فى عام 2007 قامت احدى المجلات الطبية البريطانية بالاشراف على إستطلاع رأى حول أفضل شئ طبى تم إكتشافه و كان له دورا كبير فى المحافظة على صحة الإنسان و تكالب القراء من جميع أنحاء العالم على المشاركة به و كانت نتائجه النهائية لصالح أنظمة الصرف الصحى و التى تفوقت على تقنيات تطوير اللقاحات و حبوب منع الحمل و المضادات الحيوية و التخدير و من المنطقي أنه فى حال وضع ذلك الإستبيان فى أى مكان فى العالم فستكون نتائجه متشابهة و إن أختلفت قليلا لصالح شئ على حساب الأخر و لكن يبدو أن الأمر سيختلف قليلا فى البرازيل لأنه سوف يوضع بشكل إجباري فى الاختيارات شخص يدعى زي أريجو و من المؤكد بأنه سوف يتصدر النتائج لأن مئات الألاف من البرازيلين يزعمون بأنه قام بعلاجهم من خلال ما يعرف بإسم الجراحة النفسية أو الروحية و كل ذلك من خلال استخدام سكين صدئة فور انتهائه من عمله ينتقل مباشرة الى مريض أخر .
وُلد “خوسيه بيدرو دي فريتاس” و الذي اشتهر فيما بعد باسم “زي أريجو” لأسرة زراعية فقيرة في ولاية “ميناس جيرايس” بالبرازيل في أكتوبر عام 1921 و ترك المدرسة بعد الصف الثالث فقط و في سن الرابعة عشرة بدء العمل و الاعتماد على نفسه و كان من الواضح أن ذلك الشاب سوف يقضى باقى حياته فى ذلك العمل الروتيني حتى تغير كل شيء فجأة بالنسبة اليه في سن الثلاثين حين بدأ يعاني من صداع مؤلم و أرق و غالبًا ما كان يقع في حالات هلوسة و خلال أحدى نوباتها رأى رؤية لرجل أصلع يرتدي مئزرًا أبيض و يشرف على فريق من الأطباء و الممرضات في غرفة عمليات ضخمة و سرعان ما أصبح هذا الرجل الأصلع معروفًا لدي “فريتاس” باسم الدكتور “أدولفوس فريتز” و وفقًا لما ذكره “دي فريتاس” فإن روح الدكتور “فريتز” قد استحوذت عليه و كشف أنه كان طبيباً ولد في “ألمانيا” بمدينة “ميونيخ” لكنه انتقل إلى “بولندا” في سن الرابعة و بعد وفاة والديه و هو صغير أُجبر “فريتز” على العمل في سن مبكرة و درس الطب بمفرده ثم تم إرساله إلى السجن قبل شهر من تخرجه بعد أن أحضر اليه احد الجنرالات لابنته المريضة التي توفيت فيما بعد أثناء رعايته ثم هرب لاحقًا من السجن وهرب إلى “إستونيا” و توفي قرب نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 و سرعان ما أصبح “دي فريتاس” ذو التعليم الضعيف و الذى لا يعرف أى شئ عن الطب يظهر مآثر طبية مذهلة و أصبح مشهورًا وسط الناس باسم “زي أريجو” و بدا أن روح الدكتور “فريتز” ترغب فى الاستمرار معه لإستكمال مسيرته الطبية .
و كان أول مريض تعامل معه ” زي أريجو ” هو احد أعضاء مجلس نواب الولاية حيث كان يقيم في نفس الفندق الموجود فيه ” دي فريتاس ” و تم تشخيصه مؤخرًا بأن لديه ورم سرطاني يتطلب علاجًا فوريًا و وفقا للقصة و بينما كان ” زي أريجو ” في حالة هلوسة دخل فجأة الى غرفة النائب و هو يحمل شفرة فى يديه و بعد ذلك لا يتذكر الإثنان ماذا حدث نظرا لأن الأول كان فى حالة هلوسة بينما دخل النائب فى غيبوبه و استيقظ بعدها في صباح اليوم التالي ليجد قميصه مقطوعًا و ملطخا بالدماء و وجد شقًا أنيقًا بين ضلوعه و نزل النائب إلى الشارع في حالة ذهول ومرتبك و ركب سيارة أجرة و توجه مباشرة إلى طبيبه و بعد إجراء عدة صور بالأشعة السينية أخبر الطبيب المذهول عضو مجلس الشيوخ أن الورم قد أختفى بشكل عجيب و ليس ذلك فقط بل أن الجراحة التى أجريت لإزالته لم يكن من الممكن إجراؤها إلا باستخدام أحدث المعدات و الإجراءات الطبية التي كانت في ذلك الوقت متوفرة فقط في “الولايات المتحدة” و نظرا لأن ذلك النائب كان شخصية شهيرة فقد أنتشرت قصته فى جميع أنحاء البلاد و بدء الناس فى الحديث حول المهارات الجراحية الغير تقليدية لـ ” زي أريجو ” و الذى كان يجرى جراحات على السكان المحليين مجانًا بيديه العاريتين و باستخدام سكين صدئة أو مقصين و إرشادات من روح دكتور “فريتز” .
و نظرا لذيع شهرة ” زي أريجو ” كان من الطبيعى أن يهتم المجتمع الطبي بما يفعله لذلك و في إحدى المرات جلس طبيب الأسنان “كارلوس كروز”مع أخت زوجته “سونيا ” و والدها الطبيب خارج عيادة ” زي أريجو” في انتظار دورهم لرؤية ما يسمى الجراحة النفسية بإستخدام سكين صدئة و عند دخول الثلاثة إلى العيادة الصغيرة و قبل النطق بكلمة واحدة التفت “أريجو” على الفور إلى “سونيا” و أبلغها بأنها مصابة بسرطان الكبد حيث كانت تعرف ذلك بالفعل من أطباء أخرين قاموا بتشخيص حالتها مؤخرًا و قالوا لها أن ما تعاني منه من الصعب علاجه نظرا لصعوبة استئصاله من مكانه لذلك لم يكن أمامهم سوى التوجه إليه طلبا للمساعدة حيث وافق و بدء فى جراحته بأن وضع “سونيا” على أرض العيادة التي كانت مغطاة بالصحف و أخرج سكينه و شق بطنها فى الوقت الذى كان طبيب الأسنان و والدها الطبيب الأخر يراقبان ما يفعله حيث كانوا يتوقعون رؤية الكثير من الدماء و لكن على عكس توقعاتهم كان القليل منه فقط و وفقًا لكروز أصبحت الأمور غريبة حقًا حيث أدخل ” زي أريجو ” مقصًا في الشق و سحب يده على الفور و وفقًا للشهود بدأ المقص يتحرك من تلقاء نفسه و بعد بضع ثوانٍ وصل إلى الجرح و استخرج الورم و بعد أن مسح الجرح بقطعة قماش و أغلقه لم تشعر “سونيا” بأي ألم و تمكنت من النهوض و التجول رغم أنها كانت في حالة ذهول إلى حد ما الا انها كانت قد تعافت بالفعل و تم استئصال الورم .
و في عام 1956 أدين ” زي أريجو ” بممارسة الطب بشكل غير قانوني و حُكم عليه بالسجن لمدة 15 شهرًا لكن رئيس البرازيل وقتها “جوسيلينو كوبيتشيك دي أوليفيرا” أصدر عفواً عنه و في عام 1962 تم اعتقاله لمدة سبعة أشهر لممارسة الطب دون ترخيص و مع ذلك سُمح له بمواصلة علاج الأشخاص أثناء وجوده في السجن و بعدها أستمر فى إجراء الآلاف من العمليات الجراحية في عيادته الصغيرة بينما كان في حالة من الهلوسه التى كان من خلالها يقوم الدكتور ” فريتز ” بمهامه و في كثير من الأحيان كان يعمل على مئات الأشخاص يوميًا و من الغريب أنه كان يرحب بأي شخص يريد مراقبة إجراءاته الطبية غير التقليدية لذلك كان طبيعي أن تجد أمامه عدد من الأطباء الحائرين أو حتى الكاميرات لتسجيل ما يحدث حيث قام الطبيب ” أندريا بوهاريتش ” و هو باحث في الطب و علم النفس بتوثيق العديد من عملياته الجراحية المذهلة و لكن لسوء الحظ انتهت قصة ” زي أريجو ” بعد أن لقى مصرعه بحادث سيارة فى نوفمبر عام 1971 حيث قتلت معه لفترة من الوقت مهنة الطب الروحي بعد أن أختفى تماما الدكتور “فريتز” و لكن كان من الواضح أن البعض قد أراد استكمال تلك المسيرة بعد إدعائهم بأنهم مثل ” زي أريجو ” جراح السكين الصدئ و بانهم يتلقون التوجيهات من نفس الجراح الألمانى الذى أجريت حوله الكثير من عمليات البحث الشامل و لكن كان من الواضح أنه لا يوجد أي سجل عن وجود جراح يدعى “أدولفوس فريتز” و هو ما يطرح سؤال غامضا حتى اللحظة ليس لها إجابة و هى أنه إذا لم يكن الدكتور “فريتز” موجودًا حقًا فمن كان يقود يد جراح السكين الصدئة؟ .
أقرأ أيضا : هيلين دانكن و محاكمة أخر ساحرة بريطانية فى القرن العشرين
و كان من طبيعة الحال يوجد فريق من المتشككين حول ذلك الأسلوب العلاجى حيث قال الساحر “جيمس راندي” أن الجراحة النفسية لأريجو كانت نتيجة خداع اليد و نشر صورة له و هو يؤدي حيلة بالسكين يُزعم أن ” زي أريجو ” قام بها كما قال المحقق “جو نيكيل” أن “أريجو ” كان يصف جرعات متنوعة من أدوية تعتمد فعاليتها بوضوح على تأثير الدواء الوهمي حيث كانت تلك الأدوية تصرف من الصيدلية الوحيدة في المدينة التي يديرها شقيق الطبيب الهاوي و اعتبر الفيلسوف ” روبرت تود كارول ” بأن “أريجو” ما هو الا مجرد مخادع رغم تأكيدات من الألاف ان ” زي أريجو ” بالفعل قد قام بعلاجهم و حتى اللحظة لا أحد يعرف الحقيقة .