ميزان الحرارة أو الترمومتر هو أداة تستخدم لقياس درجة حرارة الأجسام أي كانت حالتها سواء كانت صلبة كالطعام أو سائلة مثل الماء أو غازية كالهواء و تعتمد في قياسها علي ثلاث من الوحدات و هي الدرجة المئوية التي تعتبر الأكثر شيوعا و المستخدمة في جميع دول العالم بإستثناء الولايات المتحدة و بورما و ليبيريا الذين يعتمدون علي الوحدة الثانية و هي درجة الفهرنهايت إضافة إلي وحدة ثالثة و هي الكلفن و المستخدمة من قبل العلماء الذين يحتاجون إلى تسجيل درجات حرارة دقيقة للغاية لإحتوائها علي درجة حرارة الصفر المطلق أي الغياب التام لأي طاقة حرارية مما يجعل ذلك القياس ضروريًا لحساب درجة حرارة الأجسام في المناطق الباردة من الفضاء الخارجي و يمتلك ميزان الحرارة عدد من النقاط الثابته حيث تعتبر درجة الحرارة صفر دلالة علي نقطة تجمد الماء بينما 100 درجة مئوية هي نقطة غليانه و يأتي علي هيئة أشكال متعددة حيث يوجد الترمومتر السائل المعتمدة فكرته علي تمدد أحد السوائل بداخله بمعدل منتظم قابل للقياس عند تسخينه و بعد إنخفاض حرارته يبدء في التقلص و التراجع كما توجد أنواع إليكترونية تكون متصلة بمستشعرات حرارية تتغير مقاومتها بناء علي درجة الحرارة و تقوم بتحويلها لقراءة رقمية و تتنوع تطبيقات موازين الحرارة حيت تستخدم بشكل شائع في قياس درجة حرارة جسم الإنسان و في التكنولوجيا و الصناعات و الأرصاد الجوية و البحث العلمي .
و تاريخيا لم يكن ميزان الحرارة أو الترمومتر إختراعًا منفردًا بل شهد عدد من التطويرات علي مر القرون قبل أن يصل إلي شكله النهائي و مع ذلك فقد نسب العديد من المؤرخين الفضل في إختراعه إلى هيرو الإسكندرية و هو عالم رياضيات إغريقي و مهندس عاش بين أعوام (10-70 م) حيث كتب ملاحظاته أن بعض المواد لا سيما الهواء يتمدد و يتقلص مع تغيرات درجة الحرارة حيث يتسبب تمدد الهواء المتصل بأنبوب من الماء أو إنكماشه في تحريك مستوياتها على طول الأنبوب ثم بعد ذلك تم إبتكار مقاييس الحرارة و يعتقد أن الطبيب اليوناني الروماني “جالينوس” هو أول من وضع تصور لمقياس درجة الحرارة الأول من خلال الإعتماد علي نقطة ثابتة تكون هي المحايدة و علي جانبي تلك النقطة هناك أربع درجات من السخونة و البرودة على التوالي .
و مع حلول القرنين السادس عشر و السابع عشر طور العديد من العلماء الأوروبيين و كان أبرزهم “جاليليو جاليلي” و عالم الفسيولوجيا الإيطالي “سانتوريو سانتوريو” أجهزة متصلة بمصباح زجاجي مملوء بالهواء و متصل بأنبوب مملوء جزئيًا بالماء و يكون التحكم في منسوبها عن طريق تمدد و تقلص الهواء في المصباح حيث أظهرت هذه الأجهزة بشكل موثوق سخونة و برودة الهواء الموجودة في المصباح و من خلال ذلك الجهاز تم إعتماد مصطلح التنظير الحراري لأن حركة مستوى الماء تعكس التغيرات في الحرارة و في عام 1617 تم نشر أول رسم تخطيطي واضح لمنظار حراري من قبل “جوزيبي بيانكاني” و كان أول رسم بياني لها ثم بعد ذلك ظهرت كلمة ” الترمومتر ” لأول مرة في عام 1624 بواسطة ” جان ليورشون ” و هي كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية “ترمس” و تعني “ساخن” و “مترون” و تعني “قياس”.
