يسعى الأشخاص الذين يقومون ببناء منازلهم و خاصة من الأثرياء فى أن تكون تصميماته على أكمل صورة و تحتوى مكوناته على العديد من الفنيات التى تجعله يفتخر بها وسط أقرانه الا أن ذلك التصور يختلف تماما مع ثرية أمريكية تدعى سارة وينشسترو التى قامت على مدار 40 عاما بالإشراف على بناء قصرها الذى أشتهر بإسم منزل وينشستر الغامض ليكون بمواصفات خاصة و ذلك لغرض غريب و هو إرضاء الأشباح التي اعتقدت أنها تطاردها أو حتى لتضليلها عن المكان التى تتواجد فيه لذلك ليس بغريب أن تجد بداخل المنزل سلالم تصعد لعدة درجات ثم تنتهى بشكل مفاجئ أو وجود مداخل تنتهى بنهايات مسدودة و زوايا دائرية أو أبواب صغيرة الحجم و غيرهم و كل ذلك نتيجة أن المنزل قد أقيم من دون أى رؤية معمارية و لا توجد له أى مخططات هندسية عند البناء حيث يزعم أن الأرواح هى من وضعت تلك التصميمات .
و يقع منزل وينشستر الغامض على قطعة أرض مترامية الأطراف فى مدينة ” سان جوزيه ” الواقعة بولاية ” كالفورنيا ” فى ” الولايات المتحدة ” و كان من بنات أفكار ” سارة وينشستر ” التى ولدت عام 1840 و نشأت فى أسرة ثرية و كانت تتحدث أربع لغات و تعملت فى أفضل المدارس و كان زواجها ناجحا من رجل الأعمال ” ويليام وينشستر ” التى أنجبت منه إبنة واحدة ” أنى ” الا أنها توفت حين كانت ” سارة ” فى العشرينيات من عمرها و بعد ذلك توفى زوجها بعد أكثر من عقد من الزمان و ورثت منه ثروة ضخمة تقدر بما يقرب من 20 مليون دولار ( تعادل أكثر من 500 مليون دولار في عام 2019 ) بالإضافة إلى 50% من أسهم شركته المتخصصة فى تصنيع الأسلحة التي تركت لها دخل مستمر يساوي 1000 دولار يوميا ( تعادل 26000 دولار في 2019 ) و بعد إمتلاك ” سارة ” تلك الثروة الهائلة طلبت نصيحة أحد الوسطاء الذى يزعم انه قادر على استحضار روح زوجها ” ويليام ” للإستفسار منه حول كيفية إنفاقها أو ما يجب عليها أن تفعله بحياتها و رغم أن التفاصيل الدقيقة خلال تلك الجلسة لم يعرف عنها الكثير لكن يزعم أن روح زوجها قد نصحتها بمغادرة منزلها في ولاية “كونيتيكت” و التوجه غربًا إلى “كاليفورنيا” أما فيما يتعلق بما يجب أن تفعله بأموالها فقد أجاب بأنها يجب عليها استخدام ثروتها لبناء منزل لأرواح أولئك الذين سقطوا ضحايا لأسلحة “وينشستر” خشية أن تطاردها لبقية حياتها .
و عملت ” سارة وينشستر ” بالنصيحة و في عام 1884 اشترت ما أصبح يعرف فيما بعد باسم “منزل وينشستر الغامض” الذى كان وقت بيعه لها عبارة عن مزرعة صغيرة غير مكتملة لكن ذلك تغير بسرعة بعد أن استأجرت نجارين للعمل على مدار الساعة لتوسيع المنزل الصغير إلى قصر مكون من سبعة طوابق و بسبب عدم وجود مهندس معماري فقد تم بناء المنزل عشوائياً و إضافة غرف إلى الجدران الخارجية مما أدى إلى ظهور نوافذ تطل على الغرف الأخرى و إضافة سلالم متعددة كل منها بأحجام مختلفة مما يعطي لكل سلم منهم مظهرًا مشوهًا و الغريب هو حقيقة أن العديد من التعديلات بدت بلا جدوى حيث تصعد السلالم عدة مستويات ثم تنتهي فجأة و تفتح الأبواب على جدران صلبة و تنكسر الممرات إلى زاويا و تنتهي في طرق مسدودة و خلال انشاءه أصرت ” سارة ” على أن يتم بناء المنزل حصريًا من الخشب الأحمر و مع ذلك لم يعجبها شكل الخشب لذلك أمرت بطلاءه و بحلول الوقت الذي تم فيه الانتهاء من ” منزل وينشستر الغامض ” تم استخدام أكثر من 20000 جالون من الطلاء لتغطية الخشب فقط .
