فرديناند ماجيلان هو مستكشف و بحارًا برتغاليًا شهيرا و قائد لرحلة هي الأولي من نوعها حول العالم و إشتهر بالتخطيط و قيادة رحلة إلي جزر الهند الشرقية عبر المحيط الهادئ لمحاولة فتح طريق تجاري بحري و خلال حياته الإستكشافية الحافلة التي بدأها في منتصف العشرينيات كبحارًا ماهرًا و ضابطًا بحريًا في خدمة التاج البرتغالي رفض ملكها مانويل الأول دعم خطته للوصول إلى جزر مالوكو المعروفة بإسم جزر التوابل عن طريق الإبحار غربًا حول القارة الأمريكية و هو ما دفعه إلي المغادرة و التوجه إلي إسبانيا حيث أستقر في أشبيليه و تزوج و أنجب طفلين و نجح في الحصول علي الدعم اللازم من الملك تشارلز الأول للقيام برحلاته و نتيجة ولائه للملكية الإسبانية تم تعيينه أميرالًا للأسطول الإسباني و خلال ترحالاته المتعددة إكتشف الممر بين المحيطات الذي حمل إسمه لاحقا كما حقق أول ملاحة أوروبية إلي قارة آسيا عبر المحيط الهادئ و عند جزيرة ماكتان لقي مصرعه في معركة حملت نفس الإسم بعد أن واجه مقاومة شرسة من قبل السكان الأصليين للجزيرة و عقب وفاته تولى خوان سيباستيان إلكانو قيادة البعثة و أكمل مع عدد قليل من الأعضاء الذين ظلوا على قيد الحياة في إحدى السفينتين المتبقيتين أول رحلة حول الأرض حين عادوا إلى إسبانيا عام 1522.
حياة فرديناند ماجيلان
ولد ” فرديناند ماجيلان ” في ” البرتغال ” عام 1480 حيث تشير بعض المصادر أن محل الولادة كانت في مدينة بورتو و مصادر أخري تقول في سابروسا و كان والداه من طبقة النبلاء البرتغاليين و بعد وفاتهما أصبح خادمًا للملكة و مع وصوله إلي سن العاشرة درس ” فرديناند ماجيلان ” في مدرسة الملكة ليونورا في العاصمة ” لشبونة ” و قضى أيامه في دراسة النصوص المتعلقة برسم الخرائط و علم الفلك و الملاحة السماوية و هي موضوعات كان من شأنها أن تخدمه جيدًا في مساعيه اللاحقة .
الملاحة و الإستكشاف
في عام 1505 إنضم ” فرديناند ماجيلان ” إلي الأسطول البرتغالي الذي كان يبحر إلي شرق أفريقيا و كان حينها في منتصف العشرينيات من عمره و بحلول عام 1509 وجد نفسه في معركة ” ديو ” التي دمر فيها البرتغاليين السفن المصرية في بحر العرب و بعد ذلك بعامين إستكشف منطقة ” ملقا ” الواقعة في ” ماليزيا ” الحالية و شارك في غزو مينائها و حصل منها علي خادم من سكانها الأصليين أطلق عليه إسم ” إنريكي ” و أبحر حتى جزر الملوك في ” إندونيسيا ” التي كانت تسمى آنذاك جزر التوابل بسبب أنها كانت المصدر الأصلي لبعض التوابل الأكثر قيمة في العالم مثل القرنفل و جوزة الطيب لذلك كان غزو تلك البلدان الغنية بالتوابل مصدراً للكثير من المنافسة من قبل الدول الأوروبية .
و أثناء خدمته في ” المغرب ” عام 1513 أصيب ” فرديناند ماجيلان ” في قدمه ليستكمل باقي حياته و هو يعرج و بعد إصابته اتُهم زورًا بالتجارة بشكل غير قانوني مع المغاربة و على الرغم من كل خدماته للبرتغال و مناشداته العديدة للملك إلا أنه تم حجب أي عروض عمل أخرى له .
و في عام 1517 إنتقل ” فرديناند ماجلان ” إلي مدينة ” إشبيلية ” بإسبانيا لعرض مهاراته على البلاط الملكي الإسباني حيث جاءت مغادرته ” البرتغال ” في الوقت المناسب لأن معاهدة تورديسيلاس التي وقعت عام 1494 أشارت إلي أن جميع الأراضي المكتشفة حديثًا أو التي لم يتم إكتشافها بعد الواقعة شرق خط ترسيم الحدود (46°30′ غربًا) تمنح للبرتغال أما الأراضي الواقعة غرب الخط فهي من نصيب ” إسبانيا ” لذلك في السنوات الثلاث التي أعقبت مغادرته ” البرتغال ” كان ” فرديناند ماجلان ” قد درس بعناية جميع خرائط الملاحة و مثل كل الملاحين في ذلك الوقت فهم من النصوص اليونانية أن العالم كان مستديرًا لذلك كان يعتقد أنه يمكنه العثور على طريق أقصر إلي جزر التوابل عن طريق الإبحار غربًا عبر المحيط الأطلسي ثم التحرك حول أمريكا الجنوبية و منه إلي المحيط الهادئ و لم تكن هذه فكرة جديدة حيث مهد ” كريستوفر كولومبوس ” و ” فاسكو نونيز دي بالبوا ” الطريق لذلك إلا أن تلك الرحلة تحديدا كانت ستمنح الإسبان وصولاً مفتوحًا إلى جزر التوابل دون الحاجة إلى السفر عبر المناطق التي يسيطر عليها البرتغاليين .
سنوات فرديناند ماجيلان الأخيرة و وفاته
و لتحقيق غاياته قدم ” فرديناند ماجيلان ” خطته إلى الملك ” تشارلز الأول ” ملك إسبانيا ( الذي أصبح لاحقا تشارلز الخامس ملك الإمبراطورية الرومانية المقدسة) و الذي قام بمباركتها و دعمها و في 20 سبتمبر عام 1519 إنطلق بأسطول مكون من خمس سفن مجهزة بالكامل و لكنها لم تكن كافية للإبحار لمسافات كان يعدها حيث أبحر الأسطول أولاً إلي ” البرازيل ” ثم إلي سواحل أمريكا الجنوبية و “باتاجونيا ” ثم حدثت محاولة تمرد و تحطمت إحدى السفن و علي الرغم من تلك الإنتكاسة واصل الطاقم العمل مع السفن الأربع المتبقية و بحلول أكتوبر عام 1520 كان ” فرديناند ماجيلان ” و رجاله قد دخلوا إلي ما يعرف حاليا بإسم ” مضيق ماجيلان ” و أستغرق الأمر أكثر من شهر للمرور عبر المضيق و خلال هذه الفترة هجره أحد ربان سفنه و أبحر عائداً إلى موطنه بينما أبحرت السفن المتبقية عبر المحيط الهادئ في مارس 1521 حتي رسي الأسطول في جوام .
بعد ذلك و في وقت لاحق من شهر مارس عام 1521 وصل أسطول ” فرديناند ماجيلان ” إلى جزيرة ” هومونهوم ” علي أطراف “ الفلبين ” و معه أقل من 150 رجلاً من أصل 270 رجلاً بدأوا تلك الرحلة و خلال تلك الفترة كان يتاجر مع ” راجا هومابون ” ملك الجزيرة و سرعان ما تشكلت رابطة بينهما دفعته هو و الطاقم الإسباني للمشاركة في حرب دارت بين هومابون و زعيم منافس آخر قتل علي أثرها ” فرديناند ماجيلان ” في 27 أبريل عام 1521 ثم هرب باقي الطاقم من ” الفلبين ” و أستمروا في طريقهم نحو جزر التوابل و وصلوا في نوفمبر عام 1521 و بعدها أبحر القائد الإسباني للسفينة الأخيرة ” فيكتوريا ” في ديسمبر و وصل إلى ” إسبانيا ” في 8 سبتمبر عام 1522.
و عقب مقتل ” فرديناند ماجيلان ” حدث جدل كبير حول هوية من طاف حول العالم حيث كانت الإجابة السهلة هي أن ” خوان ساباستيان إلكانو ” و الطاقم المتبقي من أسطول ماجيلان هم من فعلوا ذلك حيث بدأوا من ” إسبانيا ” في 20 سبتمبر عام 1519 و عادوا في سبتمبر عام 1522 و لكن هناك فريق يقول أنه يوجد شخص ربما قد طاف العالم قبلهم و هو خادمه المسمي ” إنريكي ” الذي حصل عليه عام 1511 حين كان ” فرديناند ماجيلان ” في رحلة من ” البرتغال ” إلي جزر التوابل و خلالها شارك في غزو ملقا و حصل على خادمه و بعد مرور عشر سنوات أصبح ” إنريكي ” مع ماجيلان في ” الفلبين ” و بعد وفاته ورد أن ” إنريكي ” كان حزينًا و عندما إكتشف أنه لن يتم إطلاق سراحه خلافًا لإرادة ” ماجيلان ” هرب و عند هذه النقطة يصبح السجل غامضا حيث تشير بعض الروايات إلى أن ” إنريكي ” هرب إلى الغابة بينما تُدرج السجلات الإسبانية الرسمية ” إنريكي ” كواحد من الرجال الذين قُتلوا في الهجوم لكن بعض المؤرخين يشككون في مصداقية السجلات أو دقتها لذا فمن الممكن أنه إذا كان قد نجا بعد هروبه فربما يكون قد عاد إلى ” ملقا ” حيث إستعبده ” فرديناند ماجيلان ” و إذا كان هذا صحيحًا فمعناه أن ” إنريكي ” وليس ” إلكانو ” و طاقمه هو أول شخص يبحر حول العالم .
مقتطفات من حياة فرديناند ماجيلان
- على الرغم من أن رحلة ” فيرديناند ماجيلان ” الإستكشافية كانت إسبانية إلا أن أسطوله كان يضم طاقمًا متنوعًا ثقافيًا و مع أن الإسبان و البرتغاليين قد شكلوا الغالبية العظمى من البحارة إلا أن الرحلة ضمت أيضًا بحارة من ” اليونان ” و ” صقلية ” و ” إنجلترا ” و ” فرنسا ” و ” ألمانيا ” و حتى شمال إفريقيا .
- رغم أن ” فرديناند ماجيلان ” في الأصل من ” البرتغال ” لكن الملك الإسباني ” تشارلز الأول ” قام برعاية رحلته في النهاية حيث أثار هذا غضب ملك البرتغال ” مانويل الأول ” الذي أرسل عملاء لتعطيل إستعداداته و أمر بتخريب ممتلكات عائلته و ربما حاول إغتياله و بمجرد إبحار البعثة أمر مجموعتين من الكارافيل البرتغالية بمطاردة أسطوله على أمل القبض عليه و إعادته إلى وطنه مقيدًا بالسلاسل .
- استاء طاقم أسطول ” فرديناند ماجيلان ” الذي كان معظمه من الإسبان من فكرة أن يقودهم قبطان برتغالي و إضطرت البعثة إلى الصمود في وجه تمردين قبل أن تصل إلى المحيط الهادئ و تم تفكيك أولى هذه الثورات الفاشلة بسهولة لكن الثانية أثبتت أنها أكثر تفصيلاً فخوفًا من أن يؤدي هوسه بإيجاد ممر إلى المحيط الهادئ لتدمير الرحلة الإستكشافية إنقلبت ثلاث من سفنه الخمس ضده و في نهاية المطاف أحبط هو و أنصاره التمرد .
- أثناء رسو سفينته بالقرب من ” الأرجنتين ” الحديثة واجهوا رجال يبلغ طولهم مترين و نصف على شواطئ باتاجونيا و بعد مصادقة هؤلاء “العمالقة” خدعهم ” فرديناند ماجيلان ” ليصعدوا إلى سفينته و أسر أحد الرجال و تم تعميده لاحقًا و أطلق عليه اسم ” بول ” لكنه مات أثناء عبور الأسطول الطويل للمحيط الهادئ و يعتقد المؤرخين أن عمالقة ماجلان كانوا في الواقع أعضاء في قبيلة ” تيهويلتشي ” و هي قبيلة طويلة القامة من الهنود موطنها الأصلي جنوب ” تشيلي ” و ” الأرجنتين ” .
- بعد أن نجا من العواصف المروعة بالقرب من جنوب أمريكا الجنوبية و فقدانه إحدى سفنه بسبب الأمواج الهائجة دخل ” فيردناند ماجيلان ” أخيرًا إلي ما يعرف الآن بإسم مضيق ماجلان في نوفمبر 1520. و عندما عبر إلى محيط هادئ و لطيف أطلق عليه اسم “مار باسيفيكو” أي “البحر الهادئ” باللغة البرتغالية و أعتقد أنه سيصل بسرعة إلي جزر التوابل لكن أسطوله المحاصر أبحر في المحيط الهادئ لمدة 98 يومًا قبل أن يصل إلى أي أرض صالحة للسكن .