حرب المعجنات .. ضرر لحق بمخبز فرنسي يتسبب في إندلاع حرب بين فرنسا و المكسيك

تندلع الحروب بين الدول لعدد من الأسباب المنطقية التي تتعلق بوجود مشاكل حدودية أو بهدف السيطرة علي الموارد الطبيعية أو التحكم في مقدرات الشعوب و لكن علي مدار التاريخ توجد عدد من الحروب التي إندلعت نتيجة أسباب واهية مثل ما حدث بين فرنسا و المكسيك أواخر ثلاثينيات القرن التاسع عشر حين نشبت بينهم معارك شرسة عرفت بإسم حرب المعجنات بسبب أعمال نهب طالت مخبز و عدد من المتاجر الفرنسية الموجودة في العاصمة المكسيكية و هو ما أدي إلي تحرك الأساطيل الفرنسية لحصار الموانئ المكسيكية و غزو مدينة فيراكروز لفترة أمتدت لعدة أشهر و لم ينزع فتيل تلك الأزمة إلا بعد وساطة بريطانية أحدثت تقارب في وجهات النظر بين الطرفين .

حرب المعجنات .. ضرر لحق بمخبز فرنسي يتسبب في إندلاع حرب بين فرنسا و المكسيك

و تعرف حرب المعجنات بأسماء أخري مثل التدخل الفرنسي الأول في ” المكسيك ” أو الحرب الفرنسية المكسيكية الأولي و يرجع أسبابها إلي خلفية تاريخية تتعلق بأنه خلال السنوات الأولي للجمهورية المكسيكية الجديدة كانت العلاقات التجارية بين ” فرنسا ” و ” المكسيك ” تتم بشكل طبيعي حتي قبل إعتراف ” إسبانيا ” بإستقلال ” المكسيك ” عام 1830 و بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين أصبحت ” فرنسا ” بسرعة ثالث أكبر شريك تجاري للمكسيك و مع ذلك كانت البضائع الفرنسية تخضع لضرائب أعلي حيث لم تقم ” فرنسا ” بعد بتأمين إتفاقيات تجارية مماثلة لتلك التي أبرمتها ” الولايات المتحدة ” و ” المملكة المتحدة ” أكبر شريكين تجاريين للمكسيك .

حرب المعجنات .. ضرر لحق بمخبز فرنسي يتسبب في إندلاع حرب بين فرنسا و المكسيك

و أثناء السنوات الأولي للجمهورية الوليدة كانت تجتاح عموم البلاد إضطرابات مدنية واسعة النطاق بسبب تنافس عدد من الفصائل للسيطرة علي البلاد و كثيراً ما أدي القتال إلي تدمير أو نهب الممتلكات العامة و الخاصة و لم يكن لدي المواطنين العاديين سوى خيارات قليلة للمطالبة بالحصول علي تعويضات لأنه لم يكن لديهم ممثلين للتحدث نيابة عنهم أما بالنسبة إلي الأجانب الذين تضررت ممتلكاتهم أو دمرت علي أيدي مثيري الشغب أو قطاع الطرق فلم يتمكنوا هم أيضا من الحصول علي تعويضات من الحكومة المكسيكية لذلك بدأوا في مناشدة حكوماتهم للحصول علي المساعدة و التعويض .

و نتيجة إستمرار أعمال العنف التي شابت البلاد تقدم طاهي معجنات فرنسي يدعي السيد ” ريمونتيل ” بشكوي مقدمة بشكل مباشر إلي الملك الفرنسي ” لويس فيليب ” يعلمه بأنه في عام 1832 قام عدد من الظباط المكسيكيين بنهب مخبزه في ” تاكوبايا ” التي كانت آنذاك بلدة تقع علي مشارف العاصمة ” مكسيكوسيتي ” و قد رفضوا دفع أي تعويضات عن الأضرار التي تسببوا فيها حين طالبهم الخباز الفرنسي بـ 60 ألف بيزو لذلك في ضوء شكوى ” ريمونتيل ” بالإضافة إلي عدد من الشكاوي الأخري المقدمة من مواطنين فرنسيين تحدثت عن نهب متاجرهم في سوق ” باريان ” عام 1828 و إعدام مواطن فرنسي متهم بالقرصنة طالب رئيس الوزراء الفرنسي ” لويس ماتيو مولي ” رسميا من ” المكسيك ” عام 1838 بدفع مبلغ 600 ألف بيزو أي ما يعادل 3 ملايين فرنك كتعويضات و هو مبلغ هائل في ذلك الوقت خاصة و أن متوسط الأجر اليومي في “مكسيكو سيتي ” حوالي بيزو واحد .

