قد نقرأ فى روايات الخيال العلمي أو في قصص الرعب الكثير عن المحاولات و التجارب التي تجري بغرض إحياء الموتي و إعادتهم إلي الحياة مجددا و لعل رواية فرنكنشتاين الشهيرة هي من أبرز الروايات التي ناقشت تلك الفكرة التي قد تتقبلها كقارئ علي إعتبار أن الأمر فى كل الأحوال أمر خيالي يصعب تنفيذه علي أرض الواقع لعدم إمتلاك البشر لتلك القدرات إلا أنه مؤخرا و فى ظل الثورة العلمية و التكنولوجية التي يشهدها العالم صار الكثير من الأشياء الخيالية التى نقرأ عنها أمرا واقعا و ملموسا حتى أن البعض منهم قد بدء فى التفكير حول فكرة إعادة الموتي عبر مشروع علمي مثير للجدل يطلق عليه إسم ” ري أنيما ” .
و تتمحور فكرة مشروع ” ري أنيما ” حول إجراء سلسلة من التجارب علي العديد من المرضي المتوفين سريريا لمحاولة إعادة أجهزتهم العصبية المركزية و المتوقفة عن العمل مرة أخري إلى الحياة عبر إستخدام خلايا جذعية جديدة لتحل مكان التالفة و التي يرجح أنها قادرة على ذلك خاصة بعد تسجيل ملاحظات على حيوان السمندل الذي يستطيع إعادة نمو أطرافه بالكامل مع تجديد أجزاء كبيرة من خلايا مخه حال تعرضه للإصابة و تدار تلك التجارب تحت إشراف الطبيب الهندى ” هيمانشو بانسال ” برعاية شركة ” بايوكوراك ” التي يقع مقرها بولاية ” بنسلفانيا ” في ” الولايات المتحدة ” و هى إحدي الشركات المتخصصة فى مجال التكنولوجيا الحيوية .
و يقول الرئيس التنفيذي للشركة الأمريكية ” إيرا باستور ” حول ذلك المشروع أنه يقام بغرض التعمق فى حالات الموت السريري أو الغيبوبة التي لا رجعة فيها لدي المرضي الذين يعدون فى نظر القانون الأمريكي فى عرف المتوفين علي الرغم من أنهم لا يزالون موضوعين على أجهزة دعم الحياة و هم ما يطلق عليهم مجازا مصطلح ” الجثث الحية ” حيث يهدف المشروع إلي محاولة تجديد وعيهم و نبضاتهم العصبية و إعادة تدفق الدم مرة أخرى بداخل الجسم بشكل طبيعي يؤدي إلي خروجهم من حالة الموت السريري .
و تجري تجارب مشروع ” ري أنيما ” علي عدد من المرضى الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 65 عاما و هم أشخاص توقف مخهم عن العمل و بالتالي توقفت معهم وظائفهم الحيوية مثل الوعى و التنفس إلا أنهم موضوعين تحت أجهزة دعم للحياة مثل التنفس الصناعي و غيرها و التي تساعدهم في كثير من الأحيان على تسيير الدورة الدموية و هضم الطعام و إخراجه و النمو و شفاء الجروح و حتى الحمل و الولادة و ليكون مشروع ” ري أنيما ” قانونيا تم الحصول على موافقة ضمنية من أسرهم للقيام بها حيث يقوم العلماء بحقن هؤلاء المرضي بالخلايا الجذعية مرتين في الأسبوع و بمزيج يومي من الأحماض الأمينية بالإضافة إلي إستخدام الليزر و تقنيات أخري لتحفيز الأعصاب التي ثبت بشكل فعال أنها تخرج الناس من حالات الغيبوبة و تستمر تلك التجارب على مدار ستة أسابيع مع مراقبة المرضي عدة أشهر بإستخدام أجهزة تصوير الدماغ للبحث عن أي علامات لتجدد الخلايا خاصة في المنطقة التي تتحكم في التنفس المستقل و ضربات القلب .
أقرأ أيضا : جان هيلارد معجزة طبية تعرضت لخطر التجمد لمدة ست ساعات ثم كتبت لها النجاة مجددا
و علي الرغم من تصريحات الطبيب الهندي و رئيس الشركة الحماسية إلا أن مشروع ” ري أنيما ” قد أثار الكثير من الجدل بين أوساط العلماء و الأطباء حيث هاجمه الكثير منهم و على رأسهم البروفسيرة ” أريان لويس ” الأستاذة المساعدة في علم و جراحة الأعصاب بمركز لانجون الطبي بجامعة نيويورك و أطباء أخرين حيث أشاروا إلي أن تلك التجارب ليس لها أساس علمي يمكن الإستناد عليه و أنتقدوا مصطلح ” الجثث الحية ” لتناقض معانيها إذ لا يمكن أن يكون المرء حياً و ميتاً في آن واحد بالإضافة إلي أن تلك التجارب تفسح المجال لإستغلال أفراد الأسرة و الأصدقاء الحزينين على ذويهم عبر إعطائهم أملا زائفا و حتي إذا نجحت التجارب فإن إعادة شخص ميت دماغًيا إلي حالة الحد الأدنى من الوعي فقط سيصيب أفراد الأسرة بالصدمة لأن أمالهم كانت أعلي من ذلك و لكن رغم الإنتقادات و حتي العقبات التي واجهتها لا سيما فى “الهند” حيث تجري معظم تجاربها بها إلا أن الدكتور ” هيمانشو بانسال ” و شركة ” بايوكوراك” أعلنوا أنهم فى طريقهم لإستكمال تلك التجارب و يتوقعون أنها ستمضي قدما نحو النجاح فى خلال خمس سنوات و ربما أقل من ذلك .