يعتبر كوكب الأرض الذي نعيش فيه موطن للعديد من الأشياء الرائعة أبرزها المناظر الطبيعية الخلابة المنتشرة فى أرجاء المعمورة و الموجودة في الجبال و الصحاري و المحيطات و الجزر و هي أماكن ساحرة تخطف الأنظار و توفر الإلهام للإنسان من أجل صنع الإبداعات البشرية المختلفة و لكن في المقابل توجد مناطق أخري تتسم بالغموض نظرا لما تشهده من أنشطة غريبة و خارقة للطبيعة عجز العلم أمامها علي إيجاد أي تفسيرات منطقية لها و من بين تلك المناطق توجد بقعة في المكسيك أطلق عليها السكان المحليين إسم منطقة الصمت بعد أن شهدت عدد من الأحداث الغامضة و المصحوبة بظواهر غير طبيعية تمثلت في إنقطاع الإتصالات اللاسلكية عن تلك المنطقة و جعل كل من يوجد فيها معزول تماما عن العالم الخارجي و من دون أي أسباب و هو الأمر الذي أكسبها سمعة مخيفة .
و تتميز منطقة الصمت بأنها مساحة ذات سمة صحراوية تغطي ما يقرب من 50 كيلومتر مربع عند نقطة تلتقي فيها ولايات “شيواوا” و “دورانجو” و “كواويلا” و هي تبعد مسافة 650 كيلومتر تقريبًا جنوب مدينة “إل باسو” التابعة لولاية “تكساس” الأمريكية و يحد تلك المنطقة المقفرة من الشرق سلسلة جبال بارزة و تعد بلدة ” سيبايوس ” التي تقع علي بعد 40 كيلومتر هي أقرب مستوطنة حضرية منها و يتداول سكان البلدات المجاورة أساطير كثيرة عنها و رغم إثبات القليل منها إلا أن الحديث عن منطقة الصمت و ألغازها لا يتوقف و دائما ما يرافقه الشعور بالخوف و الرهبة خاصة مع وجود تأكيدات من عدة أشخاص بأنه من المستحيل إرسال أو إستقبال أي رسائل لاسلكية في ذلك المكان و بدون أي سبب بالإضافة إلي عدد من المشاهدات الغامضة الأخري .
و يُزعم أن أول الشائعات التي أرتبطت بمنطقة الصمت كانت في ثلاثينيات القرن الماضي بعد أن أضطر الطيار “فرانسيسكو سارابيا” ذات مرة إلى إجراء هبوط إضطراري بعد إصابة طائرته بعطل مفاجئ أثناء تحليقه فوقها حيث لاحظ أن آلاته تتصرف بشكل غريب كما لم تكن هي المشكلة الوحيدة التي واجهها حيث فشلت معداته اللاسلكية أيضا في إرسال أو إستقبال أي رسائل و بدا أن هناك شيء غامض يؤثر بشكل كبير علي الطائرة و بعد ذلك في وقت لاحق عام 1964 كان المهندس “هاري دي لا بينيا ” يقوم بإجراء مسح في الصحراء من أجل تشغيل خط أنابيب نفط إلا أنه أثناء مروره في ذلك المكان أيضا وجد تأثير علي إتصالاته اللاسلكية و هو ما جعله أول شخص يطلق عليها إسم “منطقة الصمت” و منذ ذلك الحين ظل المصطلح مرتبطا بالمكان و تم إستخدامه بشكل متكرر و نظرا لغرابة تلك الظاهرة قرر المهندس دراستها بشكل أكبر لذلك عاد إليها مرات عديدة إلا أنه لم يكن قادرًا على تحديد مواقع التداخل اللاسلكي بدقة .
و ما زاد من الإهتمام بمنطقة الصمت هو ما حدث بعد ذلك حيث كان العالم في تلك الفترة في ذروة الحرب الباردة و كانت قاعدة “وايت ساندز” للصواريخ الموجودة بولاية “نيو مكسيكو” في “الولايات المتحدة” تجري سلسلة من الإختبارات بإستخدام صواريخ “أثينا آر تي في” تحت إشراف القوات الجوية و الجيش الأمريكي بهدف دراسة التأثيرات علي الصواريخ عند دخولها مجددا إلي الغلاف الجوي و في يوم 11 يوليو عام 1970 أطلق صاروخ من مجمع ” جرين ريفر ” في ولاية “يوتا” و هو يحمل كبسولة مشعة من الكوبالت57 و كان من المفترض أن يسقطها في صحراء “وايت ساندز” و لكن بدلاً من ذلك حدث إضطراب غير مفهوم في مسار الصاروخ و تجاوز وجهته المقصودة بأكثر من 800 كيلومتر و أنتهى به المطاف في منطقة الصمت و طلبت الحكومة الأمريكية من السلطات المكسيكية الإذن بدخول المنطقة لإستعادة الحطام و تم السماح لها و وصل فريق أمريكي متخصص إلى الموقع و عملوا بسرعة و سرية لتأمين المنطقة و البدء في البحث عن تلك الكبسولة المشعة و حطام الصاروخ .
و بمجرد دخول الفريق الأمريكي داخل منطقة الصمت أدركوا بسرعة أن شيئًا ما يؤثر على جميع الإتصالات لذلك كان التنسيق بين الفرق صعبا للغاية و إزداد الأمر سوء بعد أن تعرضت إشارات الأقمار الصناعية الموجودة فوق المنطقة إلى إضطرابات هي الأخري و كان الإستنتاج الشائع هو أن المجالات المغناطيسية المحلية في ذلك المكان عملت بطريقة ما علي إنشاء منطقة مظلمة للتكنولوجيا الحديثة و لكن علي أي حال أستغرق البحث عدة أسابيع و نجح الأمريكيين في العثور علي الكبسولة و إسترجاع الحطام كما أجروا تنظيف إشعاعي للمنطقة بأكملها و إزالة حوالي 20 طنًا من التربة المشعة و أنتهت المهمة بنجاح و لكن الغريب في الأمر أنه لم تصدر أي تقارير رسمية تشير إلى أن الحكومة الأمريكية قد واجهت أي صعوبات في تلك المنطقة .
و بالإضافة إلى القصص المتعلقة بفقدان إشارات اللاسلكي و الإتصالات ظهرت تقارير لا حصر لها عن أحداث غير طبيعية حول منطقة الصمت مثل مشاهدات لأضواء غريبة في السماء و طائرات مستطيلة تحوم فوق المنطقة و أشخاص يظهرون من العدم تقريبًا إلا أن أغلبها لم يكن يتمتع بالمصداقية الكافية لكن ذلك لم يمنع من أن الظواهر التي تم تأكيدها بالفعل دفعت العديد من الأشخاص لمقارنتها بمناطق أخري من العالم مثل مثلث التنين القريب من “اليابان” و مثلث برمودا الشهير خاصة و أن منطقة الصمت تقع في محاذاة شبه طولية لمثلث برمودا الغامض و أهرامات الجيزة التي لا تزال مليئة بالأسرار كما يُزعم أن العديد من النيازك التي تخترق الغلاف الجوي للأرض تميل إلى الإقتراب من تلك المنطقة أيضًا بسبب تكوينها من الحديد أو المعادن أخرى و التي تنجذب إلى المجالات المغناطيسية بها و مع ذلك يشير بعض الخبراء إلى أن منطقة الصمت لم تجتذب أي شهب أكثر من المعتاد و يرجحون أن السمات الغريبة التي ترتبط غالبًا بمنطقة الصمت ترجع إلي وجود مستويات عالية من المجنتيت و اليورانيوم و الذين قد يكونوا هم المتسببين في قطع الإشارات اللاسلكية عن المكان .
و رغم صدور عدد من التفسيرات العلمية لما يحدث في منطقة الصمت إلا أن تقرير صحفي صدر عام 1975 بدء في إكسابها بعض من الغموض مرة أخري حيث أفاد أن زوجين من صيادي الحفريات قد غامروا بالدخول إلي المنطقة لجمع عينات منها و للبحث عن أي صخور قد تبدو غير عادية و أثناء عملهم كانت عاصفة ممطرة تتجه نحوهم ما دفعهم إلي التحرك من أجل تجنبها لكنهم فشلوا و بدأت الأرض حول شاحنتهم الصغيرة في التحول إلى مستنقع و تقطعت بهم السبل داخل سيارتهم و أثناء أزمتهم إقتربت منهم سيارة كان بداخلها رجلان عرضا عليهم المساعدة و كان كلاهما يرتدون ملابس متطابقة مكونة من معطف واق من المطر ذات لون أصفر و قبعة و بعد إنقاذهم أراد أحدهم أن يشكرهم على جهودهم في الإنقاذ إلا أنه تفاجئ بإختفائهم تماما و من دون أن يتركوا وراءهم الكثير من آثار أقدامهم التي كانت في الوحل كما نشر تقرير صحفي أخر في سبتمبر عام 1976 أفاد بمشاهدات جسم غامض يحوم فوق بلدة “سيبايوس” أقرب مدينة إلى المنطقة و قيل أنه قبل الساعة 9 مساءً بقليل بدأ السكان في الإبلاغ عن كائن ضخم مستطيل الشكل يحوم فوق رؤوسهم و بأنه كان يبلغ طوله حوالي 300 متر و تتناوب الأضواء الملونة حول حافته و من داخل ذلك الجسم كان من الممكن إكتشاف صوت طنين عميق بدا من الواضح بأن له تأثير ضار على كلاب البلدة حيث كان كل واحد منهم لا يتوقف عن النباح أثناء تحليقه و في النهاية أختفى في غضون ثانية أو ثانيتين .
أقرأ أيضا : ما سر الصخور العائمة برمال وادى الموت فى الولايات المتحدة ؟
و على الرغم من وجود العديد من الألغاز ذات الطبيعة الخارقة داخل منطقة الصمت إلا أن الكثير من الناس يفضلون تفسيرات أكثر علمية حيث يقول الخبراء بأنه لا يوجد أي شيء غير عادي أو خارق للطبيعة حول منطقة الصمت لكن هذا لا يعني بالضرورة أن القصص المتعلقة بفقدان الإتصالات اللاسلكية كانت خاطئة تمامًا حيث يوجد سلاسل جبلية حول المنطقة لذلك من الوارد أن تكون هي السبب في تلك التداخلات و لكن نتيجة الآثار التراكمية لقصص الإضطرابات اللاسلكية في تلك المنطقة على مر السنين إلى جانب قصة سقوط الصاروخ و العمليات السرية لإستعادة الكبسولة المشعة فقد أدي ذلك إلى ادعاءات مبالغ فيها للغاية بشأن الموقع و من الطبيعي أن يصدق الناس الأساطير فعلي مدار التاريخ دائما ما تسبق الخرافات و السحر التفكير العلمي .