المحاماة هى رسالة سامية تهدف بالأساس الى الدفاع عن المظلومين و الحصول على حقوقهم و لكن مثل أى مهنة أخرى قد تحدث بها إنحرافات و محاولة تبرئة حتى المدانين و من أجل الوصول الى ذلك المسعي يقوم قلة منهم بعدد من الإجرائات التى تستند على بنود القانون و أحيانا ثغراته و البعض الأخر يعمل خارج ذلك الإطار من خلال الإعتماد على أساليب شرعية أو غير شرعية و ذلك لمحاولة إقناع القضاة الذين سيحكمون فى أمر تلك القضية و لكن أحد المحامين الأمريكيين و يدعي كليمنت فالانديغام ذهب الى أبعد من ذلك حين دفع حياته ثمنا لمحاولة تبرئة موكله المتهم فى إحدى جرائم القتل حين أطلق النار على نفسه أثناء محاولته تمثيل الجريمة و الوصول الى أى ثغرة قد تساعده فى تلك القضية .
دارت أحداث تلك القصة الغريبة في ” الولايات المتحدة ” خلال شهر يوليو عام 1871 و كان بطلها عضو الكونجرس السابق “كليمنت فالانديغام” الذى يعمل محامياً في مدينة “لبنان” بولاية “أوهايو” و يدافع عن “توماس ماكجيهان” المتهم بقتل رجل يدعى “توم مايرز” خلال شجار حدث داخل إحدى الحانات حيث كان يسعي المحامي لمحاولة إثبات أن موكله لم يطلق النار و لكن الضحية هى من أطلقت النار على نفسها عن طريق الخطأ و بعد إجراء بعض من اختبارات المقذوفات في تلك الليلة بدأ “كليمنت فالانديغام” و رفاقه العودة إلى الفندق حيث لاحظ واحد منهم وجود ثلاث طلقات فى مسدس “كليمنت فالانديغام” و قام بتنبيهه و نصحه بضرورة التخلص منهم لمنع وقوع أى حوادث او اطلاق النار على نفسه الا أن ” فالانديغام ” أجابه بإستخفاف بأنه لا يوجد خطر من ذلك لأنه حمل و تدرب على إستخدام المسدسات لفترات طويلة لذلك فلا توجد خشية من حمله .
و وصل الجميع الى الفندق و دخل ” كليمنت فالانديغام ” الى غرفته بصحبتهم و وضع المسدس المحشو على طاولة بجوار مسدس أخر خالي من الطلقات كان قد تم استخدامه في وقت سابق بالمحكمة و بدء فى التوضيح لزملائه المحامين كيف يمكن لتوم مايرز الضحية أن يطلق النار على نفسه عن طريق الخطأ و خلال شرحه امتدت يده لتسحب المسدس المحشو الموضوع على الطاولة عن طريق الخطأ و وضعه في جرابه ثم سحبه للخارج فليلا حتى وصلت الفوهة الى بطنه قائلا لهم بأن تلك الوضعية هى التى كان عليها “مايرز ” و بشكل لا إرادي لمست يده الزناد و أنطلق وميض أعقبه صراخ منه قائلا “يا إلهي … لقد أطلقت النار على نفسي!” و سقط على الأرض مدرجا فى دمائه .
و على مدار الـ 12 ساعة التالية أو نحو ذلك كان ” كليمنت فالانديغام ” مصابًا بجروح قاتلة و حاول الجراحين الوصول الى الرصاصة و إستخراجها و لكن دون جدوي و بينما كان الأصدقاء و المراسلين و المتفرجين يدخلون و يخرجون في محاولة لمساعدته و تهدئته تم إعلام المدان “توماس ماكجيهان” بذلك الخبر و أصطحب من زنزانته لزيارته حيث بكى عندما شاهده على ذلك الوضع و سرعان ما تمت تبرئته بعد إقتناع الجميع بمدى صدق نظرية محاميه التى دفع حياته ثمنا لها و من المفارقات أن موكله “ماكجيهان” مات هو الأخر بعد أربع سنوات في إطلاق نار داخل حانة أخري و بشكل لا يختلف كثيرا عن تلك التي تمت تبرئته منها .
أقرأ أيضا : جورج باروت .. قصة الرجل الذى تحول الى حذاء
و مات ” كليمنت فالانديغام ” و كانت أخر كلماته و هو على فراش الموت “قد أكون مخطئًا .. لكنني من أشد المؤمنين بتلك العقيدة القديمة الجيدة في تحديد الأقدار” و لكن رغم وفاته الفريدة الا أنه تم تجاهلها فى سيرته داخل الكونجرس حيث كتب أنه توفى فى مدينة ” لبنان ” بولاية “أوهايو” يوم 17 يونيو عام 1871 و فقط رغم ان سجله كعضو داخله خلال الفترة من 1858 و حتى 1863 كان حافلا حيث كان مناهضا للحرب الأهلية و دافع عن حقوق الدول في مسألة العبودية كما قدم عددًا لا يحصى من الانفتاحات الداعمة للكونفدرالية فى الجنوب و مؤيدا لانفصال ولايات “أوهايو و كنتاكي و إنديانا و إلينوي” عن الولايات المتحدة الا أن مسعاه نحو ذلك قد فشل و انسحب من السياسة و عاد الى ولاية ” أوهايو ” لممارسة مهنة المحاماة و في غضون بضع سنوات مات بإطلاق النار على نفسه .