ساهمت السينما المصرية من خلال أفلامها فى إحداث حراك مجتمعي أدى الى تغيير عدد من القوانين السائدة مثل فيلم جعلونى مجرما الذى أدى الى إلغاء تسجيل السابقة الأولي فى صحيفة الحالة الجنائية لإعطاء الفرصة للمخطأ فى البدء بحياة جديدة و شريفة كما أن هناك فيلم أخر و هو كلمة شرف الذى أدى الى تشريع قانون يسمح بخروج السجين من محبسه تحت ظوابط لفترة مؤقتة عند حدوث ظروف معينة و لا يختلف الأمر كثيرا فى هوليوود و لكن مع الفارق أن حياة المشاهير نفسها هى من غيرت تلك القوانين و ليست أفلامهم و من أبرز هؤلاء هو الفنان تشارلي تشابلن الذى تورط فى علاقة مع فتاة تصغره فى السن أسفرت عن رفعها دعوى قضائية ضده و مطالبته بنسب طفلة إليه بدعوى أنه والدها و هي قضية كان من شأنها أن تسببت فى تغيير مستقبل قانون الأسرة في الولايات المتحدة .
بدأت قضية الفنان ” تشارلي تشابلن ” عام 1941 بينما كان لا يزال متزوجًا من زوجته الثالثة ممثلة العصر الحديث “بوليت جودارد” حيث ألتقى بممثلة شابة واعدة تدعى “جوان باري” و تعاقد معها للحصول على فيلم محتمل عنوانه ” الظلال و الجوهر ” Shadows and Substance و وفقًا لوثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي فقد أصبح الإثنان عاشقين بعد وقت قصير من لقائهما الأول و في أكتوبر عام 1942 أرسل ” تشابلن ” دعوة الى ” باري ” التى كانت تقيم فى ” لوس أنجلوس ” لزيارته فى ” نيويورك ” و أشترى لها تذكرة قطار للقدوم إليه و تشير التقارير أنه أثناء وجودها حضرت حفلات مختلفة مع “تشابلن” و يُزعم أنه جعلها متاحة لأفراد آخرين لأغراض غير أخلاقية و هو الأمر الذى يعد إنتهاكًا لقانون “مان” المعروف أيضًا باسم قانون “تجارة الرقيق الأبيض” الذي ينص على أنه لا يمكن لأي شخص تجاوز حدود الولاية دفع الأخرين للانخراط في الدعارة أو السلوك غير الأخلاقي .
و بعد مرور شهرين أقتحمت ” جوان باري ” منزل ” تشارلي تشابلن ” في “لوس أنجلوس” و لوحت فيه بمسدس و زعمت أنه كان على علاقة حميمية معها الا أنه تم إعتقالها و دخلت قضيتها الى ساحة المحاكم و التى فيها أعترفت بأنها مارست الجنس معه في أيام 10 و 23 و 24 و 30 من شهر ديسمبر عام 1942 و في يوم 2 أكتوبر 1943 أنجبت طفلة و أطلقت عليها إسم “كارول آن” و نتيجة رفض ” تشابلن ” أبوته لها دفعها ذلك إلى الرد بإتهامه بإنتهاك قانون “مان” ( تم تبرئته لاحقا) و الضغط عليه للحضور للإعتراف أنه بالفعل والد طفلها و خلال الفترة بين عامي 1944 و 1945 كان فضيحة ” تشابلن – باري ” هى المتصدرة عناوين الصحف حيث كان فى ذلك الوقت متزوجًا من زوجته الرابعة و الأخيرة “أونا أونيل” و أنجب منها ثمانية أطفال و ظلا متزوجين لأكثر من ثلاثة عقود حتى وفاته عام 1977.
و خلال سير القضية كان في ذلك الوقت الإمكانيات العلمية لإثبات النسب محدودة حيث كان هناك طريقة واحدة فقط لتحديد أبوة الطفل و هى عن طريق “فحص الدم” لذلك تم سحب عينة من “تشابلن ” و “باري” و الطفلة “كارول آن” و ركز ثلاثة أطباء كبار على النتائج و توصل كل منهم إلى نفس النتيجة و هى أن ” تشارلي تشابلن ” لم يكن والد الطفلة الأمر الذي دفع محامي “باري” إلى الإستسلام و القول أن “ثلاثة أطباء بارزين في مجالاتهم قرروا إقصاء السيد تشابلن من القضية و يجب علينا الالتزام بإستنتاجاتهم ” لكن ” جوان باري ” لم تيأس و رغم أنها قبل الاختبار وقعت اتفاقًا مع “تشابلن” يقضي بأنه إذا خلصت الإختبارات إلى أنه ليس والد “كارول آن” فسوف تسحب الإتهامات إلا أنها تراجعت فور صدور النتائج التى لم تكن في صالحها و أستمرت فى القضية و بشكل أكثر عنادا لأن المحاكم فى ولاية ” كالفورنيا ” خلال فترة أربعينيات القرن العشرين كانت لا تعتمد تلك الإختبارات كوسيلة لإثبات الأبوة لذلك في أبريل عام 1945 صوتت هيئة المحلفين بنسبة 11 مقابل 1 إلى أن ” تشابلن ” كان بالفعل والد “كارول آن” على الرغم من الأدلة التى أثبتت عكس ذلك و بسبب الحكم أجبر على دفع مبلغ إعالة للطفلة بالإضافة الى رسوم المحكمة و في عام 1946 استأنف “تشابلن” الحكم لكنه خسر .
أقرأ أيضا : كلارك جيبل الممثل الاسطورى الذى افرد هتلر مكافاءة سخيه لمن ينجح فى اختطافه و احضاره
و نتيجة الضجة التي أحاطت بقضية “تشابلن” بالإضافة الى قضايا أبوة مماثلة فقد أدى ذلك إلى إعادة صياغة قوانين الأسرة في ولاية “كاليفورنيا” و حذت الولايات الأخرى حذوها في النهاية و في عام 1953 صاغت “كاليفورنيا” القانون الموحد بشأن اختبارات الدم لتحديد الأبوة الذي ينص على أنه إذا وجدت المحكمة أن إستنتاجات جميع الخبراء متوافقة حول نتيجة الاختبارات فى أن الأب المزعوم ليس والد الطفل فإن مسألة الأبوة يجب أن تحل على هذا الأساس و رغم أن قضية ” تشابلن ” هى العامل الرئيسي فى تعديلات قوانين الأبوة اليوم فى ” الولايات المتحدة ” الا أنها لم تفيده كثيرا حيث تحطمت شعبيته و هاجمته وسائل الإعلام التى أطلقت عليه أوصاف صعبة و يقرر ترك ” الولايات المتحدة ” و يستكمل باقي حياته فى أوروبا و قال “لن أعود إلى هناك حتى لو كان يسوع المسيح هو الرئيس ” الا أنه عاد مجددا و لكن في مناسبة واحدة فقط حين تسلم جائزة أوسكار الفخرية عام 1972 و أستقبل حينها بحفاوة كبيرة .