يمتلئ الغرب الأمريكى بالكثير من القصص المثيرة و على وجه الخصوص تلك المتعلقة بعالم الجريمة حيث تتصدرها احدى القصص الغريبة لشخص يدعى جورج باروت و الذى كان لصا لديه سجل اجرامى ضخم حافل بالسرقات و القتل و إرهاق رجال إنفاذ القانون فى العديد من المطاردات إلى أن وقع بقبضتهم فى نهاية الأمر و نظرا لجرائمه السابقة فقد نفذ فيه حكم الإعدام ليبدء بعدها أغرب قصة تحدث لشخص حيث تم تحويل جمجمته كمنفضة سجائر و جلده الى حذاء يتم ارتدائه من قبل أحد الأطباء الذى دوما تفاخر بأنه يرتدى بين قدميه بقايا اللص الذى أرعب الغرب الأمريكى و أن له الفضل فى تحويل شخص بنيت أسطورته بارتكابه عدد من الجرائم الى أسطورة أخرى و هى الرجل الذى تحول الى حذاء .
كان ” جورج باروت ” فى الأربعينيات من عمره و يحمل العديد من الأسماء مثل “جورج واردن و جورج مانوز و بيج بيك جورج و جورج ذو الأنف الكبيرة ” و رغم تعدد تلك الأسماء الا انهم اشتركوا جميعا فى صفة واحدة و هى أنه رجل خارج عن القانون حيث كان عضوا فى عصابة من قطاع الطرق و لصوص الخيول تعمل تحت قيادة شخص يدعى “سيم جان” و كانت تمارس نشاطها الإجرامى في بلدة نهر بودر بولاية “وايومنج ” فى الولايات المتحدة من سرقة عربات القطارات و شاحنات نقل الأموال و تجريد الركاب خلال سفرهم من أموالهم و مجوهراتهم , و فى 16 من أغسطس عام 1878 خططت تلك العصابة لسرقة قطار عن طريق التلاعب بالمسارات لإخراجه عن مساره و بعد اتمامهم المطلوب و اختبائهم انتظارا لوصوله جاء رجال السكك الحديدية و اكتشفوا العبث بها و بحسب ما ورد أراد أحد أفراد العصابة إطلاق النار عليهم لكن “جورج باروت” و زميل له رفضوا قائلين بأنهم لم يأتوا لقتل هؤلاء العمال الذين قاموا بإصلاح المسار و إبلاغ الشرطة بأن القضبان قد تم العبث بها ليتم احباط خطتهم .
و نظرا لكثرة جرائمهم قررت الشرطة مطاردتهم حيث قام اثنان من رجال انفاذ القانون بتعقب العصابة إلى احدى المناطق المقفرة حيث قام أعضائها بنصب كمين لهم و أطلقوا عليهم النار و أردوهم قتلى و بعد الحادث انقسمت العصابة و اتجهت الى أماكن مختلفة و بعد اكتشاف جثامين رجال الشرطة القتلى تم تكثيف البحث عنهم و عرضت سلطات المقاطعة مكافأة قدرها 10 ألاف دولار مقابل القبض عليهم حيث قتل أحد أفرادها بعد شهر خلال محاولته سرقة أحد القطارات و سرعان ما ألقى القبض على فرد أخر الا أنه أثناء نقله فى احد القطارات لمحاكمته أوقفه حشد من الغوغاء و تم انتزاعه بالقوة من القطار و شنق على عمود للتلغراف .
أقرأ أيضا : يوشى شيراتورى السجين الذى لا يستطيع أى سجن مهما بلغت استحكاماته فى الصمود امامه
و بعد مرور فترة من الوقت كان ” جورج باروت ” في “مايلز سيتي” بولاية “مونتانا” بداخل أحد الحانات و خلال نوبة سكر تفاخر بسرقته القطارات و ارتكابه لجرائم قتل في الولايات المجاورة و في لمح البصر تم القاء القبض عليه و إرسال برقية إلى ” وايومنج ” لاعلامهم بوقوعه فى ” مونتانا ” و في يوليو عام 1880 ذهب أحد رجال القانون لتسلمه و أثناء قيام القطار برحلته تم إيقافه هو الأخر في بلدة “كاربون” من قبل نفس الغوغاء الذين أعدموا زميله سابقا حيث تم سحبه من القطار و تجهيز شنقه و حاول ” جورج باروت ” الدفاع عن حياته بإستماته و تعهد بالاعتراف عن كل ما يعرفه عن جرائم القتل التى حدثت إذا سمحوا له بالعيش و وافقوا على ذلك ليستمر القطار فى مواصلة رحلته و يتم محاكمته و التى أدانته و حكمت عليه بالإعدام شنقًا في أبريل عام 1881 و خلال فترة سجنه التى طالت انتظارا لتنفيذ الحكم حاول الهرب في مارس من العام التالي بعد أن هاجم السجان و قام بكسر جمجمته و قطع فروة رأسه و لكن أحبط هروبه بعد ظهور زوجة السجان و فى يدها مسدسا لتجبره على العودة إلى زنزانته مرة أخرى .
