يعلم الجميع أن عملية الولادة لدى الأمهات ليست بالأمر السهل لذلك يحاول أطباء النساء البحث عن حلول و تقنيات لمحاولة تسهيل تلك العملية قدر الإمكان و مع التقدم العلمي الذي يشهده العالم حاليا أصبح ينظر إلي التكنولوجيا على أنها الملاذ الوحيد للوصول إلي تلك الغاية على الرغم من أنها قدمت سابقا وسيلة غريبة عرفت بإسم جهاز بولنسكي الذي قدمه زوجان إلي المجتمع الطبي و حصلا على براءة إختراعه خلال فترة الستينيات و هى ألة تستخدم لولادة الأطفال من خلال تقنية الطرد المركزي عن طريق ربط النساء فى طاولة و الدوران بهن بسرعات عالية تعمل على إخراج الطفل إلي عالمنا و هى تقنية أثارت الكثير من الجدل و التساؤلات حينها .
فمنذ قديم الأزل تعاني النساء أثناء عملية الولادة و توفي الكثير منهن أثنائها حيث أشارت الإحصائيات إلي أنه خلال فترة ما قبل عصر الطب الحديث كانت تموت إمرأة أو أكثر من كل 100 أثناء الولادة و نظرا لأن النساء كانوا يلدن لمرات متعددة فكان ذلك أمر يزيد من المخاطر الصحية عليهن و لكن لحسن الحظ مع حلول القرنين التاسع عشر و العشرين قامت التقنيات الطبية الحديثة بإحداث ثورة في عالم الولادة حيث ساعدت تلك التقنيات مثل التخدير على سبيل المثال فى جعل الولادة أقل تعذيبًا و رغم ذلك فلم تسلم تلك التقنيات من وجود بعض من المشاكل و خلق مخاطر جديدة تتمثل فى الجرعات الزائدة من التخدير التى تمثل خطورة على حياة الأم علاوة على أن الإفراط فى إستخدام الأدوات الحديثة من الممكن أن يتسبب فى حدوث إصابات و تشوهات لدي الأم و الجنين و هى أمور تطلبت البحث عن تقنيات أخري أكثر حداثة كان إحداها هو جهاز بلونسكي للولادة .
و جاءت فكرة جهاز بلونسكي للولادة علي يد زوجين أمريكيين و هم “جورج بلونسكي” الذى يعمل مهندس تعدين و زوجته “شارلوت” و كلاهما كانوا يعيشون فى” نيويورك ” و على الرغم من أنهم لم يرزقا بأي أطفال أى أن خبرة و تجربة الولادة لم تمر عليهم فى السابق إلا أنهم توصلوا إليها نتيجة زياراتهم المتكررة لحديقة حيوان ” برونكس ” فى أوائل الستينيات و فى إحدي المرات و أثناء زيارة لهم تابعوا مشهد لأنثي فيل حامل و هى تقترب من المخاض و خلال عملية الولادة راقب ” جورج ” تحديدا الأنثي و هى تتحرك فى دوائر واسعة و بطيئة و أفترض أن تلك الحركة تعمل على إنجاب الوليد البالغ وزنه أكثر من 100 كيلوجرام و لأنه مهندس بدء فى حسابات الأرقام و الفيزياء التشريحية لعملية الدوران تلك أثناء المخاض و توصل إلي نتيجة مفادها أنه إذا كانت حساباته دقيقة فمن الممكن أن يقدم للعلم رؤية هندسية قد تغير من مفهوم الولادة لدي الإنسان .
و تمثلت فلسفة “جورج” و زوجته “شارلوت” فى صناعة جهاز بولنسكي و كما ذكر فى طلبهم المكون من 8 صفحات للحصول على براءة إختراعه على أن النساء المعاصرات غير مؤهلات للولادة الطبيعية و أن فقط المرأة التى تعيش فى المجتمعات الأكثر بدائية هى من يكون لديها نظام عضلي متطور و لديها القدرة علي بذل مجهود بدني كبير طوال فترة الحمل حيث توفر الطبيعة لها جميع الظروف المناسبة بالإضافة إلي القوة اللازمة للحصول على ولادة طبيعية و سريعة و هو أمر غير متاح حاليا للنساء فى المجتمعات المتحضرة لذلك فهم فى حاجة إلى شيء ما لتزويدهن بالقوة اللازمة لولادة سلسة و عليه فهم يقدمون جهاز بولونسكي لتوفير قوة دفع كبيرة لطرد الطفل من جسد الأم من خلال قيام الأطباء بربط الأمهات الحوامل فى طاولات دائرية و دوارة و هو أمر من شأنه أن يسهل ولادة الطفل من خلال قوة الطرد المركزي تحت ظروف أمنة حيث يزود الجهاز بعدة أحزمة لضمان وضع الآمن و الثبات و الراحة للمرأة و أشتملت علي أربطة للرقبة و للجسم و للفخذين .
و يضيف الزوجين بأنه بمجرد الإنتهاء من تثبيت الأم تبدء عملية الولادة عبر جهاز بولنسكي من خلال دوران الطاولة بسرعات عالية تعمل على إنشاء قوة لطيفة و موزعة بالتساوي و موجهة بشكل صحيح و مضبوطة بدقة تعمل على تسهيل ولادة الطفل و أوضحوا أن ذلك الجهاز متعدد السرعات حيث يقوم المشغل بتسريع الآلة تدريجيًا إلى السرعة المحددة مسبقًا التي من المتوقع أن ينتج عنها عملية الولادة و إذا لم تحقق هذه القوة عملية الولادة فمن الممكن أن يقرر الطبيب زيادة السرعة و بطبيعة الحال فإن جهاز بولنسكي يأتي مع ميزات أمان مهمة فبالإضافة إلى الأربطة التي تمسك المرأة فإن الطاولة تكون مزودة بشبكة تهدف إلى الإمساك بالمولود الجديد فور خروجه من الأم و مع إنتهاء العملية سيتوقف الجهاز على الفور بعد أن تمسك شبكة الإستقبال المشكلة على شكل جيب و مصنوعة من مادة قوية و مرنة بالرضيع .
أقرأ أيضا : حزام الصعق الكهربائي المعالج السحرى لكافة الأمراض المعروفة قديما
و على الرغم من غرابة فكرة جهاز بولنسكي إلا أن الأغرب هو منح مكتب براءات الاختراع فى ” الولايات المتحدة ” الضوء الأخضر لذلك الجهاز عام 1965 و هو ما أثار الكثير من الجدل و التساؤلات حيث شكك الكثيرين فى أن الشبكة الصغيرة هي الحل الأفضل للإمساك بطفل حديث الولادة يخرج للعالم لأول مرة كما أن جهاز بولنسكي لم يعالج مخاوف رئيسية مثل كيفية المضي قدمًا إذا بدأت الأم الحامل في التقيؤ نتيجة دورانها أو كيفية التحقق من تقدم العمل تحت قوة الطرد المركزي و لكن على أى حال و لحسن الحظ فلا يوجد دليل على أن ذلك الجهاز قد تم إستخدامه بشكل عملي خلال أى عملية ولادة .