صنعت حاملات الطائرات لتكون مثل المطارات العائمة و العملاقه فى قلب البحار و المحيطات حيث تقلع منها المقاتلات الحربية للقيام بالمهام العسكرية المكلفة بها و بعد انتهائها تعود و تهبط عليها مرة أخرى و نظرا لوظيفتها الفريدة فى عالم الحروب فتصمم تلك الحاملات بمواصفات خاصه بعكس اى سفن أخرى سواء كانت مدنيه أو حتى حربيه الا أن احد الطيارين البريطانيين كان له رأى أخر بعد ان استطاع بمهارة شديدة من الهبوط بمقاتلته على سطح احدى سفن الحاويات نتيجة عطل لحق بمعداتها الملاحيه و لم يكن لديه أى بدائل للهبوط سوى على سطح تلك السفينه فى حادث عرف اعلاميا بإسم حادثة ألريجو .
وقع ذلك الحادث منذ نحو ما يقارب 40 عاما و تحديدا فى يونيو عام 1983 حين أقلع الملازم أول طيار ” ايان واتسون ” بمقاتلته من طراز ” هارير ” من حاملة الطائرات البريطانيه ” صاحبة الجلاله “و ذلك للقيام بإحدى المهام التدريبيه برفقة طائرة أخرى كجزءً من تمرين واسع النطاق لحلف شمال الأطلسي حيث كان الهدف من مهمته هو العثور على حاملة طائرات فرنسية تتواجد بالقرب من ساحل البرتغال حيث كان الطياران يحاكيان ظروفًا شبيهة بالقتال الحقيقى و الذى تضمن إيقاف تشغيل الرادار و يكون الراديو على وضع صامت بشكل يقلل من فرص قدرة العدو الافتراضى على كشفهم و بمجرد وصول الطياران الى المنطقة المخصصة للمسح تفرقوا و صعدوا إلى الارتفاع المطلوب و بدأوا فى تشغيل الرادارات و مسح مناطقهم بحثًا عن العدو الافتراضى و هو حاملة الطائرات الفرنسيه .
و فى تلك الاثناء و خلال اجراء تلك المهمه كانت هناك سفينة حاويات أسبانيه تحمل اسم ” ألريجو ” تتحرك في تلك المنطقة و في طريقها لنقل حاويات روتينيه إلى “تينيريفي” بجزر الكناري و بالعودة الى الملازم ” واتسون ” فقد كان قد أنتهى من البحث و قام بخفض الارتفاع و توجه إلى النقطة التي كان من المفترض أن ينضم فيها إلى قائد الطائرة الأخرى الا انه لاحظ أن هناك شيء مريب و هو ان الطيار الأخر لم يظهر فى تلك البقعه و بالنظر إلى احتياطيات الوقود التي كانت لديه وجد أنها منخفضة جدًا لذلك فقد قرر “واتسون” أن الوقت قد حان للعودة إلى حاملة الطائرات التى أقلع منها و بدء فى استخدام أدوات الملاحة الخاصة به لمساعدته في العثور على السفينة حيث استخدم نظام الملاحة بالقصور الذاتي (INS) لكنه لم يتمكن من الحصول على أي نتائج منه و بالتوجه الى الرادار الذى كان يعمل لم يظهر أى شيء على الشاشة لذلك فقد حاول استخدام أجهزة الراديو الا انه اكتشف انها لا تعمل هى الأخرى على الاطلاق و عبثا حاول الضغط على زر الطوارئ في جهاز الإرسال و الاستقبال لكن ذلك لم ينجح أيضًا و أصبح بمفرده تماما و لا يستطيع التواصل مع أحد و يهدر وقوده الثمين لذلك فقد كان بحاجة إلى التفكير بسرعة و محاولة التصرف .
أقرأ أيضا : جيمس وارد .. الطيار الذى انقذ قاذفته بعد تسلقه لجناحها المحترق لاطفاءه و هى على ارتفاع أربعة كيلومترات
خلال تفكيره تذكر “واتسون” أن الممرات الملاحية المتجهة الى الشرق قريبة منه و أظهر الرادار الخاص به أحد الأهداف و الذى كان سفينة الشحن الأسبانيه ” ألريجو ” و على الفور قام بتوجيه طائرته نحو السفينة حيث كان خزان وقوده لا يحتوى سوى على وقود يكفى لدقيقة واحده لذلك فقد كانت خطته الأولية هي القيام بالتحليق فوق السفينة لجذب انتباههم ثم الخروج من مقصورته أثناء الطيران ليقوموا بإنتشاله و إنقاذه الا أنه لاحظ أن الحاويات العلوية على السفينة تأخذ شكلا مسطحا على غرار تلك الموجودة في ناقلات البترول لذلك و من دون تردد اقترب “واتسون” و هبط على الحاويات ثم أبطأ سرعة طائرته و جعلها تحلق فوقها حيث لم تكن تلك نهاية الرحلة و الهبوط بعد أن بدأت المقاتلة “هارير” في الانزلاق إلى الوراء لأن الحاويات كانت مبتلة و السفينة لا تزال تتحرك و لم تتمكن محركات الطائرة من منعها من الانزلاق و استمات “واتسون” فى محاولة السيطرة عليها الى ان تمكن اخيرا من ايقافها على سيارة توصيل كانت ستنقل لمحل زهور فى جزر الكنارى .
بعد هبوط الطائرة و اخراج قائدها منها بسلام أتصل قبطان السفينة بالسلطات فى المملكة المتحدة و أبلغهم بالحادث حيث طُلبوا منه أن يستدير و يعيد الطيار و الطائره الا انه رفض نظرا لأن لديه حاويات يجب عليه تسليمها فى جدول زمنى متبع و أبلغ الحكومة البريطانية أن “واتسون” و طائرته سيكونان في “تينيريفي” عاصمة جزر الكنارى في غضون أربعة أيام و بمجرد وصولها كان فى استقبالها حشد كبير من السكان المحليين و المراسلين الذين كانوا لا يحصلون كل يوم على أخبار مثل تلك او حتى بضائع للاستلام بهذا الشكل .
و بعد وصول السفينه لم يترك أصحابها خدماتهم تذهب دون مقابل حيث قدموا طلبا للحصول على مكافأة نظير دور سفينة الحاويات بإنقاذ الطائرة حيث تم منح الطاقم و المالكين 570 ألف جنيه إسترليني “ما يعادل 1.14 مليون دولار عام 1983″ تقديراً لجهودهم في الإنقاذ اما بطل القصه الملازم أول ” إيان واتسون ” فقد كان محظوظًا لكونه على قيد الحياة حيث أعيد الى حاملة الطائرات ” صاحبة الجلاله ” و خضع للتحقيق الذى انتهى دون توجيه اى اتهامات اليه و عندما عادت الحاملة الى الوطن تم إرسال “واتسون” إلى لجنة تحقيق فرعيه و بعد عدة سنوات و في عام 2007 أصدر الأرشيف الوطني البريطاني تقرير عن التحقيق الثاني لحادثة ألريجو ليكون متاحا للجمهور الذى خلص الى أن سببه يرجع الى قلة خبرة “واتسون” كما تم إلقاء اللوم على قادته لتعيينه على متن طائرة غير مستعدة تمامًا للطلعة ربما في إشارة إلى العطل الذى حدث فى الراديو و أنتهى الأمر بتوبيخ ” واتسون ” و منحه وظيفة مكتبية ثم يعود بعدها مرة أخرى كطيار مقاتل حيث تمكن من الحصول على 2000 ساعة طيران بذلك الطراز من الطائرات و 900 ساعة طيران إضافية في طائرات من طراز F / A-18 الى أن استقال من البحرية عام 1996.
و عقب حادثة ألريجو و عند سؤال ” إيان واتسون ” قال إن وسائل الإعلام تسببت في الكثير من الضرر و الإحراج للبحرية الملكية البريطانية فى امرا لا يستحق و هو لا يريد أن يلوم أحداً على ما حدث .