في عالم السيارات المتميزة يحمل الكثير منها قصص تنبض بالتحدي و الإبداع و تأتي في مقدمتهم قصة شهيرة دارت فصولها في منتصف الستينيات و جمعت بين أبرز إثنين من مصنعي السيارات في العالم و هم فيروتشيو لامبورجيني و إنزو فيراري حيث نشب بين هذين العملاقين مواجهة غير متوقعة قلبت موازين صناعة السيارات و ذلك بعد أن قدم لامبورجيني الذي كان حينها صانع جرارات ناجح إقتراحًا بسيطًا لفيراري من أجل تحسين سياراته لكنه لاقي رد متعجرف و غير لائق من فيراري و هو ما أشعل نار التحدي داخله و دفعه لخوض غمار المنافسة في عالم السيارات و يتحول إلي واحد من أبرز مصنعيها و تصبح قصته مثالا لكيف يمكن أن تكون الإهانة دافع إلي إبتكار يغير التاريخ .
بدأت تلك القصة المثيرة في ” إيطاليا ” عام 1963 حين كان ” فيروتشيو لامبورجيني ” صاحب شركة ناجحة في تصنيع الجرارات الزراعية يواجه مشكلة مع قابض سيارته من طراز فيراري بعد أن لاحظ أنه ضعيفًا و سهل التعطل و نظرا لإحباطه من أداء سيارته قرر أن يتوجه إلي ” إنزو فيراري ” الذي كان في ذروة مجده كواحد من أعظم صانعي السيارات الرياضية في العالم و كان يأمل نظرا لكونه مهندسا و رجل أعمال طموح أن يحصل إقتراحه بتحسين القابض علي إهتمام ” فيراري ” إلا أن ما حدث كان معاكس تماما بعد أن تلقي رد مهين و متعجرف منه كان نصه “دعني أصنع السيارات و أنت إصنع الجرارات” .
كانت تلك اللحظة تحديدا نقطة فارقة في تاريخ ” فيروتشيو لامبورجيني ” و كان لها بالغ الأثر في تحويله من مجرد صانع جرارات إلي واحد من أعظم صانعي السيارات المتميزة في العالم و ذلك بعد أن قرر أن يُظهر لفيراري أن بإمكانه صنع سيارات تفوق سياراته في الأداء و الجودة لذلك بعد فترة وجيزة من تلك المواجهة بدأ في التخطيط لتأسيس مصنع سيارات خاص به و خلال أربعة أشهر فقط أسس مصنعًا صغيرًا في ” سانت أجاتا بولونيز ” و بدأت أحلامه تتحول إلي واقع ملموس و كانت النتيجة هي السيارة الأولي التي حملت إسم ” لامبورجيني 350 GT ” و هي سيارة رياضية فاخرة جمعت بين الأناقة و القوة .
و تم عرض ” لامبورجيني 350 GT ” لأول مرة في معرض تورينو للسيارات عام 1964 و لاقت إستحسانًا كبيرًا من الحضور و الخبراء علي حد سواء و خلال العرض بيعت 13 سيارة علي الفور و بعد فترة قصيرة إرتفع عدد السيارات المباعة إلي 120 وحدة و رغم البداية البسيطة لتلك السيارة إلا أنها أكدت قدرات ” لامبورجيني ” علي التنافس في سوق السيارات الرياضية و كل ذلك بسبب تعجرف ” إنزو فيراري ” ليس معه فقط و لكن مع أخرين أيضا فقبل عامين من تأسيس ” لامبورجيني ” لشركته طرد ” فيراري ” خمسة من أبرز مهندسيه بعد خلاف حول تدخل زوجته ” لورا ” في شؤون الإدارة حيث كان هؤلاء الخمسة من بين أفضل العقول في مجال تصميم السيارات الرياضية و أسسوا لاحقًا وكالة تصميم مستقلة متخصصة في ذلك المجال لذلك حين قرر ” لامبورجيني ” الدخول في عالم صناعة السيارات إعتمد عليهم لمساعدته في بناء سيارته الأولي .
و رغم نجاح سيارة ” لامبورجيني ” الأولي إلا أن الثورة الحقيقية جاءت مع طراز ” ميورا ” الذي تم الكشف عنه في معرض تورينو عام 1965 حيث لم تكن هذه السيارة رياضية فقط بل كانت بمثابة إختراق ثوري في عالم تصميم السيارات الرياضية المتميزة من خلال وضع المحرك في منتصف السيارة و هو تصميم مستوحي من سيارات الفورميولا 1 و بذلك أصبحت هي السيارة الرائدة في هذا المجال و كان لها الفضل في وضع إسم الشركة علي خريطة السيارات الرياضية المميزة و خلال السنوات التي تلت إطلاق ” ميورا ” إستمر ” لامبورجيني ” في تقديم سيارات متميزة مثل ” جراما و أوراكو ” لكن النجاح لم يكن دائمًا مضمونًا ففي أوائل السبعينيات ضربت أزمة النفط العالم و هو ما أدي إلي إنخفاض حاد في الطلب علي السيارات الرياضية و نتيحة هذا الإنهيار الإقتصادي قام ” فيروتشيو لامبورجيني ” بإتخاذ قرار مؤلم ببيع شركته و الخروج من عالم صناعة السيارات .
و عقب بيع الشركة تقاعد ” لامبورجيني ” في منزله الريفي ببحيرة تراتسيمينو و بدأ مشروعًا صغيرًا لإنتاج النبيذ و رغم خروجه من عالم السيارات إلا أن إرثه ظل حيًا حيث إستمرت الشركة التي أسسها في النمو تحت ملكيات جديدة و شهدت طفرة كبيرة مع إطلاق طرازات جديدة و أيقونية و في مطلع الثمانينيات مرت الشركة بفترة من الإفلاس لكن سرعان ما تم إنقاذها حين إشتراها الأخوان ” ميمران ” السويسريان و خلال هذه الفترة تم إطلاق ” لامبورجيني كونتاش ” التي أصبحت رمزًا للسرعة و الأناقة و التصميم المبتكر و أثارت إعجاب الجميع و أصبحت حلمًا لكل محبي السيارات الرياضية .
أقرأ أيضا : أديداس و بوما .. قصة إنشاء شركتين لشقيقين يكرهان بعضهما البعض و تسببهم فى انقسام كبير داخل مدينة ألمانيه
ومع مرور الوقت إستمرت شركة ” لامبورجيني ” في تطوير نفسها خاصة بعد أن اشترتها شركة ” أودي AG ” الألمانية عام 1998 في صفقة عززت من جودة تلك السيارات بعد إدخال تقنيات ألمانية متطورة في تصميمها و هندستها مما أدى إلى إنتاج سيارات مثل ” مورسيلاجو ” و ” جالاردو ” حيث أنتج من الأخيرة أكثر من 14000 وحدة أكدت من خلالهم أن ” لامبورجيني ” ليست مجرد شركة لإنتاج السيارات الرياضية فحسب بل قوة لا يستهان بها في هذا المجال .