لكل إنسان طريقته فى الإحتجاج على أى شئ يدور حوله و أبرز الأساليب المعروفة تتراوح ما بين إطلاق الهتافات أو تنظيم وقفات إحتجاجية أو المشاركة فى تظاهرات خلال مسيرات سلمية و إذا تطور الأمر ربما قد يصل إلي إضرابات عن الطعام أو الدعوة إلي التوقف عن العمل و العصيان المدني الا أن شخصا فى الخمسينيات من عمره و يعيش فى الهند و يدعى مانى مانيثان كان له رأيا أخر حينما قرر الإحتجاج على عالم يسوده العنف و سفك الدماء بطريقة سلمية و لكنها فريدة من نوعها و هو أن يمشى فى الشوارع على قدميه و لكن بخطوات إلى الخلف و ليس إلي الأمام كما يفعل البشر .
و يعيش ” مانى مانثان ” فى قرية ” تيروباتور” في ولاية “تاميل نادو” جنوب “الهند” حيث يبدء يومه فى الصباح بالخروج من منزله و هو يرتدى ردائه الابيض و حذائه الرياضى و ملامحه الجادة و يبدء فى المشى بخفة الى الخلف و يشق طريقه عبر الشوارع حتى يصل الى الطريق الرئيسى و أثناء مشيه يلقى نظرات خاطفة خلف كتفه بين الحين و الاخر ليتأكد من عدم وجود أى معوقات فى طريقه حتى يصل الى مكان عمله و هو متجر يمتلكه لخدمات الهواتف المحمولة و الذى يتحرك فيه بنفس الشكل .
و بحسب ما نشر فقد أتخذ ” مانى مانثان ” ذلك الأسلوب الغريب من الحياة بعد أن شهدت البلاد العديد من المذابح القبلية و الطائفية خلال فترة الثمانينيات و التى اسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا و يقرر فى 14 من يونيو عام 1989 حين كان يبلغ من العمر أنذاك 21 عاما أن يمضى باقى حياته و هو بذلك الشكل كرد فعل منه للإحتجاج على العنف الذي يتزايد في جميع أنحاء العالم حيث تتقاتل البلدان و الشعوب فيما بينها و هو الأمر الذى يؤدى الى الكثير من إراقة الدماء في كل مكان لذلك هو أختار ذلك الأسلوب ليس لإدارة ظهره الى العنف كما يظن البعض و لكن لجذب إنتباه الناس إلي تلك المأسى و جعلهم يفكرون في طرق فعالة لتحقيق السلام العالمي حيث قام فى ذلك العام بقطع مسافة تجاوزت 450 كيلومترًا مشيا بذلك الشكل من “تيروباتور” إلى “تشيناي” للإحتجاج على العنف الطائفي الذي هز أجزاء من البلاد فى ذلك الوقت .
و لم تقتصر شهرة ” مانى مانيثان ” و أسلوبه الإحتجاجى على نطاق بلدته فقط بل أنتشرت فى جميع أنحاء “الهند” و فى بلاد اخرى و أجرت بعض من وسائل الإعلام المحلية و العالمية لقائات صحفية معه كما أنه متحدث منتظم حول القضايا النووية و البيئية حيث يحمل شهادات عليا في اللغة الإنجليزية و علم الاجتماع و يحل ضيفا فى العديد من الدول حيث دعته منظمة عدم إنتشار الأسلحة النووية فى “اليابان” عام 2014 للمشاركة فى فعالياتها من خلال إلقاء محاضرات حول منع إنتشار الأسلحة النووية و ضرورة الوحدة العالمية و التوافق حيث قرر أن يسير في شوارعها أيضا بنفس الأسلوب الذى لفت إنتباه الكثيرين الذين أوقفوه ليسألوه عن سبب ذلك .
و يقول ” مانى مانيثان ” أنه رغم إيمانه بذلك الأسلوب الا أنه لم يكن سهلا عليه بل تسبب له بالعديد من المشاكل حيث أن مدخل بيته منخفضا قليلا و نتيجة لمشيه بشكل عكسي فهو معتاد على إصطدام رأسه به بالإضافة إلى كثرة إصطدامه بالناس و المركبات البطيئة مثل الدراجات و التكاتك الا أنه و لحسن الحظ لم يسفر أي منهم عن وقوع حادث كبير كما أن العديد من أهل قريته لم يدعموا الفكرة بل على العكس سخروا منه و أتهموه بالجنون .
و لم يقتصر أسلوب ” مانى مانيثان ” على المشى العكسى كوسيلة إحتجاج فقط بل كان يضيف إليه أسلوبا أخر و هو الصمت و عدم التحدث حيث كان وقتها يتواصل مع الأخرين كتابة و أستمر فى صمته حتى عام 2006 حين قرر الترشح لمنصب رئيس الجمهوريه حيث أعتقد أن تلك هى أفضل طريقة لإيصال رسالته للسلام و الحب والتفاهم بين الناس حول العالم لكن نتيجة عدم إنطباق الشروط كاملة عليه للترشح فلم يستطيع خوض غمارها و مع ذلك أستمر في التعبير عن أفكاره بذلك الاسلوب الغريب .
أقرأ أيضا : إختطاف الشباب العازب بغرض إجبارهم على الزواج .. ظاهرة إجتماعية غريبة أصبحت تواجهها
و نظرا لإعتياد ” مانى مانيثان ” المشى بشكل عكسى لسنوات طويلة فقد أصبح المشى بالطريقة المعتادة أمرا يمثل تحديا له الا انه يشعر بالإرتياح لذلك الأسلوب و يقول أن حياته كانت مليئة بالنضال و التضحيات و الإنجازات و الاحتجاجات لذا ليس لديه أى مشكلة في مواصلة مشيه إلى الخلف حتى يتحقق السلام العالمى رغم معرفته أنه أمر لن يكون من السهل تحقيقه الا أنه على أى حال سعيد لقيامه بواجبه و جذب الانتباه إلى هذه القضية .