مهرجان الأفاعي .. حدث سنوي إيطالي تصبح فيه الزواحف رمزًا للحماية و البركة

تعد العادات و التقاليد جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للشعوب نظرا لأنها تعكس تاريخها و معتقداتها و قيمها الإجتماعية و علي الرغم من أن بعضها قد يبدو غريبًا أو غير مألوف للثقافات الأخرى إلا أنه يحمل في طياته معاني عميقة و رمزية تعبر عن إرتباط الإنسان ببيئته و معتقداته و من بين هذه العادات الغريبة و المثيرة للإهتمام يبرز مهرجان الأفاعي أو كما يطلق عليه إسم فستا دي سيرباري و هي فعالية سنوية تقام في إيطاليا و تجمع بين الدين و التقاليد القديمة حيث فيه يتم إستعراض الأفاعي الحية في الشوارع إحياء لذكري القديس دومينيك الذي يُعتقد أنه يحمي الناس من لدغاتها وسط أجواء إحتفالية تجذب الزوار و السياح جميع أنحاء العالم .

مهرجان الأفاعي .. حدث سنوي إيطالي تصبح فيه الزواحف رمزًا للحماية و البركة
مهرجان الأفاعي .. حدث سنوي إيطالي تصبح فيه الزواحف رمزًا للحماية و البركة

و يعود أصل مهرجان الأفاعي أو فستا دي سيرباري إلي قرية كوكولو الواقعة في منطقة أبروتسو الإيطالية و يتم الإحتفال به في الأول من مايو من كل عام علي شرف القديس ” دومينيك ” و هو راهب بندكتي عاش في القرن الحادي عشر و وفقًا للأسطورة قام القديس بترك بعض أغراضه في القرية بما في ذلك سن من أسنانه و حافر من حصانه من أجل حمايتها من لدغات الأفاعي و هي متعلقات أصبحت لاحقًا رموزًا مقدسة للقرية و مع ذلك يشير بعض المؤرخين إلي أن جذور مهرجان الأفاعي ترجع إلي ما هو أبعد من المسيحية حيث يُعتقد أنه مرتبط بطقوس وثنية قديمة تعود إلي عصر المارسي و هي قبيلة إيطالية قديمة سكنت في ذلك المكان و كانت تعبد الإلهة ” أنجيتيا ” التي تُعتبر حامية من سموم الأفاعي ثم بعد إنتشار المسيحية تم دمج الطقوس الوثنية في الإحتفالات الدينية و تحولت إلي مهرجان يحتفل بالقديس دومينيك.

و تبدأ طقوس المهرجان في نهاية شهر مارس حيث يخرج صائدي الأفاعي أو السيرباري إلي الجبال للبحث عنها ثم يقومون بإصطياد الأنواع غير سامة مثل الثعبان الأقرن cervone أحد أكبر أنواع الثعابين في أوروبا و الثعبان الأسود biacco الذي يتميز بسرعة حركته و بيسا دال كولار Biscia dal Collare و هي أفعي مائية و السايتون Saettone المعروف بأنه أفعي نحيف القوام ثم بعد ذلك يتم الإحتفاظ بهم في صناديق خشبية لمدة تتراوح ما بين 15 إلي 20 يومًا و خلال هذه الفترة يتم تغذيتهم بالفئران الحية و البيض المسلوق و في صباح يوم الأول من مايو يتجمع السكان المحليين والزوار في كنيسة القديس ” دومينيك ” حيث يبدأ الإحتفال بقداس ديني و بعده يتم إخراج تمثال القديس من الكنيسة و تغطيته بالأفاعي التي تم إصطيادها و السير في موكب عبر شوارع القرية حيث تزحف الأفاعي علي التمثال و أحيانًا علي أيدي الحاملين بينما يحيط بهم السكان المحليين الذين يرتدون الأزياء التقليدية و بعد إنتهاء الموكب يتم إعادة التمثال إلي الكنيسة و إطلاق الألعاب النارية إحتفالًا بنجاح المهرجان و إطلاق سراح الأفاعي مرة أخرى في البرية حيث تعود إلي موطنها الطبيعي .

مهرجان الأفاعي .. حدث سنوي إيطالي تصبح فيه الزواحف رمزًا للحماية و البركة
مهرجان الأفاعي .. حدث سنوي إيطالي تصبح فيه الزواحف رمزًا للحماية و البركة

إقرأ أيضا : الكولاشو .. مهرجان سنوي عمره أكثر من 400 عام يقوم فيه الرجال بالقفز فوق الأطفال الرضع

و يعتبر مهرجان الأفاعي مزيجًا فريدًا من المعتقدات الدينية و التقاليد الشعبية فبالنسبة للسكان المحليين يعتقدون أن القديس ” دومينيك ” يحمي الناس من لدغات الأفاعي و الأمراض الأخرى مثل داء الكلب كما أنهم يقومون بجمع التربة المقدسة من كهف يقع خلف تمثاله إعتقادا منهم أن لها خصائص علاجية حيث يتم خلطها بالماء و شربها لعلاج الحمي و الأمراض الأخري إضافة إلي قدرتها علي حماية المنازل و الحقول من الأرواح الشريرة و رغم أن مهرجان الأفاعي يعتبر حدثًا دينيا محليا إلا أنه أصبح مصدر جذب سياحي مهم لقرية كوكولو حيث يأتي الآلاف من السياح كل عام لمشاهدة هذا الحدث الفريد مما ساهم في تعزيز الإقتصاد المحلي و الدفع بقوة نحو ترشيحه لقائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي و هذا الترشيح يعكس الجهود المبذولة للحفاظ عليه و نقله للأجيال القادمة .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *