اذا كانت بطولة كأس العالم هى الأبرز فى لعبة كرة القدم فإن مستر أوليمبيا هى ما تضاهيها فى لعبة كمال الأجسام و هي مسابقة دولية تقام سنويًا تحت إشراف الاتحاد الدولي لكمال الأجسام و اللياقة البدنية و أنشأت على يد اللاعب الكندي جو ويدر لتمكين الفائزين ببطولة العالم من مواصلة التنافس و كسب المال حيث أقيمت أول بطولة لها منتصف الستينيات بمدينة نيويورك فى الولايات المتحدة و كان أول أبطالها هو لاري سكوت الذى حصل على لقب أول بطولتين لها على التوالي و نتيجة شهرة تلك المسابقة بدأت تتفرع منها بطولات أخرى أبرزها ميس أوليمبيا المخصصة للسيدات و مستر أوليمبيا للهواة و من أبرز أبطال تلك المسابقة هم الممثل العالمي أرنولد شوارزنيجر و روني كولمان اضافة الى البطل المصري ممدوح السباعي الشهير ببيج رامي الذى أصبح ثاني رياضي عربى يفوز بها و أولهم فوزا بها لمرتين متتاليتين .

و يرجع الفضل فى تأسيس بطولة مستر أوليمبيا الى الكندى ” جو ويدر ” الذى كان لاعب كمال أجسام و رجل أعمال شارك في تأسيس الاتحاد الدولي لكمال الأجسام (IFBB) جنبًا إلى جنب مع شقيقه “بن ويدر” حيث أنشأ تلك البطولة لضمان مواصلة أبطال العالم التنافس و جمع الأموال و أقيمت أول فعالية لها فى 18 سبتمبر عام 1965 فى أكاديمية بروكلين للموسيقى بمدينة ” نيويورك ” و فاز بها الأمريكى ” لارى سكوت ” الذى دخل التاريخ بصفته أول بطل لمستر أوليمبيا و بعد عام تمكن من المحافظة على لقبه ثم تقاعد بعدها و يدخل التاريخ مجددا ليكون هو البطل الوحيد الذي لم يخسرها على الإطلاق لصالح لاعب أخر و خلال فترة الستينيات برز فى تلك المسابقة اللاعب ” هارولد بول ” كأصغر منافس على الإطلاق يشارك في بطولة مستر أوليمبيا حيث تنافس و هو في سن 21 من عمره كما أنه هو اللاعب الوحيد الذي تنافس في جميع مسابقاتها التمهيدية .

ثم بدأت بطولة مستر أوليمبيا تأخذ منحى جديد بعد فوز المتسابق الكوبي ” سيرجيو أوليفا ” عام 1967 و الذى كان يحمل حينها لقب ” الأسطورة ” حين قدم كتل عضلية ضخمة و عروض مذهلة مكنته من الحفاظ على لقبه فى العامين التاليين 1968 و 1969 و كان هو الوحيد الذى أستطاع الفوز على اللاعب و الممثل الشهير لاحقا الأمريكي ” أرنولد شوارزنيجر ” الذى أستطاع بعدها الإطاحة به من عرش البطولة بداية من عام 1970 و حتى اعتزاله رياضة كمال الأجسام عام 1975 ثم بدأت المسابقة تشهد ظهور لاعبين جدد بداية من منتصف السبعينيات و حتى أوائل الثمانينيات مثل الإيطالي ” فرانكو كولومبو ” الذى فاز بها عام 1976 و الأمريكي “فرانك زين ” الذى فاز بها ثلاث مرات متوالية اعوام بالاضافة الى “لو فيريجنو” و “سيرج نوبريت” .

و مع بداية الثمانينيات عاد ” أرنولد شوارزينجر ” للمنافسة مجددا بعد توقف دام خمسة سنوات و تمكن من حصد لقب المسابقة عام 1980 حيث كان “شوارزنيجر” من المفترض أن يكون مشغولا بتصوير فيلمه “كونان” لكنه قد دخل متأخراً في المسابقة بشكل أربك منافسيه الذين لم يكونوا يعرفوا نواياه لذلك كان الانتصار السابع له مثيرًا للجدل بشكل خاص حيث شعر معظم المتسابقين و المراقبين الى أنه يفتقر إلى كتل عضلية كافية و لا ينبغي أن يفوز على حساب “كريس ديكرسون” أو “مايك مينتزر” و هو ما دفع عدد منهم الى مقاطعة المسابقة في العام التالي و تقاعد “منتزر” نهائيًا و فى عام 1983 فاز اللاعب اللبنانى ” سمير بنوت ” بالبطولة و يكون أول لاعب عربي يحصل عليها و فى تلك الحقبة أيضا فاز اللاعب الأمريكي ” لى هانى ” باللقب لثمانية مرات متتالية و يكون بذلك هو أكثر لاعب حصولا عليها على مدار تاريخها .

و بحلول التسعينيات فاز الانجليزي “دوريان ييتس” بالمسابقة لست مرات متتالية بداية من عام 1992 و حتى عام 1997 حيث يُنسب له الفضل في إحداث ثورة في تلك الرياضة خلال فترة تربعه على تلك اللعبة بصفته مستر أوليمبيا حيث كان يمتلك عضلات ضخمة ثم أعلن تقاعده بعد أخر بطولة له بعد عدة إصابات ألمت به و يحل محله اللاعب ” رونى كولمان ” و خلال تلك الفترة نشرت تقارير حول استخدام لاعبي كمال الأجسام لهرمونات النمو مما يجعلهم يظهرون فى المسابقات بأحجام بدنية زائدة دفعت العديد من الصحفيين للتساؤل عما اذا كان العديد من لاعبى تلك البطولة يتعاطوها خاصة اللاعب ” روني كولمان ” الذى تربع على عرش البطولة لثمانى دورات متتالية كرقم قياسي فريد من نوعه و معادلا لرقم ” لى هانى ” و ذلك لأن ” كولمان ” كان فى المركز التاسع لأخر بطولة فاز بها ” ييتس ” و فى خلال عام واحد حدث له تحسن كبير فى لياقته البدنية و عضلاته كما أنه فى تلك الحقبة و فى عام 1994 تم إنشاء مسابقة منفصلة عن البطولة الأصلية و هى ماسترز أوليمبيا و يكون فيها التنافس على أعلى المستويات بين أبطال تلك اللعبة .

و خلال فترة الألفية الجديدة و فى عام 2006 حاول ” روني كولمان ” كسر رقمه القياسي المتشارك به مع ” لى هانى ” الا انه لم يتمكن حتى من الدفاع عن لقبه و بدلاً من ذلك احتل المركز الثاني بعد الأمريكي “جاي كاتلر” الذي فاز بلقبه الأول بعد أربع سنوات متتالية من احتلاله المركز الثاني أمام “كولمان” ثم دافع “كاتلر” عن لقبه بنجاح عام 2007 وجاء “كولمان” في المركز الرابع و يعلن اعتزاله المنافسة منهياً واحدة من أكبر المنافسات في تاريخ المسابقة و في عام 2008 هزم الأمريكي “دكستر جاكسون” اللاعب “جاي كاتلر” و الذى سرعان ما استعاد لقبه منه عام 2009 ثم يحافظ عليه فى العام التالي .

و بداية من عام 2016 تم تقديم قسم جديد فى بطولة مستر اوليمبيا و هو قسم اللياقة البدنية الكلاسيكية و كان الأمريكى “داني هيستر” هو البطل الافتتاحي لها و بحلول عام 2017 فاز الأمريكي “فيل هيث” بالبطولة للمرة السابعة على التوالي و يتعادل مع رقم ” أرنولد شوارزنيجر ” ليكونوا خلف “لي هاني” و “روني كولمان” اللذين فازا بثمانية انتصارات و فى تلك البطولة أيضا حصل ممدوح السبيعي “بيج رامي” على المركز الثاني و فى عام 2018 خسر ” فيل هيث ” لقبه أمام الجاميكي “شون رودن” ليقف قطارات ألقابه عند سبعة فقط و فى نفس العام تنظم بطولة ويل تشير أوليمبيا المخصصة للمعاقين و فى عام 2020 عاد “فيل هيث” للمنافسات مجددا فى محاولة الوصول الى اللقب الثامن لكنه خسر على يد المصرى ” ممدوح السبيعي ” و الذى أحتفظ باللقب للعام التالى على التوالى فى 2021 ثم خسر اللقب عام 2022 بعد فوز الإيراني ” هادي شوبان ” .

و للمشاركة فى بطولة مستر أوليمبيا يختار الاتحاد الدولي لكمال الأجسام المتسابقين من بين المنافسين الأعلى رتبة في مختلف المسابقات المؤهلة و التى يشار إليها مجتمعة بموسم تصفيات أوليمبيا التى تستمر لمدة عام و تنتهي قبل بضعة أشهر من المنافسة و بموجب قواعد التأهل المحدثة التي أعلن عنها الاتحاد الدولي عام 2019 فمن أجل الصعود و المنافسة على معظم الأقسام يجب أن يستوفي المنافسين أحد المعايير التالية :

• أن يكون فى أحد المراكز الخمسة الأولى فى بطولة مستر أوليمبيا السابقة .
• أن يكون فائزا بأى مسابقة مؤهلة و تقام تحت إشراف الاتحاد الدولي .
• الترتيب من بين المراكز الثلاثة الأولى في إجمالي النقاط الممنوحة من المركز الثاني إلى الخامس في المسابقات التأهيلية .

و بالنسبة لأقسام معينة فى تلك المسابقة فبها أكثر من 25 مسابقة مؤهلة و ذات قواعد مختلفة قليلاً حيث يتم تأهيل الفائز السابق في أوليمبيا تلقائيًا بالإضافة إلى الفائز في كل مسابقة مؤهلة و المراكز الخمسة الأولى في إجمالي النقاط .

أما بالنسبة الى بطولة مستر أوليمبيا للهواة فهي مسابقة تنظم عالميًا لأفضل المنافسين الهواة و تمنحهم امكانية أن يكونوا لاعبين محترفين بشكل يجعلهم أقرب إلى المنافسة في بطولة مستر أوليمبيا الرئيسية و وفقًا للموقع الرسمي للبطولة فاعتبارًا من مارس 2022 يتم تنظيم الحدث في دول حول العالم مثل باكستان و دول أوروبا الشرقية و الصين و إسبانيا و البرتغال و البرازيل و كوريا الجنوبية و إيطاليا و اليابان و دول أمريكا الجنوبية و الهند و الولايات المتحدة الأمريكية .