عام مر على انتهاء الحرب العالمية الثانية و بدأت دول العالم و مواطنيها فى العودة الى حياتهم الطبيعيه و نسيان ما خلفته الحرب من ويلات و دمار كان منهم عشرات الألاف من المشجعين الانجليز الذين قرروا الاستمتاع بمباراة لكرة القدم فى كأس الاتحاد الانجليزى و التى كانت اول بطولة كروية تنظم بعد انتهاء الحرب بين فريقى بولتون واندرارز مع ستوك سيتى إلا أنها أنتهت بمأساة كارثيه بعد مقتل العشرات من جماهير بولتون و اصابة المئات منهم و الغريب فى الأمر هو استمرار المباراة كما هو مخططا لها رغم وجود جثامين الضحايا الموجودة فى أرض الملعب على خطوط التماس .
ففى يوم 9 من مارس عام 1946 كان موعدا لمباراة العودة التى جمعت بين فريقى ” بولتون واندراز ” و ” ستوك سيتى ” فى ربع نهائى كأس الاتحاد الانجليزى فى المملكة المتحدة و توقعت السلطات البريطانية فى ذلك اليوم أن يحضر ما يقارب من 55 ألف شخصا الى المباراة بملعب ” بريندن بارك ” الذي يسع 70 ألف متفرج الا أنه اتضح لاحقا الى ان تلك التقديرات كانت خاطئه حيث حضر ما مجموعه 85 ألف شخص و استطاع بعضهم بشكل ما أو بأخر الدخول الى الملعب من دون الحصول على تذاكر و الذى بمجرد امتلاء مدرجاته تم إغلاق البوابات الدوارة في الساعة 2:40 ظهرا و أصبح من الواضح أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من الحضور يفوق استيعاب المدرجات و ليس ذلك فقط و لكن كان هناك لا يزال بعض من الجماهير لم تستطيع الدخول بعد غلق البوابات الدوارة و بدء بعضهم فى تسلقها ليزداد الضغط على الملعب و مدرجاته و يحدث تدافع فيه و يبدء المشجعون فى الاندفاع إلى الداخل نحو أرضية الملعب و يحدث انهيار فى عدد من الحواجز مما تسبب في اندفاع اكبر و سحق الناس تحت بعضهم ليلقى 33 شخصا مصرعهم و يصاب المئات فى حادث مأساوى عرف اعلاميا بإسم ” كارثة بريندين بارك ” .
حدثت كل تلك المأساه أثناء ما كانت المباراة تجرى بالفعل حيث توقفت لمرتان كانت الاولى عندما تدافع بعض المشجعون الى داخل أرضية الملعب ثم اعيد استئنافها بعد اخلاءه منهم و الثانية كانت في الدقيقة 12 عندما انهارت الحواجز و حدث التدافع المميت بين الجمهور حيث تحركت السلطات لمحاولة احتواء الكارثه و توجه واحدا من ظباط الشرطة ليتحدث الى حكم المباراه ” جورج داتون ” و يخبره بوقوع وفيات و الذى بدوره نادى قائدى الفريقين “هاري هوبيك” لاعب بولتون و “نيل فرانكلين” من ستوك و اتفقوا بالاجماع على ايقاف المبارة و يبدء اللاعبون فى الخروج من الملعب فى الوقت الذى بدأت فيه السلطات البريطانيه محاولة انقاذ المصابين و استخراج جثث الموتى ليتم وضعها على جانبى الملعب على خطوط التماس و هى مغطاة بالمعاطف حيث تشير بعض الروايات الى انه تم رسم خطوط تماس جديدة بنشارة الخشب لكى تكون حدا فاصلا بين جثث الموتى و اللاعبين الذين عادوا مرة اخرى الى الملعب لاستئناف احداث المباراه بعد مرور نصف ساعه من ايقافها و هو امر قال عنه لاحقا اللاعب الاسطورى “ستانلي ماثيوز” و الذى كان عضوًا في فريق ستوك فى تلك المباراة إنه أصيب بالغثيان من السماح باستمرار اللعبة .
كانت كارثة ضخمه فى ذلك الوقت و تشكلت لجنة للتحقيق عن الحادث و يصدر عنها تقرير رسمى عرف باسم ” تقرير مويلن هوفز ” الذى اصدر مجموعة من التوصيات بمراقبة أكثر صرامة لأحجام الحشود خلال المباريات و عدم اعطاء ملاعب كرة القدم اى ترخيص الا بعد التأكد من تنظيمها و ان تكون ارضية الملعب مزودة بهواتف داخليه لسهولة التواصل معهم و أن تسجل الأبواب الدوارة أرقام المتفرجين ميكانيكيًا و من ناحيته قرر الاتحاد الانجليزى لكرة القدم تنظيم مباراة خيريه فى اغسطس من نفس العام تجمع بين منتخبى انجلترا و اسكتلندا يخصص دخلها الى ضحايا ذلك الحادث .
أقرأ أيضا : قصة مباراة لكرة القدم أقيمت فى حضور أطباق طائرة و كائنات فضائيه
و رغم الانتقادات التى وجهت بشأن استكمال المباراة وسط تلك المأساه ووجود الجثث على جانبى الملعب الا إن البعض يرجع ذلك بسبب أن المواطنين البريطانيين كانوا معتادين على تلك المشاهد فى الشوارع خلال فترة الحرب لذلك فلم يتأثروا كثيرا مما رأوه فى الملعب و رغم فجاعة ذلك الحادث الا انه يعتبر اقل شهرة من حوادث مماثله حتى أن بعض اللاعبين الذين لعبوا لنادى ” بولتون واندرز ” بعد ذلك قالوا بإنهم لم يكونوا على علم بتلك الكارثة عندما لعبوا له و بعد مرور سنوات و فى عام 1992 تم إزاحة الستار عن لوحة تذكارية في الملعب احتوت على اسماء الضحايا كتكريما لهم و مع انتقال النادى الى ملعب جديد عام 2000 انتقلت معه اللوحة التذكارية لتوضع فى المكان اللائق لها .