بمجرد خروج رواد الفضاء من الغلاف الجوي لكوكب الأرض و الإستقرار فى محطة الفضاء الدولية فهم يعلمون أنهم سيعيشون فى أجواء مختلفة تماما قد يكون لها تأثيرات فسيولوجية على أجسادهم أبرزها ما حدث عندما أرسل رائد الفضاء الياباني نوريشيج كاناي تغريدة على موقع تويتر بعد قضاءه ثلاثة أسابيع في المدار يقول فيها أنه حدث تغير له فى طول جسده بمقدار 9 سنتيمترات و رغم غرابة ما قاله إلا أنه لم يأخذ الكثيرين تلك التغريدة على محمل الجد و أعتبروها مجرد مبالغات الا أنه تم التأكد من ذلك لاحقا و هو إزدياد طوله بمقدار سنتيمترين فقط و رغم الفوارق الكبيرة بين ما قاله و ما تم تسجيله الا أنه بالفعل حدثت تغيرات حقيقة و هو أمر معروف لدى العلماء و هى أن الرواد الذين يقضون وقتًا طويلاً في الفضاء يعودون عادةً إلى الأرض ذات قامة أطول مما كانوا عليه عندما غادروها .
و بالفعل كانت وكالة ناسا تدرس مثل هذه التغيرات التى تتمثل في أن الرواد يعودون و هم ذات قامة أطول بجانب عدد من التغيرات الفسيولوجية الأخرى التي تحدثها الرحلات الفضائية على الجسم و ذلك من خلال مجموعة من التجارب التى أجريت من خلال مراقبة التوأمان “كيلي” على مدار ثلاث سنوات و التى بدأت عام 2015 عندما تم تكليف “سكوت كيلي” بمهمة في الفضاء لمدة عام و بعد أن حصل على مهمته قامت الوكالة بمراقبة توأمه المتماثل وراثيًا أثناء تواجده بعيدًا لمعرفة آثار السفر إلى الفضاء على الجسم حيث قال ” سكوت ” بأنه قبل صعوده لإجراء مهمته فى الفضاء سأل العلماء عما إذا كان لدى أي شخص فيهم أي أهتمام بإجراء دراسات للمقارنة بينه و بين توأمه “مارك” الذى هو رائد فضاء أيضًا حيث كان لديهم الكثير من البيانات عنه لفترة طويلة و بعد مشاورات بين العلماء أستمرت لأسبوعين قالوا أنهم مهتمين بدراسة ذلك الأمر و تم الإتفاق على ذلك بين الوكالة متمثلة فى علمائها و رواد الفضاء التوأم .
و بدأت الأبحاث بعد إتفاق بأن تدفع ناسا لكلا التوأمين حد أدنى للأجور يبلغ 10.50 دولارًا للساعة و كانت التجربة تتلخص فى مهمة “سكوت” الأصلية و التى كانت قضاء 340 يومًا بين عامي 2015 و 2016 في محطة الفضاء الدولية بالتزامن فى أن يكون شقيقه ” مارك ” على الأرض ليكون بمثابة عنصر للمقارنة و تم تسجيل إرتفاع الأخوين و أوزانهما و خصائصهم الجسدية الأخرى قبل رحلة سكوت بالإضافة إلى ذلك جمعت ناسا عينات بيولوجية من الأخوين مثل الدم و اللعاب ثم انطلق “سكوت” إلى الفضاء و بدأت التجربة رسميًا و بعد أن أمضى ما يقرب من عام كامل في محطة الفضاء الدولية عاد إلى الأرض مع عدد من المفاجئات فبعد أن تم قياسه وجد أنه أصبح ذات قامة أطول بمقدار خمسة سنتيمترات عما كان عليه قبل الإنطلاق فى رحلته .
و وفقا لوكالة ناسا فإن تفسير سبب عودة رواد الفضاء ذات قامة أطول يرجع إلي قضاء وقت طويل في بيئة خالية من الجاذبية التى تعمل على تمدد العمود الفقري حيث يُسمح للمساحة الموجودة بين الفقرات و التي يتم ضغطها معًا عن طريق الجاذبية خلال المشي على كوكب الأرض بالتمدد دون حدوث أى ضغوط و مع أستمرار التمدد ينمو الشخص العادي لبضعة سنتيمترات كما أنه و بجانب ذلك الإكتشاف وجد العلماء بعض التغييرات المفاجئة الأخرى حيث أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على الحمض النووي للتوائم أن الفضاء قد قام بتغيير فى “التيلوميرات” و هى الهياكل الموجودة على خيوط الحمض النووي التي تشير إلى العمر حيث كان من الملاحظ أنها أصبحت أطول عند ” سكوت ” بالمقارنة بأخيه “مارك” و هو أمر قدرته ناسا بسبب مستويات الإشعاع في الفضاء حيث كانت تظن فى البداية أن تلك المستويات سوف تعمل على تقليص طول “التيلوميرات” و لكن العكس هو ما كان صحيحا .
أقرأ أيضا : تاريخ طعام رواد الفضاء منذ بداية غزوه و حتى الأن
و لسوء الحظ فإن أولئك الذين يأملون في أن تكشف وكالة ناسا عن أن تلك الدراسات ربما ينتج عنها إكتشاف ينبوع الشباب أو وجود وسيلة سريعة لكسب بضع سنتيمترات سيصابون بخيبة أمل شديدة لأنه ليس هناك ما يشير إلى أن “التيلومير” الخاص بسكوت قد أثر حقًا في عمره لأنه بمجرد إعادة تقديمه إلى بيئة محملة بالجاذبية تقلص كل شئ و عاد إلى ارتفاعه الأصلي .