و رغم المطالبات الفرنسية إلا أن الرئيس المكسيكي ” أناستاسيو بوستامانتي ” لم يقم بدفع أي مبالغ و هو ما دفع الملك الفرنسي بإصدار أوامره بتسيير أسطولًا تحت قيادة الأدميرال ” تشارلز بودين ” من أجل إعلان و تنفيذ حصار علي جميع الموانئ المكسيكية الواقعة علي خليج المكسيك بداية من ” يوكاتان ” إلي ” ريو جراندي ” و قصف قلعة ” سان خوان دي أولوا ” و الإستيلاء علي مدينة ” فيراكروز ” الساحلية التي كانت أهم ميناء علي ساحل الخليج و بالفعل تمكنت القوات الفرنسية من الإستيلاء عليها بحلول ديسمبر عام 1838 و عليه أعلنت ” المكسيك ” هي الأخري الحرب علي ” فرنسا ” و كانت تلك بداية حرب المعجنات .

حرب المعجنات .. ضرر لحق بمخبز فرنسي يتسبب في إندلاع حرب بين فرنسا و المكسيك

و خلال حرب المعجنات و نتيجة محاصرة الموانئ و قطع التجارة بدأ المكسيكيين في تهريب الواردات عبر ” كوربوس كريستي ” التي كانت آنذاك جزءًا من جمهورية تكساس و خوفًا من قيام ” فرنسا ” بحصار موانئ الجمهورية أيضًا بدأت كتيبة من قوات ” تكساس ” في القيام بدوريات في خليج ” كوربوس كريستي ” لوقف أعمال التهريب أما المكسيكيين فمن ناحيتهم تقدم القائد العسكري ” أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا ” بعرض خدماته علي الحكومة بعد خروجه من تقاعده و التي أمرته بمحاربة الفرنسيين بأي وسيلة ضرورية لذلك قام بعمل مسح لدفاعات مدينة ” فيراكروز ” و قاد القوات المكسيكية و قاتل في معركة ” فيراكروز ” ضد الحرس الفرنسي و أصيب في قدمه برصاصة فرنسية أدت إلي بتر ساقه التي دُفنت مع مرتبة الشرف العسكرية الكاملة و هي إصابة قام بإستغلالها للدعاية لنفسه من أجل عودته مجددا إلي السلطة .

أقرأ أيضا : حرب الخنزير .. قصة حرب كادت تشتعل بين الأمريكيين و البريطانيين بسبب خنزير

و بحلول 9 مارس عام 1839 إنسحبت القوات الفرنسية بعد توقيع معاهدة سلام بين الطرفين بواساطة بريطانية بعد أن وافقت الحكومة المكسيكية علي دفع مبلغ 600 ألف بيزو كتعويضات للمواطنين الفرنسيين كما تلقت ” فرنسا ” وعودًا بإلتزامات تجارية مستقبلية مع ” المكسيك ” بدلاً من تعويضات الحرب و مع ذلك لم يتم دفع ذلك المبلغ مطلقًا و قد تم إستخدامه لاحقًا كأحد مبررات التدخل الفرنسي الثاني في تلك البلد عام 1861و الذي إنتهي بإنتصار المكسيكيين عام 1867 و إنهيار الإمبراطورية الفرنسية الثانية عام 1870 ثم أستمرت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين مقطوعة حتي عام 1880 حين تخلي البلدين عن المطالبات المتعلقة بتلك الحروب .

شارك الموضوع

عمرو عادل

فى الحياة الواقعيه مهندس ميكانيكا قوى اما فى الحياه الافتراضيه فباحث و كاتب و مدير الموقع دا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *