من أهم الخصائص التى تميز المسابقات الرياضية سواء كانت قتالية او تنافسية عبر مضمار أو ساحات هى التكافوء بين اللاعبين و ذلك لضمان منافسات عادلة بينهم نظرا لأنه من الصعب ان يتبارى رجل و امرأة او رجلين مختلفى الطول و الوزن او يكون السباق بين إنسان و حيوان فى لعبة واحدة و ذلك لإختلاف الصفات التشريحية بينهما و لكن يبدو أنه لكل قاعدة شواذ و ذلك فى مسابقة تنافسية سنوية تنظم فى شهر يونيو من كل عام بالمملكة المتحدة و تحديدا فى إمارة ويلز تعرف بإسم ماراثون الرجل فى مواجهة الخيول و فيه يتنافس المشاركين بالجرى ضد فرسان على ظهور خيلهم لمسافة طويلة تبلغ 35 كيلومتر مكونة من طرق و ممرات و تضاريس جبلية و لا يقتصر السباق داخل ويلز فقط و لكنه ينظم أيضا فى مناطق أخرى مثل أسكتلندا و نيوزلاندا و الولايات المتحدة و الغريب فى الامر أنه أحيانا قد يتغلب الإنسان على الحيوان رغم الفارق الكبير فى القدرات بينهم .
و يرجع تاريخ ماراثون الرجل فى مواجهة الخيول الى عام 1979 عندما شارك ” جوردون جرين ” و هو مالك لإحدى الحانات فى نقاش مع رجلين حول أحد تلك الأسئلة الافتراضية عن القوة النسبية للرجال و الخيول كعدائين فوق التضاريس الجبلية و أيهم أسرع حيث أصر “جرين” على أن الإنسان يمكن أن يهزم حصانًا في سباق طويل و لإثبات وجهة نظره قام بتنظيم ذلك الماراثون عام 1980 و على مدار الأربع و عشرين عامًا التالية أكتشف أنه يخسر ذلك الجدل لأن راكبي الخيل كانوا يتركون ورائهم العدائيين البشريين بمسافات كبيرة و لكن تغير الأمر عام 2004 حين فاز رجل بريطاني بالماراثون و يُدعى “هوو لوب” و أحرز زمن قدره ساعتين و 5 دقائق و 19 ثانية و تغلب على حصان اسمه “كاي بي جاي” بما يزيد قليلاً عن دقيقتين و حصل فى النهاية على جائزة قدرها 25000 جنيه أسترلينى و بعد ثلاث سنوات تفوق أيضا الألماني “فلوريان هولزينجر” على الخيول و بفارق 11 دقيقة كاملة ثم عادت الغلبة الى الخيول مجددا حتى عام 2022 حين فاز البريطانى ” ريكى لايتفوت ” بالماراثون فى عودة جديدة لسيطرة الإنسان .
و يتكون ماراثون الرجل فى مواجهة الخيول بالعدو البطيء للرجال أولا صعودا عبر التلال على طريق طويل ثم المرور على سلسلة من المستنقعات العميقة التى تصل مستواها الى الركبة و بعدها عبور الأنهار و بعد مرور 15 دقيقة تبدء الخيول فى المشاركة هى الأخرى و فى أغلب الأوقات تلحق بالعدائيين و تتجاوزهم و في منتصف الطريق يتعين على الخيول المشاركة حضور فحص بيطري لضمان صحتهم علاوة على منح المتسابقين أيضًا ميزة صغيرة لالتقاط الأنفاس و محاولة تعويض الفوارق و فى عام 2009 حدث بعض من الجدل حين قام المنظمين بخصم الوقت الذي تقضيه الخيول في الفحوصات البيطرية بالاضافة إلى خصم توقيت 15 دقيقة من وقت الانطلاق المتأخر للخيول و هو ما تسبب فى انتصار الخيول بشكل كاسح على العدائيين الذين قاموا بالإحتجاج على النظام الجديد لعدم توفيره العدالة بينهم و بين الخيول و هو ما أجبر المنظمين على العودة الى القواعد السابقة .
و لا يقتصر ماراثون الرجل فى مواجهة الخيول على الرجال فقط حيث شاركت “آن كينج” كأول امرأة تخوض السباق و ذلك في عام 1981 و بعدها بعام حدث تعديل طفيف فى مضمار السباق ليكون أكثر وعورة لإضفاء مزيد من التكافوء بين الإنسان و الحصان و في عام 1985 تم السماح لأول مرة لراكبي الدراجات بالمنافسة أيضًا و المشاركة فى الماراثون حيث خسرت البطلة الأمريكية للدراجات “جاكوي فيلان” بفارق ضئيل أمام الفائز الذى كان الحصان كالمعتاد و لكن فى عام 1989 تغلب الدراج البريطاني “تيم جولد ” على أول حصان بفارق ثلاث دقائق و كانت هي المرة الأولى التي يتعرض فيها حصان للخسارة على يد إنسان في السباق حتى و إن كان يقود دراجة قبل أن يلحق به العدائيين بداية من عام 2004 .
أقرأ أيضا : نادي أكسفورد للرياضات الخطرة الراعي الرسمي للألعاب المثيرة و الخطيرة
و من الملاحظ أنه كل عام يزداد الإقبال على ماراثون الرجل فى مواجهة الخيول حيث يشارك حاليا فيه ما يقارب من 600 عداء و 40 حصان بالتزامن مع زيادة قيمة الجائزة بمعدل ألف جنيه إسترلينى كل عام لتحفيز العدائيين على الفوز كما أحبت وسائل الإعلام تغطية أخبار الماراثون و بدأت شركات المراهنات بالمشاركة فى ذلك الحدث بعد أن كان إهتمامها به فاترا فى البداية لأن النتائج كانت محسومة لصالح الخيول و لكن بعد إنتصار الإنسان فى عدد من النسخ أصبح الأمر مثيرا للإهتمام بالنسبة الى المراهنين .