حادث غامض بدء بأختفاء تسعة طلاب جامعيين فى اواخر خمسينيات القرن الماضى بأحد المناطق المقفرة بجبال الاورال فى الاتحاد السوفيتى و ازداد غموضا فور العثور على جثامينهم المشوهه بشكل غريب و الذى نال اهتمام الكثيرين فى جميع انحاء العالم لمحاولة الوصول الى تفسير علمى او منطقى له و حتى اللحظه لا يزال لغز حادث ممر دياتلوف عصيا على الحل و لا يوجد لدينا سوى مجموعة من الفرضيات التى قد يكون بعضها منطقيا رغم اهمالها لبعض من جوانب الحادث او فرضيات غريبه قد لا يتقبلها العقل الا انها تفسر بعض من تلك الشواهد الغامضه .
بدأت القصة فى يناير عام 1959 عندما قام شاب يدعى ” إيجور أليكسييفيتش دياتلوف” و يبلغ من العمر 23 عامًا بتنظيم رحلة للوصول إلى قمة “أوتورتن” و هو جبل يقع بجبال الأورال الشمالية في الاتحاد السوفيتى ” روسيا حاليا ” و حضر معه فريقًا مكون من ثمانية طلاب متمرسين يدرس بعض منهم فى معهد اورال التقنى و أخبر “دياتلوف” ناديه الرياضي أنه و فريقه سيرسلون لهم برقية بمجرد عودتهم من الرحله الا أن تلك البرقية لم تُرسل أبدًا و لم يُشاهد أي من هؤلاء المتنزهين في ممر دياتلوف على قيد الحياة مرة أخرى .
و مع طول مدة اختفائهم و عدم حدوث اى اتصال منهم بدأ فى فبراير تشكيل فرق للبحث عنهم و استنادًا إلى ما تم استرداده من الكاميرات و المذكرات التي تم اكتشافها في موقع مقتل تلك المجموعه تمكن المحققون من تجميع بعض من المعلومات التى اعطتهم سيناريو تخيلى لظروف رحلتهم التى قالت ان الفريق بدأ في شق طريقه عبر الممر الذي اطلق عليه لاحقا اسم ” دياتلوف ” و يؤدي إلى جبل “أوتورتن” و أثناء توجههم باتجاه قاعدة الجبل ضربتهم عاصفة ثلجيه أدت الى انخفاض الرؤية و فقدان الفريق لإحساسه بالاتجاهات و بدلاً من التحرك نحو “أوتورتن ” انحرفوا عن طريق الخطأ غربًا ووجدوا أنفسهم على منحدر جبل قريب أخر يُعرف باسم “الجبل الميت” و يقرر الفريق التخييم على منحدر جبلى فى ذلك المكان حيث حدث شئ ما فيه ادى الى مقتلهم جميعا .
و مع وصول فرق البحث الى معسكر تخييمهم لم يكن هناك أى أثر لهؤلاء الشباب لذلك تم إرسال محققين من الجيش والشرطة لتحديد طبيعة ما حدث لذلك الفريق المفقود و الذين لم يكونوا متفائلين بالعثور عليهم أحياء نظرا الى طول فترة غياب الفريق فى تلك الظروف الصعبه خاصة و أن الطريق الذي اختاروه كان ذات تضاريس معقدة بشكل ملحوظ و كانت الحوادث على مثل هذه الممرات الجبلية تمثل خطرًا حقيقيًا على حياتهم و مع استمرار البحث صدق حدس المحققين و لكن بشكل جزئى حيث وجدوا الجثث بالفعل لكن الحالة التي كانت عليهم أثارت المزيد من الأسئلة ليتكون لغز حادث ممر دياتلوف الذي يستمر حتى يومنا هذا.
الأشياء المروعه التى وجدت فى ممر دياتلوف
عندما وصل المحققون إلى موقع المخيم فإن أول ما لاحظوه هو أن الخيمة قد فتحت بطريقة ثبت أنها من الداخل و أنه تم تدميرها تقريبًا و تركت فيها معظم متعلقات الفريق من عدة أزواج من الأحذية ثم اكتشفوا فى الخارج ثماني أو تسع مجموعات من آثار أقدام مطبوعة على الثلج تتبع أفراد الفريق و منها أثار أقدام بدون أحذيه او ترتدى جوارب أو حذاء واحد على أقدامهم و تؤدى تلك الأثار إلى حافة احدى الغابات القريبة على بعد ميل تقريبًا من المخيم .
و بالاقتراب من حافة الغابة و تحت شجرة أرز كبيرة عثر المحققون على بقايا حريق صغير و أول جثتين و هم لـ “يوري كريفونيشينكو” البالغ من العمر 23 عامًا و “يوري دوروشينكو” 21 عامًا بدون أحذيه و يرتدون ملابس داخلية فقط رغم درجات الحرارة المنخفضة التى تراوحت ما بين -25 إلى -30 درجة مئويه ليلة وفاتهم سرعان ما تم العثور على ثلاث جثث أخرى ترجع الى “دياتلوف” و “زينايدا كولموجوروفا” 22 سنة و “رستم سلوبودين” 23 عامًا حيث كان واضحا أنهم لقوا حتفهم في طريق عودتهم من شجرة الأرز إلى المخيم .
و فى حين أن الظروف كانت قاسيه الا ان المحققين وجدوا أن أسباب الوفاة واضحة و هى أن جميع أفراد المجموعه قد لقوا حتفهم بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم و لم تظهر على أجسادهم ما يشير إلى أضرار خارجية شديدة تتجاوز ما أحدثه البرد و و مع ذلك لم يكن هناك تفسير لماذا كانت جثة “دوروشينكو” ذات لون بشرة “بني-أرجواني” و سبب ظهور رغوة رمادية من خده الأيمن و سائل رمادي يخرج من فمه علاوة على ذلك فإنهم لم يفسروا أيضا سبب تكسر أغصان شجرة الأرز فوق الجثتين كما لو أنهم كانوا يحاولون بشكل يائس البحث عن ملجأ على الشجرة من شيء ما أو شخص ما و هذا ليس كل شئ فقد بدا من مناظرة جثة “سلوبودين” انه قتل نتيجة إصابات في الرأس و التى لا تحدث الا من خلال سقوط شخص و ضرب رأسه مرارًا وتكرارًا كما أصيبت جثة “كولموجوروفا” بكدمة على جانبها و لوحظ ان بعض الجثث لا ترتدى ملابس التخييم المعتادة و بعضها يرتدى ملابس الاخر بشكل يدعم فكرة أنهم هربوا فجأة و دون استعداد كافٍ في تلك الليلة المتجمدة على الرغم من كونهم متنزهين متمرسين و رغم تلك التساؤلات الا ان الحيرة ازدادت بشكل اكبر و تعمق اللغز بعد العثور على الجثث الأربع الأخرى بعد مرور شهرين مدفونين تحت الجليد في أحد الأودية العميقه داخل غابة من خشب الأرز وكانت جثثهم تحكي قصصًا أكثر بشاعة عن المجموعة التى عثر عليها سابقا حيث عانى “نيكولاي تيبو بريجنول” 23 عامًا من تلف كبير في الجمجمة في اللحظات التي سبقت وفاته بينما أصيبت “ليودميلا دوبينينا” 20 عامًا و “سيمون زولوتاريوف” 38 عامًا بكسور كبيرة في الصدر و التى من الواضح انها ناجمة عن قوة هائلة تماثل تلك التى تحدث فى حوادث السيارات اما الجزء الأكثر فظاعه فى حادث ممر دياتلوف هو أن جثة ” ليودميلا ” تفتقد الى لسانها و عينيها و جزء من شفتيها و كذلك أنسجة من وجهها وجزء من عظام جمجمتها كما عثروا لاحقا على جثة “الكسندر كوليفاتوف” 24 عاما في نفس المكان و لكن دون نفس ذلك النوع من الاصابات الشديدة .
و بمناظرة تلك الجثث الجديدة تم الافادة أنهم قد لقوا حتفهم في أوقات مختلفة عن بعضهم لأنهم على ما يبدو كانوا يرتدون ملابس الأشخاص الذين ماتوا قبلهم حيث كانت قدم “ليودميلا ” ملفوفة بقطعة من سروال “كريفونيشينكو ” الصوفي و عُثر على جثة “زولوتاريوف” في معطف و قبعة من الفرو الصناعي التى ترجع الى “ليودميلا ” مما يشير إلى أنه أخذها منها بعد وفاتها تمامًا مثلما كانت قد أخذت ملابس من “كريفونيشينكو ” في وقت سابق و كان الشئ الاكثر غموضا هو أن ملابس كل من “كوليفاتوف و ليودميلا ” أظهرت دليلاً على وجود نشاط اشعاعى بهم و بذلك أصبح حادث ممر دياتلوف محيرًا بشكل اكبر .
محاولات التفسير لجعل حادث ممر دياتلوف منطقى
و رغم كل ذلك الغموض اشتبه المحققون فى البدايه أن تلك المجموعه ربما تكون قد وقعت فى كمين نصبه رجال يتبعون قبائل محلية تعيش فى تلك المنطقة و هو من شأنه أن يفسر الطريقة التي فر بها المتنزهون من خيامهم و الفوضى و الاضرار التي لحقت بهم الا ان ذلك التفسير قد تلاشى حيث كانت تلك القبائل شعوب مسالمة كما لم تدعم الأدلة التى وجدت فى حادث ممر دياتلوف كثيرًا تلك الفرضيه حيث أن الضرر الذى لحق بأجساد تلك المجموعه من الصعب أن يلحقها إنسان بآخر كما لم يكن هناك أي دليل على أي آثار أقدام اضافيه بخلاف أثار اقدام المجموعه .
و نظرا لصعوبة الفرضية الأولى تم البحث عن تفسير أخر حيث أفترض المحققون حدوث انهيار جليدي سريع و عنيف و نتيجة أن صوت تساقط الثلوج أعطى تحذيرا مبكرا للمجموعة قبل الوصول اليهم فمن الطبيعى انهم سيصابون بالهلع و سيخرجون من خيامهم للركض بحثًا عن الأشجار و نتيجة أن الانهيار الجليدي كان قويًا بما يكفي فقد عمل على دفن المجموعة الثانية من الجثث التى تم العثور عليها لاحقا أسفله و رغم ان تلك الفرضيه تعد مقبوله الا انها لم تستطيع تفسير بعض من الالغاز الأخرى كما أن الدليل المادي على وجود انهيار جليدي لم يكن موجودًا حيث قال السكان المحليين المطلعين على التضاريس فى ذلك المكان إن مثل هذه الكارثة الطبيعية المفترضه لن تكون منطقية في مكان مثل ممر دياتلوف كما أنه عندما عثر المحققين على الجثث لم يلاحظوا أي دليل على حدوث انهيار جليدي في أي وقت مؤخرًا في المنطقة و لم يلاحظ الباحثين أي حطام قد نتج عن ذلك الانهيار المزعوم علاوة على ذلك لم يتم تسجيل أي انهيارات ثلجية في ذلك الموقع من قبل كما أنه من الصعب على مجموعة دياتلوف ذو الخبرة فى التخييم أن يقيموا معسكرًا في مكان قد يكون عرضة للانهيار الجليدي .
أقرأ أيضا : المنطقة 51 .. ماذا يحدث داخل أكثر المناطق غموضا فى الولايات المتحدة و هل يوجد بها كائنات فضائيه ؟
الفرضيات الأخرى
و نظرا لأن الفرضيات الرسمية تركت الكثير من الجوانب غير مفسرة فقد تم طرح العديد من التفسيرات البديلة لحادث ممر دياتلوف في العقود الستة التي تلت ذلك حيث حاول البعض شرح السلوك الغريب لتلك المجموعه بارتداء بعضهم للملابس الداخلية فقط حيث يعتبر الاضطرابات السلوكية فى التفكير احدى العلامات الشائعه لانخفاض حرارة الجسم فعندما تقترب الضحية من الموت قد تتصور للمفارقة أنها تعانى من ارتفاع درجة الحرارة مما يجعلها تخلع ملابسها اما الصدمة و الضغط الشديد على أجساد المجموعة الثانية من الجثث فيرجع نتيجة تعثرهم و انزلاقهم من على حافة وادى و رغم منطقية التفسير الا انه أهمل أن انخفاض حرارة الجسم لا يفسر سبب ترك المجموعة لخيامهم الدافئة و هم في حالة من الذعر .
نظرية أخرى تقول بأن الوفيات كانت نتيجة شجار خرج عن السيطرة حدث بين أفراد المجموعة الا الأشخاص الذين يعرفون مجموعة دياتلوف قالوا انهم متناغمون إلى حد كبير مع بعضهم البعض كما انها لم تفسر المسافة التى قطعها بعض من أفرادها فى الثلج و البرد القارص و بملابسهم الداخليه كما ان القوة التى وقعت على بعض من الجثث من المستحيل ان يقدر عليها اى كائن بشرى .
