ترجمة نشاط الدماغ إلي نص مكتوب .. تقنية تكنولوجية ثورية تواجه تحديات أخلاقية

في عالم يتطور بسرعة مذهلة أصبحت التكنولوجيا الحديثة تلعب دورًا محوريًا في تغيير حياة البشر خاصة أولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية تصعب قدرتهم علي التواصل و من بين هذه التطورات يأتي الذكاء الإصطناعي ليكون أداةً ثوريةً لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا القدرة علي الكلام نتيجة إصابات أو أمراض حيث قام الباحثين بتطوير أداة جديدة تعرف بإسم فك الشفرة الدلالي التي يمكنها من ترجمة نشاط الدماغ إلي نص مكتوب عبر تقنية تعتمد علي التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI لمسح نشاط الدماغ أثناء إستماع المشاركين لساعات من المحتوي الصوتي و هو ما يفتح آفاقًا جديدةً لإستعادة قدرة الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية علي الرغم من مواجهتها لعدد من التحديات المتعلقة بجوانب الخصوصية و المعايير الأخلاقية .

و تتميز تقنية ترجمة نشاط الدماغ إلي نص مكتوب بأنها غير جراحية أي لا تتطلب عمليات لزرع أجهزة في الدماغ إضافة إلي أنها لا تقتصر علي كلمات محددة أو قوائم معينة بل يمكنها تفسير أفكار معقدة و مستمرة لفترات طويلة أثناء الإستماع لمحتوي صوتي ثم تقوم أداة الذكاء الصناعي بتحليل تلك البيانات و ترجمتها إلي نص مكتوب يعكس الأفكار التي تدور في عقل الشخص و أظهرت الأبحاث إلي أن الذكاء الصناعي قادر علي تفسير الأفكار بشكل شبه دقيق فعلي سبيل المثال حين سمع أحد المشاركين جملة تقول : “ذهبت إلي الطابق العلوي لغرفة النوم الخاصة بنا و لم أعرف ماذا أفعل فأطفأت الأنوار و استلقيت علي الأرض” قام الذكاء الصناعي بترجمة ذلك إلي : “عدت إلي غرفتي في السكن الجامعي و لم أكن أعرف أين سريري فإفترضت أنني سأنام عليه لكنني بدلًا من ذلك إستلقيت على الأرض ” و هذه النتائج تظهر أن تلك التقنية قادرة علي إلتقاط الفكرة العامة و إن كان النص الناتج ليس مطابقًا تمامًا للأفكار الأصلية .

ترجمة نشاط الدماغ إلي نص مكتوب .. تقنية تكنولوجية ثورية تواجه تحديات أخلاقية

و علي الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه إلا أن تلك التقنية ليست دون تحديات حيث تواجه عدد من الشواغل أبرزها المتعلقة بالجانب الأخلاقي من خلال إمكانية إستخدامها لقراءة الأفكار دون موافقة الشخص و في مقال نشرته مجلة “Nature” أشار عالم الأخلاقيات الحيوية ” جابرييل لازارو-مونيوز ” من كلية الطب بجامعة هارفارد إلي أن تطوير تقنيات غير جراحية متقدمة مثل هذه قد يكون أقرب مما كنا نتوقع و أضاف أن هذا التطور يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للسياسيين و الجمهور لضرورة البدء في مناقشة كيفية تنظيم إستخدام تلك التقنيات و مع ذلك يرى فريق أخر أن الوقت لم يحن بعد للقلق و أن التركيز يجب أن يكون علي الإمكانات الإيجابية لهذه التقنية خاصة في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية .

ترجمة نشاط الدماغ إلي نص مكتوب .. تقنية تكنولوجية ثورية تواجه تحديات أخلاقية

إقرأ أيضا : جهاز بولنسكي .. أغرب أداة في عالم ولادة الأطفال بإستخدام قوة الطرد المركزية

و في محاولة لطمأنة الناس يؤكد ” جيري تانج ” و ” أليكس هوث ” الباحثين الذين طوروا هذه التقنية أنهم يأخذون المخاوف الأخلاقية علي محمل الجد و أوضحا أن الفريق يعمل علي ضمان إستخدامها فقط عندما يرغب الأشخاص في ذلك كما أشاروا إلي أنها لا تُستخدم دون تعاون الشخص مقارنين إياها بإختبارات كشف الكذب و أكدوا علي أهمية أن تكون السياسات و القوانين جاهزة لتنظيم إستخدامها خاصة في مراحلها المبكرة لحماية خصوصية الأفراد و هو ما يضمن أنها ستُستخدم فقط لأغراض إيجابية و أضافوا إلي أن التوعية العامة بأهمية هذه التقنيات و إمكانياتها ستلعب دورًا كبيرًا في تقبلها و إستخدامها بشكل مسؤول .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *