من المعروف أن شهر فبراير يأتي في الترتيب الثاني من السنة في التقويمين اليولياني و الجريجوري و هو الوحيد من بين باقي شهور العام الذي يتكون من 28 يومًا فقط في السنوات العادية و 29 يومًا في السنوات الكبيسة مرة كل أربعة أعوام لذلك فيعد هو الشهر الوحيد الذي يمكن أن يمر دون إكتمال القمر كما ينظر إليه بإعتباره الشهر الثالث و الأخير من موسم الشتاء في نصف الكرة الشمالي و موسم الصيف في النصف الجنوبي و أطلق عليه ذلك الإسم نسبة إلى المصطلح اللاتيني فيبريوم الذي يعني التطهير و هي طقوس كانت تمارس في يوم 15 من ذلك الشهر عند إكتمال القمر في التقويم الروماني القمري القديم , و قد يختلف إسم شهر فبراير بحسب إختلاف الثقافة حيث يطلق عليه في الإنجليزية القديمة شهر الطين و في الفنلندية هيلميكو و التي تعني شهر اللؤلؤ و ذلك نسبة إلي ذوبان الثلج بأغصان الأشجار و المتساقط علي هيئة قطرات و عندما تتجمد مرة أخرى تكون مثل لآلئ الجليد كما يطلق عليه في اللغتين البولندية و الأوكرانية لوتي و تعني شهر الجليد أو الصقيع الشديد و في اللغة المقدونية إسم سيشكو أي شهر قطع الخشب و رغم تميز شهر فبراير بعدد أيامه سواء كانت 28 أو 29 إلا أنه تواردت معلومة علي شبكة الإنترنت تشير إلي أنه في إحدي السنوات و تحديدا في عام 1712 أضافت السويد يومًا كبيسًا إضافيًا إلي تقويمها و هو ما معناه أنه أصبح هناك يوم 30 فبراير في ظاهرة فريدة لم تحدث من قبل و هي معلومة أثارت الكثير من الجدل و دفعنا نحو محاولة التأكد من تلك المعلومة .
التقييم
الأدلة
نظرًا للحقيقة المتمثلة في أن كوكب الأرض يدور أكثر من 365 مرة تقريبًا خلال مداره السنوي حول الشمس فإننا كل أربع سنوات نضيف يومًا إضافيًا إلى التقويم في عام يعرف بإسم السنة الكبيسة و ذلك لإبقائها متزامنة مع حركة الكون و هو أمر قد يمثل مشكلة كبيرة لمن يولد في يوم 29 فبراير لأنه يتعين عليه أن يمضي حياته و هو يحتفل بعيد ميلاده إما في 28 فبراير أو 1 مارس نظرا لإختفاء ذلك اليوم لعدة سنوات متتالية و مع ذلك قد يكونوا هؤلاء الأشخاص محظوظين لأن البعض قد ولد يوم 30 فبراير و هو التاريخ الذي كان موجودًا بالفعل في السويد عام 1712م .
و ترجع قصة يوم 30 فبراير إلي عام 1582م حين قدم البابا جريجوري الثالث عشر التقويم الجريجوري لتصحيح التناقضات الموجودة في التقويم اليولياني الذي كان مستخدم حينها منذ عهد “يوليوس قيصر” و بطبيعة الحال لم يكن إصلاح التقويم الذي يتم بشكل أساسي عن طريق إضافة أو طرح أيام أو أسابيع أو حتى أشهر سهلاً أو مقبولاً بسهولة من قبل السكان الذين اعتادوا منذ فترة طويلة على تنظيم شؤونهم الدينية و الرسمية و التجارية في ظل نظام آخر لذلك أستغرق الأمر عدة مئات من السنين حتى يتم إعتماد التقويم الجريجوري عالميًا و بشكل متدرج مملكة بعد مملكة و أمة بعد أمة لذلك كانت هناك مغامرات سيئة على طول الطريق و التي من بينها ما حدث في “السويد” الذين لم ينضموا إلي ذلك التقويم حتى عام 1700 م و حتى ذلك الحين تقدموا ببطء و بطريقة مجزأة و حتى عشوائية حيث قال عالم الفلك الشعبي “روسكو لامونت” :
كانت سنة 1700 سنة كبيسة حسب التقويم اليولياني و لكن ليس حسب التقويم الجريجوري و بالتالي فإن الأول من مارس عام 1700 اليولياني كان يتوافق مع 12 مارس 1700 الجريجوري و كان الفارق حينها يصل إلى أحد عشر يومًا و مع ذلك قررت السويد البقاء متأخرة بعشرة أيام فقط كما كانت منذ أكثر من مائة عام و بالتالي جعلت من عام 1700 عامًا عاديًا و كانت الأعوام 1704 و 1708 سنوات كبيسة و في عام 1712 و هي أيضًا سنة كبيسة تمت إضافة يوم آخر إلى شهر فبراير للتعويض عن اليوم المحذوف في عام 1700 و بالتالي أصبح عدد أيام عام 1712م 367 يومًا و كان شهر فبراير مكونًا حينها من ثلاثين يومًا .
و مما سبق يتضح أن “السويد” أعادت مزامنة نفسها مع التقويم اليولياني القديم بإضافة يوم كبيس إضافي في 30 فبراير عام 1712 و عليه تمت إستعادة يوم أحد عيد الفصح إلى يومه الصحيح و عندما إعتمدت البلاد أخيرًا التقويم الجريجوري بالكامل في عام 1753م كان لا بد من حذف 11 يومًا من شهر فبراير و كانت النتيجة تخطي التقويم مباشرة من 17 فبراير إلى 1 مارس من ذلك العام أي أن أحد عشر يومًا أختفت ببساطة في الهواء.
أقرأ أيضا : هل لا يستخدم الانسان سوى 10% فقط من إمكانيات عقله ؟
لذلك تخيل عزيزي القارئ أنك سويدي وُلدت في 30 فبراير 1712 متى كنت ستحتفل بعيد ميلادك؟ أو تخيل أنك “سفين هول” و “إيلنا جيبسدوتر” اللذان وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال تزوجا في “يستاد” بالسويد في 30 فبراير عام 1712 و لم يتمكنا أبدًا من الإحتفال بذكرى زواجهما في التاريخ الفعلي لبقية حياتهم .