مع انتشار وباء الكورونا فى جميع أنحاء العالم أصبح أرتداء أقنعة الوجه أمرا لا غنى عنه فى تعاملاتنا اليومية خارج المنزل و هى عبارة عن أداة حماية شخصية تعمل كحاجز ميكانيكي خلال تدفق الهواء الداخل و الخارج من فتحات الجهاز التنفسي مثل الأنف و الفم حيث يساعد ذلك في الحد من انتقال مسببات الأمراض و الملوثات الأخرى التي تنتقل عن طريق الهواء بين مرتديها و الأشخاص القريبين منه عن طريق الرذاذ المنبعث من الجهاز التنفسي عند العطس أو السعال أو الزفير القسري أو البصق غير المتعمد عند التحدث حيث تعمل أقنعة الوجه بشكل كبير على تصفية بعض الفيروسات و البكتيريا الموجودة فى الهباء الجوي المعلق و هى تتفاوت أنواعها ما بين القماشية الأقل حماية ثم الجراحية و هى الأكثر شيوعا و التى تعطى نسبة لا بأس بها من الوقاية الى أنواع محكمة مثل N95 و FFP2 و تصنع أغلب الماسكات الجراحية من قماش غير منسوج تم إنشاؤه باستخدام عملية النفخ الذائب و دخلت حيز الاستخدام في الستينيات و هى لها أسلوب معين فى الارتداء حيث يجب ارتداء الجانب الملون سواء كان أزرق داكن أو أخضر أو أصفر أحيانًا من القناع للخارج و هى الطبقة المصنعة من مواد طاردة للسوائل أما الجانب ذات اللون الأبيض فيكون الى الداخل و هى الطبقة الماصة و نتيجة أستخدام أقنعة الوجه بكثافة تلك الأيام تم تدوال معلومة على شبكة الانترنت تشير الى أن الأستخدام المطول لها طوال اليوم للحماية من فيروس كورونا قد تؤدى الى حدوث مشاكل صحية بسبب استنشاق الكثير من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الزفير فهل تلك المعلومة صحيحة ؟
التقييم
الأدلة
خلال جائحة “فيروس كورونا” في ربيع عام 2020 ظهرت أسئلة حول ماهية التدابير الوقائية و شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الصور ذات الصلة وفي إحدى الحالات ادعى عمود في إحدى الصحف أن الاستخدام المستمر أو المطول لأقنعة الوجه قد يؤدى إلى استنشاق الكثير من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الزفير مما قد يؤدي إلى حدوث مخاوف صحية حيث قال الدكتور ” دينيس كاسترو ” فى صحيفة ” فانجارد ” النيجيرية على سبيل المثال أن الاستخدام المطول لأقنعة الوجه قد يسبب حدوث نقص فى الأكسجة حيث قال :
يتحول استنشاق هواء الزفير مرارًا و تكرارًا إلى ثاني أكسيد الكربون و لهذا نشعر بالدوار و هذا يعمل على تسميم المستخدم حيث تزداد الأمور سوء عندما يتعين علي مرتديها التحرك و تنفيذ إجراءات الإزاحة مما يجعله يشعر بعدم الراحة و فقدان التركيز بشكل يولد التعب الشديد و فى بعض الحالات قد يؤدي نقص الأكسجين إلى انهيار الجلوكوز و ارتفاع حمض اللاكتيك و هى امور تمثل تهديدا على الحياة .
و يلاحظ فى تلك المقالة أنها لم تذكر أنواع الأقنعة التي تسبب هذه المشكلات (على الرغم من أن الصورة فى تلك المقالة تظهر أقنعة التنفس N95) كما أنها لا تشير عما إذا كان هذا يؤثر على الأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي بشكل أكبر أم على الجميع و تجدر الإشارة إلى أن نقص الأكسجة هى حالة يتم فيها حرمان أنسجة الجسم من الأكسجين و ما زاد من الحديث عن ذلك الأمر هو صدور منشور أخر على موقع التواصل الاجتماعى ” فيسبوك ” يقول أن استخدام القناع لفترات طويلة يسبب فرط ثنائي أكسيد الكربون و هي حالة تنشأ عن وجود الكثير من ثاني أكسيد الكربون في الدم و تشمل أعراض مثل الدوخة و النعاس و التعب و الصداع و الشعور بالارتباك و احمرار الجلد و ضيق التنفس و تشمل الأعراض الشديدة فقدان الوعي و الغيبوبة و ارتعاش العضلات و نوبات مرضية أخرى .
و من ناحيتهم يقول الخبراء أنه من غير المحتمل أن تحدث مثل هذه الأعراض الشديدة لدى معظم الناس حيث يقول الدكتور “أبرار أحمد تشوجتاي” عالم الأوبئة و المحاضر في كلية الصحة العامة و طب المجتمع بجامعة “نيو ساوث ويلز” فى “أستراليا” إن خطر نقص الأكسجة و فرط ثنائي أكسيد الكربون في الدم من غير المرجح أن يحدث باستخدام الأقنعة القماشية و الجراحية لأنها ليست ضيقة حيث قال :
قد يواجه بعض الأشخاص المصابين بأمراض الجهاز التنفسي الموجودة مسبقًا مثل الربو و مرض الانسداد الرئوي المزمن صعوبة في التنفس باستخدام أنواع معينة من أقنعة الوجه الضيقة و التي تسمى أجهزة التنفس منها أقنعة الوجه N95 لأنه قد يكون هناك فرصة قليلة لنقص الأكسجة و لكن تكون المخاطر تلك منخفضة جدًا باستخدام أقنعة الوجه القماشية و الجراحية لأنها ليست ضيقة حول الوجه .
كما جادل أيضا بأنه في حالة الاستخدام المطول لأي من هذه الأقنعة سيكون الشعور بالدوار أقل احتمالا و لكن قد يحدث التعب و يشير أيضا الى اعتقاده بأن خطر ارتداء الأقنعة داخل سيارة أقل احتمالًا و أن الركض أثناء ارتداء هذا القناع أيضًا من غير المحتمل أن يسبب مشاكل في التنفس ما لم يكن العداء يعاني من مرض تنفسي موجود مسبقًا بالاضافة الى ذلك و وفقًا لرويترز فمن غير المرجح أن يرتدي عامة الناس أقنعة وجه لفترة طويلة بخلاف الفترات القصيرة خارج المنازل حيث يقول ممثل مركز السيطرة على الأمراض للوكالة :
من الطبيعى أنه سوف يتراكم ثاني أكسيد الكربون ببطء في القناع بمرور الوقت و مع ذلك فإن مستوى تراكمه المحتمل يمكن تحمله في الغالب للأشخاص المعرضين له و قد تصاب بالصداع و لكن على الأرجح لن تعاني من الأعراض التي لوحظت عند مستويات أعلى بكثير من وجود ثاني أكسيد الكربون لأنه وقتها يمكن أن يصبح القناع غير مريح لعدة أسباب بما في ذلك الحساسية لثاني أكسيد الكربون و سيحفز الشخص لإزالة القناع و من غير المحتمل أن يؤدي ارتداء القناع إلى فرط ثنائي أكسيد الكربون .
و رغم تقليلها من تلك المخاطر الا انها تنصح بعدم وضع أغطية الوجه المصنوعة من القماش على الأطفال الصغار دون سن الثانية أو أي شخص يعاني من صعوبة في التنفس أو فاقد للوعي أو عاجز أو غير قادر على إزالة القناع بدون مساعدة أما بالنسبة الى أقنعة N95 فقد أشار مركز السيطرة على الأوبئة الى ما يلى :
يعد نقص الهواء سببًا رئيسيًا للإزعاج الشديد أثناء ارتداء أقنعة N95 المرشحه للوجه و مع ذلك تشير الدراسات إلى أن نقص التهوية لم يشكل خطرًا كبيرًا على العاملين في مجال الرعاية الصحية على مدار أقل من ساعة واحدة من الاستخدام المستمر لـ N95 و لكن عندما يعمل العاملون في مجال الرعاية الصحية لساعات أطول دون انقطاع أثناء ارتداء تلك الأقنعه بإستمرار فقد يتراكم ثاني أكسيد الكربون في مساحة التنفس و يزيد باستمرار بعد ساعة واحدة مما قد يكون له تأثير فسيولوجي كبير على مرتديه بما في ذلك الصداع و زيادة وتيرة التنفس و أعراض أخرى و لإصلاح مشكلة استنشاق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون التي تراكمت داخل غطاء جهاز التنفس الصناعي يمكن للعامل ببساطة إزالة جهاز التنفس الصناعي لتخفيف معظم الأعراض المذكورة أعلاه.
أقرأ أيضا : هل يرسل الجنين خلايا جذعية خاصة به لإصلاح أعضاء الأم التالفة ؟
و بشكل عام تم إجراء القليل من الأبحاث حول تأثير الأقنعة على مرتديها و وفقًا لما ذكرته بعض الدراسات فقد لاحظ المشاركين صعوبات في التنفس و لكن ليس نقص الأكسجة و عليه فإن تأثير القناع يعتمد فى النهاية على صحة مرتديه و عما اذا كان لديهم أمراض تنفسية موجودة مسبقًا و نوع القناع و طول الفترة التي يرتديها الشخص و في معظم الحالات تكون تأثيرات استخدام قناع القماش لفترات طويلة صغيرة و عليه فنصنف هذا الادعاء بشأن مخاطر الأقنعة على أنه خطأ في الغالب .