و بحلول مطلع القرن أصبح لدى “سارة وينشستر” منزل أشباح عبارة عن قصر مصمم بشكل غريب و مكون من سبعة طوابق و 161 غرفة و 47 مدفأة و 10000 لوح زجاجي و بدرومين و ثلاثة مصاعد و تصميم داخلي غامض يشبه بيت المرح الموجود فى مدن الملاهى كما أحتوى ” منزل وينشستر الغامض ” على ثريات ذهبية و فضية تتدلى من الأسقف و أنتشرت العشرات من النوافذ المصنوعة من الزجاج الملون على الجدران حيث كانت واحدة منهم على وجه الخصوص تهدف إلى إنشاء تأثير قوس قزح على الأرض عندما يتدفق الضوء من خلالها و بالطبع انتهى الأمر بالنافذة على جدار داخلي و بالتالي لم يتحقق سحر التأثير المنشود أبدًا أما أعمال السباكة و الكهرباء فكانت أكثر فخامة من التركيبات و كثيرا ما كان ” منزل وينشستر الغامض ” يفتخر بالسباكة الداخلية بما في ذلك المياه الجارية الساخنة فى الصنابير و حتى إضاءة مصابيح الغاز كانت تتم بضغطة زر متوفرة في جميع أنحاء المنزل بالإضافة الى أن نظام التدفئة كان يعمل بسلاسة في جميع أنحاء المنزل و لكن لسوء الحظ في عام 1904 ضرب زلزال مدينة “سان جوزيه ” و تعرض المنزل لأضرار جسيمة و لكن بفضل أساسه العائم تم إنقاذه بأكمله من الانهيار و أزيلت الطوابق الثلاثة العلوية في النهاية تاركة المنزل بأربعة طوابق فقط كما هو اليوم .
و طوال سنوات بناء “منزل وينشستر الغامض” لم تؤكد مالكته أبدًا أنها كانت تبني منزلًا مسكونًا و مع ذلك انتشرت القصص و الشائعات في جميع أنحاء المدينة حيث أفاد المقاولين الذين عملوا في المنزل أن ” سارة وينشستر” كان تقوم بجلسات تحضير أرواح يومية مع وسطاء محليين في محاولة للوصول إلى “أرواح طيبة” و بحسب ما ورد تمت استشارة هؤلاء الأرواح لمعرفة أفضل السبل لإرضاء الأرواح التي زُعم أنها كانت تبني المنزل من أجلهم و يقال أنهم هم من كانوا ينصحون ” سارة وينشستر ” لإجراء العديد من التعديلات غير المنطقية فى ذلك المكان و بعد الانتهاء من بناءه واصلت “وينشستر” بذل الجهود لاسترضاء أرواح ضحايا بنادق زوجها او الفرار منهم فمن بين 13 حمامًا في المنزل كان هناك حمام واحد فقط يعمل في محاولة لإرباك أي أشباح ترغب في مطاردتها علاوة على ذلك كانت تنام في غرفة مختلفة كل ليلة و تستخدم ممرات سرية للانتقال من غرفة إلى أخرى حتى لا تتبعها الأرواح و هو ما جعل سكان المدينة يتهامسون حول ذلك الأمر و بعد وفاة ” سارة وينشستر ” في سبتمبر عام 1922 تركت كل متعلقاتها لابنة أختها “ماريون” التي عملت كسكرتيرة شخصية لها في وقت لاحق من حياتها و لم يتم ذكر “منزل وينشستر الغامض” في وصيتها و هو الأمر الذى زاد من غموضه و رغم أن المثمنين أعتبروه عديم القيمة بسبب تصميمه الغريب و الأضرار الناجمة عن الزلزال و البناء الطويل فقد قامت “ماريون” ببيع كل شيء فيه و باعته هو أيضا بالمزاد العلني حيث استغرق الأمر ستة أسابيع لإفراغ المنزل من جميع الأثاث و بعد افراغه تسلمه مالكه الجديد الذى اشتراه بمبلغ 135 ألف دولار و قام بفتحه للجمهور للقيام بجولات داخله .
و على الرغم من إفراغ ” منزل وينشستر الغامض ” بالكامل من متعلقاته و إعادة تأثيثه و فتحه للعمل الا أنه استمر فى حمل العديد من المفاجئات حيث كان يتردد بعض من الأقاويل خلال حياة ” سارة وينشستر ” عن وجود غرفة تخزين في منزلها مليئة بأكثر من 25000 دولار (أكثر من 300000 دولار اليوم) من الثروات غير المعروضة بما في ذلك نافذة زجاجية فريدة من نوعها تتميز بتصميم عنكبوت و في عام 2016 تم اكتشاف علية سرية و على الرغم من عدم وجود دليل على أنها كانت نفس غرفة التخزين السرية التى تحتوى على الكنز الا انه كان بداخلها جهاز ضخ و أريكة من العصر الفيكتوري و آلة خياطة و لوحات مختلفة و بعد مرور عام تم عرض الغرف التي لم تفتح للجمهور مطلقًا بما في ذلك أقسام المنزل التي ظلت غير مكتملة وقت وفاتها و رغم مرور كل تلك الأعوام الطويلة الا أن منزل سارة وينشستر لا يزال يحتفظ ببعض الأسرار و هو ما دفع الكثير من العاملين فى الحقل السينمائى فى هوليوود لمحاولة الاستفادة من قصة ذلك المنزل و تطويعها فى أفلام رعب .
أقرأ أيضا : دوامة أوريجون المكان الغامض حيث لا معنى للجاذبية فيه
و لا يزال الكثير من الخفايا حول ” منزل وينشستر الغامض ” منذ وفاة ” سارة وينشستر ” تم كشف القليل عن حياتها و الأسباب الكامنة وراء هوسها ببناءه حيث لم تكن تجرى مقابلات و لم تترك وراءها أي مذكرات و لم يكن لديها أسرة على استعداد للتحدث عنها و من حين لآخر يبلغ زوار المنزل عن شعورهم بالأرواح التي عاشت في المنزل لفترة طويلة على الرغم من أن التحقيقات من قبل مختصي الامور الخارقة لم تكتشف شيئًا بالطبع و لكن يقول البعض ان ” سارة ” ربما لم تكن تبنى المنزل للأرواح القلقة فقط و لكن لروحها هى أيضا بعد وفاتها .