مهرجان كان هو مهرجان سينمائي سنوي يقام بمدينة كان فى فرنسا و يقوم بعرض الأفلام السينمائية الجديدة من جميع الفئات بما في ذلك الأفلام الوثائقية المنتجة من جميع أنحاء العالم و أقيمت أول فعالياته عام 1946 و هو ينظم عادة فى شهر مايو و يعتبر أحد أهم المهرجانات السينمائية الأوروبية الكبرى و واحد من الثلاثة الكبار جنبًا إلى جنب مع مهرجان البندقية السينمائي الذى ينظم في إيطاليا و مهرجان برلين السينمائي الدولي في ألمانيا بالإضافة إلى اعتبار مهرجان كان واحد من الخمسة الكبار عالميا و المكونين من المهرجانات السينمائية الأوروبية الكبرى الثلاث مضافا اليهم مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في كندا و مهرجان صندانس السينمائي في الولايات المتحدة .
تاريخ مهرجان كان
يعود تاريخ المهرجان إلى عام 1938 عندما قرر “جان زي” وزير التعليم الوطني الفرنسي بناءً على اقتراح من المؤرخ “فيليب إيرلانجر” و الصحفي السينمائي “روبرت فافر لو بريت” إقامة مهرجان سينمائي دولي حيث يعزو البعض فكرة إنشائه إلى حد كبير للرغبة الفرنسية في التنافس مع مهرجان البندقية السينمائي الذي كان في ذلك الوقت المهرجان السينمائي الدولي الوحيد و الذي أظهر افتقارًا إلى الحياد مع انحيازه الفاشي خلال تلك السنوات حيث بدا التدخل السياسي واضحًا في نسخته التى اقيمت عام 1937 عندما تدخل الزعيم الايطالى “بينيتو موسوليني” لضمان عدم فوز فيلم La Grande Illusion الفرنسي و كانت القشة الأخيرة ما حدث عام 1938 عندما نقض “موسوليني” و “أدولف هتلر” على التوالي قرار لجنة التحكيم و ذلك من أجل منح كأس موسوليني الى فيلم الحرب الإيطالي “لوسيانو سيرا” الذي تم إنتاجه تحت إشراف ابن موسوليني “كوبا” اضافة الى الفيلم الألمانى ” أوليمبيا ” الذى كان فيلم وثائقي عن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التى نظمت في برلين عام 1936 و تم إنتاجه بالتعاون مع وزارة التنوير العام و الدعاية النازية على الرغم من حقيقة أن اللوائح في ذلك الوقت كانت تحظر منح الجوائز لأفلام وثائقية .
و غضبا من تلك النتائج و كإجراء احتجاجي قرر أعضاء لجنة التحكيم الفرنسية و البريطانية و الأمريكية الانسحاب بنية عدم العودة و شجع هذا الازدراء الفرنسيين على تأسيس مهرجان أخر و في 31 مايو عام 1939 تم اختيار مدينة “كان” كموقع للمهرجان و وقع مجلس المدينة جنبًا إلى جنب مع الحكومة الفرنسية شهادة الميلاد الرسمية للمهرجان السينمائي الدولي حيث كان سبب اختيار تلك المدينة يرجع الى جاذبيتها السياحية كمدينة منتجعية و أيضًا لأن مجلس مدينتها ساهم بشكل فعال فى بناء مكان مخصص لذلك الحدث و كان من المقرر عقد النسخة الأولى من المهرجان خلال الفترة من 1 إلى 20 سبتمبر 1939 و بدء توافد العديد من نجوم هوليوود للمشاركة فيه و لكن خلال تلك الفترة غزت القوات الألمانية ” بولندا ” و سرعان ما أعلنت “فرنسا” و “المملكة المتحدة” الحرب على “ألمانيا” مما أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية و أمرت الحكومة الفرنسية بالتعبئة العامة مما حال دون استمرار المهرجان فتم إلغاؤه في النهاية .
و بعد انتهاء الحرب و فى عام 1946 أعيد إطلاق المهرجان مجددا و قدمت 21 دولة أفلامها في النسخة الأولى منه و التى أقيمت في كازينو كان و في عام 1947 عُرضت أفلام من ستة عشر دولة ثم لم يقام في عامي 1948 و 1950 بسبب مشاكل فى الميزانية و في عام 1949 تم تشييد قصر المهرجانات لهذه المناسبة على كورنيش الواجهة البحرية في “لا كروازيت” و في عام 1951 تم نقل الفعاليات لتقام فى فصل الربيع لتجنب المنافسة المباشرة مع مهرجان البندقية الذي يقام في الخريف و خلال اوائل الخمسينيات من القرن الماضي اجتذب الكثير من السياح و الصحافة و بدأ الجانب الفني للمهرجان في التطور و في عام 1954 مُنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأول مرة و فى العام التالى تم إنشاء جائزة السعفة الذهبية لتكون هى الجائزة الكبرى و في عام 1959 تم تأسيس سوق الأفلام الذى أعطى المهرجان طابعًا تجاريًا و سهل التبادلات بين البائعين و المشترين في صناعة السينما حيث أصبح المهرجان أول منصة دولية لتجارة الأفلام و مع ذلك لم تخلو السياسة من التدخل فى فعالياته حيث تم استبعاد عدد من الأفلام لأسباب دبلوماسية و هو ما دفع “جان كوكتو” رئيس لجنة التحكيم لثلاث مرات في تلك السنوات الى القول : “يجب أن يكون المهرجان أرضًا محرمة لا مكان فيها للسياسة و يجب أن يكون لقاءًا بسيطًا بين الأصدقاء”.
و فى عام 1962 ولد أسبوع النقاد الدولي الذي أنشأه الاتحاد الفرنسي لنقاد السينما كأول فعالية موازية بالتزامن مع المهرجان و كان هدفه عرض الأعمال الفنية من جميع أنحاء العالم و نقدها بشكل فنى و ليس الخضوع للميول التجارية و فى عام 1968 توقف المهرجان بعد أن قام بعض المخرجين مثل “كارلوس ساورا” و “ميلوش فورمان” بسحب أفلامهم من المنافسة و استولى المخرج السينمائي “لويس مالي” مع مجموعة من المخرجين على الغرفة الكبيرة في القصر و أوقفوا العروض تضامناً مع الطلاب و العمال المضربين في جميع أنحاء “فرنسا” و في عام 1969 أنشأ أسبوع المخرجين و هو قسم جديد غير تنافسي يناقش مجموعة مختارة من الأفلام من جميع أنحاء العالم .
و خلال فترة الثمانينيات تم بناء مبنى جديد أكبر فى الحجم يستضيف الحدث و بدأ المهرجان يتضمن أفلامًا من بلدان جديدة مثل “الفلبين و الصين و كوبا و أستراليا و الهند و نيوزيلندا و الأرجنتين” و في عام 1987 و لأول مرة في تاريخ المهرجان تم وضع سجادة حمراء عند مدخل القصر و في عام 1989 خلال المنتدى الأول للسينما و الحرية وقع مئات المخرجين من بلدان مختلفة إعلانًا ضد جميع أشكال الرقابة التي لا تزال موجودة في العالم و مع دخول الألفية الجديدة بدأ بالتركيز بشكل أكبر على التطورات التكنولوجية التي تحدث في عالم الأفلام و خاصة التقنيات الرقمية و في عام 2004 تم تقديم الأفلام التاريخية التي تم ترميمها للمهرجان على أنها كلاسيكيات كان و التي تضمنت بعض من الأفلام الوثائقية و في السنوات الأخيرة شهد بعض من المشكلات من بينها ما حدث عام 2015 خلال عرض فيلم “Heelgate” الذي تم فيه منع العديد من الحاضرات في العرض الأول من المرور على السجادة الحمراء لارتدائهن أحذية بنعل مسطح بدلاً من الكعب العالي مما دفع العديد من المشاهير لارتداء أحذية بنعل مسطح أو عدم ارتداء أحذية على الإطلاق لحضور العروض الأولى على السجادة الحمراء كنوع من التضامن و الاحتجاج .
إدارة مهرجان كان
لادارة المهرجان هيكل إدارى يبدء برئيس المهرجان الذي يمثل المهرجان أمام الشركاء الماليين و السلطات العامة و وسائل الإعلام و ينتخب من قبل مجلس إدارة المهرجان الذي يطلق عليه رسميًا اسم “الجمعية الفرنسية لمهرجان السينما” و الذى يتألف من هيئات من عالم السينما و كذلك من الهيئات العامة التي تدعم الحدث و يتمتع الرئيس بولاية مدتها 3 سنوات قابلة للتجديد و يعين أعضاء فريقه بما في ذلك المندوب العام المسؤول عن تنسيق الأحداث بموافقة مجلس الإدارة و أحيانًا يصبح الرئيس بعد ولايته الأخيرة الرئيس الفخري للمهرجان و في عام 2001 تم إنشاء وظيفتين جديدتين و هم المدير العام للإشراف على سير الحدث بسلاسة و المدير الفني المسؤول عن اختيار الأفلام اضافة الى منصب الأمين العام و هو المسؤول عن استقبال الأعمال و الأمور العملية الأخرى .
و قبل بداية كل حدث يعين مجلس إدارة المهرجان لجان التحكيم التي تتحمل المسؤولية الوحيدة عن اختيار الأفلام التي ستحصل على الجوائز و يتم اختيارهم من مجموعة واسعة من الفنانين العالميين و يتم تعيين رئيس لجنة التحكيم بعد عدة مقترحات إدارية سنوية ثم يحول الاقتراح الى مجلس الإدارة للمصادقة عليه .
برنامج مهرجان كان
يتم تنظيم المهرجان فى عدد من الفعاليات و هى :
الحدث الرئيسي
- أفلام في المنافسة – و هى الفعالية الأصلية التى تضم الأفلام المتنافسة على السعفة الذهبية .
- أفلام مختارة – فعالية تعرض فيها أفلام مختارة من ثقافات قريبة و بعيدة .
- أفلام خارج المسابقة – فعالية تعرض فيها أفلام لا تتنافس على الجائزة الرئيسية.
- عروض خاصة – فعالية تعرض فيها أفلام تختارها لجنة الاختيار و يكون لها هوية خاصة .
- أفلام قصيرة و صور متحركة – فعالية يتم فيها تقديم حوالي خمسة عشر فيلمًا قصيرًا و صورًا متحركة متوسطة الطول من مدارس السينما المختلفة .
- أفلام قصيرة – فغالية يتم فيها تقديم 10 أفلام قصيرة للتنافس فى المسابقة .
- كلاسيكيات كان – فعالية يحتفل فيها بتراث الأفلام بهدف تسليط الضوء على أعمال الماضي مع تقديم مطبوعات جديدة أو قديمة تم ترميمها .
- سينما الشاطئ – فعالية تعرض فيها أفلام كلاسيكيات كان و الأفلام خارج المنافسة للجمهور على شاطئ “ماسي ” مسبوقًا ببرنامج مخصص لموسيقى الأفلام.
فعاليات موازية
- أسبوع النقاد الدولي – و هى فعالية تركز على اكتشاف المواهب الجديدة و عرض الأفلام الروائية لمخرجين من جميع أنحاء العالم.
- أسبوعي المخرجين – فعالية تعتبر أرضًا خصبة للبحث عن المؤلفين المرموقين .
- ACID (جمعية السينما المستقلة و توزيعها)
- سينمات العالم – و هو حدث يستعرض حيوية و تنوع السينما في جميع أنحاء العالم حيث يوميا تتم دعوة دولة واحدة لتقديم مجموعة من القصص القصيرة التابعة لها احتفالًا بثقافتها الفريدة و هويتها .
الأحداث
- سوق الأفلام – و هو السوق السينمائى الأكثر ازدحامًا في العالم.
- الدروس المتقدمة – و هو حدث يتم فيه اعطاء دروس للعامة من قبل صانعي الأفلام المشهورين عالميًا.
- التكريم – و هى فعالية تكرم الفنانين المشهورين عالميًا بتقديم كأس المهرجان بعد عرض أحد أفلامهم.
- شبكة المنتجين – و هى فعالية تتيح عمل إنتاجات مشتركة دولية.
- المعارض – في كل عام يصبح فنان أو مجموعة عمل أو موضوع سينمائي محور معرض يقام على هامش المهرجان .
- الذكرى الستون – الأحداث التي نُظمت في عام 2007 مخصصة للاحتفال بالذكرى الستين للمهرجان .
جوائز مهرجان كان
الجائزة المرموقة التي تُمنح هي السعفة الذهبية لأفضل فيلم و تقسم الجوائز على النسق التالى :
جوائز الأفلام المتنافسة
- السعفة الذهبية لافضل فيلم روائى .
- السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير .
- الجائزة الكبرى للمهرجان .
- جائزة لجنة التحكيم .
- جائزة أفضل مخرج .
- جائزة أفضل ممثل .
- جائزة أفضل ممثلة .
- جائزة أفضل سيناريو .
جوائز الأقسام الأخرى
- جائزة المواهب الشابة و الأعمال المبتكرة و الجريئة .
- جوائز الأفلام الطلابية .
- جوائز أعمال المبتدئين .