كما توجد نظرية أخرى مفادها أن الجيش أو المخابرات السوفيتيه KGB هى من وراء الحادث من خلال قتلهم بنوع من الأسلحة الاشعاعية السريه بعد وجود تلك المجموعه فى قلب منطقة اختبارات حكوميه و أن صوت السلاح هو ما دفع المجموعه للخروج من خيامهم و هم فى حالة ذعر بعضهم كان بملابسه الداخليه و الذين توفوا بسبب انخفاض حرارة الجسم أثناء محاولتهم الاحتماء من انفجارات ذلك السلاح اما المجموعة الثانية فبعد أن شاهدت المجموعة الأولى تتجمد قررت العودة للمخيم و لكنهم وقعوا ضحية لانخفاض درجة حرارة الجسم أيضًا بينما تعرضت المجموعة الثالثة لانفجار جديد في الغابة و توفوا متأثرين بجراحهم و ما يعزز تلك الفرضيه هو وجود كميات صغيرة مشعة على بعض من الجثث و المظهر الغريب للأجساد في جنازاتهم حيث كانت الجثث برتقالية قليلاً و ذابلة الا ان البعض رفض ذلك التفسير لأنه لو كان سلاح اشعاعى هو سبب الوفاة لكان اصيب به كل افراد المجموعه او تم التقاط نسبة الاشعاع من الهواء او التربه كما ان اللون البرتقالي للجثث يرجع للظروف الباردة التي وجدت فيها لأسابيع حيث تم تحنيطها جزئيًا في البرد .
و بجانب الفرضيات السابقه اشتمل الحادث على تفسيرات جديدة مثل تناول المجموعه لادوية او مواد مخدره تتسبب في سلوك عنيف بينهم او حدوث طقس غير عادي يُعرف باسم الموجات فوق الصوتية ناجم عن أنماط رياح معينة يمكن أن تؤدي إلى نوبات هلع لدى البشر لأن الموجات الصوتية منخفضة التردد تخلق نوعًا مثل الهزة داخل الجسم مما جعلهم يفرون خارج المخيم بالاضافة الى افتراض وجود مهاجمين غير بشريين مثل رجل الثلج الاسطورى المفترس الذى يطلق عليه السكان المحليين اسم ” الياتى ” و هو ما يفسر سبب القوة الهائله التى وقعت على جثث ثلاثة من تلك المجموعه خاصة ” لودميلا ” كما يشير البعض بأصابع الاتهام الى كائنات فضائيه حيث قالت مجموعه كانت تخيم فى تلك الليله على بعد 50 كيلومتر من مخيم دياتلوف أنهم رأوا أجرام سماوية برتقالية غريبة كانت تطفو في السماء فى المنطقة التى كان فيها دياتلوف و مجموعته .
و رغم كل تلك الشواهد الغامضة فى ذلك الحادث الا أن الحكومة السوفيتية قد قامت بإغلاق القضية بسرعة و لم تقدم سوى تفسيرات واهية تقول إن المتنزهين ماتوا بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم لأنهم كانوا يفتقرون إلى الخبرة وأنه ربما كان هناك خطأ طبيعى قاهر ما مثل حدوث انهيار جليدي و لكن مع هذا التفسير الذي لم يوضح تقريبًا أيًا من تلك الأسئلة العالقة أعاد المسؤلين الروس فتح القضية عام 2019 من أجل تحقيق جديد و قالوا أنهم سينظرون في نظريات محددة فقط و هى الانهيار جليدي أو حدوث إعصار و بعد التحقيقات أغلقت القضية مرة أخرى باستنتاج غامض مفاده أنه لم يكن هناك نشاط إجرامي بتلك القضيه و قال المحققين في يوليو عام 2020 بشكل رسمى إن المجموعة ماتت بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم بعد أن دفعهم انهيار جليدي أجبرهم على الخروج من خيمتهم إلى البرد الا ان ذلك لم يقنع الكثيرين و يبدو أن ذلك الحادث سوف يبقى لغزا بلا حل بشكل غير رسمي.
و بعد الحادث تم تسمية سفح الجبل الذى شهد ذلك الحادث باسم “ممر دياتلوف” تكريما لتلك الرحلة الاستكشافية المفقودة و وضع نصب تذكاري للمتنزهين التسعة في مقبرة ميخاجلوف في يكاترينبورج باعتبارهم هم الأشخاص الوحيدون الذين يعرفون الحقيقة الكاملة لما حدث في تلك الليلة من الممر .