فى كل مكان من العالم حتى فى عدد من الدول العربية توجد العديد من القرى أو المدن الموجودة أعالى المرتفعات و التى تتخذ كأساسات يبنى عليها منازلهم الا أن الوضع قد يختلف قليلا فى بلدة تقع فى إسبانيا و يطلق عليها إسم سيتينيل دى لاس بوديجاس لأنها ذات طابع خاص نظرا لإحتضانها من قبل تلال الاندلس لتظهر كما و لو ان اجزاء من منازلها نمت بين الصخور لتندمج معها بشكل خلاب كما أنها تتميز بإمتلاكها شوارع ضيقه و مبانى مطلية باللون الابيض بعض منها له اسقف تغطيها بالكامل الصخور و الحجارة الموجودة فى تلك المرتفعات حيث تم إنشاء تلك البلدة منذ القدم عن طريق توسيع شبكه من الكهوف الطبيعية الموجودة فى تلك المرتفعات وإضافة جدران خارجية لها .
و تقع بلدة ” سيتينيل دى لاس بوديجاس ” فى الجنوب الاسبانى فى موقع متميز على مضيق نهر ” ريو تريجو ” شمال شرق مقاطعة كاديز و التى تبعد عنها بمسافة 157 كيلومترًا و تبلغ مساحتها 82 كيلومتر مربع و عدد سكانها اكثر من 3000 نسمة و بلدة تشتهر بمنتجاتها من اللحوم و المعجنات و المنتجات الزراعيه من الفواكه و الخضروات التى تزود بها البلدات المحيطة .
و بجانب غرابة بلدة ” سيتينيل دى لاس بوديجاس ” و احتوائها على تلك المناظر الطبيعيه الخلابه الا انها تعد جزءا هاما من التاريخ الاسبانى حيث يعتقد ان نشأتها تعود الى عصور ما قبل التاريخ حين تحولت تلك الكهوف الطبيعيه فى هذه المرتفعات الى اماكن مثاليه للمعيشه نظرا لأنه لم يكن من الضرورة بناء منازل كاملة تحمى الافراد من حرارة الصيف و برودة الشتاء و لكن كان كل ما يحتاجون إليه هو تشييد بعض من الجدران فى الكهوف لتكون مأوى لهم ثم تطورت بعد ذلك فى القرون الوسطى من قبل العرب اثناء تواجدهم فى اراضى الاندلس بغرض استخدام تلك المرتفعات و المنحدرات كوسيلة تأمين و تحصين للمدينة حيث يعتقد ان اسم ” سيتينل ” و التى تعنى باللغه الرومانيه ” سبع مرات لا ” تشير الى مقاومة تلك البلدة للاسبان سبع مرات حيث تعرضت الى سبعة انواع من الحصار و صمدت فى ست منها بدأا من عام 1407 م الى ان استسلمت فى الحصار السابع عام 1484 م ثم اضيف اليها فى وقت لاحق كلمة ” بودجاس ” و التى تعنى “مصانع النبيذ” باللغه الاسبانيه حيث اذدهرت صناعتها فى ذلك المكان بعد سيطرة الاسبان عليها كما كان يتم حفظها عن طريق تخزينها مع باقى المنتجات المحليه فى مخازن تحت الأرض للحفاظ عليهم كما ان لتلك البلدة باع طويل فى النضال ضد المستعمر الفرنسى خلال القرن التاسع عشر .
و لزيارة بلدة ” سيتينيل دى لاس بوديجاس ” يوجد وقتان مثاليان لها تبدء من منتصف مارس إلى أوائل يوليو و من أوائل سبتمبر حتى أواخر نوفمبر و هى الاوقات الملائمه بها نظرا لاعتدال درجات الحرارة فى ذلك التوقيت و عند زيارتها و المشى فى شوارعها الضيقه ستجد ان تلك البلدة تتميز ببروز الصخور فيها بشكل غير منتظم الامر الذى يؤدي غالبًا إلى إنشاء أسقف طبيعية للمنازل و المتاجر التى توفر الظلال و البرودة خلال فترات الصيف و بجانب تلك المعالم الطبيعيه بها الا انه يوجد معالم تاريخيه ايضا مثل قلعة ” موريش ” المدمرة و تقع فى وسط البلدة و بنيت خلال فترة تواجد العرب بها للدفاع عنها .
أقرأ أيضا : فندق الجليد .. مكان بديع قد تزوره و لكن تحتاج لشجاعة الإقامة فيه
و تشتهر البلدة باقامة العديد من الكارنفالات و الفعاليات و التى من أشهرها ” معرض سيتينل دى لاس بوديجاس ” و الذى يقام بشكل سنوى خلال شهر اغسطس و يستمر لعدة ايام حيث تقام فيه حفلات موسيقية و ركوب الخيل و رقص الفلامنكو بالاضافه الى ” مهرجان الزيوت ” للاحتفال بانتاج البلدة لزيت الزيتون بغرض تسويقه .