تقع صحراء أتاكاما قي قارة أمريكا الجنوبية و تغطي الثلث الشمالي من دولة تشيلي و تمتد لأكثر من 1000 كيلومتر لتصل إلي الحدود الجنوبية لدولة بيرو و هي تمتد شرقا عبر جبال الأنديز أما من الغرب فيحدها التلال و الجبال القاحلة الواقعة على ساحل المحيط الهادئ و يبلغ متوسط إرتفاعها حوالي 4 كيلومترات مما يجعلها أعلي صحاري العالم و أبردها حيث تتراوح متوسط درجات الحرارة فيها ما بين 0 إلي 25 درجة مئوية كما أنها تحتوي علي ما يعرف بإسم مركز أتاكاما أو الصحراء المطلقة و هي منطقة يشير إليها علماء المناخ بأنها أكثر الأماكن جفافاً على وجه الأرض و على الرغم من محدودية وجود الحياة النباتية و الحيوانية في مثل هذه البيئة القاسية إلا أن ذلك لا يمنع من وجود بعض من النباتات التي تمكنت من البقاء و التكيف مع الظروف المحيطة كما تمتلك صحراء أتاكاما خمسة براكين مغطاة بالثلوج و التي تعد أعلى البراكين و أكثرها إرتفاعا في العالم .
و جغرافيا تعد صحراء أتاكاما منطقة باردة و جافة و رغم أنه لم يتم تحديد حدودها تمامًا إلا أنها تقع بشكل أساسي بين المنعطف الجنوبي لنهر “لوا ” و الجبال التي تفصل بين أحواض الصرف ” سالادو كوبيابو ” و في الشمال تستمر الصحراء حتى حدود “بيرو” و غربا يقع خط من الجبال الساحلية المنخفضة “كورديليرا دي لا كوستا” و إلى الشرق ترتفع حتي سفوح جبال الأنديز و تتكون الصحراء بشكل رئيسي من أحواض الملح الموجودة عند سفح الجبال الساحلية في الغرب و من مراوح طينية تنحدر من سفوح جبال الأنديز في الشرق و بعض من هذه المراوح مغطاة بالكثبان الرملية مع وجود تراكمات من الحصى الكثيفة كما تحتوي علي العديد من المخاريط البركانية يزيد إرتفاع بعضها عن 4900 متر على طول الحدود الشمالية الشرقية لتشيلي مع “الأرجنتين” و “بوليفيا” .
و مناخيا تعتبر درجات الحرارة في الصحراء منخفضة نسبيًا مقارنة بتلك الموجودة في خطوط العرض المماثلة في أماكن أخرى و يبلغ متوسط درجة الحرارة في الصيف 18 درجة مئوية و يتراوح متوسط هطول الأمطار ما بين 0.6 إلى 2.1 مليمتر ومع ذلك هناك بعض المناطق التي لم تسجل فيها أي هطول للأمطار علي الإطلاق كما أن الظروف المناخية في صحراء أتاكاما أدت إلي نشأة ما يعرف باسم مجتمعات نباتات مناطق الضباب و التي تكونت نتيجة حبس الغيوم بالجبال أو المنحدرات الساحلية شديدة الإنحدار حيث تقع هذه المجتمعات بالقرب من الساحل و في الأجزاء السفلية من الوديان العديدة الواقعة بين إرتفاعات مستوي سطح البحر و 1100 متر كما تتلقى مناطق أخرى ضبابًا بحريًا يوفر رطوبة كافية لعيش لطحالب الحجرية و بعض من نباتات الصبار و تشتهر تلك المناطق بأنها لا تشهد عمليات التحلل للأجسام حيث من الممكن أن تجد فيها نباتات ميتة قد يصل عمرها إلي آلاف السنين و هي ظاهرة فريدة دفعت علماء الأحياء للبحث عن أدلة قد تساعد في الكشف عن أسرار الحياة على الكواكب الأخرى و إمكانية البقاء هناك بالإضافة إلي دراسة مراحل نمو تلك النباتات في الأماكن المتطرفة من أجل تطوير أنواع يمكن زراعتها علي الكواكب الأخري .
و بيئيا تحتوي صحراء أتاكاما علي ما يقرب من 550 نوعا من النباتات الوعائية و التي نشأت في ظل أكثر الظروف صعوبة على وجه الأرض و أعتمد السكان المحليين على بعضها للأغراض الطبية علي مدار أجيال أما بالنسبة للحياة الحيوانية فهي نادرة جدا إلا أن ذلك لا يمنع من إنتشار عدد قليل من الحشرات و السحالي و الفئران و الثعالب أما في المناطق الموجودة فيها مجتمعات نباتات منطقة الضباب فهي ودية بالنسبة للطيور حيث يتواجد فيها عصفور الغناء البيروفي و عشب المحيط الهادئ الأزرق و الأسود و الطيور الطنانة إضافة لبعض من الطيور الأخري المهددة بالإنقراض مثل نجم الخشب التشيلي و فينش ذو المنقار النحيف أما بالنسبة إلي الزراعة فلا تقدم بيئة صحراء أتاكاما الكثير من الدعم لذلك النشاط و لكن تتم بعض الزراعات بالقرب من واحات النهر حيث يُزرع الليمون على شواطئ المستنقعات المالحة بينما تُزرع البطاطس و البرسيم بالقرب من نهر “لوا” .
و تعتبر منطقة صحراء أتاكاما ذات كثافة سكانية قليلة حيث يقل عدد سكانها عن مليون نسمة يعيشون على مساحة 105200 كيلومتر مربع و يتركزون في المدن الساحلية و قرى الصيد و مجتمعات الواحات و معسكرات التعدين المتناثرة و رغم صعوبة الحياة فى ذلك المكان المقفر إلا أنه يعد أحد المصادر الرئيسية للثروة في “تشيلي” حتى الحرب العالمية الأولي حين كانت الدولة تحتكر تجارة النترات في جميع أنحاء العالم و حاليًا تتناثر في صحراء أتاكاما ما يقرب من 170 مدينة مهجورة لتعدين النترات تم إغلاقها بعد عقود من إختراع النترات الإصطناعية في “ألمانيا” مطلع القرن العشرين كما أنه و بجانب النترات يتم إستخراج عناصر الكبريت و كذلك النحاس الذي يعتبر المصدر الرئيسي للإيرادات في تلك المنطقة حاليا حيث يوفر ذلك المكان أكثر من 30 في المائة من إمدادات النحاس في العالم و هو ما تسبب في نزاع حدودي بين “تشيلي” و “بوليفيا” و ” بيرو ” في القرن التاسع عشر للإستئثار بتلك الموارد المعدنية حيث كانت صناعة التعدين تحت سيطرة “شيلي” و “بريطانيا العظمى” على الرغم من أن المنطقة نفسها كانت مملوكة لبوليفيا و بيرو و هو ما أدي إلي إندلاع حرب المحيط الهادئ خلال الفترة ما بين عامي 1879 و 1883 و أنتهت بإنتصار ” تشيلي ” و توقيع “معاهدة أنكون” التي أعطت لها ملكية دائمة للمناطق التي كانت تسيطر عليها في السابق “بيرو” و “بوليفيا” و التي فقدت ساحلها علي المحيط الهادئ بالكامل و أصبحت دولة غير ساحلية .