في عالم مليء بالقصص المأساوية التي تترك أثرًا عميقًا لدي الناس تبرز قصة غريبة تجمع بين الجريمة و العقاب و الفضول العلمي دارت أحداثها في القرن التاسع عشر داخل قرية هانهام الإنجليزية و هو مجتمع صغير يعتمد بشكل كبير علي التعدين و كان بطلها شخص يدعي جون هوروود الذي ولد عام 1803 لأسرة فقيرة مكونة من ستة أولاد و أربعة بنات و رغم نشأته وسط بيئة قاسية كان فيها العمل بالمناجم جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال قبل سن العاشرة إلا أنه واجه الأسوء حين تحولت حياته الصعبة إلي مأساة إنسانية بعد إعدامه في سن الثامنة عشرة لإدانته بقتل الفتاة إليزا بالصوم و عقب وفاته و في ظل ممارسات طبية صادمة كانت سائدة في ذلك الوقت تم إستخدام جلده كغلاف لأحد الكتب في إنتهاك صارخ للإنسانية بشكل لا يزال يثير الجدل حتي وقتنا الراهن .

وُلد ” جون هوروود ” في قرية هانهام و هي قرية صغيرة تقع بالقرب من مدينة بريستول الإنجليزية و كان ترتيبه الخامس في أسرة كبيرة مكونة من ستة أولاد وأربع بنات و نشأ في مجتمع يعتمد بشكل كبير علي التعدين و رغم طفولته إلا أنه كان يعمل في المناجم في ظل ظروف قاسية و خطيرة و لكن سرعان ما قرر التوقف عن العمل في ذلك المجال بعد أن شهد سلسلة من الحوادث المميتة شملت وفاة أحد إخوته مع ثلاثة عمال آخرين و تحول للعمل مع والده في مصنع محلي لصهر المعادن لكنه طُرد بسبب سلوكه السيئ لأعماله التخريبية حيث كان معروفًا عنه في القرية بأنه فتي مشاغب و يقوم بمضايقة جيرانه و ممارسة المزاح الثقيل عليهم .

و خلال مراهقته تعرف ” جون هوروود ” علي ” إليزا بالسوم ” و هي فتاة شابة من نفس البلدة و نشأت بينهم علاقة قصيرة قبل أن تقرر إنهاءها عام 1820 و لكن لم يتقبل ” هورود ” هذا الرفض لذلك بدأ في تهديدها و مضايقتها و تشير بعض الروايات إلي أنه في إحدي المرات ألقي عليها زيت الزاج المعروف بحمض الكبريتيك إلا أن تلك الروايات كانت محل خلاف و في يناير عام 1821 شاهد ” جون هوروود ” فتاته برفقة شاب آخر يُدعى ” ويليام وادي ” و هو ما أدي إلي إشتعال الغضب داخله دفعه إلي إلقاء حجرًا أصابها في رأسها و رغم أن الإصابة في البداية بدت طفيفة إلا أنها تفاقمت لاحقًا بعد إصابتها بحمي شديدة ناجمة عن عدوي في رأسها أجبرت الطبيب ” ريتشارد سميث ” إلي إجراء عملية جراحية لتخفيف الضغط علي الجمجمة إلا أن العملية لم تنجح و توفيت ” إليزا ” بعد أربعة أيام من إجرائها .

و عقب وفاتها تم إلقاء القبض علي ” جون هوروود ” بعد محاولته الهرب من منزله و خلال الإعتقال قاوم بشدة مستخدمًا مطرقة لمحاولة صد الشرطة و في 11 أبريل عام 1821 جرت محاكمته في نزل “ذا ستار” في بدمينستر حيث قدم الدكتور ” سميث ” في الجلسة شهادة ضده مدعيًا أن إصابته للفتاة في رأسها كانت هي السبب في وفاتها و بالمقابل لم يكن لدي ” هوروود ” دفاع قوي إذ لم يتمكن من إثبات أن وفاتها نتجت عن العدوى الجراحية بدلاً من إصابته لها بالحجر لذلك تم الحكم عليه بالإعدام شنقا و بعد يومين من صدور الحكم تم تنفيذه أمام بوابة سجن بريستول الجديد أمام حشد كبير لمشاهدة الإعدام .
و فور تنفيد الحكم علي ” جون هوروود ” سُلمت جثته إلي الدكتور ” ريتشارد سميث ” الذي قام بتشريحها علنًا في مستشفى بريستول الملكي حيث كان من الشائع خلال تلك الفترة إستخدام جثث المجرمين المدانين لأغراض التشريح الطبي و لكن مصير ذلك الشاب لم يتوقف عند التشريح فقط بعد أن قام الطبيب بخطوة غريبة و غير مسبوقة و هي إحتفاظه بجلده لإستخدامه من أجل تجليد كتاب يوثق تفاصيل محاكمته و إعدامه و تشريحه حيث قام بمعالجة الجلد و دبغه ثم وضعه كغلاف للكتاب الذي نُقشت عليه عبارة لاتينية تعني “الجلد الحقيقي لجون هوروود” إلي جانب وضع زخرفة عليه تحوي رموزًا لمشانق و جماجم و عظام متقاطعة كما أحتفظ الطبيب أيضا بهيكله العظمي الذي ظل معروضًا لسنوات طويلة في جامعة بريستول مع حبل مشنقة حول عنقه كدليل علي كونه مجرمًا مدانًا .

إقرأ أيضا : جورج باروت .. قصة الرجل الذى تحول الى حذاء
و حتي اللحظة لا يزال ذلك الكتاب موجودا في محفوظًات أرشيفات بريستول و يعرض حاليًا في متحف إم شيد أما بالنسبة إلي هيكله العظمي فقد قامت ” ماري هاليويل ” حفيدة شقيق ” جون هوروود ” عام 2011 أي بعد مرور 190 عامًا علي إعدامه بتنظيم مراسم لدفنه رسميًا في كنيسة كرايست في هانهام حيث وضع بجوار والده و تصبح قصته مثالًا مروعًا علي القسوة في أنظمة العدالة القديمة و كذلك علي ممارسات التشريح الطبي المثيرة للجدل في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر .