خلال تصوير أحداث أى فيلم من الوارد أن يتعرض أطقم عمله من ممثلين و فنيين الى بعض من المخاطر أثناء تصوير المشاهد و لكن ماذا عن فيلم تعتبر قصته و تصويره هو الخطر ذاته حيث لم يصب فيه مجرد فرد أو أثنان بل أكثر من 70 شخصا نتيجة تعاملهم مع العديد من الحيوانات المفترسة الحقيقية و التى بعضها لم يكن مدربا بشكل كافى و ذلك فى أحداث فيلم زئير Roar الذى صدر عام 1981 و يعتبر واحد من الأفلام الجنونية التى تم تصويرها فى تاريخ هوليوود بعد تعرضه الى الكثير من المشكلات خلال كواليسه و التى ساهمت فى تأخر انتاجه لفترة طويله أستمرت خمسة سنوات و الذى بمجرد الأنتهاء منه تنفس فريق العمل الصعداء لعدم وجود أى وفيات و اقتصر الأمر على العديد من الإصابات رغم أن بعضها كان بالغ جدا .
تدور أحداث فيلم “زئير” حول “هانك” عالم الطبيعة الذي يعيش في محمية طبيعية في ” تنزانيا ” بإفريقيا برفقة مجموعة من الأسود و النمور و الفهود حيث تزوره عائلته القادمة من “شيكاغو” و تصل الى مقر اقامته فى عدم وجوده و يواجهوا العديد من المغامرات وسط تلك الحيوانات المفترسة الموجودة في منزله حيث تركزت معظم مشاهد الفيلم حول هرب الممثلين و جريهم و اختبائهم في خوف وسط مطاردات لمجموعات أسود كاملة تقوم بخدش وجوههم و مصارعتهم على الأرض .
و لعلها قد تكون قصة مستهلكه و لكن الملفت فيه ان مخرج الفيلم و بطله و كاتبه “نويل مارشال” قرر أن يجعله عملا سينمائيا عائليًا بالكامل بعد أن اختار لمشاركته فى البطولة زوجته الممثلة “تيبي هيدرين” و ابنتها المراهقة الممثلة “ميلاني جريفيث” و ابنيه “جون و جيري” الا أنه و لسوء الحظ لم يخرج أي فرد من العائلة بعد الانتهاء من فيلم ” زئير ” من دون التعرض لأذى خطير حيث كانت تجربة صادمة للممثلة “ميلاني جريفيث” التى تركت المشروع في وقت ما قائلة إنها لا تريد أن ينتهي بها الأمر بنصف وجه لكنها عادت اليه ليصيبها أحد الأسود و تضطر الى اجراء جراحة ترميمية للوجه لإصلاح الضرر الذى لحق بها و مما يزيد الطين بلة أن المشهد الذي تتعرض فيه “جريفيث” للهجوم يمكن رؤيته في الفيلم النهائي أما الممثلة ” تيبى هيدرين ” فقد أصيبت ساقها بشكل بالغ بعد أن سحقت من قبل الفيل ” تيمبو ” و قام أحد الأسود بعضها في مؤخرة رأسها بالاضافة الى معاناة من الكسور فى الساق بعد أن ألقاها “تيمبو” على الأرض أثناء ركوبها له و احتاجت بعدها إلى ترقيع فى الجلد بعد تشويهه من الخدوش و الكدمات و الذى يمكن رؤيتها في احداث الفيلم كما أصيب الطفلين “نويل و جون مارشال” بإصابات عديدة أبرزها حين عض أحد الأسود رأس ” جون ” و رفض تركه و لانقاذه من قبضة الأسد تطلب الأمر ستة رجال و 25 دقيقة لانتزاعه و في النهاية حصل على 56 غرزة لكن هذا لم يمنعه من العودة إلى استكمال التصوير حيث قال حول ذلك الحادث بأنها كانت عضة مؤلمة للغاية لكنه عاد مجددا بعد يومين مضيفا الى إنه لا يزال يعاني من كوابيس بسبب تصويره فيلم “زئير” و يعترف أنه رغم تقضيته وقتا رائعا فيه لكنه كان غبيا لأن أبيهم كان قاسيا عليهم جدا خلال التصوير لدرجة أنه كان يرفض انهاء تصوير المشاهد حتى عندما كان الممثلين يصرخون طلبًا للمساعدة أما المخرج و كاتب الفيلم و بطله ” نويل مارشال ” فقد أصيب بالعديد من الجروح بعضها تم تصويره و الآخر لا لدرجة أنه أصيب بالغرغرينا في النهاية و احتاج إلى ان يقيم فى المستشفى لمدة ستة أشهر بسبب حالته فضلاً عن الإصابات المتعددة في أرجله و التي أصيب بها بعد أن جره أسد حول المجموعة و استغرق الأمر سنوات حتى يتعافى و بجانب الممثلين لم تسلم الأطقم الفنية أيضا حيث أصيب المصور الهولندي “يان دي بونت” بعد أن قام أحد الأسود بجرح فروة رأسه و احتاج إلى 120 غرزة من أجل إعادة ربط جلده مجددا حيث كان من الواضح أن تصوير الحيوانات البرية من مسافة قريبة ينطوي على مخاطر عدة الا أنه عاد مجددا لاستئناف التصوير .
و بسبب صعوبة تنفيذ بعض من المشاهد مع الحيوانات و التى تطلب تصويرها تدريبات لأسابيع و نتيجة الإصابات الناجمة خلال الانتاج أدى ذلك الى تأخر انتاجه خمس سنوات تقريبا بعد أن كان مقررا له ستة أشهر حيث بدأ تصويره فى اكتوبر عام 1976 و لم يطرح للمشاهدة سوى فى عام 1981 و كان خارج ” الولايات المتحدة ” حيث لم يسمح بعرضه داخل البلاد الا عام 2015 أى بعد مرور أكثر من 30 عاما تقريبا و صدر و هو مكتوبا عليه : “لم يتضرر أي حيوان شارك في صنع هذا الفيلم و لكن أصيب 70 من الممثلين و طاقم العمل “.
بدأت فكرة ذلك الفيلم فى التبلور بعد أن سافر “نويل مارشال” و زوجته “تيبي هيدرين” فى رحلة أفريقية زاروا خلالها أدغال “زيمبابوى” و محمية للحيوانات المفترسة في “موزمبيق” و شاهدوا فيها مبنى قديمًا يعيش فيه العديد من الأسود و توصلوا إلى رؤية سينمائيه حول وجود أحد العلماء يعيش في وئام مع تلك الأسود و يحميها من الصيادين و رغم سهولة الرؤية الا أن تنفيذه على أرض الواقع لم يكن بالأمر السهل حيث كان فى اعتقادهم بالبداية أنه سيتم تصوير أحداثه فى أفريقيا الا أنه لاعتبارات انتاجيه حدث ذلك في “كاليفورنيا” كما كانوا يخططون للاستعانة بحيوانات مفترسة مدربة برفقة مدربيهم و لكنهم وجدوا صعوبة فى توفير ثلاثين أو أربعين أسدًا كما كان مطلوبا فى النص الأصلي الامر الذى اصابهم بالاحباط و لكن تم نصحهم بالبدء في تربية و تدريب الاسود بمفردهم لذلك في عام 1971 بدأوا في تربية أشبال من الأسود في داخل منزلهم السكني في “شيرمان أوكس ” و هو المنزل الذي كان يعيشون فيه مع أطفالهم الثلاثة حيث أعتقد “مارشال و هيدرين ” أنهما بأمان و أن تربية الأسود مع أطفالهم سيقلل من فرص تعرض طاقم العمل للهجوم بمجرد بدء الإنتاج و التصوير حيث قال ” نويل مارشال ” عن تقاسم منزله مع الأسود :
عشت في المنزل معهم لمدة ستة أشهر تقريبًا كان لدينا مجموعة من حوالي 15 أسدًا أطلقنا عليهم اسم “المراهقون” و بحلول الساعة الثالثة صباحًا عندما تخلد الى النوم كان من الممكن أن يقتلوك و عندما لا يفعلون ذلك تكتسب الثقه .
و نتيجة شكاوى الجيران من وجود حيوانات مفترسة بجوارهم أضطر ” نويل مارشال ” و زوجته الى نقلهم فى أحد المزارع خارج مدينة ” لوس انجلوس ” و التى كانت مقرا للعديد من الأسود الأخرين و النمور و الفهود و حتى الأفيال حيث كان المكان بمثابة حديقة حيوانات مصغرة و أيضا موقعا لتصوير أحداث الفيلم و الذى شهد تدميرا كبيرا خلال الانتاج بسبب حدوث نيران فى الغابات المحيطة و فيضانات أدت الى تلف العديد من اللقطات المصورة و تضرر كبير فى معدات التصوير و موت بعض من الأسود و هروب البعض الأخر و هو ما أجبر سلطات إنفاذ القانون المحلية على إطلاق النار على ثلاثة منهم لخطورتهم على المدنيين و هى كوراث أعادت الإنتاج إلى الوراء عدة سنوات و تكلفت ملايين الدولارات فبعد أن كانت الميزانية المبدئية للفيلم 3 ملايين تفاجئ صانعيه بأنها أرتفعت الى 17 مليون دولار و ينتهى الأمر بتمويل جزء كبير من الفيلم شخصيًا من قبل “مارشال و هيدرين ” بعد انسحاب مموليهم و نظرا لتأخر انتاجه فلم يعرض داخل الولايات المتحدة بل عرض فى الخارج و لم يجنى سوى 2 مليون دولار فقط و بما أن المصائب لا تأتى فرادى فبعد صدور الفيلم بعام أنفصل الزوجان ” نويل مارشال ” و ” تيبى هيدرين ” و يشير البعض الى أن فيلم زئير هو السبب فى ذلك بعد تعريض ” مارشال ” لميلانى جريفيث ” لمخاطر حقيقية خلال التصوير و هو ما لم يعجب والدتها .
أقرأ أيضا : كانيبال هولوكوست .. الفيلم الذى منع عرضه فى خمسون دوله و ألقى القبض على مخرجه بتهمة قتل ممثليه
كان انتاج الفيلم جنونا مطلقا حيث خلقت كل تلك الأجواء الكثير من الخوف أثناء تصويره بشكل قال عنه احد النقاد السينمائيين ان فريق العمل كان يشبه الرهائن الذين يُجبرون على لعب أدوار تحت تهديد السلاح و رغم أن رسالة فيلم “زئير” Roar الظاهرة هي التعايش السلمي بين الانسان و الحيوان حتى و ان كانت مفترسه الا أن تلك الرسالة كانت تظهر متناقضة خلال أحداثه التى تدمر فيه الأسود كل ما حولها و تأكل كل شئ و تخيف كل من يقابلها .