بدون شك فإن كرة القدم هى اللعبة الشعبية الأولى فى معظم دول العالم و يمارسها و يتابعها الكثير من الشعوب و لكن فى بعض من الدول قد تتراجع تلك الرياضة لصالح ألعاب أخرى ففى دولة مثل الهند يفضل شعبها ممارسة لعبة الكريكيت لحسابات تاريخية و هى أن كرة القدم محسوبة على المملكة المتحدة التى أحتلت أراضيهم لذلك كان لديهم ميول لممارسة ألعاب أخرى أما فى الولايات المتحدة فتتصدر قائمة تفضيلات الشعب الأمريكى ألعاب مثل البيسبول و كرة القدم الأمريكية المختلفة تماما عن لعبتنا الشهيرة التى يطلقون عليها هناك اسم سوكر , و رغم ان لعبتنا لها تاريخ طويل فى الولايات المتحدة الا أنه كان مهملا لعدم الإقبال عليها و لعل استضافة الولايات المتحدة لنهائيات كأس العالم على أراضيها عام 1994 كانت هى البداية الحقيقية لمعرفة الأمريكيين عنها بل و قيام البعض بممارستها و فى ذلك الموضوع نستعرض معا تاريخ كرة القدم داخل الولايات المتحدة و التى يتوقع فى السنوات المقبلة ان تتخطى أشهر الألعاب الأمريكية و تكون هى فى الصدارة .
كانت المرة الأولى التي تم فيها طرح مفهوم لعبة كرة القدم أو كما كان يطلق عليها آنذاك ” سوكر ” على المجتمع الأمريكي عام 1905 حين قال الرئيس الأمريكي “تيدي روزفلت” بأنه يجب على الناس ألا يموتوا وهم يلعبون لعبة كرة القدم الأمريكية فقط حيث كان ذلك بالتزامن مع جولة فى الولايات المتحدة يقوم بها فريق انجليزى لكرة القدم لإستعراض تلك اللعبة على الشعب الأمريكى و في العام التالي نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالاً بعنوان “اذا لم تكن تلك كرة قدم فماذا تكون ؟” حيث جادلت بأن كلمة ” سوكر ” التى ينطقها الأمريكيين على لعبتنا من الصعب ان تكون بديلاً عن كرة القدم الأمريكية حيث قدمت بعض النقاط القوية حول أن “سوكر” هى كرة القدم الحقيقية لأنها “لعبة ركل كليًا” على عكس الأمريكية المسماة بشكل غير صحيح و بعد تلك المقالة شهدت كرة القدم المعروفة بعض من الازدهار لا سيما في مدينة “سانت لويس” كوسيلة للتمرين الجيد حيث بدأت أندية و روابط هواة لها فى التشكل و رغم أنها ظلت شائعة بشكل غير معتاد في مدينة “سانت لويس” معظم القرن العشرين إلا أنها فشلت في الانتشار بعيدًا خارج حدود المدينة .
و بعد حوالي عقد من الزمان أرسلت ” الولايات المتحدة ” معظم مواطنيها القادرين على العمل أو حتى القتال فى الحرب إلى أراضى بعيدة محبة لكرة القدم أو ” سوكر ” لذلك ظهرت نظرية حول مدى شعبية تلك الرياضة الوشيكة فى المجتمع الأمريكى حيث قالت أن أن الجنود الأمريكيين المشاركين فى الحرب العالمية الأولى سوف يصابون بهوس تلك اللعبه و سيعودون لنشرها داخل المجتمع الامريكى حتى أن صحيفة “ديترويت فري برس” قد ذكرت في عام 1918 أن الحكومة الأمريكية اشترت الكثير من أدوات لعبة كرة القدم ” سوكر ” و شحنتها إلى معسكرات الجيش حيث تبذل كل ما في وسعها لتعزيز تلك اللعبة بين جنودها و تسألت لماذا الجيش مهتمًا جدًا بتلك اللعبة و أفترضت أنها ربما بسبب رخصها و سهولة ممارستها و إكساب لاعبيها أى جنودها لياقة بدنية مرتفعة .
و بعد انتهاء الحرب لم يسمع الكثير عن لعبة ” سوكر ” مرة أخرى في البلاد حتى عام 1950 عندما حققت الولايات المتحدة أكبر انتصار دولي لها بفوزها على إنجلترا في بطولة كأس العالم بنتيجة 1-0 و في عام 1955 عادت لعبة كرة القدم ” سوكر ” للظهور فى الأوساط العسكرية حيث كان لدى الجيش الأمريكى سبب معقول لدعم تلك اللعبة ألا و هو العلاقات الخارجية فبدلاً من أن يعزز الجنود الأمريكيين التصور الاستعماري لدى السكان المحليين بفرض ثقافتهم عليهم فسيقومون بالعكس فى أنهم هم من يتعلموا ثقافة تلك الدول فبدلاً من تعليم الآخرين كيفية لعب البيسبول أو كرة السلة لما لا يتعلمون هم لعب كرة القدم و تم نشر هذه الاستراتيجية بشكل شائع في القواعد الأوروبية للقوات الجوية خلال الحرب الباردة و صرح الملازم “آل أسبن جونيور” مدرب فريق كرة القدم الشهير في قيادة القوات الجوية الأوروبية لصحيفة “ديلي بوسطن غلوب” بأنه بعد عشر سنوات من الآن ستكون الولايات المتحدة قوة في لعبة كرة القدم الا أنه لم يكن مصيبا فى توقعه فبعد 11 عامًا لم تتأهل الولايات المتحدة لكأس العالم عام 1966.
و بدأت حقبة تالية من لعبة كرة القدم أو “سوكر” تهدد بالسيطرة على أسلوب الحياة الأمريكية في عام 1968 بفضل شخص يدعى “فيل ووسنام” مفوض دوري كرة القدم في أمريكا الشمالية و الذي توقع أن الأمريكيين سينحنون قريبا إلى “سوكلور” إله كرة القدم حتى أنه قال بعض من التوقعات المجنونة و التى ثبت خطأها لاحقا فى أن “الولايات” المتحدة ستنافس على لقب كأس العالم عام 1990 و ستكون مركز كرة القدم العالمية (احتلت الولايات المتحدة المركز الأخير في مجموعتها وخسرت جميع المباريات الثلاث) و سيحصل دورى كرة القدم الخاص بلعبة ” سوكر ” على نفس شعبية دورى كرة القدم الأمريكية بحلول عام 1985 (تم حل الدورى في عام 1984) كما أن المشجع الأمريكي سيحقق يومًا ما نفس جنون تشجيع اللعبة مثل نظرائه في “البرازيل” و “إنجلترا” و لم يكن ” ووسنام ” الوحيد الذي لديه مثل هذه الرؤى المتفائلة لمستقبل كرة القدم الأمريكية ففي عام 1981 نشرت صحيفة “بوسطن جلوب” مقالاً عن شعبية كرة القدم للشباب في “نيو إنجلاند” و أجروا مقابلة مع خبير فى اللعبة و هو “بيتر جياناكوبولوس” و الذى قال أن الأطفال الأمريكيين الذين يأتون لممارسة تلك اللعبة حاليا أفضل من نظرائهم الأوروبيين .
أقرأ أيضا : قصة مباراة لكرة القدم أقيمت فى حضور أطباق طائرة و كائنات فضائيه
و مع اقتراب تنظيم الولايات المتحدة لبطولة كأس العالم عام 1994 أعرب “أنتوني داي” من صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” عن شكوكه في أنه يمكن جذب الجماهير الأمريكية إلى لعبة سوكر لأنها ليست عرضة للتحليل الإحصائي حيث أوضح أن الأمريكيين يحبون حساب احصائيات الألعاب من حيث الجرى و ضرب المضرب و قذف الكرة لذلك أعتقد أنهم لن يتبنوا أبدًا لعبة تجعل حاسبات معصمهم عديمة الفائدة و مع ذلك روج أن كرة القدم تتميز بأن لها مجموعة غنية من الأساليب و المفاهيم التكتيكية , و مع انطلاق بطولة “كأس العالم” بدء شغف المواطنين الأمريكيين فى الأزدياد بتلك اللعبة رغم انكار الصحف بذلك حيث أشار “فيل هيرش” كاتب عمود في صحيفة “شيكاغو تريبيون” بسخرية بأنه وفقًا لمصادر موثوقة اعترف أكثر من 230 مليون أمريكي استطلعت آراؤهم بمعرفتهم أن كرة القدم مستديرة و قالت صحيفة “نيويورك تايمز” أن كرة القدم أو سوكر ما زالت ليست شغفًا في “الولايات المتحدة” حتى أن أحد الصحفيين قال ان تلك اللعبة لا تنال سوى اهتمام الأمهات و الأطفال الذين عند بلوغهم يتركوها لصالح رياضات أخرى , و لحسن الحظ أنه الوقت الحالى بدأت لعبة سوكر فى الحصول على اهتمام متزايد لدى المواطن الأمريكى بعد انتشار شبكة الإنترنت التى سهلت له متابعة بطولات و مباريات تلك الرياضة و معرفة المزيد عنها و عن أخبارها .