دائما ما تحمل لعبة قطار الملاهي أسماء مثيرة بغرض جذب الجمهور لتجربتها و لكن مهما كانت الأسماء و شدة إثارتها إلا أنه يتم تجنب وضع كلمة الموت في أسمائها و بطبيعة الحال كانت هناك حالات وفاة مروعة ناجمة عن تلك اللعبة في عدد من الأماكن و لكنها بالطبع كانت نتيجة حوادث عرضية و غير مقصودة حتي تبدل الأمر عام 2010 حين كشف فنان ليتواني يدعي جوليجوناس أوربوناس عن تصميم أطلق عليه إسم سفينة الموت الرحيم و تتكون من لعبة قطار ملاهي صمم بطريقة إنسانية ليودي بحياة الراغبين في الموت بطريقة مثيرة و غير مؤلمة .
و لمحاولة فهم سفينة الموت الرحيم أشار الفنان الليتواني ” جوليجوناس أوربوناس ” و الذي كان أيضًا أستاذًا مشاركًا في أكاديمية فيلنيوس للفنون في ” ليتوانيا ” و مديرًا سابقًا لمدينة ملاهي سوفيتية في ” كلايبيدا ” أن ذلك الإبتكار الغريب مكون من عربة واحدة مخصصة لحمل راكبًا واحدًا فقط بمجرد ركوبها سوف تأخذه في رحلة إلي أعلي تل يصل إرتفاعه إلي 490 متر و هو أمر مطلوب في البداية لأنه سيعطي الراكب بضع دقائق من التأمل و التفكير في حالة إذا قرر التخلي عن رحلته المميتة و لكن إذا إختار المضي قدما في قراره بإنهاء حياته فكل ما هو مطلوب منه الضغط علي زر السقوط لتهبط العربة في نزول حاد بسرعة 355 كيلومتر في الساعة .
و خلال الهبوط بتلك السرعة الكبيرة في المرحلة الأولي ستصبح قوة سحب الهواء مكافئة لقوة الجاذبية و سيتم دفع الأعضاء الداخلية و الأضلاع إلى الأسفل و سيضغط كل الهواء داخل الرئة و بالتالي تقليل تدفق الأكسجين إلي الدماغ و هو ما سيدخل الراكب في مرحلة فقدان وعي نتيجة شدة الجاذبية و إذا لم تستطيع المرحلة الأولي إتمام المطلوب منها فقد تم تصميم سفينة الموت الرحيم للمرور في عدة حلقات أخري صغيرة لتعاد الكرة مرة مجددا عدة مرات و يتوقع خلال ذلك أن يبدأ الراكب في فقد الرؤية و سيبدو العالم ضبابيًا أمامه و بحلول نهاية الرحلة فمن المؤكد أنه سيموت و أشار ” أوربوناس ” إلي أن العربة ستكون مجهزة بنظام مراقبة لضمان أنه إذا وصل الراكب إلي النهاية حيًا فهناك دائمًا إمكانية الذهاب للجولة الثانية .
و بعد عرض نموذج مصغر لسفينة الموت الرحيم إنتشرت أخبار تلك الأداة علي وسائل التواصل الإجتماعي و حصلت على قدر كبير من الإهتمام خاصة من قبل العلماء و الطيارين و المهندسين المتخصصين الذي قال واحد منهم للمصمم خلال رؤيته للنموذج انه فهم ألياته المتعلقة في التلاعب بالجاذبية وقوتها لسحب الدم من دماغ الراكب إلي النصف السفلي من جسمه و لكن مع ذلك يمكن إختراق ذلك التصميم و ركوب العربة و البقاء حيا من خلال إرتداء بنطلون مضاد للجاذبية أو كما يطلق عليها بدلة جي و هي بدلة يرتديها رواد الفضاء و الطيارين لمنعهم من فقدان الوعي أثناء حدوث التسارع و في حالة تم تطبيقها علي راكبي سفينة الرحيم فسيتم منع دمائهم من التجمع في النصف السفلي من جسمهم و بالتالي ستكتب لهم النجاة .
و نظرا لغرابة التصميم و فكرته الغير تقليدية حصل على الجائزة العامة للفنون التكنولوجية الجديدة عام 2013 و هو ما دفع الكثيرين لسؤال الفنان ” جوليجوناس أوربوناس ” عن الأسباب التي ألهمته لتلك الفكرة و أجاب ان وراء ذلك التصميم عوامل عديدة رغم إختلافها إلا أنها أتفقت علي الهدف النهائي أبرزها أنه لم يعد يري أي تطوير في تصميمات قطارات الملاهي في مقابل تطويرات كثيرة في الخيال العلمي بالإضافة إلي أنه في تصميم سفينة الموت الرحيم مزج بين ما يجيده و هو الفن و تخيلاته و عمله التطبيقي في مدينة الملاهي .
أقرأ أيضا : جهاز بولنسكي .. أغرب أداة في عالم ولادة الأطفال بإستخدام قوة الطرد المركزية
و ربما أثارت سفينة الموت الرحيم الكثير من الجدل ما بين مؤيد و معارض لكنها راقت للبعض و بدأوا في التفكير حول ذلك الأمر و لكن بأساليب أخري مثل ما حدث عام 2021 حين صممت منظمة أسترالية غير ربحية ما أسموه حجرة الإنتحار و التي تمت الموافقة علي إستخدامها في ” سويسرا ” و هي مكونة من كبسولة يوضع فيها الشخص الذي يريد الخضوع للموت الرحيم الطوعي و في داخلها يتم طرح سلسلة من الأسئلة البسيطة عليه و بمجرد الإجابة عليها يكون له الحرية في الضغط على الزر الأحمر الكبير داخل الحجرة و الذي من خلاله يتم ضخ النيتروجين السائل في الكبسولة مما يؤدي إلي إنخفاض مستويات الأكسجين إلى أقل من خمسة بالمائة في دقيقة واحدة فقط و هو على عكس الغازات السامة ليس له رائحة و كل ما سيفعله هو الحرمان من الأكسجين و زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الدم في عملية تستغرق 10 دقائق كحد أقصي كما أن الكبسولة قابلة للتحلل البيولوجي و يمكن فصلها لإستخدامها كتابوت .