كالفين جراهام .. قصة أصغر جندي أمريكي يشارك في الحرب العالمية الثانية

رغم مشاركة ملايين الأفراد من مختلف الجنسيات في الحرب العالمية الثانية إلا أن القليلين منهم هم من تصدروا أخبارها و أصبحوا رموز أيقونية لها إما لأعمال بطولية قاموا بها أو أن طبيعة مشاركتهم كانت خارجة عن نطاق المألوف لذلك كان من الطبيعي أن ينال الجندي كالفين جراهام إهتمام وسائل الإعلام و يتصدر إسمه في سجلات تلك الحرب نظرا لأنه كان أصغر أمريكي يخدم في جيش الولايات المتحدة عام 1942 عن عمر يناهز 12 عاما و شارك في عدة معارك شرسة علي طول مسرح عمليات المحيط الهادئ أمام اليابان و خلالها كان له العديد من الأعمال البطولية التي حصل بموجبها علي وسامي النجمة البرونزية و القلب الأرجواني .

كالفين جراهام .. قصة أصغر جندي أمريكي يشارك في الحرب العالمية الثانية

ولد كالفين جراهام في 3 أبريل عام 1930 في مدينة ” كانتون ” بولاية ” تكساس ” و حين كان في الحادية عشرة من عمره، بدأ العمل في مجال الحلاقة إقتناعا منه بأن ذلك سيجعله يبدو أكبر سنًا مما كان عليه كما تدرب على التحدث بصوت عميق متظاهرًا بأنه يتحدث كرجل و علي الرغم من أن سلوكه كان منطقيا تمامًا بالنسبة لصبي يريد أن يصبح بالغًا إلا أن دوافعه كانت فريدة من نوعها لأن ” كالفين جراهام ” سعي للإلتحاق في الجيش الأمريكي و المشاركة و القتال في الحرب العالمية الثانية عقب الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور حيث كان في تلك الأثناء قد إنتقل مؤخرًا إلى منزل داخلي مع شقيقه هربًا من والده الذي يسيء معاملته و من منزل العائلة المزدحم للغاية و خلال تلك الفترة عمل في العديد من الوظائف من أجل العيش و نادرًا ما كان يري والدته لذلك و نتيجة إستقلاليته فلم يكن هناك أي عائق في رغبته الإنضمام إلي المجهود الحربي عندما كان في عمر 12 عامًا فقط .

كالفين جراهام .. قصة أصغر جندي أمريكي يشارك في الحرب العالمية الثانية

و رغم رغبة ” كالفين جراهام ” في التجنيد إلا أنها لم تكن كافية للإلتحاق بالجيش حيث كان القانون يضع سن محدد للتجنيد و هو 17 عامًا على الأقل أو 16 عامًا شريطة موافقة الوالدين و رغم تسبب القانون في وضع مانع لذلك الطفل إلا أنه لم يردعه حيث قام مع إثنين من أصدقائه بتزوير توقيع والدته على أوراق تجنيده و سرقة ختم كاتب العدل من أحد الفنادق المحلية و أخبر والدته بإختفائه لفترة لأنه سيزور أقاربه و بدلاً من ذلك إصطف للتجنيد بالبحرية في 15 أغسطس عام 1942 و الغريب أنه لم يكن قلقا كثيرا بتزوير توقيع والدته لأن الجزء الأكثر تحديًا في مخططه هو كيفية العبور من إختبار طبيب الأسنان الذي يفحص أسنان جميع المجندين لأنه سيكون بلا شك قادرًا على معرفة أعمارهم لذلك وضع خطة جاهزة في حالة مواجهته هذه المشكلة .

كالفين جراهام .. قصة أصغر جندي أمريكي يشارك في الحرب العالمية الثانية

كانت خطته هي أنه بمجرد وصوله إلي مكتب التجنيد سيصطف خلف صبيين كان يعلم أنهما يبلغان من العمر 14 و 15 عامًا فقط و عندما حاول طبيب الأسنان كشف عمره أخبره ” كالفين جراهام ” أنه يعرف حقيقة أن الصبية أمامه كانوا قاصرين و مع ذلك تم السماح لهم بالمرور و هو ما وضع الطبيب في ورطه و إضطر للسماح له بالمرور هو أيضا و مع ذلك لم ينتهي الأمر عند ذلك الحد لأنه كان لا يزال أمامه تحديات أخري بسبب أن مدربيه خلال التدريبات عرفوا أن عددًا من المجندين كانوا دون السن القانونية و لذلك قاموا بمعاقبتهم بجعلهم يركضون كيلومترات إضافية و هم يحملون حقائب ثقيلة و لكن علي أي حال ثابر ” كالفين جراهام ” و وصل إلي سفينة ” ساوث داكوتا ” و هي سفينة حربية تعمل جنبًا إلى جنب مع السفينة ” إنتربرايز ” في المحيط الهادئ التي أصبحت من أشهر السفن الحربية في زمن الحرب .

و علي متن السفينة الحربية ” ساوث داكوتا ” كان من عليها بما فيهم ” كالفين جراهام ” متلهفين لرؤية المعارك و أصبحت تلك السفينة مشهورة بسبب قبطانها العدواني ” توماس جاتش ” و طاقمها الشاب نسبيًا و عديم الخبرة حتي أنه أطلق عليهم اسم “الأولاد الخضر” و هو لقب مؤهل له ” جراهام ” بالتأكيد و بعد أشهر فقط من وصولها لمسرح العمليات شهدت معركة ” سانتا كروز ” و واجهت السفينة ثماني مدمرات يابانية خلال معركة ” جوادالكانال ” البحرية و تحت وابل من النيران تلقت ” ساوث داكوتا ” 42 إصابة معادية و في وقت ما أصابت شظية وجه ” كالفين جراهام ” و مزقت فكه و فمه و سقط من خلال ثلاثة طوابق من السفينة و لكن رغم سقوطه و إصاباته الملحة نهض و أستمر في سحب زملائه البحارة إلى بر الأمان و الجلوس معهم أثناء الليل .

السفينة الحربية ساوث داكوتا

و نظرًا لعدد الضربات التي تلقتها إعتقدت البحرية اليابانية أنها أغرقت السفينة ” ساوث داكوتا ” لذلك تراجعت تاركة السفينة تعود بهدوء إلي مينائها و عند وصولها تم تكريم طاقمها على شجاعتهم و حصل ” كالفين جراهام ” على وسام القلب الأرجواني لإصاباته و نجمة برونزية للقتال المتميز و بينما كان زملاؤه من أفراد الطاقم خارجين للإحتفال إتصلت والدته بالبحرية و أبلغت عنه بعد أن رأته في برنامج إخباري خاص و أبلغتهم بسرعة أن أحدث المحاربين القدامي الحاصلين على أوسمة كان في الواقع دون السن القانونية و هو ما دفع الجيش إلي تجريده من ميدالياته و إحتجازه في سجن عسكري في “كوربوس كريستي ” بولاية ” تكساس ” لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا و أثناء سجنه تمكن من إرسال رسالة إلى أخته لتقوم بالكتابة إلي الصحف حول كيفية قيام البحرية بسجن شقيقها و بسبب ضغوط الصحافة تم إطلاق سراحه في النهاية مع حرمانه من تسريحه المشرف .

إقرأ أيضا : تعرف علي مومسيلو جافريتش أصغر جندي يشارك في الحرب العالمية الأولي

و لسنوات بعد إطلاق سراحه عانى ” كالفين جراهام ” و حاول العودة إلي مدرسته و الزواج و بدء حياة جديدة و حين وصل إلي سن 17 عامًا كان مطلقًا و و أبًا لطفل و ترك مدرسته الثانوية و سرعان ما تحول إلى حياة بيع إشتراكات المجلات بعد أن كسر ظهره أثناء تجنيده في مشاة البحرية خلال الحرب الكورية و في منتصف السبعينيات مع إنتخاب الرئيس الأمريكي ” جيمي كارتر ” كتب ” كالفين جراهام ” إلى البيت الأبيض عن تجربته على أمل أن يتعاطف زميله في البحرية مع محنته حيث شعر أنه يستحق تسريحًا مشرفًا و أخيرا في عام 1978 حصل علي ما أراد و أعلن ” كارتر ” أنه سيعاد منحه ميدالياته و في عام 1988 حصل أخيرًا على إعانات العجز و الأجور المتأخرة لكن وسام القلب الأرجواني كان الإستثناء و لم يتم منحه رسميًا لعائلته حتى عام 1994 أي بعد عامين من وفاة ” كالفين جراهام ” الذي فارق الحياة في 6 نوفمبر عام 1992 بسبب قصور في القلب عن عمر ناهز 62 عامًا .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *