كثيرا من نسمع عن حالات ولادة أطفال مصابين بعدد من المشكلات الطبية و التشوهات الجسدية لأسباب تتعلق بالجينات إلا أنه توجد بعض من الحالات النادرة التى دائما ما تصيب المجتمع الطبي كله بالدهشة أبرزها كانت لأمريكية تدعي ميرتل كوربين و التى ذكر أنه لم يتم تمييز عملية ولادتها بأي شيء خارج عن نطاق المألوف و أكدت والدتها أنها مرت بفترة مخاض و ولادة نموذجية بصرف النظر عن إتخاذ الطفلة وضعية المقعد للحظات كما أفاد الأطباء الذين فحصوا الطفلة بعد الولادة أنها قوية و لا تعاني من أي مشكلات و أنها تنمو بمعدل جيد و بشكل عام نستطيع القول أن الطفلة ميرتل كوربين كانت صحية و نشيطة و مزدهرة تمامًا و لكن مع وجود فارق بينها و بين أقرانها الأخرين ألا هو إمتلاكها لأربعة أرجل .
قد يكون الأمر مفاجئ للقارئ مثل ما تفاجئ الطبيب الذى أشرف على ولادة “ميرتل كوربين” فى 12 مايو عام 1868 بمقاطعة لينكولن بولاية “تينيسي” و ذلك بعد أن شهد أنها ولدت بأربعة أرجل إثنان منهم بالحجم الطبيعي و فى الداخل زوج أخر من الأرجل الصغيرة و لغرابة تلك الحالة بدء الأطباء فى دراستها لمحاولة الوصول إلي العوامل التى من الممكن أن تكون سببا في حدوث ذلك التشوه حيث قالوا أن السبب ربما يرجع إلي أن والدي الطفلة كانا على بعد 10 سنوات من العمر حيث كان الأب “ويليام إتش كوربن” في الخامسة و العشرين من عمره بينما كانت زوجته “نانسي” تبلغ من العمر 34 عامًا أما ثاني الأسباب فهو ملاحظة أن الزوجين كان لهما تشابه مذهل حيث إمتلك الثنائي شعر أحمر و عيون زرقاء و بشرة فاتحة للغاية و بدوا متشابهين لدرجة أن الأطباء قد إفترضوا أنهم أقارب بشكل أو بأخر و هو ما سبب ولادة ” ميرتل كوربين ” بذلك الوضع رغم أن الوالدين قد أنجبا سبعة أطفال آخرين و جميعهم عاديين تمامًا .
و رغم تعدد الأسباب و النظريات إلا أنه في وقت لاحق و مع تقدم العلوم الطبية تم تحديد السبب حيث أصبحت حالتها معروفة بإسم ” الديبيجوس ” و التى تحدث على الأرجح نتيجة إنقسام محور جسدها أثناء تطوره و هو ما إدي إلي ولادتها بحوضين و مع كل حوض منهم كان له إرتبط بهم مجموعتان من الأرجل واحدة بالحجم الطبيعي و الأخرى صغيرة و كانت الساقان الصغيرتان جنبًا إلى جنب محاطتين من كلا الجانبين بالقدمين الطبيعيتين رغم أن إحداهما كانت متعرجة و وفقًا للمجلات الطبية التي كتبها الأطباء الذين درسوا حالة ” ميرتل كوربين ” طوال حياتها فقد أشاروا أنها كانت قادرة على تحريك ساقيها الداخليتين الأصغر حجمًا لكنهما لم يكونا قويين بما يكفي لتمكينها من المشي و إن كان ذلك أمرا لم يكن مهمًا حيث لم يكونا طويلتين بما يكفي للمس الأرض .
