الملكة كليوباترا السابعة هي واحدة من أكثر الشخصيات النسائية غموضًا و شهرة في التاريخ بعد أن حكمت مصر خلال فترة كانت هي الأكثر إضطرابا في عصرها حيث وُلدت في عهد أسرة البطالمة المقدونية ثم أصبحت إمرأة تقود في عالم يهيمن عليه الرجال بعد أن تميّز حكمها بالطموح و الذكاء و الحنكة السياسية بسبب إتباعها لإستراتيجية قائمة علي الإستفادة من كاريزمتها و ذكائها و جمالها و التي ساعدتها في التعامل مع شبكة معقدة من السياسات الرومانية و المصرية من خلال إقامتها لعلاقات جمعت بين المصالح الشخصية و السياسية مع إثنين من أقوى قادة روما و هم يوليوس قيصر و مارك أنطوني كما كانت حياتها من أجل تعزيز مكانتها مليئة بالتناقضات بعد أن إحتوت علي مزيجًا من السلطة و الجاذبية بجانب إهتمامها بالتقاليد المصرية و التراث المقدوني و رغم أن قصتها كانت مليئة بالمكائد و الأحداث الدرامية إلا أنها في الوقت نفسه ظهرت كملكة ذات رؤية واضحة و قائدة واجهت تحديات سياسية و إقتصادية غير مسبوقة .
حياة كليوباترا المبكرة
وُلدت ” كليوباترا ” السابعة المعروفة أيضًا بلقب “ثيا فيلوباتور” عام 69 قبل الميلاد و كانت آخر حاكمة من سلالة البطالمة التي بدأت بعد وفاة ” الإسكندر الأكبر ” عام 323 قبل الميلاد بعد أن أسّس ” بطليموس الأول ” أحد قادة الإسكندر هذه السلالة التي ظلت تحكم مصر لثلاثة قرون متواصلة حيث كانت مصر البطلمية في ذروتها واحدة من أعظم القوى في العالم حيث كان والد ” كليوباترا ” هو الملك ” بطليموس الثاني عشر ” بينما ظلت هوية والدتها غير مؤكدة وسط فرضيات تشير إلي أنها قد تكون شقيقتها ” كليوباترا الخامسة ” التي حملت إسم ” تريفينا ” .
حكمها مصر
بعد وفاة ” بطليموس الثاني عشر ” عام 51 قبل الميلاد ورثت ” كليوباترا ” البالغة من العمر 18 عامًا العرش مع شقيقها الأصغر ” بطليموس الثالث عشر ” البالغ من العمر 10 سنوات و من المرجح أنهما تزوجا وفقًا للتقاليد السائدة آنذاك و خلال تلك الفترة واجهت ” مصر ” أزمات إقتصادية و صعوبات ناجمة عن الفيضانات و المجاعات إلي جانب إندلاع إضطرابات سياسية أدت إلي نشوء خلافات بينها و بين شقيقها بشكل أدي لنفيها إلي ” سوريا ” حيث جمعت هناك جيشًا لتستعيد به العرش و عادت إلي ” مصر ” عام 48 قبل الميلاد و واجهت شقيقها في معركة عند حدود الإمبراطورية الشرقية .
علاقة كليوباترا و يوليوس قيصر
خلال إندلاع الصراعات السياسية في ” مصر ” كان علي الجانب الأخر من البحر المتوسط صراع داخلي مشتعل في روما هو الأخر بين ” يوليوس قيصر ” و ” بومبيوس ” الذي لجأ إلي ” مصر ” لكنه قُتل بأوامر من أخيها ” بطليموس الثالث عشر ” في الوقت الذي تبع ” قيصر ” خصمه إلي ” مصر ” و هناك إلتقى ” كليوباترا ” التي إستطاعت كسبه إلي جانبها و بفضل دعمه العسكري تمكنت من هزيمة قوات شقيقها في معركة النيل مما مكّنها من إستعادة عرشها كحاكمة وحيدة ثم رافقت ” يوليوس قيصر ” إلي روما و لكن سرعان ما عادت إلي ” مصر ” بعد إغتياله عام 44 قبل الميلاد.
كليوباترا و مارك أنطوني
و مع حلول عام 41 قبل الميلاد إستدعى ” مارك أنطوني ” الملكة ” كليوباترا ” للإجابة عن أسئلة تتعلق بولائها لقيصر و عند وصولها ظهرت بأسلوب مبهر أثار إعجابه مما أدى إلي نشوء علاقة رومانسية جمعت بينهما و خلال تلك الفترة كان ” مارك أنطوني ” مثل ” يوليوس قيصر ” يخوض صراعًا علي السلطة في ” روما ” أمام منافسه ” أوكتافيان ” الذي أصبح لاحقًا الإمبراطور أغسطس لذلك وجد ” أنطوني ” في ” كليوباترا ” شريكًا قويًا يوفر له الدعم المالي و العسكري و في المقابل سعت ” كليوباترا ” من خلال ذلك التحالف إلي استعادة أراضي مصر الشرقية و في عام 31 قبل الميلاد تلاقي الخصمان ” مارك أنتوني ” و ” أوكتافيان ” في معركة أكتيوم البحرية و التي إنتهت بإنتصار الأخير و إلحاق الثنائي هزيمة قاسية أجبرتهما علي العودة إلي ” مصر ” .
وفاتها
عقب الهزيمة إعتقد ” أنطوني ” خطأً أن ” كليوباترا ” ماتت فأنهى حياته و بعد أيام من وصولها خبر وفاته لحقت به هي الأخري منتحرة و رغم أن الطريقة الدقيقة لموتها لا تزال مجهوله لكن يعتقد أنها كانت بسبب لدغة من أفعي سامة و حتى اليوم لم يُعثر علي مقبرتها هي و ” مارك أنطوني ” مما يجعل مكان دفنهما أحد أعظم ألغاز التاريخ .
و عقب وفاتها تركت ” كليوباترا ” إرثا تاريخيا كبيرا بعد أن أصبحت رمزًا للقوة و الدهاء في مواجهة التحديات لذلك ألهمت حياتها الأدباء و الفنانين علي مر العصور و من أبرز الأعمال المسرحية التي تناولت قصتها مسرحية شكسبير “أنطوني و كليوباترا” كما ظهرت في العديد من الأفلام أبرزها فيلم أنتج عام 1963 و أدّت فيه ” إليزابيث تايلور ” دور تلك الملكة الأسطورية.
مقتطفات من حياة كليوباترا
- كانت ” كليوباترا ” متعددة اللغات حيث يُقال إنها تحدثت تسع لغات علي الأقل بما في ذلك المصرية القديمة و اليونانية.
- رغم أن أسرتها كانت من أصل مقدوني إلا أنها كانت الحاكمة البطلمية الوحيدة التي تعلمت و تحدثت اللغة المصرية القديمة.
- أنجبت ” كليوباترا ” إبناً من ” يوليوس قيصر ” يُدعى “قيصريون”، و ادّعت أنه الوريث الشرعي الوحيد لقيصر.
- كثيرًا ما كانت تُصور و تقدم نفسها كإلهة خاصة على هيئة الإلهة المصرية ” إيزيس ” .
- استخدمت الرموز و الأساطير لتشكيل صورتها كملكة قوية تجمع بين القوة و الأنوثة و الإلهية.
- رغم التحديات الإقتصادية و السياسية عملت علي تحسين الإقتصاد المصري و تطوير البنية التحتية و تعزيز مكانة مصر كقوة إقليمية.