و رغم كفاءة أجهزة ميزان الحرارة أو الترمومتر السابقة فى القياس إلا أنها عانت من حساسيتها لضغط الهواء لذلك في عام 1629 نشر “جوزيف سولومون ديلمديجو” علي ما يبدو أنه أول وصف و توضيح لأول ميزان حرارة سائل داخل الزجاج حيث وصف بأنه يحتوي على لمبة في أسفل أنبوب مرقم و مغلق و مملوءة جزئيًا بالبراندي و مع ذلك لم تدعي شركته أنها أخترعت هذه الأداة كما لم يسمي أي شخص آخر كمخترع لها و في عام 1654 أنتج ” فرديناندو الثاني دي ميديشي ” دوق توسكانا الأكبر مثل هذه الأداة و التي كانت أول أجهزة ميزان الحرارة أو الترمومتر على الطراز الحديث و الذي أعتمد على تمدد السائل المستقل عن ضغط الهواء و هكذا بدء العديد من العلماء الآخرين بتجربة سوائل أخري و وضع تصميمات مختلفة له و هو ما أدي إلي وجود معضلة تمثلت في عدم وجود مقياس موحد و لذلك بدأت بعض من المحاولات المبكرة للتوحيد القياسي من خلال وضع نقطة مرجعية واحدة مثل نقطة تجمد الماء و في عام 1665 أقترح ” كريستيان هيوجينز ” إستخدام التدرجات على أساس نقاط انصهار و غليان الماء .
و في عام 1714 أخترع العالم “دانيال جابرييل فهرنهايت” مقياس حرارة موثوق به بإستخدام الزئبق بدلاً من الكحول و بعد عشرة أعوام أقترح أن يكون هناك مقياس حرارة يحمل اسمه و في عام 1742 أقترح “أندرس سيليزيوس” مقياسًا أخر و هو أن يكون صفر عند نقطة الغليان و 100 درجة عند نقطة تجمد الماء ثم مع مرور الوقت تم عكس تلك المعايير ثم أخترع عالم الحشرات الفرنسي “رينيه أنطوان فيرشاولت دي ريومور” مقياس حرارة الكحول عام 1730 لكنه كان أقل موثوقية من الترمومتر الزئبقي لفهرنهايت و يعتبر الطبيب ” هيرمان بورهاف ” هو أول شخص يستخدم قياسات ميزان الحرارة في الممارسة السريرية و في عام 1866 أخترع السير “توماس كليفورد ألبوت” أول مقياس حرارة سريري و في عام 1999 قدم الدكتور “فرانشيسكو بومبي” أول مقياس حرارة للشريان الصدغي في العالم و هو عبارة عن مستشعر درجة حرارة غير جراحي يقوم بمسح الجبهة في حوالي ثانيتين و يوفر قياس درجة حرارة الجسم بدقة شديدة .
و كان من الملاحظ فى السابق أن ميزان الحرارة بكافة أنواعه كانت لا تحتفظ بالقياسات التي تم تسجيلها حيث كانت تتغير بعد نقلها إلى مكان أخر ذات درجة حرارة مختلفة لذلك أصبح الترمومتر الحالي مصمم للإحتفاظ بدرجة الحرارة إلى أجل غير مسمى بحيث يمكن الإحتفاظ بالقياس القديم و قراءته في وقت لاحق أو في مكان أكثر ملاءمة و لذلك تحتفظ موازين الحرارة الحالية ذات التسجيل الميكانيكي بأخر قراءة مسجلة إلي ان يتم إعادة ضبطها يدويًا عن طريق هزها كما فى حالة الترمومتر الزئبقي الموجود داخل الغلاف الزجاجي كما تم تصميم الترمومتر الإليكتروني ليبدء القياس من عند أعلي أو أدني درجة حرارة أو لتذكر أي درجة كانت موجودة في نقطة زمنية محددة.
و من أجل الحصول علي قراءة سليمة لدرجة الحرارة فيجب أن تكون المادة الحرارية المستخدمة مستوفية لعدد من الشروط أهمها أن يكون تسخينها و تبريدها سريعًا أي عندما تدخل كمية من الحرارة أو تخرج من جسم المادة يجب أن تتمدد أو تتقلص إلى حجمها و ضغطها و درجة حرارتها النهائية دون أي تأخير عملي كما يجب أن يكون تسخينها و تبريدها قابلين للإنعكاس و هذا يعني أن المادة يجب أن تكون قادرة على التسخين و التبريد مع الإستمرار في العودة إلى ضغطها و حجمها و درجة حرارتها الأصلية في كل مرة عند توقف تعرضها للحرارة كما يجب أن يكون تسخينها و تبريدها رتيبًا و هذا يعني أنه يمكن أن يتم في جميع أنحاء نطاق درجات الحرارة التي من المفترض أن تعمل من أجلها .
و تتم معايرة الترمومتر إما عن طريق مقارنته مع موازين الحرارة المعايرة الأخرى أو عن طريق فحصه مقابل النقاط الثابتة المعروفة على مقياس درجة الحرارة مثل نقاط التجمد و الغليان و كانت الطريقة التقليدية القديمة تتم علي ثلاث مراحل حيث تبدء بغمر جزء الإستشعار في خليط مقلوب من الثلج النقي و الماء عند الضغط الجوي القياسي ثم يتم تمييز النقطة المشار إليها عند وصولها إلى حالة التوازن الحراري و بعدها يتم غمر جزء الإستشعار مجددا في حمام بخار عند الضغط الجوي القياسي و تحدد النقطة المشار إليها مرة أخرى ثم تقسم المسافة بين هذه العلامات إلى أجزاء متساوية وفقًا لمقياس درجة الحرارة المستخدم .
و ترجع أهمية ميزان الحرارة أو الترمومتر لطبيعة إستخدامه فى عدد من التطبيقات المختلفة حيث تستخدم في الطرق ذات مناخات الطقس البارد للمساعدة في تحديد عما إذا كانت ظروف الجليد موجودة أم لا كما تستخدم داخل المنازل في أجهزة التحكم بدرجات الحرارة مثل التكييف و و سخانات المياه كما تُستخدم مستشعرات درجة حرارة شبكة الألياف الزجاجية في منشآت الطاقة النووية لمراقبة درجات الحرارة الأساسية للمفاعل و تجنب إحتمالية حدوث أي إنصهار نووي و يوجد أيضا موازين النانو لقياس درجة حرارة الجسيمات الأقل من ميكرومتر إضافة إلي أستخدامه في التطبيقات الطبية مثل ميزان الأذن الذي يعتمد علي الأشعة تحت الحمراء فى القياس و الترمومتر الطبي الذي يستخدم عن طريق الفم و هو عبارة عن سائل من الزئبق موجود داخل غلاف من الزجاج و في الوقت الحالي تم الإستعاضة عنه بميزان الحرارة الإليكتروني كما تستخدم أيضا في الكشف عن سلامة الغذاء بسبب أن الطعام في درجات حرارة 5 و 57 درجة مئوية قد يكون عرضة لنمو مستويات ضارة من البكتيريا تؤدي إلى أمراض منقولة عن طريق الغذاء و تعتبر موازين الطهي مهمة لتحديد عما إذا كان الطعام مطبوخًا بشكل صحيح من عدمه كما تستخدم موازين الحرارة أيضا في رصد عمليات الأرصاد الجوية المختلفة حيث يتم الإعتماد علي موازين حرارة الكحول و الزئبق و الأشعة تحت الحمراء لرصد المستويات المختلفة من درجات الحرارة الموجودة في الغلاف الجوي و المحيطات كما تستخدم الطائرات موازين الحرارة و مقاييس الرطوبة لتحديد ما إذا كانت الظروف مواتية لتكون الثلوج في الغلاف الجوي علي مسار الرحلة من أجل تجنبها .