و بعيدا عن الأمور الطبية فقد أستقبلت ” ميرتل كوربين ” حياتها بشكل طبيعي و بعد أن عرضها والدها علي الجيران الفضوليين مقابل سنتا من كل واحد منهم لرؤيتها أدرك أنها بمثابة كنز له و لأسرته لذلك قام بإعداد كتيبات ترويجية تصفها بأنها فتاة لطيفة مثل أشعة الشمس الصيفية و سعيدة مثل النهار الطويل كما وضع إعلانات في الصحف ليأتي الناس لرؤيتها و في عام 1881 و حين أصبحت في الثالثة عشرة من عمرها صارت تقدم عروض إستعراضية و كان يتم تقديمها إلي الناس علي أنها “فتاة تكساس ذات الأربع أرجل ” و طوال فترة عملها فى مجال الإستعراض كانت تجذب الكثير من الجمهور الذي أكسبها شعبية ضخمة ثم بدأت فى السفر و التنقل بين البلدات و المدن الصغيرة لإجراء تلك العروض بدلاً من إحضار المتفرجين الفضوليين إليها و كان ينتهي بها الأمر بربح ما يصل إلى 450 دولارًا في الأسبوع و نظرا لشهرة ” ميرتل كوربين ” المتزايدة عرض عليها رجل الاستعراض الشهير “بى تى بارنوم ” العمل لديه بعد أن سمع عنها من قبل الكثيرين و وافقت علي عرضه و عملت معه لمدة أربعة سنوات حتى أنها ألهمت العديد من رواد الإستعراضات الآخرين لإستنساخ تجربتها من خلال تقديم عروض لشخصيات مزيفة بأربعة أرجل عندما لم يتمكنوا من الحصول عليها .
و مع بلوغ ” ميرتل كوربين ” سن 18 تقاعدت عن القيام بالأعمال الإستعراضية و ألتقت بطبيب يدعى “كلينتون بيكنيل” و وقعت فى حبه و حين وصلت إلي سن التاسعة عشرة كان الإثنان متزوجان و بعد حوالي عام في ربيع 1887 أكتشفت بالصدفة أنها حامل و ذلك حين ذهبت إلى طبيب تشكو إليه من أعراض ألام في جانبها الأيسر و الحمى و الصداع و إنخفاض في الشهية و على الرغم من تشريحها الفريد أكد لها الأطباء أنه لا يوجد أى سبب طبي يمنع إستكمال الحمل و الولادة و لكن خلال الثلاثة أشهر الأولي من الحمل أصيبت بمرض خطير دفع الأطباء إلي ضرورة إجراء عملية إجهاض و لكن لحسن الحظ تمكنت لاحقا من إنجاب خمسة أطفال أصحاء ( أربعة بنات و ولد ) و بعد ذلك أستمرت حياة “ميرتل كوربين” طبيعية إلى حد ما رغم إستمرار تناول قضيتها في المجلات الطبية بجميع أنحاء البلاد لكنها حافظت على وجود هادئ بمنزلها في ولاية “تكساس” مع زوجها و أطفالها .
أقرأ أيضا : القادرة على التحدى .. قصة سيدة الشارب إليانور دومون أشهر سترونج اندبندنت وومان فى الغرب الأمريكى
و فى عام 1928 توفيت ” ميرتل كوربين ” نتيجة إصابتها بعدوى جلدية شديدة نظرا لعدم توفر المضادات الحيوية فى ذلك الوقت من الزمن و التى تجعل علاج تلك الحالة سهلة جدا كما يحدث فى تلك الأيام و وضعت داخل تابوت و بمجرد دفنه تم تغطيته بالخرسانة وسط إجرائات صارمة من قبل أقاربها حيث وقف العديد من أفراد الأسرة متيقظين أمام التابوت إلي أن تجف الخرسانة تماما كإجراء احترازي لمنع لصوص القبور من سرقة جثتها بعد أن قدم العديد من الأطباء أموال ضخمة مقابل الحصول علي جسدها للدراسة و التشريح و هو ما دفع عائلتها للتيقن من أن هناك أشخاصًا على إستعداد لبذل جهود كبيرة للحصول قطعة من جثمان ” ميرتل كوربين ” الذى كان يوما “فتاة تكساس ذات الأربعة أرجل”.