و بمجرد انتشار خبر محاولة ” جورج باروت ” الهرب من سجنه في جميع أنحاء المدينة تشكل حشد مقنع من الأهالى و قاموا باقتحام السجن و سحبه الى الخارج و تعليقه على أحد أعمدة التلغراف أمام حشد مكون من 200 شخص حيث فشلوا فى شنقه أول مرتين الا أنهم نجحوا أخيرا فى المرة الثالثة و بعد التأكد من مقتله تُركت جثته معلقة لعدة ساعات حتى أزالها متعهد دفن الموتى نظرًا لعدم وجود عائلة للمطالبة بجثمانه حيث استحوذ عليها الطبيب “توماس ماجي” و مساعدته ” ليليان هيث ” التى كانت تبلغ من العمر 15 عاما و بمشاركة الطبيب “جون أوزبورن” و ذلك لمحاولة دراسة مخه لمعرفة عما اذا كان بها سببا ما أدى الى سلوكه الإجرامى .
و بدأ الفريق الطبى فى عملية تشريح ” جورج باروت ” و بعد أن تم فتح غطاء جمجمته قاموا بفحص مخه الا انهم اكتشفوا عدم وجود فروق ملحوظة بينه و بين المخ الطبيعى و على الرغم من أن الدكتور “ماجي” ومساعدته “هيث” تصرفوا في إطار أخلاقيات الطب في ذلك الوقت إلا أن أنشطة الدكتور “أوزبورن” سرعان ما أصبحت غريبة للغاية حيث قام بصياغة قناع بجلد وجه ” جورج باروت ” و أطلق عليه اسم ” قناع الموت ” و الذى كان بلا أذنين لأنه أثناء شنقه و بينما كان يكافح للتمسك بحياته تمزقت أذناه و بعد ذلك قام “أوزبورن” بإزالة الجلد من فخذي و صدر الرجل الميت و أرسله إلى مدبغة في “دنفر” مع مجموعة من التعليمات الغريبة للغاية حيث طلب منها استخدام الجلد فى صنع زوج من الأحذية و حقيبة طبية و بعد تنفيذ طلبه بدء الطبيب فى ارتداء الحذاء بمنتهى الفخر أما بالنسبة الى باقي جسد “جورج باروت ” فقد تم وضعه فى احد براميل الخمور المملوء بمحلول ملحي لمدة عام تقريبًا واصل فيه “أوزبورن” تشريحه و تجاربه لبعض الوقت و بعدها تم دفن ذلك البرميل و به بقايا ” باروت ” في الفناء الخلفى لمكتب الدكتور “ماجي ” أما جمجمته فقد أحتفظت بها ” ليليان هيث ” التي أصبحت فيما بعد أول طبيبة في ولاية “وايومنج” حيث قيل أنها أستخدمتها على مر السنين كمنفضة سجائر و حاجز باب في مكتبها .
و على الرغم من السلوك الغريب للطبيب في تدنيس جسد “جورج باروت” سرعان ما أصبح شخصية بارزة في السياسة المحلية حيث أنتخب عام 1892 كأول حاكم ديمقراطي لولاية “وايومنج ” و قيل أنه ارتدى الحذاء في حفل تنصيبه عام 1893 و في وقت لاحق أصبح مساعد وزير الخارجية في عهد الرئيس الأمريكى “ويلسون” .
أقرأ أيضا : كارل تانزلر الرجل الذى وقع فى حب مريضته ثم عاش مع جثتها بعد وفاتها
و مع مرور الأيام تم نسيان الحادث حتى 11 من مايو عام 1950 عندما اكتشف عمال بناء في مبنى جديد في شارع سيدار برميل ويسكي مليء بالعظام البشرية حيث كان ذلك الموقع خلف المبنى الذي كان قديما مكتب الدكتور “ماجي” و بعد أن تجمع الحشد للنظر في البقايا المروعة تذكر أحدهم تلك القصة و أن الدكتورة “ليليان هيث” و التى كانت لا تزال على قيد الحياة بالثمانينيات من عمرها قد احتفظت بالجمجمه حيث تم الاتصال بها على الفور و عندما أحضر زوجها غطاء الجمجمة إلى مكان الحادث كان يتناسب تمامًا مع البقايا العظمية الموجودة في البرميل و على الرغم من أن السكان المحليين كانوا مقتنعين بأن هذه كانت بقايا ” جورج باروت ” إلا أن اختبار الحمض النووي اللاحق قام بتأكيد تلك النتيجة .
و اليوم يعرض فى متحف مقاطعة “كربون” فى ولاية “وايومنج” قناع الموت الذى يرجع الى “جورج باروت” بالاضافة الى جمجمته و زوجى الأحذية سيئة السمعة المصنوعة من جلده كما تُعرض الساعة التي قدمها مفوضو المقاطعة كهدية الى زوجة السجان التى منعت ” باروت ” من الهروب عام 1881حيث يعد ذلك المتحف أحد أكبر مناطق الجذب السياحى في المدينة أما الأصفاد التى كانت عليه أثناء شنقه و جمجمته فهى معروضة فى متحف ” يونيون باسيفيك ” فى مقاطعة ” أوماها ” بولاية ” نبراسكا ” و بالنسبة الى بقية رفاته فيزعم أنها دفنت سرا قبل سنوات في مكان مجهول أما الحقيبة الطبية فلم يتم العثور عليها مطلقا .