مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) هو منتدى سياسي حكومي دولي يتألف من سبعة دول يشكلون أكبر الإقتصاديات المتقدمة في العالم لدي صندوق النقد الدولي و الديمقراطيات الليبرالية و هم الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و اليابان و إيطاليا و ألمانيا و فرنسا و كندا و يضاف إليهم الإتحاد الأوروبي بصفته عضو غير مذكور و تعتبر الدول المنضمة إلي ذلك التجمع هى قوى عظمى في الشؤون العالمية و تقام بينهم علاقات سياسية و إقتصادية و دبلوماسية و عسكرية وثيقة و منذ عام 2020 استحوذ أعضاء مجموعة الدول الصناعية السبع علي أكثر من نصف صافي الثروة العالمية بأكثر من 200 تريليون دولار أمريكي مع نسبة تتراوح ما بين 32 إلى 46 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالإضافة إلي تشكيلهم 10% من تعداد سكان العالم بنحو 770 مليون نسمة و لا تستند تلك المجموعة إلى معاهدة و ليس لها أمانة أو مكتب دائم حيث يتم تنظيم إجتماعاتها من خلال رئاسة يتم التناوب عليها سنويًا بين الدول الأعضاء حيث تقوم الدولة التي تترأس المجموعة بإستضافة الحدث و تحديد جدول الأعمال و غالبا ما تقابل تلك الإجتماعات بإنتقادات من الجماعات المناهضة للعولمة و التى تقوم بتنظيم فعاليات إحتجاجية أثناء إنعقاد جلساتها .
ما تاريخ مجموعة الدول الصناعية السبع G7
ظهر مفهوم مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم الرأسمالي قبل أزمة النفط التى حدثت عام 1973 و في 25 مارس عقد وزير الخزانة الأمريكي “جورج شولتز” إجتماعاً غير رسمي لوزراء المالية لدول ألمانيا الغربية (هيلموت شميدت) و فرنسا (فاليري جيسكار ديستان) و المملكة المتحدة (أنتوني باربر) قبل الاجتماع الرسمي في “واشنطن” العاصمة داخل مكتبة البيت الأبيض فى الطابق الأرضي و بالتالي أصبحت المجموعة المكونة من الأربعة وزراء تُعرف بإسم “مجموعة المكتبات” و في منتصف عام 1973 و أثناء إجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي و البنك الدولي أقترح “شولتز” إضافة “اليابان” و وافق جميع الأعضاء علي ذلك المقترح و أصبح التجمع غير الرسمي لكبار المسؤولين الماليين من “الولايات المتحدة” و “المملكة المتحدة” و “ألمانيا الغربية” و “اليابان” و “فرنسا” معروفًا بإسم “مجموعة الخمسة”.
و في عام 1974 شهدت الدول الخمسة تغييرات مفاجئة و مضطربة أحيانا في القيادة حيث توفي الرئيس الفرنسي “جورج بومبيدو” بشكل مفاجئ مما أدى إلى تنظيم إنتخابات رئاسية جديدة فاز بها “فاليري جيسكار ديستان” و أستقال مستشار ألمانيا الغربية “ويلي برانت” و الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” فى أعقاب فضيحة ووترجيت و رئيس الوزراء الياباني “كاكوي تاناكا” بسبب عدد من الفضائح الأخري و في “المملكة المتحدة” أسفرت الإنتخابات المعلقة إلى تشكيل حكومة أقلية أدت إلي حالة من عدم الإستقرار السياسي و بالتالي إجراء إنتخابات أخرى في نفس العام و بعد أن أستقرت الأمور قليلا أقترح خليفة “نيكسون” الرئيس الأمريكي “جيرالد فورد” إجراء إجتماعا جديدا لقادة تلك المجموعة للتعرف على بعضهم البعض بشكل أكبر .
و بمبادرة من الرئيس الفرنسي “جيسكار ديستان” و نظيره الألماني “هيلموت شميدت” أستضافت “فرنسا” القمة التى أستمرت ثلاثة أيام في نوفمبر عام 1975 و تمت دعوة “إيطاليا” إليها و أصبحت “مجموعة الستة” (G6) و ركز الإجتماع على العديد من القضايا الإقتصادية الرئيسية بما في ذلك أزمة النفط و إنهيار نظام “بريتون وودز” و الركود العالمي المستمر و أسفرت عن “إعلان رامبوييه” المكون من 15 نقطة كان أبرزها إلتزام المجموعة الموحد بتعزيز التجارة الحرة و التعددية و التعاون مع العالم النامي و التقارب مع الكتلة الشرقية كما وضع الأعضاء خططًا للتجمعات المستقبلية التي ستعقد بإنتظام كل عام و بعد ذلك أعتقد “شميدت” و “فورد” أن المجموعة بحاجة إلى متحدث باللغة الإنجليزية يتمتع بخبرة سياسية كبيرة لذلك تمت دعوة “بيير ترودو” الذي كان رئيس وزراء “كندا” لفترة أمتدت إلي ثماني سنوات و هى فترة كانت أطول بكثير من أي زعيم من المجموعة الستة بالإضافة إلي أن ” كندا ” كانت أيضًا ثاني أكبر اقتصاد متقدم بعد أعضاء G6 لذلك فعند عقد قمة “دورادو” في “بورتوريكو” في وقت لاحق من ذلك العام أصبح يطلق على ذلك التجمع الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) .
