خلال هجمات 11 سبتمبر عام 2001 و الأخرى هى المسيرة التى نظمت من قبل مجموعة من النشطاء للتجمع أمامه و ذلك للإحتجاج على حرب فيتنام فى ستينيات القرن الماضي و تعتبر تلك الصورة التى أطلق عليها إسم المواجهة المطلقة واحدة من أهم لحظات تلك الفعالية و التى تظهر الناشطة الامريكية جان روز كاسمير و هى تحمل زهره امام جنود الحرس الوطنى الذين يواجهوها بالسلاح امام مقر ذلك المبني .
التاريخ : 21 أكتوبر عام 1967 .
المصور : الفرنسى ” مارك ريبود ” – وكالة ماجنوم للصور .
التفاصيل : ترجع خلفية صورة المواجهة المطلقة إلي قيام ائتلافًا من النشطاء المناهضين لحرب فيتنام بتنظيم العديد من المسيرات الحاشدة لمعارضة تلك الحرب و كانت واحدة من تلك الفعاليات هى ” مسيرة البنتاجون ” التى اقيمت يوم 21 أكتوبر حيث كان من المقرر الإعتصام أمامه و الإعلان عن العصيان المدنى ضد قرارات وزارة الدفاع الأمريكية لتلك الحرب حيث كانت مسيرة ضخمة ضمت أكثر من 100 الف من المحتجين الذين كانوا يهتفون ” أخرجوا من هذا المكان” و ” أطردوا الشر الذى بداخله ” و كان فى مواجهتهم أكثر من 2500 جندى يحملون البنادق و يسدون طريقهم و بطبيعة الحال إندلعت الإشتبكات بين الطرفين و ألقى الجنود و العملاء الفيدراليين قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشد أثناء محاولته إقتحام المبنى و أعتقل أكثر من 650 محتجا و تعرض الكثيرين منهم للضرب و رغم الإحتجاجات و ضخامتها الا أنها لم توقف الحرب او تغلق “البنتاجون” .
و فى تلك الأثناء كان المصور الفرنسي ” مارك ريبود ” متواجدا لتغطية ذلك الحدث و يقول فى شهادته عن ذلك اليوم أن الحشد كان كبيرا و يسير من أجل السلام و غمرت الشمس مئات الألاف من المتظاهرين الذين كانوا يقتربون الى “البنتاجون” قلعة أقوى جيش في العالم و هم فى تحدي و كان يلتقط صورًا لذلك الحدث كالمجنون و مع حلول الليل كانت تلك الصورة الأخيرة التى يعتبرها هى الأفضل لذلك اليوم حيث لاحظ وجود فتاة وحيدة تقف على بعد مسافات بسيطة من حراب الجنود المغطاة و كانت تحمل زهرة و تتحدث معهم و تحاول لفت إنتباههم و يقول أنه شعر أن الجنود يخافون منها أكثر من خوفها هى من الحراب ثم بدأ المصور فى الإقتراب منها و ألتقط الصورة التى تعتبر مزيجا فريدا من براءة الاطفال التى تجاور القوة المسلحة و سرعان ما أنتشرت فى جميع وكالات الأنباء و اصبحت أيقونية لحقبة مناهضة الحرب و عرفت بإسم المواجهة المطلقة .
أقرأ أيضا : صورة رجل الدبابة التى تم إلتقاطها فى العاصمة الصينية بكين و صنفت كواحدة من أفضل 10 صور عبر كل العصور
و نظرا لشهرة صورة المواجهة المطلقة جرت المحاولات لمعرفة هوية صاحبتها و التى كانت “جان روز كاسمير ” و هى طالبة فى إحدى المدارس الثانوية و تبلغ من العمر 17 عاما و روت لحظات تلك الصورة و تقول أنه خلال مراهقتها أمنت بالحركة المناهضه لتلك الحرب و ذهبت بمفردها الى المسيرة فى “البنتاجون” و بمجرد إقترابها مع المتظاهرين أصطف الحرس الوطني لتشكيل حاجز يمنعهم من التعدي علي المبني و كان فى ذلك الوقت هناك شخصا ما يوزع الزهور فحملت زهرة الأقحوان في يديها و تحركت ذهابًا و إيابًا و طلبت من الجنود الإنضمام إليهم حيث شعرت أن كل الجنود ما هم الا ذلك الجندى الذى أمامها مجرد إنسان بامكانها الخروج معه فى موعد غرامى و ترى أن هؤلاء الرجال ليسوا أدوات حرب بل مجموعة تنفذ الأوامر لذلك تحول الأمر من كونه رحلة ممتعة و راقية إلى واقع مؤلم و لم يكن لديها أي فكرة أن شخصًا ما قد التقط صورتها في ذلك اليوم و لكنها على أى حال بقيت في المظاهرة حتى حلول الظلام ثم ركبت الحافلة إلى المنزل و بالنسبة لها لم يكن يومًا حافلًا بالأحداث و لم تكتشف تلك الصورة إلا في الثمانينيات حين كان والدها فى زيارة إلى “أسكتلندا” و أشترى مجلة للتصوير الفوتوغرافي و فتحها ليجد إبنته فيها فكتبت الى المصور “مارك ريبود” بأنها الفتاة التي في الصورة و كتبت عنوانها و لكن لم تتلقى أى رد كما لم يبدأ الناس يهتمون بتلك الصورة و بصاحبتها إلا حين وصولها الى الأربعينيات من عمرها حيث بدأت وكالات الأنباء في الإتصال بها و تضيف بأنها لم تعرف أهمية هذه الصورة إلا بعد أن رأت تأثيرها و حينها أدركت أنها لم تكن مجرد حماقة مؤقتة منها بل كانت تقف بالفعل من أجل شئ مهم .