بعد وفاة البشر تقام جنازات لتشييع جثامينهم و هى مراسم معروفة يتم فيها تغسيل المتوفى و تطييبه بالعطر و تكفينه ثم الصلاة عليه قبل أن يواريه الثرى داخل قبره و هى مراسم تقام فى جميع ديانات العالم السماوية سواء كان الاسلامية أو المسيحية أو اليهودية و التى تنص شرائعهم على ذلك الا أنها تختلف فى طرقها بحسب الديانه من ناحية الصلاة أو إتجاه الدفن , أما فى باقى الأديان الأخرى فيتبعون طرقا قد يراها العديد من الأشخاص غريبة بعض من الشئ و التى تتمثل فى حرق الجثمان و نثر رماده فى البحيرة المقدسه كما يحدث فى الديانة الهندوسية أو تحنيط الجثمان كما كان يحدث فى مصر القديمة من خلال لفه بالعديد من اللفائف بعد انتزاع أحشائه و وضعها فى مجموعة من الأوانى الكانوبية و بعد الانتهاء من ذلك يتم وضع المتوفى داخل تابوت برفقة برديات تحتوى على نصوص من كتاب الموتى مع كافة متعلقاته الخاصة التى قد تفيده فى العالم الأخر ثم يتم دفنه بعد أربعين يوما من الوفاة فى الجانب الغربى من نهر النيل الذى كانوا يعتبرونه بوابة العالم الأخر , و رغم انتهاء تلك الطقوس بانتهاء الحضارة المصرية القديمة إلا أنه و حتى اللحظة لا يزال العديد من المصريين متأثرين ببعض من عاداتها التى تتمثل بحمل الريفيات للطعام الى المقابر و توزيعها على الفقراء كصدقة على المتوفى مع وضع بعض من الملح و الخبز و الماء بجوار قبره .
هذا ما يفعله البشر تجاه موتاهم و تعلموه اما من تعاليم سماوية او من خلال موروثات من أجيال سابقة فماذا عن الحيوانات و الطيور حيث تداولت بعض من المعلومات بأن الطيور تقوم أيضا بالمثل فى تشييع جنازات موتاهم و اظهار مدى الحزن عليهم فهل تلك المعلومة صحيحة أم خاطئة ؟
التقييم
من متابعات الطيور لوحظ أن لديها بعض القدرة على الحزن و العديد من الحكايات تصورها على أنها حداد على المتوفى أو على الأقل تدرك موت أحدهم و تقف حوله فيما وصفه البعض بـ “الجنازات”.
لأنه ليست كل حالات تجمع الطيور حول جثمان طائر ميت تشير بالضرورة إلى أنها تقوم بمراسم جنازية كما يفعل البشر حيث تفعل ذلك الغربان لمحاولة رؤية و تقييم أي تهديدات محتملة حول الجثة من خلال جمع و تنبيه الآخرين .
الأدله
هل تقيم الطيور مراسم جنازات على موتاها ؟ … الاجابة هى يبدو أنهم يستطيعون و ذلك وفقًا لعدد من الحكايات و الدراسات و لكن من الصعب تحديد ما إذا كان لديهم “جنازات” بالطريقة التي يتخيلها البشر حيث أنتشر مؤخرا صورة لما يمكن أن يكون نسورًا سوداء أو نوعًا آخر من الطيور ذات اللون الداكن و هو يتجمعون و يفردون أجنحتهم عندما رأوا طائرًا ميتًا على الطريق و هو ما جعل الناس يظنون أنهم يجرون مراسم جنازة .
و رغم ما هو موجود فى الصورة المشار إليها الا أنه من الصعب تحديد ما يحدث على وجه اليقين فمن المحتمل أن الطيور كانت تتجمع حول الجثمان لإرسال نداءات تحذيرية لخطر محتمل من حولها و التى وفقًا لبعض الدراسات فإذن ذلك السلوك يحدث مع الغربان حيث تقول دراسة أجرتها جامعة “كاليفورنيا” أن تلك الطيور غالبًا ما تتجمع وتطلق نداء إنذار ردًا على العثور على أحدها ميتًا كما يفعلون ذلك لتبادل المعلومات حول المخاطر المحتملة في المنطقة و رغم تلك الدراسة الا أن كاتبتها ” تيريزا إجلسياس ” لا تنفى صراحةً هذه الأفعال بأنها ليست أيضا جنازة حيث لا تعرف تحديدا عما اذا كان هناك أى استجابة عاطفية من عدمها عند تجمع تلك الطيور حول الجثمان .
و رغم أنه يبدو أن تجمع الطيور حول جسد طائر ميت أكثر أهمية من مجرد الحداد و لكن كوسيلة للإشارة إلى بعضها البعض عن وجود خطر الا أن لديهم القدرة أيضا على اظهار الحزن على موتاهم حيث يقول “مارك بيكوف” أستاذ علم الأحياء التطوري و البيئة في جامعة “كولورادو” بعد مراقبة تجمع لطيور العقعق حول جثمان أحد موتاهم :
اقترب أحد العقعق من الجثمان و نقر عليه برفق تمامًا كما يفعل الفيل عن تفحصه جثمان فيل آخر ثم تراجع إلى الوراء و فعل الآخرون الشيء نفسه و بعد ذلك طار أحدهم و أتى ببعض العشب و وضعه بجانب الجثة و فعل الباقين الشيء نفسه ثم وقف الأربعة جميعهم متيقظين لبضع ثوان ثم طاروا واحدا تلو الآخر و حتى الآن تلقيت العديد من القصص حول هذه الأنواع من الطقوس بشكل أساسي للغربان و طيور العقعق و واحدة للزرزور و لكننا نحن بحاجة إلى مزيد من البيانات حول مدى حزن الحيوانات المختلفة و حزنها على فقدان الأصدقاء و العائلة و لكن هناك أدلة دامغة على أن الأفراد من العديد من الأنواع المختلفة يفعلون ذلك .
علاوة على ذلك فتُظهر العديد من الأمثلة التي تم تسليط الضوء عليها من الملاحظات لأنواع مختلفة من الطيور بأنها تتفاعل مع الموت حيث هناك قصة لبطتين تم إحضارهم إلى عشة في نيويورك عام 2006 و كانت بينهم علاقة قوية و كان رد فعل أحدهم على وفاة الآخر هو وضع رأسه و رقبته على جسده الساكن لساعات في كل مرة و في عام 2015 سجلت الكاميرا أم من طائر ” الأوسبرى ” و هى تعانى من فقدان أولادها بعد أن سرقهم نسر من عشتها حيث كانت تجلس فوق المكان الفارغ و تصدر نداءات حزينة ربما بحثًا عن فراخها المفقودة.
أقرأ أيضا : هل تتسبب شبكات الجيل الخامس من الاتصالات فى وفاة اعدادا كبيرة من الطيور الموجودة بجوار أبراجها ؟
و بينما أظهرت هذه الملاحظات أن الطيور لديها القدرة الواضحة على الحزن إلا أنها لم تثبت بالضرورة أننا نعرف متى أو بأي طريقة تحدث و هو ما يثير الجدل و بالنظر إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة التى تشير بعض منها إلى أن الطيور قد تحزن فإننا نستطيع القول ان اجابة سؤال ذلك الموضوع هى خليط بين الصحة و الخطأ .