تحتوي أراضي الصين علي أماكن طبيعية ساحرة تخلب لب الناظرين و تعتبر قمم جبل تيانزي الواقعة في منطقة والينيوان علي مساحة 54 كيلومتر مربع بمتنزه تشانغجياجيه الوطني للغابات في إقليم هونان واحدة من أبرز تلك الأماكن نظرا لتشكلها علي شكل أبراج صخرية يحيط بها الضباب من جميع الأنحاء و ترتفع من الأرض المزينة بالأشجار لتخترق عنان السماء بشكل يجعلها من أكثر التكوينات الصخرية الفريدة على وجه كوكب الأرض لذلك ليس بالغريب حين إحتاج المخرج الشهير جيمس كاميرون إستلهام مناظر طبيعية خلابة ليضعها في كوكب باندورا الخيالي داخل فيلمه أفاتار أن تكون قمم جبل تيانزي واحدة ضمن تلك المشاهد .
و يعتبر شكل جبل تيانزي المميز هو نتاج ملايين السنين من تآكل الصخور الرسوبية حيث تم نحت قممها القديمة المكونة من الحجر الرملي و يبلغ عمرها 300 مليون سنة ببطء بفعل الماء و الرياح تاركة وراءها تلك الأبراج النحيلة التي يصل طول بعضها إلى حوالي 1250 متر و تشبه ناطحات السحاب أكثر من كونها منظرًا طبيعيًا للمدينة بالإضافة إلي أن التأكل في الطبقات قد طور ألوانًا و أشكالًا مختلفة على مدار سنوات طويلة مما زادها جمالا و في الوقت نفسه نظرا لوجود الجبال الأحدث سنًا و الأقل تآكلًا في بقية منتزه غابة تشانغجياجيه الوطنية فقد ساهم بشكل أكبر في التنوع الفريد للتكوينات الجبلية الموجودة في تلك المنطقة كما أن التآكل قد حدث بمعدلات متفاوتة مما أكسب قمم جبل تيانزي شكلها المتعرج مع نتوءات غير متساوية في أماكن مختلفة حول الصخر .
و لا يعتمد جمال جبل تيانزي علي عامل تأكلها علي مر السنين فحسب و لكن أيضا نتيجة تراكمات التربة الموجودة على حواف الأبراج المتعرجة التي سمحت لأنواع مختلفة من الزهور و الشجيرات بالنمو حول جوانب تلك التكوينات و في المقابل جذب ذلك الغطاء النباتي الحياة البرية لا سيما أنواع من الطيور التي إتخذت من الأشجار المنتشرة علي طول الغابة المحيطة بالجبل موطنًا لها كما تعد تلك الغابة أيضا مكانا مميزا للكهوف التي نتجت عن تأكل الحجر الجيري الموجود في قاعدة تلك الجبال و تعد موطن للبحيرات و الأنهار الجوفية .
و وفقًا لأسطورة محلية فقد إرتبط جبل تيانزي برجل يُدعى ” شيانج داكون ” و ينتمي إلي أقلية عرقية تسمي توجيا و في القرن الرابع عشر الميلادي قاد شعبه في إنتفاضة للفلاحين و حارب هو و رجاله جنود الإمبراطور لمدة 40 يومًا قبل أن يتم هزيمتهم في النهاية و يقتل من خلال إجباره علي التقهقر إلي حافة جرف الجبل حيث سقط من أعلاه و بعد وفاته غطت عشيقته الجرف بالزهور و هو ما يفسر وجودها علي الحواف اليوم كما تشير أسطورة أخري إلي أن قمم جبل تيانزي هي في الواقع فرش الكتابة الخاصة بشيانغ داكون و التي تحولت إلى حجر بعد وفاته و سيكون بمقدور الذين يزورون الجبل زيارة ” يوبي فنج ” أو كما يطلق عليها “قمة فرشاة الكتابة للإمبراطور” ففي هذا الموقع يقال أن هناك ثلاثة تكوينات صخرية متميزة ذات إرتفاعات مختلفة تحمل تشابهًا مذهلاً مع فرش الكتابة تلك التي كانت مملوكة لشيانج داكون في السابق أو هكذا تقول الأسطورة .
أقرأ أيضا : كاستيل فوليت دو لا روكا بلدة إسبانية تقع علي حافة الهاوية
و أخيرًا فإن تلك الأسطورة هي التي أعطت جبل تيانزي إسمه حيث “تيانزي” تعني “ابن السماء” و هو لقب مخصص عادةً للإمبراطور و لكن خلال الثورة إختار ” شيانج داكون ” إعادة إستخدام الاسم من خلال تسمية نفسه “تيانزي” و الذي بالتبعية إنتقل إلي الجبل لذلك فهو يُشار إليه أحيانًا بإسم جبل الإمبراطور و لكن علي أي حال مهما كانت المسميات فتظل الحقيقة أن جبل تيانزي هو أحد أكثر المناظر الطبيعية المذهلة على كوكب الأرض .