و بحلول عام 1977 دعت “المملكة المتحدة ” التي أستضافت قمة ذلك العام المجموعة الإقتصادية الأوروبية للإنضمام إلى جميع قمم مجموعة السبع و إبتداءً من عام 1981 أصبحت حاضرة في كل تجمع من خلال رئيس المفوضية الأوروبية و رئيس مجلس الإتحاد الأوروبي و منذ عام 2009 أصبح يحضر القمم بإنتظام رئيس المجلس الأوروبي الذي تم إنشاؤه حديثًا في ذلك الوقت .
و بعد إنهيار “الإتحاد السوفيتي” و أمتلاك ” روسيا ” لذلك الإرث و عقب قمة أقيمت عام 1994 في “نابولي” عقد المسؤولين الروس إجتماعات منفصلة مع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع و أُطلق على هذه الإجتماعات بشكل غير رسمي إسم “السياسة 8″ (P8) و بالعامية G7 + 1 حيث كان الحضور الروسي ممثلا فى الرئيس ” بوريس يلتسن ” بدعوة من قادة مجموعة الدول الصناعية السبع كمراقب ضيف أولا و لاحقًا كمشارك كامل و بعد إجتماع عقد عام 1997 تمت دعوة “روسيا” إلى الإجتماع التالي ثم أنضمت رسميًا إلى المنتدي عام 1998 مما أدى إلى ظهور مجموعة الدول الصناعية الثمانية (G8) علي الرغم من أن إمكانيات ” روسيا ” كانت لا ترقي إلي ذلك المستوي لإفتقارها إلى الثروة الوطنية و الوزن المالي مقارنة بالأعضاء الآخرين كما أنها لم تكن ذات ديمقراطية ليبرالية راسخة لذلك كان يعتقد أن دعوتها كانت برغبة مدفوعة في تشجيع الإصلاحات السياسية و الاقتصادية الجارية فيها و بعد ذلك تم تعليق عضويتها في مارس عام 2014 ردًا على ضمها لشبه جزيرة القرم ثم أعرب قادة المجموعة عن إنفتاحهم و رغبتهم في إعادة “روسيا” إلي المجموعة لكنها أعلنت رحيلها الدائم عام 2017 و في العام التالي أعلنت مجموعة السبع فرض مزيد من العقوبات عليها لتدخلها في “أوكرانيا” و في عام 2020 دعا الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بدعم من رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” إلى عودة “روسيا” و لكن رفض جميع الأعضاء الآخرين ذلك الاقتراح كما لم تبدى روسيا أي اهتمام بذلك .
ما هى أنشطة و مبادرات مجموعة الدول الصناعية السبع G7 ؟
كان الغرض الرئيسي من تأسيس مجموعة الدول الصناعية السبع هو تسهيل مبادرات الإقتصاد الكلي المشتركة إستجابةً للمشاكل الإقتصادية المعاصرة حيث كان محور الإجتماع الأول هو أزمة الطاقة في السبعينيات و الركود العالمي الذي أعقب ذلك و منذ عام 1975 أصبحت المجموعة تجتمع سنويًا في مؤتمرات تنظمها و تستضيفها أي دولة تشغل منصب الرئاسة الدورية و منذ عام 1987 أصبح يجتمع وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع على الأقل بشكل نصف سنوي و ما يصل إلى أربع مرات في السنة كإجتماعات فردية و إبتداءً من الثمانينيات وسعت المجموعة مجالات إهتمامها لتشمل قضايا الأمن الدولي و حقوق الإنسان و الأمن العالمي و خلال تلك الفترة كان إهتمامها منصبا علي الحرب الإيرانية العراقية المستمرة و الإجتياح السوفيتي لأفغانستان و في التسعينيات أطلقت برنامجًا لتخفيف عبء الديون عن 42 دولة فقيرة مثقلة بالديون كما قدمت 300 مليون دولار للمساعدة في بناء هيكل فوق المفاعل المتضرر في أعقاب كارثة تشيرنوبل و أنشأت منتدى الإستقرار المالي للمساعدة في إدارة النظام النقدي الدولي .
و بحلول مطلع القرن الحادي والعشرين بدأت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في التأكيد على مساعدة العالم النامي و في قمة عام 1999 ساعدت المجموعة في إطلاق مجموعة العشرين و هو منتدى مشابه يتألف من مجموعة السبع مع الإقتصادات الثلاثة عشر الأكبر التالية (بما في ذلك الاتحاد الأوروبي) من أجل تعزيز الحوار بين البلدان الصناعية الكبرى و دول الأسواق الناشئة و قد تم الترويج لمجموعة العشرين من قبل بعض أعضائها كبديل لمجموعة السبع و في أعقاب الأزمة المالية العالمية عامي 2007-2008 و التي كانت هى الأسوأ من نوعها منذ السبعينيات أجتمعت مجموعة الدول السبع مرتين في “واشنطن” العاصمة و في “روما” و أفادت وسائل الإعلام أن معظم دول العالم كان تتطلع إلى تلك الإجتماعات من أجل الوصول إلي حلول لتلك الأزمة حيث تعهد وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع بإتخاذ جميع الخطوات الضرورية لوقف الأزمة و وضع خطة عمل جادة تضمنت توفير عمليات تمويل مالي من القطاع العام للبنوك المعرضة لخطر الفشل.
و في السنوات اللاحقة واجهت مجموعة الدول الصناعية السبع العديد من التحديات الجيوسياسية التي دفعت بعض المحللين الدوليين إلى التشكيك في جدوي تلك المجموعة و أقترحوا إستبدالها بمجموعة العشرين و في مارس عام 2014 أدانت المجموعة ” روسيا ” بسبب إنتهاكها لسيادة “أوكرانيا” و سلامتها الإقليمية و أعلنت التزامها بحشد المساعدة التقنية السريعة لدعمها ثم أستمرت في إتخاذ موقف قوي ضد الروس في “أوكرانيا” و أماكن أخرى حول العالم كما دعت المجموعة “روسيا” إلى التصدي لهجمات الجرائم الإلكترونية الدولية التي تُشن من داخل حدودها و التحقيق في إستخدام الأسلحة الكيماوية ضد زعيم المعارضة الروسي “أليكسي نافالني” كما شهدت قمة يونيو 2021 إلتزام مجموعة الدول الصناعية السبع بمساعدة العالم على التعافي من جائحة كورونا بما في ذلك خطط المساعدة في تطعيم العالم بأسره بالإضافة إلي تشجيع المزيد من الإجراءات ضد تغيرات المناخ الناجمة عن الإحتباس الحراري و تعزيز القيم المشتركة للتعددية و الديمقراطية و في عام 2022 تمت دعوة قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لحضور قمة استثنائية لحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) إستجابة للغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 .
و شهد إجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع G7 ببرلين في مايو 2022 تعهدات من قبل وزراء المناخ و الطاقة و البيئة لإزالة الكربون من قطاعات الكهرباء بحلول عام 2035 كما أكدوا علي إلتزامهم بالتخلص التدريجي النهائي من توليد الطاقة بالفحم لكنهم لم يعطوا موعدًا نهائيًا و أستند قرارهم ذلك إلى خلفية الحرب الروسية الأوكرانية الجارية و التي أعطت شعور بضرورة تسريع الإنتقال إلى مصدر طاقة أنظف كما تعهدت سابقا عام 2019 بتقديم مبلغ 20 مليون دولار أمريكي لمساعدة “البرازيل” و دول أخرى في أمريكا الجنوبية علي مكافحة الحرائق التى إجتاحت غابات الأمازون و علي الرغم من أنه تم الترحيب بهذه الأموال الا أنه كان ينظر إليها على نطاق واسع كمبلغ صغير نسبيًا نظرًا لكبر حجم المشكلة .
كيف تنظم القمة ؟
تكون الدولة التى تتولى رئاسة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبري هي المسؤولة عن تنظيم و إستضافة قمة العام و التى تكون بشكل دوري لذلك يمكن القول أن كل دولة تستضيف تلك القمة مرة كل سبع سنوات حيث يجتمع رئيس الحكومة أو الدولة العضوة جنبًا إلى جنب مع رئيس مفوضية الإتحاد الأوروبي و رئيس المجلس الأوروبي سنويًا في قمة المجموعة السبع كما يلتقي مسؤولين كبار آخرين على مدار العام لمناقشة عدد من القضايا التى تتبع تخصصاتهم و غالبًا ما تتم دعوة عدد من ممثلي الدول الأخري و المنظمات الدولية كضيوف .