لدي كل مدينة في العالم طقوسها و عاداتها الخاصة التي يقوم سكانها بإحيائها بشكل سنوي و في بعض من الأحيان قد ينظر إليها البعض بأنها غريبة و خارجة عن نطاق المألوف و رغم تركز أغلب تلك التقاليد في الهند و دول شرق أسيا إعتمادا علي التراث و الثقافة إلا أن أستراليا و رغم حداثتها كدولة لها نصيب أيضا من ذلك حيث يجتمع مواطني مدينة تاونسفيل الواقعة في شمال شرق البلاد يوم 29 مارس من كل عام و هم مجهزين بالقفازات و الدلاء من أجل جمع و قتل أكبر عدد ممكن من ضفادع القصب الغازية التي يمكنهم العثور عليها و ذلك في حدث سنوي مثير للجدل يعرف بإسم يوم الضفدع بهدف إيقاف تكاثرها و منع إنتشارها من أجل المحافظة علي التوازن البيئي في تلك المنطقة .
بدأ تقليد ” يوم الضفدع ” عام 2009 و هو مستوحى من حلقة تلفزيونية من مسلسل “عائلة سمبسون” بعنوان “يوم الضرب” و فيها تمت دعوة السكان لضرب أكبر عدد ممكن من الثعابين حتى الموت في يوم عرف بإسم ” يوم الضرب ” السنوي و هو ما تم تنفيذه علي أرض الواقع و لكن بإستبدال الثعابين لتحل محلها الضفادع و يرجع إستمرار القيام بهذه العادة الغريبة جزئياً إلى إهتمام عامة الناس بفعل أي شيء بشأن الوصول إلي حلول للمشاكل البيئية و في نفس الوقت و بشكل أكبر لأن المشاركين يستمتعون بذلك نظرا لأن الصيد غير جائز قانونيا في ” أستراليا ” لذلك يقوم المغرمين بالصيد و في نفس الوقت مقيدين بالقوانين بممارسة إستهداف تلك الأنواع الغازية من الضفادع بإسم الحفاظ على البيئة و بذلك يستطيعون التحايل علي القانون و في نفس الوقت ممارسة هوايتهم بشكل خالي من الذنب لأنه بذلك يساهم بالحفاظ علي البيئة .
و تتميز ضفادع القصب الغازية التي يتم صيدها في ” يوم الضفدع ” بأنها صغيرة الحجم و بطيئة في الحركة و تعد كائنات مسالمة للغاية و غير قادرة على عض أو خدش آسريهم كما يمكن للأطفال أن يقوموا بالإمساك به و حمله و لكن في ظل إشتراطات صارمة نظرا لإمتلاكه سموم قوية يستخدمها في الدفاع عن نفسه لذلك فمن الضروري علي من يقومون بإلتقاطه أن يرتدون زوجًا قويًا من القفازات لضمان عدم تعرضهم لأي مخاطر منه و يقدر عدد ضفادع القصب في جميع أنحاء “أستراليا” بأكثر من 200 مليون قابلين للزيادة و قدم تم نقلها من الأمريكتيين إلي الأراضي الأسترالية عام 1935 للسيطرة على خنافس الجعران التي تصيب قصب السكر و لكن مع مرور السنوات أنفجرت أعداد تلك الضفادع في جميع أنحاء الأجزاء الشرقية و الشمالية من كوينزلاند و أمتدت بعدها إلى مستجمعات الأنهار المحيطة بمنتزه كاكادو الوطني في الإقليم الشمالي و شمال نيو ساوث ويلز.
و رغم إقبال الكثيرين علي المشاركة في ” يوم الضفدع ” إلا أن ذلك الحدث يثير قضيتين مثيرتين للقلق أولها هو طبيعة المعاملة الإنسانية لتلك الضفادع حيث ينظر البعض إليها بأنها لم تكن هي المسئولة عن ذلك الخلل البيئي الذي ضرب المكان حيث لم تطلب الضفادع إحضارها إلى “أستراليا” لذلك فأي لوم قد يُلقى من المفترض أن يكون على أقطاب صناعة قصب السكر الذين قاموا بجلبها و عليه إذا قرر الناس إعدام ضفادع القصب فعليهم أن يفعلوا ذلك بطريقة إنسانية و لحسن الحظ من السهل تحقيق ذلك حيث يمكن وضع الضفادع في الثلاجة لبضع ساعات داخل كيس بلاستيكي حتى تنخفض درجة حرارتها ثم يتم نقلها إلي المبرد أو الفريزر لتموت متجمدة و هو أمر غير مؤلم بالنسبة لها .
و بالنسبة إلي المشكلة الثانية التي تعد هي الأكثر صعوبة فتتمحور حول عما إذا كان إعدام الضفادع في ” يوم الضفدع ” يحقق بالفعل أي مكاسب للبيئة حيث يري البعض أن القضاء عليها قد يحل المشكلة علي المدي القصير و لكن علي المدي الطويل فيعد ذلك أمر غير فعال حيث يمكن للأنثي الواحدة أن تنتج 30 ألف بيضة لذلك يمكن لتلك الضفادع أن تتكاثر بشكل أسرع لتحل محل من تم إعدامه كما أن ضفدع القصب له تأثير كبير على تلك البيئة أيضا و يعمل علي إتزانها ففي المناطق التي يعيش فيها منذ عقود تقوم الحيوانات المفترسة الأخري مثل الجرابيات و الثعابين و السحالي و التماسيح بالتغذي عليه و نظرا لأنه سام فهو يسهم بشكل أو بأخر في عدم زيادة تلك الأنواع و بالتالي عدم حدوث أي خلل بيئي .
أقرأ أيضا : مهرجان بوفيه القرود .. مهرجان تايلاندي سنوي فريد من نوعه تكون القرود فيه هم ضيوف الشرف
و رغم الحقائق التى يقولها الباحثين حول عدم جدوي ” يوم الضفدع ” علي البيئة أو الحفاظ علي التنوع البيولوجي إلا أن البعض ينظر إلي الأمر بدعوي الترفيه الشخصي كما أنه حدث يحفز العائلات على النهوض من الأريكة و الإبتعاد عن إستخدام الهواتف الذكية و الخروج إلى الحديقة الوطنية و ممارسة تلك الهواية إضافة إلي زيادة وعيهم حول أضرار عدم الإتزان البيئي و مخاطره و لذلك فربما يكون المواظبة علي إحياء ذلك التقليد ليس أمرًا سيئًا.