كوكب المشتري هو خامس أقرب كوكب الى الشمس فى ترتيب المجموعة الشمسية و أولها من حيث الحجم فهو ضخم جدا لدرجة أن كتلته أكبر بمرتين و نصف من كتلة جميع الكواكب الأخرى مجتمعة و يعتبر ثالث ألمع جسم طبيعي في سماء الأرض ليلاً بعد القمر و الزهرة و هو كوكب غازى يحتمل وجود نواة صخرية من العناصر الثقيلة بداخله لكنه مثل الكواكب العملاقة الأخرى في النظام الشمسي يفتقر إلى سطح صلب و يتميز بأنه ذات سرعة دوران مرتفعة جدا تعمل على تكوين شكله الكروى المفلطح حيث يحتوى سطحه على خطوط و دوامات من سحب باردة و عواصف من الأمونيا و الماء و التى تطفو في بيئة من الهيدروجين الذى يعتبر هو المكون الأساسى لذلك الكوكب بجانب غاز الهيليوم الذى تعادل كميته ربع كتلة الكوكب و عُشر حجمه , كما يوجد على سطح كوكب المشترى بقعة حمراء ضخمة تمثل عاصفة عملاقة ذات حجم أكبر من كوكب الأرض و التى هبت على سطحه منذ مئات السنين , كما يتميز بوجود حلقات كوكبية مثل جاره زحل و لكنها تختلف بأنها خافتة جدا و تتكون من الغبار و ليس الجليد و هو ذات غلاف مغناطيسي قوي يغطي تقريبًا كامل المسافة إلى مدار زحل و يمكن رصده من الأرض و يتميز بأن لديه مصدر حرارة داخلي تنبعث منه طاقة أكثر مما يتلقاه من الشمس .
و سمى ” كوكب المشترى ” Jupiter بذلك الإسم نسبة الى ملك الألهة الرومانين بإعتباره هو الأكبر حجما فى كواكب المجموعة الشمسية حيث تم اعتماد اسمه رسميا عام 1976 من قبل الاتحاد الفلكي الدولي و قد لوحظ وجوده فى السماء منذ عصور ما قبل التاريخ بسبب ضخامته و هو كوكب يتبعه 79 قمرا و ربما أكثر من ذلك بكثير منهم أربعة أكتشفهم العالم الشهير “جاليليو” فى القرن السابع عشر احدهم ذات حجم أكبر من كوكب عطارد بينما الثلاثة الأخرون أكبر من حجم قمر الأرض و يعتقد بعض علماء الفلك أن أحد أسباب كون الأرض صالحة للسكن هو أن جاذبية المشتري القوية هى التى تحمينا من المذنبات طويلة المدى بعد دخولها الى مجموعتنا الشمسية من روافدها الخارجية حيث يقوم بقذف معظم تلك المذنبات الى خارج النظام الشمسى مجددا قبل أن تقترب من الأرض و بدون وجود ذلك الكوكب كانت تلك المذنبات ستكمل طريقها الى كوكبنا بشكل متكرر محدثة اصطدام كارثى قد يكون مهددا للحياة و لكن فى الوقت نفسه يشيرون ان الحماية ليست بشكل كامل لأن جاذبيته تعمل على التأثير فى الكويكبات الموجودة فى الفضاء و يقوم بدفعها بإستمرار نحو الشمس بشكل قد يكون احداها فى اتجاه الأرض .
ما حجم و مسافة كوكب المشتري ؟
يبلغ نصف قطر “كوكب المشتري” 69.911 كيلومترًا و هو أكبر 11 مرة من كوكب الأرض و اذا عقدنا مقارنة بأن كوكبنا سيكون بحجم العملة المعدنية فإن المشترى سيكون بحجم كرة السلة , كما يبعد عن الشمس بمتوسط مسافة تبلغ 778 مليون كيلومتر و هى تعادل 5.2 وحدة فلكية ( المسافة من الشمس إلى الأرض ) و نتيجة ذلك البعد فيستغرق ضوء الشمس ما يقارب من 43 دقيقة للانتقال من الشمس إلى سطح المشتري .
ما هو مداره و دورانه ؟
كوكب المشتري لديه أقصر يوم في المجموعة الشمسية كلها حيث يستغرق اليوم الواحد فيه حوالي 10 ساعات فقط (الوقت الذي يستغرقه المشتري للدوران حول نفسه دورة كاملة ) كما يقوم بدورة كاملة حول الشمس في حوالي 12 سنة أرضية (4333 يومًا أرضيًا) .
و يميل خط الاستواء بالنسبة لمساره المداري حول الشمس بمقدار 3 درجات فقط و هى درجة ضئيلة تعنى أن “كوكب المشتري” يدور بشكل عمودي تقريبًا لذلك فليس لديه مواسم متطرفة مثل الكواكب الأخرى .
كيف تشكل كوكب المشتري ؟
تكون “كوكب المشتري” خلال فترة تشكل باقي المجموعة الشمسية منذ حوالي 4.5 مليار سنة عندما سحبت الجاذبية الغاز و الغبار الملتف إلى الداخل ليصبح ذلك العملاق الغازى الذى استحوذ على معظم الكتلة المتبقية بعد تشكل الشمس و انتهى به الأمر بأكثر من ضعف المادة المركبة للأجسام الأخرى في النظام الشمسي و أستقر فى موقعه الحالى كخامس كوكب قربا من الشمس و في الواقع يحتوي “المشتري” على نفس مكونات النجوم لكنه لم ينمو بالقدر الكافي ليشتعل .
بناء المشتري
يشبه تكوين “كوكب المشتري” الشمس فمعظمه من الهيدروجين و الهيليوم و نتيجة زيادة الضغط و درجة الحرارة به فيتم ضغط غاز الهيدروجين ليكون على الصورة السائلة و يعتقد العلماء أنه في أعماق ذلك الكوكب و تحديدا في منتصف المسافة إلى مركزه يصبح الضغط كبيرًا جدًا بحيث تنضغط إلكترونات ذرات الهيدروجين بشكل يجعله موصلًا كهربائيًا مثل المعدن و يُعتقد أن الدوران السريع لكوكب المشتري يقود تلك التيارات الكهربائية في هذه المنطقة لتوليد المجال المغناطيسي القوي للكوكب و لا يزال من غير الواضح عما إذا كان كوكب المشتري يحتوي على نواة مركزية من مادة صلبة أو سائلا سميكًا و حارًا و كثيفًا حيث يرجح أن درجة حرارة تلك النواة قد تصل الى 50000 درجة مئوية و مصنوعة في الغالب من معادن الحديد والسيليكات .
و نظرا لأن ” كوكب المشترى ” يعد عملاق غازى فليس له سطح حقيقي حيث يكون في الغالب من الغازات و السوائل التى تحوم حوله و هو ما يجعل من الصعب استكشافه عن قرب نظرا لعدم وجود مكان تهبط فيه اى مركبة فضائية اضافة الى انها لن تكون قادرة على الطيران عبره سالمة لأن الضغوط الشديدة و درجات الحرارة العميقة داخل الكوكب تسحق و تذوب و تبخر المركبات الفضائية التي تحاول الطيران إلى الكوكب .
و يظهر شكل ” كوكب المشتري ” كنسيج من الشرائط و البقع السحابية الملونة و يرجح أن ذلك الكوكب الغازى يحتوي على ثلاث طبقات سحابية متميزة في سمائه تمتد بسمك 71 كيلومترًا حيث من المحتمل أن تكون السحابة العلوية مصنوعة من جليد الأمونيا بينما تتكون الطبقة الوسطى على الأرجح من بلورات الهيدروكبريتيد الأمونيوم بينما الطبقة الأعمق من جليد الماء و البخار كما قد تكون الألوان الزاهية التي تراها في الشرائط السميكة عبر المشتري عبارة عن أعمدة من الغازات المحتوية على الكبريت و الفوسفور التى تتصاعد من باطن الكوكب الأكثر دفئًا حيث يؤدي الدوران السريع للمشتري إلى حدوث تيارات نفاثة قوية تعمل على تحويل غيومه إلى أشرطة داكنة .
و نتيجة عدم وجود سطح صلب فى ” كوكب المشترى ” فمن المرجح أن تستمر البقع الموجودة به لسنوات عديدة حيث تجتاح العواصف ذلك الكوكب برياح قد تصل سرعتها الى 539 كيلومترًا في الساعة عند خط الاستواء أما البقعة الحمراء العظيمة فهي عبارة عن دوامة بيضاوية من السحب يبلغ عرضها ضعف مساحة الأرض و قد رصدت على الكوكب العملاق منذ أكثر من 300 عام , و فى الوقت الحالى أظهرت النتائج التى تم الحصول عليها من مسبار “جونو” التابع لوكالة ناسا صورة أوضح لما يحدث تحت تلك الغيوم حيث أظهرت البيانات أن الأعاصير الحلزونية للمشتري تكون أكثر دفئًا في الأعلى مع كثافة أقل في الغلاف الجوي بينما تكون أكثر برودة في الأسفل مع كثافة أعلى و تكون الأعاصير المضادة التي تدور في الاتجاه المعاكس أكثر برودة في الأعلى و لكنها أكثر دفئًا في الأسفل كما تشير النتائج أيضًا إلى أن هذه العواصف أطول بكثير مما كان متوقعًا حيث يمتد بعضها الى 100 كيلومتر تحت قمم السحب و البعض الآخر بما في ذلك البقعة الحمراء العظيمة يمتد الى أكثر من 350 كيلومترًا .
و بجانب الأعاصير و الأعاصير المضادة يشتهر “كوكب المشتري” بأحزمة و مناطق مميزة على شكل شرائط بيضاء و حمراء من السحب تلتف حول الكوكب و يفصل بين تلك الشرائط رياح شرقية – غربية قوية تتحرك في اتجاهات متعاكسة تصل إلى أعماق تقدر بحوالي 3200 كيلومتر و لا يزال الباحثين يحاولون حل لغز كيفية تشكل تلك التيارات النفاثة و بجانب الاكتشافات السابقة فقد تم رصد أشكال متعددة الأضلاع لأعاصير عملاقة في كلا من قطبي كوكب المشتري منها ثمانية مرتبة في نمط مثمن في القطب الشمالى و خمسة مرتبة في نمط خماسي بالجنوبى حيث يقول العلماء أن هذه الأعاصير مثل الموجودة على الأرض تريد التحرك نحو القطب لكن الأعاصير الموجودة في مركز كل قطب تدفعها للخلف .
هل له غلاف مغناطيسى ؟
فى علوم الفضاء يوجد مصطلح يطلق عليه اسم “الغلاف المغناطيسي لجوفيان” و هى منطقة من الفضاء تتأثر بالمجال المغناطيسي القوي لكوكب المشتري و الذى تتراوح مسافته ما بين 1 إلى 3 ملايين كيلومتر باتجاه الشمس و يتناقص بشكل تدريجي إلى ذيل يمتد أكثر من مليار كيلومتر خلف المشتري و يعتبر المجال المغناطيسي الهائل الصادر من كوكب المشتري اقوى بنسبة تتراوح ما بين 16 إلى 54 مرة من قوة المجال المغناطيسي للأرض و هو مجال يدور مع الكوكب و يكسح الجسيمات التي لها شحنة كهربائية بالقرب منه كما يحبس أسرابًا من الجسيمات المشحونة و يسرعها إلى طاقات عالية جدًا تؤدى الى تدمير المركبات الفضائية اضافة الى ذلك فيتسبب ذلك المجال في حدوث بعض الشفق القطبي الأكثر روعة في النظام الشمسي عند قطبي الكوكب.
هل يمكن الحياة على كوكب المشتري ؟
يعتبر “كوكب المشتري” بيئة غير صالحة للحياة التى نعرفها فمن المرجح أن تكون درجات الحرارة و الضغوط و المواد التي تميز ذلك الكوكب قاسية للغاية و متقلبة بحيث يتعذر على الكائنات الحية التكيف معها و فى حين أن ذلك كوكب من المستحيل العيش فيه فإن الأمر نفسه قد لا ينطبق على بعض من أقماره العديدة فالقمر “يوروبا” يعتبر واحدا من أكثر الأماكن احتمالا للعثور على الحياة فيه عن أى مكان أخر فى المجموعة الشمسية حيث يوجد أدلة باحتوائه على محيط شاسع تحت قشرته الجليدية التى من الممكن ان تدعم الحياة .
أقرأ أيضا : هل يمكن إجراء عملية جراحية فى الفضاء فى وسط تنعدم فيه الجاذبية ؟
ما هى المركبات الفضائية الخاصة بالمشتري ؟
بينما كان كوكب المشتري معروفًا منذ العصور القديمة الا أن العالم “جاليليو جاليلي” هو أول من قام بتدوين ملاحظات تفصيلية لهذا الكوكب في عام 1610 ميلادية باستخدام تلسكوب صغير و في الآونة الأخيرة تمت زيارة المشترى من خلال مرور المركبات الفضائية و المسابير من حوله حيث كانت “بايونير 10 و 11” و “فوييجر 1 و 2” هم أول من حلقوا بالقرب من كوكب المشتري في السبعينيات و بعدها تم ارسال المسبار “جاليليو” للدوران حول ذلك العملاق الغازى و الذى أسقط مسبار في غلافه الجوي كما التقطت المركبة “كاسيني” صورًا تفصيلية للمشتري و هى في طريقها إلى زحل المجاور كما قامت المركبة “نيوهورايزونز” بالتقاط صور اخرى أثناء طريقها إلى “بلوتو” و “حزام كايبر” و أيضا مركبة الفضاء “جونو” التابعة لناسا و التي وصلت إلى نظام “جوفيان” في يوليو عام 2016 و تدرس حاليًا الكوكب العملاق من مداره .