بعض من الأشخاص قد يجدون صعوبات بعد فقدان من يحبون عند وفاتهم و قد لا يتقبلون تلك الحقيقة فى بادئ الأمر الا أنه و مع مرور الوقت يبدأون فى التأقلم و التكيف مع الأوضاع الجديدة الا أن أحد الأطباء فى ثلاثينيات القرن الماضى و يدعى ” كارل تانزلر ” لم يكن ذلك بالأمر السهل عليه و لم يتقبله على الاطلاق بعد أن وقع فى حب أحد المريضات التى كان يقوم بمعالجتها من مرض السل و حاول باستماتة و بدافع من ذلك الحب بإبقائها على قيد الحياة و بعد أن توفيت و نتيجة الصدمة التى مر بها قام بفعل جنونى من خلال استخراج جثمانها من المقبرة و العيش معه فى منزل واحد لفترة أستمرت لسنوات .
بطل القصة الغريبه هو الطبيب ” كارل تانزلر ” الذى وُلد عام 1877 فى مدينة ” دريسدن ” الألمانيه و بعد تخرجه من إحدى الجامعات الطبية غادر إلى “أستراليا” حيث انتهى به المطاف خلال الحرب العالمية الأولى في احد معسكرات الاعتقال و بعد الحرب لم يُسمح للسجناء السابقين بالبقاء في البلاد لذلك تم ترحيله إلى “هولندا” و عند عودته إلى وطنه تزوج “تانزلر” و أنجب طفلين ثم هاجر هو و أسرته الى “الولايات المتحدة” و أستقر فى “زيفرهيلز” بولاية ” فلوريدا ” و بعدها ترك أسرته فيها و انتقل الى منطقة ” كى ويست ” حيث عمل تقنى للإشعة في المستشفى البحري الأمريكي تحت اسم الكونت “كارل فون كوسيل” و فى أحد الأيام و خلال مباشرة عمله رأى أمامه حلمًا حقيقيًا يتحقق حين دخلت الى المستشفى امرأة أمريكية جميله من أصل كوبى تدعى “ماريا إيلينا ميلاجرو دي هويوس” و التى ولدت عام 1909 و هي ابنة لاحد صانعى السيجار المحليين و نشأت وسط أسرة كبيرة و تعمل ربة منزل و حين مرضت نقلتها والدتها إلى المستشفى .
كان ” كارل تانزلر ” عندما كان فتى صغيرًا في “ألمانيا” و مثل أى مراهق يدور فى مخيلته دائما صورة افتراضية لفتاة أحلامه و التى كانت من واقع رؤية ” كارل ” امرأة ذات جمال مذهل و شعر داكن و عند مشاهدته الجمال البالغ من العمر 22 عامًا المتجسد أمامه فى صورة ” ماريا ” أصبح مقتنعًا على الفور بأنها هى حبه الحقيقى المفترض أن يكون معها الى الأبد الا انه و لسوء الحظ بالنسبة لكليهما لم يكن تشخيص “تانزلر” الطبى لحالة ” ماريا ” جيدا حيث أصيبت بمرض “السل” الذي كان لا يزال يعتبر مرضًا قاتلًا في أوائل القرن العشرين و على الرغم من الافتقار إلى الامكانيات اللازمة لعلاج ذلك المرض الا أن “تانزلر” كان مصممًا على إنقاذ ” ماريا هويوس” و استخدم معها مجموعة متنوعة من المقويات و الإكسيرات و الأدوية المصنوعة خصيصًا في محاولة الوصول الى أى نتائج ايجابيه حيث كان يقوم بمعالجتها في منزل عائلة “هويوس” و خلال زياراته كان يقوم بإغراقها بالهدايا و إعلان حبه لها طوال الوقت .
و رغم بذل ” كارل تانزلر ” لقصارى جهده الا أن ” مارى هويوس ” كانت قد استسلمت لمرضها و توفيت في أكتوبر عام 1931 تاركة عائلتها و المسؤول عن رعايتها المهووس بها فى حالة حزن و صدمه و أصر “تانزلر” على شراء ضريح حجري باهظ الثمن في مقبرة “كي ويست” لكي ترقد فيه رفاتها وبعد إستئذان والديها استأجر أخصائي دفن لتجهيز جسدها قبل وضعه فى التابوت و بعد الانتهاء من اجراءات الدفن لم تدرك عائلة “هويوس” أن المفتاح الوحيد للمقبرة كان سيبقى في حوزة “تانزلر” و الذى استفاد بسرعة من ذلك الامتياز و نتج عنه واحدة من أكثر الحكايات المروعة في كل العصور و التى بدأت بزيارة ” كارل تانزلر ” لقبر ” ماريا هويوس ” كل ليلة لمدة عامين تقريبًا و هي عادة توقفت فجأة بعد أن فقد وظيفته لأسباب غير معروفة و بينما اعتبرت عائلتها أن هذا التغيير الجذري في سلوكه كان غريبًا بعض الشيء الا أنه لم يكن بإمكانهم تخيل السبب وراء ذلك .
أقرأ أيضا : الصبى جونز .. المراهق الذى أستطاع سرقة الملابس الداخلية للملكة فيكتوريا
و في أبريل عام 1933 لم يعد ” كارل تانزلر ” مجبرا على القيام بزياراته الليلية اليومية الى المقبرة حيث قرر استخراج جثمان ” ماريا هويوس ” من الضريح لأنها من الأن فصاعدا ستقيم معه في منزله حيث كان بالطبع أمامه مجهود ضخم لمحاولة الحفاظ على جثمان توفى منذ عامين و أصيب بالتحلل حيث قام بوضع طبقات من البلاستر و الحرير المنقوع فى الشمع بجسدها ليحل محل الجلد المتحلل و أضاف اليها عينين زجاجيتين و أستخدم مجموعة من شماعات المعاطف و الأسلاك لتثبيت هيكلها العظمي و قام بحشو جذعها بالأقمشه في محاولة للحفاظ على شكله الأصلي مع تغطية فروة رأسها بقطع من شعرها الحقيقي كما أضاف ” كارل تانزلر ” للجثمان كميات وفيرة من العطور و الزهور و المطهرات و المواد الحافظه لمنع الرائحة المتعفنة من الانبعاث و اعطى للوجه بعض من الكريمات لاعطاءه جزء من النضاره ثم قام بلف جثمانها في ثوب و قفازات و مجوهرات و وضعها على سريره الخاص و الذي شاركه معها على مدار السنوات السبع التالية .
و خلال تلك السنوات كان ” كارل تانزلر ” الرجل المنعزل حديث البلدة التى يقيم فيها حيث كان غالبًا ما يُشاهد و هو يشتري ملابس و عطور نسائية بالإضافة إلى رواية صبي محلي عن مشاهدته و هو يرقص بما يبدو أنه مع دمية عملاقة و هى أقاويل دفعت عائلة ” ماريا هويوس” الى الشك في أن شيئًا ما غير طبيعى يحدث حيث قامت أخت “هويوس” بزيارة منزل ” كارل تانزلر ” عام 1940 و وجدت فيه ما اعتقدت أنه تمثال بالحجم الطبيعي لأختها الراحلة و قررت ابلاغ السلطات التى تحرت عن الأمر و تأكدت من أن تلك الدميه هى فى الواقع جثمان ” مارى هويوس ” و يلقى القبض على ” تانزلر ” بتهمة نبش القبور حيث كشف تشريح الجثة عن تعقيدات عمله المذهل و تم عرضه على طبيب نفسى لتقييم حالته و الذى ذكر أن ” كارل تانزلر “مؤهل للمحاكمة و ليس مجنونا على الرغم من أن بعض التقارير قد أشارت إلى أن خطط ” كارل ” النهائية تضمنت التحليق بهويوس “عالياً في طبقة الستراتوسفير بحيث يمكن للإشعاع القادم من الفضاء الخارجي أن يخترق أنسجتها و يعيد الحياة إليها .
و بعد عقد جلسات للمحاكمة و التى استمرت أربعة سنوات و تلقى فيها “كارل تانزلر” قدرًا كبيرًا من التعاطف من الناس باعتباره رومانسي يائس و إن كان غريب الأطوار و بالاعتماد على قانون التقادم للجريمة التي اتهم بارتكابها قررت المحكمة اطلاق سراحه اما بالنسبة لجثمان ” ماريا هويوس ” فقد عرضت في مقر للجنازات حيث جاء ما يقرب من 7000 شخص لرؤية الجثمان بأنفسهم ثم تم وضع جسدها أخيرًا للراحة و إلى الأبد في قبر غير مميز بمقابر ” كاى ويست ” تحسبا لأى محاولات سرقة جديدة من ” كارل ” الذى بعد اطلاق سراحه انتقل إلى مقاطعة “باسكو” في “فلوريدا” و كتب سيرته الذاتية بعنوان ” مغامرات رائعه ” و عاش بقية أيامه بمفرده و توفي في منزله عام 1952 حيث تم اكتشاف جثمانه بعد ثلاثة أسابيع من وفاته و تقول بعض الروايات أنه حتى وفاته احتفظ بدمية شمعية بالحجم الكامل على شكل ” ماريا ” بما في ذلك قالب جبس لوجهها و انه عندما تم اكتشاف جثته كانت بين ذراعى دمية ” ماريا ” .